التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المشاركات

عرض المشاركات من 2017

محاكم الطهرانية وشرطتها: النظام العام!

  يعتبر قانون النظام العام لولاية الخرطوم احد اكثر القوانين اثارة للجدل، لكن بكل أسف هو جدل سياسي يشوبه جهل بين النشطاء الحقوقيين والمعارضين السياسيين من جهة و مزايدة وتكسب وانتهازية سياسية من قبل الحاكمين، لذا وبرغم طول امد الجدل بشأنه الا انه لم يحدث اي تغيير او تطور بل ويمكن ان يستمر الجدل بشأنه الي ما لا نهاية! لأنه جدل لوجه الجدل حتي اضحي كجدل اهل بيزنطة 'هل الملائكة اناث ام ذكور' وايهما اول الدجاجة ام البيضة! السبب الرئيسي هو انه لم تتم اي دراسة جادة لنصوص القانون و لتداعيات تطبيقه للوقوف علي مواده المثيرة للخلاف! فنظرة سريعة للقانون الذي سنه والي الخرطوم سنة 1994م و عدله مجلس الولاية بعد سنتين نستبين ان نصوص القانون لا تحتوي اي نص يحكم المسائل مما يثار الجدل بشأنها! فالقانون غير معني باللباس ولا بالجرائم 'الأخلاقية او ما يعرف في المنطقة بجرائم الاداب' انما هو قانون يعني ب'تنظيم' مناطق التجمعات العامة كالاسواق مثلا، و مما لا شك فيه فهو قانون من قوانين النظام الديكتاتوري يهدف للسيطرة والتحكم في الافراد لدرجة السيطرة التامة عليهم، الا انه لا دخل له باغ

العلاقات السودانية التركية: هل تدعو منابر مساجد الخرطوم بالنصر و التأييد لسلطان تركيا الجديد!؟

  السودان من الاقطار القليلة التي استعصت علي الفتوحات العثمانية التركية مثلما استعصت من قبل علي خيول الفتوحات الإسلامية، قوات السلطان سليم الثاني وصلت حتي حدود الاقليم الشمالي و مدينة سواكن بالشرق، كان ينتوي اجتياح بقية اراضي القطر لكن السلطان السناري الاول 'عمارة دنقس' ابدي استعداد للدفاع عن سلطنته ما حدا بالسلطان العثماني للتراجع عن قصده.. حدث هذا في اوائل القرن السادس عشر و استمر الحال علي هذا النحو حتي اوائل القرن التاسع عشر حين قرر والي مصر وحاكمها المستقل فعليا والتابع لاسطنبول اسميا 'محمد علي الكبير' غزو السودان في 1821م. تمكن محمد علي من ضم السودان لاقطاعيته المصرية والتي كانت خاضعة بصورة متزايدة للنفوذ الاوروبي الفعلي خصوصا علي عهد اولاده واحفاده. ولذا كان السودان المحكوم من القاهرة الخديوية لا صلة مباشرة له بالسلطان العثماني 'الباب العالي' المقيم في الأستانة! بل يتأثر باوربا نتيجة لأن مصر نصبت فيه عدد من ال 'حكمدارات' و حكام الاقاليم من جنسيات اوروبية كشارلس غردون وصمويل بيكر الانجليزيان و سلاطين وامين النمساويان! ولكن بعد ست عقود انتفت

ميزانية 2018.. الازمة تلتف حول رقبة الحكومة

  بانفصال أقاليم الجنوب ذات المخزون النفطي في 2011م فقدت حكومة السودان نحو 70% من ايراداتها، وشعر المواطن بضائقة معيشية واقتصادية محكمة حوله، لكن كانت السلطة المتوطدة الاركان قادرة علي القيام بمهمة تسيير حكمها "دفع الرواتب للجنود النظاميين وغير النظاميين، وجنود الجهاز المدني، والقيام بمتطلبات لوردات الجهاز السياسي الضخم المساند لها" لذا استطاعت ان تصمد بوجه التذمر المتزايد وبوجه التمردات المسلحة.   في العام 2012 قال البشير في لقاء تلفزيوني ان فقدان ايرادات النفط صعب الاوضاع لكن في غضون عام سينفرج الوضع ومطلوب من المواطن ان يصبر علي الحكومة هذا العام فقط. لكن مر العام والذي تلاه  ولم يحدث الانفراج الاقتصادي الذي وعد به الرئيس بل زادت الانور سوءا وبلغ سعر صرف الجنيه 13 جنيها مقابل الدولار! واختتم الشعب تلك السنة "2013م" بانتفاضة غضب في سبتمبر قمعتها السلطات بقوة باطشة و بخسائر في الارواح بلغت 280 في احصاءات الحكومة واكثر منها عند المنظمات الطوعية! لكن بعد ستة سنوات من ذلك التاريخ و مع نفاذ مخزون الاكاذيب والوعود الخلب بزيادة انتاج الذهب و اصلاح الدولة فان موازنة ا

اللبس الفاضح .. والدولة المفضوحة

كلام كثير قيل وحبر اكثر اهرق في مسألة قانون وشرطة النظام العام لولاية الخرطوم، هذا القانون الذي يفرض نسق أخلاقي؟ و مزاج محدد؟! وموضة أيضا؟! علم القانون في أول أبوابه يهتم بالتفريق بين القاعدة القانونية والقاعدة الأخلاقية، ويركز علي توضيح العلاقة بينهما 'القانون والأخلاق' وتوضيح انهما قد تتقاطعان جزئيا لكن لا تتطابقان أبدا، فلكل منهما مجاله المنفصل والمستقل. القانون يحترم ويرعي أخلاق المجتمع و أدبه و ذوقه، في التطبيق والممارسة وليس في التشريع، لأنه لا يعني بفرض تلك الأخلاق و الآداب والذوق، فما هو 'حق' يختلف عما هو أخلاقي.. الخ.  لكن تجربة السودان في التشريع القانوني والتطبيقات القضائية والممارسة العدلية تضعضعت منذ تدشين ما عرف بالتوجه الاسلامي 1983م. ما عادت هناك قاعدة مرعية! ولم نسأل اهل التوجه الاسلامي بعد سنهم لقانون الأخلاق هذا 'النظام العام' من اين ستأتون بأشخاص مؤهلين 'اخلاقيا' لفرض قواعد الأخلاق! و فضلاء ليسهروا علي حراسة الفضيلة! هم طبعا يعلمون أنهم بسنهم لهذا القانون لم يهدفوا لحماية المجتمع انما لاطلاق اياديهم لتقبض وتحاكم بلا سبب قانوني،

دين الملوك !

  من الجلي ان دعوة فصل الدين عن الدولة تجد رفضا حاسما و ممانعة شديدة وسط العامة في بلدان العالمين العربي و الاسلامي. صحيح ان ذاك الرفض يبلغ غاية حدته لدي التيارات الاسلامية الاصولية السلفية و جماعات الاسلام الحركي وهو امر طبيعي ومفهوم ليس بسبب صدق انتماء عناصر تلك التيارات للايدولوجيا الدينية و انما لخصوصية علاقة الدين والمذاهب والجماعات والتيارات السياسية الاسلامية ب'الدولة' والحكام والسلاطين.   فالعلاقة بين الدولة والدين في المجتمعات المسلمة علاقة اعتماد تبادلي؛ وليست استغلال طرف واستغوائه بالاخر فقط ( غالبا الدولة تستغل الدين، كما كان حادث في اوروبا القرون الوسطي )، فكما يستغل الحكام الدين استفاد الدين ( او المذهب الديني ) من علاقات قربه من قصور الحكم  ، ففي تاريخ الفرق والجماعات والممالك الاسلامية ظهر بجلاء عجز كل طرف عن الاستغناء عن الاخر اذ ظلت الممالك والسلطنات تبحث عن شرعية دينية 'من وحي او نبوءة او فتوي' في المقابل ظلت الفرق والتيارات والعلماء يبحثون دوما عن سند من سلطان ..   لكن من الواضح والجلي ان حوجة الجماعات الدينية و العلماء للدولة اشد واكثر من حوجة ا

الصراع الفكري و أدواته

  لتنتصر علي خصمك يجب ان تدخل الي رأسه لتعرف كيف يفكر هذا الخصم سواء كان شخص او جهة.. وتطبيق هذه القاعدة علي حالتنا 'كمعارضين لحكم البشير' علينا ان نعرف كيف يفكر نظامه؟! افتراض انه لا يفكر غير صحيح بل وغير مفيد؟!   اي سلطة سياسية او جهة تمارس السياسة باحترافية تولي ادوات الصراع السياسي 'الفكري' اهمية، اما الكسالي فينصرفون عن الصراع السياسي الي أشكال اخري 'صراع ثقافي، صراع طبقي، صراع قبلي واثني..الخ!!'   فنظام كهذا بلا شك لديه غرفة مختصة بالتفكير وبادوات ومضمون الصراع الفكري و مهيأة ومزودة بكل التجهيزات من التكييف و المطبخ الي الحمام واماكن الصلاة!   لا املك معلومات حقيقية عن غرفة عمليات النظام المختصة بالصراع الفكري - الذين كانوا جزء منه ثم انقسموا او انشقوا سيكونون افيد لو تحدثوا- لكن دعوني اتحدث عما افهم واتصور..   اهم جهاز داخل النظام هو الأمن واهم مجموعة داخل الامن هم مجموعة الافراد المسؤولين عن ادارة الصراع السياسي والفكري، وهي المجموعة التي تعمل علي انتاج افكار تدعم استقرار النظام وتعمل علي توظيف الاحداث والمواقف علي اختلافها وتقلباتها لتخدم مصالح ا

الجيش والسياسة وبناء الدولة

لأن دول العالم الثالث ابتليت بالفشل السياسي و تفكك اجهزة الدولة وﻷن الجيوش بطبيعتها تبدو أكثر تماسكا وأقل إستجابة للأزمات لأسباب إقتصادية وقانونية 'و عسكرية أيضا' فهي تمثل أحيانا ملاذ للوطنيين ﻹنتشال البلدان من مرحلة الفوضي السياسية والأمنية 'الناتجة عن الأزمات الاقتصادية' وأحيانا 'يتطوع' افراد منها ويتصدي لأزمات الحكم والسياسة ربما بنية حسنة وجهل وربما بطموح شخصي و مطمع ذاتي! وبمجرد الإستيلاء علي السلطة تبدأ الأحوال تسوء بمتواليات هندسية و وتائر متصاعدة و يصل معها التدهور الي بنية الجيش نفسه. ان حكم الدول ليس كقيادة الجيوش! فقائد الجيش في الغالب توفر له الموارد المالية و يعمل في بيئة واضحة المعالم تعتمد نظام تراتبية واضحة وسلسلة اوامر وقيادة معلومة ومقبولة، اما قيادة الأمم فذاك شأن آخر. هذه المقدمة تنطبق علي السودان بشكل دقيق، كان الحكم والشأن السياسي دولة بين المدنيين والعسكريين في حراك شبه متفق عليه اذ كلما فشل المدنيين كان مخرجهم تسليم السلطة للعسكر بصورة معلنة و واضحة او بصورة مستترة، وكلما فشل العسكر قاموا باجراء عملية نقل السلطة للأحزاب المدنية! لك

قانون الشركات والمسجل التجاري.. العقدة في الادوات لا النص

  في العام 1925م اجازت سلطة الاستعمار الانجليزي المصري في السودان ممثلة في الحاكم العام الانجليزي قانون للعمل التجاري والنشاط الاقتصادي يعتبر بكل المقاييس من القوانين المدنية المتقدمة والحديثة، ولأن السودان كان للتو خارج من قرونه الوسطي ومن حقبه المظلمة كان بمثابة مادة خام سهلة التشكيل، لم تكن ثمة عقبات وعراقيل تعوق سن تشريعات متطورة خصوصا في المجال المدني والتجاري. كان الاداريين الانجليز يفخرون بالقانون الذي وضعوه و يزعمون انه متقدم حتي علي القوانين السارية في لندن عاصمة الامبراطورية نفسها والتي بسبب تشابك و قدم الانشطة والمعاملات لم تتمكن من تحديث قانونها الا في بصعوبة في 1968م. اذا فالقانون التجاري السوداني 'الشركات والشراكات' بدأ من مركز متقدم جدا.   لكن تلك البداية لم نستفد منها فسرعان ما تعقد الوضع عندنا. بينما بقي ذلك القانون ساريا دون تعديل لقرابة القرن حتي تم تعديله في العام 2015م!! فأين كمنت العلة؟ في القانون القديم نفسه؟ ام في تطبيقه وفي الاجهزة والاشخاص المنوط بهم السهر علي حسن انفاذه؟! و هل يقدم قانون 2015م حلولا لأزمة الشركات في السودان؟ ويوفر المناخ المطلوب

Sudanese company law and regisrerar: dilemma in tools not articles

  In 1925 the English-Egyptian colonial authority in Sudan passed a business activities enactment . That law really considered as one of most modern act in the world, even than Britain empire's main land laws and Egyptian laws; Sudan that times was just ended his middle centuries an had no legislature reluctant especially in civil transactions and commercial activities field. Sudan colonial administrators were proud of company law and they had a right to be proud. Despite company law advanced start-on the companies in Sudan didn't get benefit from law advantages till the law amended in 2015! So, what's  the problem? In old law itself? Or in it's implementation? Or in bodies and instrument entitled to enforce law rules?  And did 2015  amended enactment solved that problems and provide a suitable legal environment to develop economic activities ? Sudan's old company law troubles: May be the sole problem of 1925 company law is it's modernity itself, 'bec

بين الغرور والانانية .. امراض السلطة والسياسة في السودان

  للأسف معظم الذين خدمتهم الظروف وساقتهم الصدف الي شارع القصر الجمهوري ثم الي مواقع ومقاعد التأثير السياسي والاقتصادي والقانوني والاجتماعي سواء كانوا من العسكر او البروقراطيين 'شاغلي الوظائف العليا في الخدمة المدنية الحكومية' المدنيين لم يكونوا مستعدين ولا مؤهلين للقيام بالأدوار التي ترشحوا لها! ولم يكونوا واعين لخطورة تلك الأدوار والمراكز بل نظروا اليها بعين الانانية وحب الذات وظنوها وجاهة اجتماعية ومصدر فخر وتشريف علي عكس ما يتشدقون في خطابات اليمين 'تكليف وليس تشريف'! كلهم اصابهم داء الغرور السياسي والمبالغة في تقدير الذات، وتعاموا عن مواطئ اقدامهم حتي هوت بمن هوت فيما قلة تنتظر حتفها في صيرورة التاريخ. خذ عبد الخالق محجوب سكرتير الحزب الشيوعي مثالا؛ ذلك الشاب الذي افتتن به ابناء جيله من الرفاق فسلموه الحزب و ايدولوجيته 'تسليم مفتاح' فطاح في مناوئيه و اعدمهم سياسيا فيما يعرف في ادبيات الرفاق بـ"اغتيال الشخصية" ثم سار برفاقه في رمال السياسة السودانية المتحركة بعجاجتها وكترابتها وكنداكتها ' الكنداكة في اللغة الشعبية الدارجة في بعض انحاء السودا

مراكز الابحاث.. بين الروتين و الابداع

  ان اراد اي شعب ان ينهض فليس امامه الا ان يسلك طريق العلم والمعرفة وان يتجنب في سواده الاعظم طريق الخرافة الشعوذة والاساطير، طريق العلم والمعرفة لن يكتمل الا بفعالية مراكز البحث العلمي في كل المجالات من العلوم الاجتماعية والانسانية 'الفلسفة وعلم الاحتماع والنفس والقانون مرورا بعلوم الاقتصاد و الي الهندسة وعلوم الطب والكيمياء والفيزياء والرياضيات و التكنلوجيا المتقدمة'. وتفعيل مراكز البحث العلمي لن يتم الا ان تحررت تلك المراكز من بروقراطية ورتابة وروتين الجهاز الحكومي. لدينا في السودان مراكز ابحاث تحتاج اليوم ﻷن يبحث في امرها! هل انتجت اي معارف و هل لديها ابحاث علمية تجريها بالفعل وقبل ذلك كم تبلغ ميزانياتها وكم يصرف منها علي البحث العلمي وكم يصرف علي الروتين الاداري!! لا نريد اصدار احكام فردية ولا تعميما، لكن يهمنا ان نقف علي مايدور فعلا لمعرفة اين كنا واين تقف اليوم والي اين نصير غدا. لكن بالتأكيد حال تلك المراكز البحثية التي تتبع للحكومة مباشرة او تلك التي تتبع للجامعات 'واظن وليس كل الظن اثم ان نسبة مقدرة من جامعاتنا لا تملك مراكز ابحاث بل وبعضها لا يملك معامل لت

توقيت مـكة و تقويم الأعــراب

طائفة الاخوان الاسلاميون التي حكمت السودان وهي سليلة فكر منتشر في المنطقة بمسميات ولافتات عدة تختص بعقلية غريبة. عقلية تفكر دائما في التميز لأجل التميز الاختلاف لذات الاختلاف.  هذه الخصيصة قد لا تبين في القضايا الكبري لتشعبها وكثرة تقاطعاتها و لا في امور اقل اهمية لذا لا يستبين الناس اثرها الا ضحي الغد؛ كالبنوك الاسلامية مثلا!!  لكن اغرب تجليات عقليتهم الخلافية الساعية للتفرد كغاية في ذاته والتميز لوجه التميز تتبدي في التوافه!!! التوقيت هو النموذج المثالي هنا، ففي العالم هناك عدة انظمة لتقسيم و قياس الزمن وتحديد الوقت، كلها انظمة علمية تراعي قواعد الجغرافيا والفيزياء والفلك، ولسبب ما حدث اجماع علي النظام المعروف ب' قرنيتش' والذي حدد توقيت قرية قرنيتش كنقطة اساس و تختلف بقية المناطق معها او تتفق حسب موقعها علي خطوط الطول ' قرنيتش تقع في خط الطول صفر' وتعرفون ان خطوط الطول والعرض في الجغرافيا هي خطوط وهمية وضعت لتقسيم الكرة الارضية مناخيا او زمنيا. لكن الاسلامويين الذين لهم رأي في كل شئ فقهي او علمي دنيوي او اخروي، تافه او جليل، لم يعجبهم هذا التقسيم لأنهم لم يست

ليس مجرد فساد

هل ما يحدث لدينا هو 'مجرد' فساد؟ الفساد يعرف بأنه خروج علي القوانين المالية والادارية للدولة وخرق للأنظمة و اللوائح.. عندما يكون الخروج والخرق في حدود نسبة مئوية لا تتجاوز الارقام فيها خانة الاحاد، اما حينما تتجاوز النسبة مستوي ال 50% فاننا نكون ازاء ظاهرة خطيرة جدا ومهدد وجودي للدولة، كل هذا في وجود قانون يحدد ويسمي حالات الخرق و ينص علي تدابير جزائية وعقابية واستردادية و في وجود اجهزة تعمل علي محاصرة تلك الخروقات وترصد حالات الخروج علي القانون و وجود برلمان يسائل و صحافة تكشف التجاوزات، اما حينما يكون القانون يحمي المفسدين والمؤسسات تغطي علي التجاوزات و اعلام خائف يرتجف فاننا نكون بازاء شئ جديد ما يحصل لدينا في السودان ليس فساد وانما نهب منظم وسرقة ممنهجة لا تتم تحت سمع ونظر السلطات والقانون بل وبمباركته و تحت حمايته و وصايته التامة! لأن الوضع الطبيعي ان يكون الفساد هو الاستثناء، وتكون التجاوزات هي الخروج عن ناموس الدولة، فيما الحادث لدينا اضحت معه النزاهة ونظافة اليد والشفافية هي الاستثناء.. وان كانت لمكافحة الفساد تدابير و اجراءات وترسانة قوانين وثقافة، فان

التفكير بمداخل الادراك

   نفكر في احوالنا ومشاكلنا لكن لا نجروء علي اتخاذ قرارات حاسمة او غير حاسمة!! وحتي ان اتخذنا قرارا تظل مشاكلنا هي ذاتها عالقة بلا حلول ويظل حالنا هو ذاته بلا تغير وبلا تقدم !  فأين تكمن المشكلة؟؟    بنظري تكمن المشكلة في العقلية و نمط التفكير الذي نعتمده. فنحن لا نقيم للعقل وزنا اصلا، فهو في المرتبة الثانية علي الأقل بعد المحفوظات 'النصوص الدينية و الادبية والامثال الشعبية' فتفكيرنا تفكير 'نصوصي' بامتياز. نحن علي استعداد لقبول النص ايا كان مصدره علي انه حكم نهائي لا يحل التفكير فيه. ثم هو عقل 'مع ذلك' بقدرة غريبة علي عقلنة ما هو لا عقلاني و شرعنة ما هو غير مقبول وتبرير ما لا مبرر له!  ويكمن السبب في الطريقة الثنائية التي يعتمدها في التفكير فهو قادر علي الانتقال والسير في مسارين بسرعة عجيبة. الانتقال بين ما هو منطقي الي ماهو لا منطقي. ومن الواقع الي الخيال. ومن ماهو علمي مبرهن عليه الي ما هو سحري!! بالتالي لا نري ضرورة لتتبع مسار واحد حتي نهايته لنري الي اين يقودنا انما نقفز بخفة لاعب السيرك بمجرد ان نستشعر ان مسار التفكير او النقاش ليس في صالحنا او ح

مجتمع اعيدت صياغته !!!

   بوصول حزب الترابي للسلطة عبر انقلاب زمرة البشير شرع مباشرة في انفاذ تصوراته وخططه و من بين تلك الخطط كان هناك برنامج يسمي ( إعادة صياغة المجتمع )  اوكلت مهمته لوزارة الرعاية الاجتماعية والتي منحت صلاحيات واسعة جدا في ذاك العهد لا تقل عن صلاحيات جهاز الامن والمخابرات وتولي الوزارة حينها الرجل الثاني في الحزب (المحامي علي عثمان محمد طه) .. هذا البرنامج لم ينال حظه من البحث و القاء الضوء عليه وهو باعتقادي البرنامج الذي به سيطرت حركة تلاميذ الترابي علي المجتمع السوداني، الي ان تجد حقبة 'اعادة صياغة المجتمع' حظها من التدقيق العلمي لمعرفة ما الذي حدث بالضبط و ما هي مساهمة كل مسؤول انقاذي في تلك الخطة الجهنمية. لا ضير من ابداء بعض المﻻحظات عليها: * لا شك ان حكومة الاسلامويين استعانت بمختصين في وضع وتنفيذ خطتهم لاعادة صياغة المجتمع، مختصين في علم النفس والاجتماع وهي لم تلتزم باخلاقيات العلم والاخلاقيات المهنية بل تصرفت كعصابة جريمة منظمة ويمثل اختفاء الباحث الدكتور عمر خليفة استاذ علم النفس بجامعة الخرطوم مؤشر في هذا الاتجاه. * بغرض تسهيل اعادة الصياغة تلك توجب تعليق العمل بال

المساهمة في استرداد الحقوق العامة

  ما كان لنظام البشير و طغمة الاسلامويين ان يلحقوا من الضرر ما الحقوه بالسودانيين ودولتهم لولا ان كثيرين ممن كانوا في موقع قوة استشعروا الضعف والخور، وكثيرين كان بوسعهم ان يقولوا لا بعالي الصوت فآثروا الصمت والسلامة الشخصية، بل ولولا ان كثيرين عملوا بالمقولة العجيبة 'ان لم تستطع ان تنفع فضر' في حين ان الصواب هو 'ان لم تستطع ان تنفع فلا تضر' هؤلاء رأوا ان ليس في وسعهم منع حكومة البشير/والاسلامويين من الحاق الضرر فساعدوهم في الاضرار وشاركوا بايجابية في عملية التدمير الدؤوبة التي انطلقت وبلا توقف منذ الثلاثين من يونيو المشؤوم.   البعض تواطأ بالهروب من البلد بطلب اللجؤ السياسي ثم انشغل بحياته عن القضية التي طلب اللجؤ بسببها او من اجلها! والبعض تواطأ بالسكوت حتي اعتاد رؤية التجاوزات والاتنهاكات و تعايش معها!! والبعض تواطأ بالمشاركة الفعلية في جريمة الخيانة الوطنية المستمرة!!!   اﻷن يتحدث معظم هؤلاء و أولئك عن التغيير. لكن التغيير لن يحدث مالم يتصدي كل منهم للقيام بمهامه من موقعه، من آثروا الصمت ينبغي عليهم ان يشتركوا ويتكلموا عما رأوا و شهدوا عليه من انتهاكات ممنهجة ونهب

تنظيمات الطلبة.. الحقوق والسياسة والعنف المميت

  ثمة ربط مخل في الجامعات السودانية بين الشأن العام الطلابي ( الحق في تكوين اتحادات وروابط ) وبين الشأن السياسي الوطني.   حق الطلاب في تنظيم انفسهم و المطالبة بحقوقهم يجب ان يكون مكفول دوما، ومن حقهم ممارسة حرية الاجتماع و التجمع والتنظيم ومايستتبع ذلك من عقد مؤتمرات وندوات واجتماعات عامة ومخاطبات. اما ممارسة العمل التنظيمي السياسي داخل الجامعات فهو لا يدخل ضمن تلك الحريات او الحقوق، فالجامعات اماكن للبحث العلمي وتلقي المعرفة وليست اماكن لممارسة العمل السياسي بأي حال من الاحوال، فالسياسة مكانها الشارع العام و البرلمان ودور الاحزاب لا ردهات او قاعات العلم،   ان اقحام النشاط السياسي المنظم داخل الجامعات بالكيفية المعروفة في السودان يدخل في نطاق الاختلال والفوضي التي تضرب باطنابها في كافة مناحي الحياة السودانية منذ الاستقلال والي يومنا.. فكل الاحزاب تحرص علي ان يكون لها أفرع و ازرع داخل الجامعات تمارس العمل السياسي باسمها وسط الطلاب وتسعي لتمثيل الطلاب سياسيا عبر شغر مقاعد اتحاداتهم بعناصر طلابية متحزبة!   ان دور اتحادات الطلاب هو تمثيل الطلاب ( علميا/اكاديميا، واجتماعيا، وثقافيا )

بين النقابة والحزب

  رغم تجربتنا السودانية القديمة والطويلة في العمل الحزبي والنقابي (طويلة برغم فترات الانقطاع المتكررة) الا ان وعينا بشروطها ومقتضياتها ليس بالعمق الكافي، معظم قيادات ذاك العمل الحزبي و النقابي وحتي بعض المراقبين يبررون هذه السطحية و الهشاشة بفترات الانقطاع علي يد الانظمة العسكرية او الديكتاتوريات المدنية (كنظام البشير، الذي يمثل مزيج بين العسكري والمدني الا ان المدني عليه غالب بحكم ان النافذين فيه بل وحتي الذين خططوا له ونفذوه هم جماعة الاسلامويين).   بنظري ان هذا مبرر العاجزين و هو غير مقبول البتة. فالتداخلات والتقاطعات بين الاحزاب والتنظيمات العمالية اضرت بالحياة السياسية و الاجتماعية ايضا و في النهاية انتهينا الي بلد تنعدم فيه الحياة السياسية و تتدهور فيه حقوق العمال لتصل الي الحضيض ما اقعد بالاقتصاد و عطل الانتاج.   لم تهتم الاحزاب و لا القيادات النقابية ولا المراقبين برسم وتوضيح الحدود بين ما هو سياسي وبين ما هو نقابي، كل اهتم بتعظيم كسبه (الجماهيرية) وكان ذلك علي حساب مصلحة الجمهور ذاته.   الاحزاب ميدانها الشأن العام وهدفها الحكم لتحقيق رسالتها علي المستوي الوطني بينما النق

بين التسيس و الذاتية: المجتمع المدني السوداني

   اصلاح الحياة العامة واصحاح البيئة السياسية لن يكتمل الا بخوض وحل المجتمع المدني السوداني خاصة شقه المتصل بالعمل الطوعي الانساني.. وان كان المجتمع السودان بالمجمل قد تضرر من عقود حكم البشير واخوانه، فإن المحتمع المدني ناله قدر اكبر من الضرر، فاولا هو مجتمع بالشكل الحديث لا يزال طارئا لم تترسخ اقدامه بعد لذا كان اثر سياسات السلطة عليه قاتلا، ثانيا مثل المجتمع المدني اعتبارا من 30 يونيو 89 ملاذا لعدد كبير من الكوادر الحزبية خصوصا وغيرها ممن الجأتهم سياسة النظام القابضة التي احتكرت وظائف الدولة و القطاع الخاص و حتي سوق التجارة و شردت و حرمت الكثيرين من وظائفهم و من اي فرصة في ايجاد مصدر رزق فجاءوا للمجتمع المدني بعقلية الدولة والقطاع الربحي. ثالثا مثل ايضا غطاءا مناسبا للقوي السياسية (الاحزاب) ايام حظر النشاط السياسي و (حل الاحزاب) لممارسة العمل السياسي التنظيمي تحت ستار منظمات المجتمع المدني..   كل تلك العوامل مثلت خصما علي طبيعة و مميزات و اهداف منظمات المجتمع المدني وعلي العمل الطوعي (الخيري)، واصابته بامراض جهاز الدولة (البروقراطية.. الخ) و امراض القطاع الخاص (الفردية و قصر النظ

الصادق المهدي: اللعب مع الكبار والصغار!

  ان تأملنا في الخريطة الزمنية صعود ونزولنا هل نجد شخصا بخلاف الامام الصادق ترأس حكومة في ستينيات القرن الماضي و ثمانينياته ولا يزال طامحا في الحكم؟ وشخصا بخلاف الامام يقود حزبه لنحو ستة عقود ولا يزال قابضا علي مقاليد الامور فيه بكلتا يديه؟ لا وجود لشخص تنطبق عليه تلك الحالة بل واجزم لا وجود لشخص يرأس نادي رياضي او حتي زعيم او ملك او سلطان قبلية او رئيس شركة تجارية ظل في منصبه طيلة هذه السنوات لم يتزحزح او شغله من قبل ويطمع للعب ذات الدور مجددا!!   الامام لعب السياسة مع الكبار ( الامام الهادي و محمد احمد المحجوب والازهري والامام احمد وعبد الخالق محجوب..) ثم لعبها مع انداده (الترابي والميرغني محمد عثمان و نقد و النميري وقرنق) ثم لعب مع منهم اصغر منه سنا واقل مقاما فهو لعب ويلعب مع البشير و نافع و علي عثمان وعبد الواحد وعقار والحلو و عرمان و مناوي وجبريل وحسبو و عمر الدقير و ميادة وهالة؛ و لا يستنكف ايضا في اللعب مع قيادات الحركات الناشئة الشبابية من جماعات قرفنا و زهجنا و التغيير الان وشرارة!!   منذ وعينا في هذه الدنيا و عرفنا ان فيها حكومات و فيها مواطنون مثلنا ونحن نسمع الامام يلو

الاعلام العربي: استخباري لا اخباري

  يعتقد البعض ( متوهما ) ان مرحلة تأسيس قناة الجزيرة تؤشر لمرحلة فارقة في تطور الاعلام العربي! ربما كان ذلك ضربا من الأمل او الانخداع فالجزيرة و العربية و سكاي نيوز وغيرهن من الفضائيات لا تمثل الا مرحلة متقدمة من مراحل السيطرة علي العقل العربي وتسطيحه وتدجينه. قبل الجزيرة وصويحباتها كان لكل دولة قناتها الرسمية الموجهة للداخل والتي لا تتجاوز مهمتها تسقط اخبار الامير او الملك او الرئيس المعني وتنقل تفاصيل عاداته اليومية المملة علي انها ( اخبار ) و تذيع و تبث بعض مواد التسلية المعلبة والمعدة في معامل تنتج المواد مثل مقررات المدارس الابتدائية في ذات الانظمة الشمولية وبهدف وحيد ايضا هو ابقاء الجمهور خاضعا خانعا ذليلا منكسرا غير قادر علي فهم حاله و مع ذلك ايهامه بأن ليس في الامكان افضل مما هو كائن. بينما اعتبارا من منتصف التسعينات ( ساعة تأسيس الجزيرة ) تبدلت عقلية بعض الأمراء اذ اضحي لبعضهم طموح لمد نطاق سيطرتهم الذهنية والعقلية الي خارج الحدود، فالفضائيات و الصحف في حقبة ما بعد الجزيرة لها رسالة للخارج فقط وليس للداخل، فهي تخوض في تفاصيل الشؤون السياسية العالمية و تفاصيل دقيقة لشؤون دو

9 يوليو ذكري التقسيم... ما الذي تبقي من الجنوب الحبيب ؟!

انقضت ست سنوات علي انفصال الاقاليم الجنوبية 'اعالي النيل و بحر الغزال، والاستوائية' عن السودان لتشكل جمهورية جنوب السودان. هذا الانفصال فرض واقعا جديدا في مجال الجغرافيا و الاقتصاد و الموارد والسياسة الدولية، لكن فيما يتعلق بالتاريخ و بوجدان السودانيين 'الشماليين والجنوبيين' ثمة حقائق تبقي عصية علي التغيير.. بانفصال الجنوب فقد السودان الوطن الواحد و 'القطر القارة' كما كان يحلو لنا تسميته و كان يتردد علي وسائط الاعلام؛ فقد الكثير من موارده، لكن اهتممنا فقط بالنفط و طرقنا نتحسر علي علي خروجه من الموازنة وتجاهلنا ما هو اهم وعلي رأس ذلك فقدان الكادر والمورد البشري المؤهل والموارد الغابية والزراعية 'اخشاب وصمغ و عسل وو' و الثروة الحيوانية المستأنسة و غير المستأنسة والثروة السمكية، ومورد مائي.. الخ كل ذلك فقده السودان الكبير 'او السودان القديم' فما الذي بقي من الجنوب بعد الانفصال؟ رغم سعي العديد من قيادات المؤتمر الوطني و حتي بعض القيادات المحسوبة علي المعارضة لتبرير انفصال الجنوب بحجة ان الجنوب لم يكن يوما جزء من الوطن او بحجة ان السودان لم يكن

بين الخرطوم و تل ابيب ؟

  اللغط الذي اثاره تصريح نائب رئيس الوزراء المعين حديثا 'عقب حوار الطرشان' لا يستحق  التوقف عنده لأن التصريح بلا قيمة و مطلقه كذلك .. لكن لأن سب اسرائيل في خطابنا السياسي تكسبت منه حكومة الاسلاميين ردحا و كذا سلم المناداة بالتطبيع صعد به نفر من غمار المعارضين و المغامرين من لدن عبد الواحد الي تراجي واخرين . ربما يكون من المفيد التوقف و القاء ضوء علي معادلة العلاقة الصفرية بين تل ابيب والخرطوم. لم يكن موقف السودان من قيام و تصرفات دولة الكيان اليهودي بدعا او منفردا بل كان ضمن نسيج منظومة الدول الداعمة للتحرر الوطني والمناهضة للاستعمار بكل اشكاله و كانت تلك المنظومة تمتد من اسيا الي اميركا اللاتينية عبر افريقيا وشملت دول ايضا من شرق اوروبا و غربها كذلك؛ ثم كانت في لب هذه المنظومة نواة تشمل كل الدول العربية والاسلامية وكان السودان ولايزال كذلك عضوا اصيلا في هذه النواة.. صحيح ان الزمان ماعاد نفسه ذات الزمان و ان حلف الدول المناهضة للاستعمار والفصل العنصري قد تآكل و اهترأ بعد انهيار جدار برلين و تفكك الكتلة الشرقية و قبلها تفكك عري حلف دول عدم الانحياز تحت وطأة ضربات القطبين،

الاسلام السياسي في نسخته المغاربية

   للاسلام السياسي عدة صور واشكال ونسخ 'معظمها ان لم نقل كلها شائه' ابرز تلك النسخ النسخة الشرقية والتي انطلقت من مصر مع ميلاد حركة حسن البنا 'الاخوان المسلمين' سنة 1928م و تشمل كل حركات الدين السياسي في دول الشرقين الاوسط والادني 'من حماس الي طالبان /الافغانية والباكستانية/ مرورا بنظام جمهورية ايران الاسلامية وحزب رجب اردوغان'، و نسخة مغاربية تضم حركة الغنوشي التونسية و حركات الجزائر 'جبهة الانقاذ' وتوابعها و حزب العدالة والتنمية الذي يمثل  اسلاميي المملكة المغربية. وفيما يعتبر الكثيرون ان حركة البنا هي النواة التي خرجت منها كل حركات الاسلام السياسي ويصدق هذا الوصف علي كل حركات المشرق 'عدا ايران بطبيعة الحال لاختلاف المذهب ولكون الاسلام السياسي في طهران وصل مرحلة الدولة قبل العبور بمرحلة الحركة؛ وايا كان الحال فلايمكن وصف تيار المحافظين او الاصلاحيين فيها بالحركة او الحزب الا تجاوزا، الا انه من الراجح ان الايرانيين وبرغم اختلاف المذاهب قد استلهموا الكثير من فكر البنا'. الا انه يصدق بدرجة اعلي مع حركات المغرب ابان نشأتها وفي سنواتها اﻷولي،  ا

السودان أغني من الخليج وبما لا مجال للمقارنة...

  ليس علي سبيل تعزية النفس بالنسبة الينا كسودانيين في ازمتنا الوطنية الراهنة ولا الاثارة الرخيصة او حتي التقليل من مقدرات الخليجيين لكن للحقيقة فان السودان اغني من دول مجلس الخليج مجتمعة ولجهلنا بهذه الحقيقة طفقنا نبحث عن الثراء في الخليج فكان السودان هو الخاسر الاكبر من هذه الصلة 'حالة الاغتراب للعمل في الخليج'.    تاريخيا معروف انه قبل انتاج النفط وطفراته في الخليج كان السودان يتمتع بحالة رفاهية معيشية ممتازة و اقتصاد زراعي وصناعي ومعرفي ناهض .. كانت نسب فوائض ميزانية الدولة في ارتفاع مضطرد والميزان التجاري تميل كفته لصالح البلد، كان التعليم العام والعالي يقدم خدمة مجانية بالكامل و وفق المقاييس الدولية، وكذلك خدمات الصحة العلاجية، ومعدلات البطالة في ادني مستوياتها ولكل المجتمع اذ كانت المرأة تتقدم في كل المجالات حذو الرجل؛ في القطاعين العام والخاص و في صفوف الجيش والبوليس وسلك القضاء والبرلمان ووو كان السودان بمورده البشري فقط 'كادر جيد التعليم وكادر عالي التدريب و التأهيل' ينافس علي مركز بين الامم المتقدمة. كانت المسارح ودور السينما تعج بالرواد والعروض وكليات

مدينة المليون حانوت .. الأسواق تبتلع الخرطوم!!

  قبل عام تقريبا حدث صراع بين مراكز النفوذ الإقتصادي والسياسي و'السوقي' في محلية الخرطوم 'البلدية رقم واحد في السودان' كشف عن امتلاك احد ناشطي المؤتمر الوطني الحاكم لعدد ألف دكان 'حانوت' باحد الاسواق العشوائية بقلب الخرطوم تحديد منطقة ميدان الخواجة جاكسون والتي تقع في تقاطعات شوارع الامام المهدي و السيد عبد الرحمن من ناحية الجنوب والشمال و الحرية و البطل علي عبد اللطيف من الشرق والغرب، تم تسوية الصراع سريعا وكتمه حتي لا تطال نيرانه اخرين في دولة الانقاذ هذه والتي ستجد قصة فساد خلف كل لافتة و تحت اي ورقة او طوبة من طوب الارض، لا تعنينا هنا قصة السوق ولا الالف 'حانوت' ولا الطريقة التي آلت بها ملكيتها لامبراطور الحوانيت 'اسمه اليسع' انما ظاهرة التزايد السرطاني للحوانيت والدكاكين والاكشاك والاسواق فيها!! فلو كنت من قاطني الخرطوم وسألك شخص عن ملامح مدينتك فلن تجد ملمح يميزها سوي انتشار الحوانيت علي طول المدينة وعرضها!! ولو جاءها اي زائر فلن يجد رمزا يختصر له المدينة الا هذه الظاهرة العجيبة!! فعلي امتداد البصر وبطول شوارع الاسفلت و الشوارع الترابي

سهم الحركة الاسلامية في تعقيد اشكال الهوية السودانية

  قبل وصول الحركة الاسلامية السودانية/ الجبهة القومية الاسلامية للسلطة في 30يونيو 1989م عبر انقلاب البشير كانت الاختلافات الاثنية/ العرقية في السودان والتباينات الجهوية كما الدينية في طور الكمون، كانت تعلو و تهبط في لحظات معينة و حسب مهيجات ويتم التعامل معها بحكمة وفي حينها، كانت ابرز مظاهرها اجتماعية لا غير تبرز من حين لآخر وتصل لمحاكم الاحوال الشخصية عند رفض ذوي شمالية مثلا تزويجها من جنوبي، او مسلمة لمسيحي والعكس بالعكس، اما قانونيا في دوائر الدولة ومؤسساتها 'قوات نظامية، مدارس ومعاهد، ومكاتب' لم يكن يبين اي اثر للتباين ذاك، وكانت اقصي تجلياتها عند تحالف النميري في 1978م مع حركة الترابي 'اخوان السودان' التحالف الذي اثمر عن قوانين سبتمبر 1983م الدينية و تمرد بور الذي تبلورت عنه حركة قرنق، وهو التحالف 'نميري-الترابي' الذي مهد السبيل لمرحلة الترابي - البشير والتي انتهت الي انفراد البشير بتقرير الأمور!! لم يكن اكثر الناس تشاؤما ليلة 30 يونيو ليتوقع ان تنحدر الامور اثنيا بين السودانيين لما انحدرت اليه في عهد دولة الاسلاموين، لأن الخطاب الدين الذي يعلمه الناس قب