التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الاعلام العربي: استخباري لا اخباري

  يعتقد البعض ( متوهما ) ان مرحلة تأسيس قناة الجزيرة تؤشر لمرحلة فارقة في تطور الاعلام العربي! ربما كان ذلك ضربا من الأمل او الانخداع فالجزيرة و العربية و سكاي نيوز وغيرهن من الفضائيات لا تمثل الا مرحلة متقدمة من مراحل السيطرة علي العقل العربي وتسطيحه وتدجينه.
قبل الجزيرة وصويحباتها كان لكل دولة قناتها الرسمية الموجهة للداخل والتي لا تتجاوز مهمتها تسقط اخبار الامير او الملك او الرئيس المعني وتنقل تفاصيل عاداته اليومية المملة علي انها ( اخبار ) و تذيع و تبث بعض مواد التسلية المعلبة والمعدة في معامل تنتج المواد مثل مقررات المدارس الابتدائية في ذات الانظمة الشمولية وبهدف وحيد ايضا هو ابقاء الجمهور خاضعا خانعا ذليلا منكسرا غير قادر علي فهم حاله و مع ذلك ايهامه بأن ليس في الامكان افضل مما هو كائن.
بينما اعتبارا من منتصف التسعينات ( ساعة تأسيس الجزيرة ) تبدلت عقلية بعض الأمراء اذ اضحي لبعضهم طموح لمد نطاق سيطرتهم الذهنية والعقلية الي خارج الحدود، فالفضائيات و الصحف في حقبة ما بعد الجزيرة لها رسالة للخارج فقط وليس للداخل، فهي تخوض في تفاصيل الشؤون السياسية العالمية و تفاصيل دقيقة لشؤون دول اخري بلا محددات او سقف لكن بمجرد العودة للشأن المحلي تعود لسابق سيرتها ولنمط اخبار 'استيقظ سمو الامير من النوم بصحة جيدة و قد دخل الحمام واخذ دشا منعشا وتناول افطاره حفظه الله !!!'
هذه القنوات تمثل اذرع مساندة لأجهزة والسياسة الخارجية والتي تمثل المخابرات رأس الرمح بينها،
وهي للأسف ليست سياسة خارجية تحكمها المصالح السياسية انما تحددها الايدلوجيات ومعلوم ان الايدلوجيا تبعد القريب وتقرب البعيد و تبدل الالوان لأنها تصيب الايديولوجي بعمي ليلي وعمي الوان وغشاوة بصر تجعله لايتوهم الوان غير التي في الطبيعة انما يتوهم اشكال مختلفة عما هي عليه بل واحيانا يتوهم اجسام لا وجود لها ايضا، فالجزيرة مثلا أسست مجموعة من القنوات الموجهة لمناطق معينة ( الجزيرة مباشر والجزيرة مصر و الانجليزية... ) لكن عندما وصلت الي اميركا اصطدمت هناك بنفوذ العم سام و مخابراته فقررت بصورة مفاجئة ان المركز المالي للمجوعة يقتضي اغلاق قناة الجزيرة اميركا!! مع ان الكل يعلم ان العائلة المالكة القطرية تنفق انفاق من لا يخشي الفقر علي الجزيرة.
  ان أية محاولة للدفاع عن تلك القنوات بمبرر الحياد والمهنية يصطدم بمحكات واختبارات تفشل في تجاوزها، فالمهنية والموضوعية لا يمكن ان تتأتي لوسيلة اعلامية مملوكة لسلطة قابضة 'شمولية' لا تقر بحريات سياسية و لا تسلم بتداول السلطة، او لفرد وتدار بواسطته وحده، فوسائل الاعلام كي تكون مؤثرة فعليا علي رأي عام يجب ان تكون مملوكة لمجموعة لا لفرد كما يجب ان تكون لها استقلالية ادارية ويجب ان يكون لصحافييها كلمة ورأي في تسييرها.. والجزيرة و اخواتها كلهن مملوكات لفرد في الغالب و ينتمي كذلك لهذه الأسرة او تلك من الأسر المالكة الحاكمة وتدار بكلمة منه وحده.
ان من المؤسف ان نقر بأن وسائل العالم الناطقة بالعربية و التي تتحلي بقدر معقول من الحياد والموضوعية والمهنية هي تلك المملوكة لغير العرب وتحديدا نذكر هنا هيئة الاذاعة البريطانية ( الراديو والقناة الفضائية ) و راديو مونت كارلو و قناة فرنسا 24 و صوت المانيا.. الخ
اما في مجال الصحف فللأسف ما من صحيفة او مجلة عربية او ناطقة بها تحظي بتأثير يمكن ان تستحق صفة مستقلة و موضوعية، حتي تلك التي تأسست واتخذت من لندن تحديدا مقرا لها بعيدا عن المنطقة ( الشرق الاوسط/ الحياة/ و القدس العربي ) ثبت ان بعضها اسس في الاصل خدمة لأسرة حاكمة
لقد قال المتنبي في زمانه : كلما انبت الزمان قناة ركب المرء في القناة سنانا
ولو عاش في زمان الجزيرة وال ام بي سي هذا لقال:
كلما انبت الزمان قناة ركب العرب في القناة اكاذيبهم واغراضهم واوهامهم!!

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بروفايل "البروف-الشيخ"

   دائما ما كنت اتساءل عن التخصص الذي يحمله السيد ابراهيم احمد عمر وزير التعليم العالي في اول حكومة انقاذية 1989م وعراب ما سمي تجاوزا "ثورة التعليم العالي" والتي بموجبها تم ت...

أوامر المهزوم!

  اوامر الطوارئ الاربع التي اصدرها البشير اليوم 25فبراير و التي تأتي استنادا علي اعلان الجمعة الماضية ( اعلان الطوارئ وحل الحكومة و تكليف ضباط بشغل مناصب حكام الولايات ) لها دلالة اساسية هي ان الحكومة تحاذر السقوط و باتت اخيرا تستشعر تهاوي سلطتها! جاء اعلان الطوارئ و حل الحكومة كتداعي لحركة التظاهرات والاضرابات التي عمت مدن البلاد علي امل ان يؤدي الي هدوء الشارع .. اما و قد مرت اكثر من 72 ساعة علي الاعلان دون اثر فتأتي الاوامر الاربعة (منع التظاهر، و تقييد تجارة السلع الاستراتيجية، و حظر تجارة النقد الاجنبي، و تقييد وسائل النقل والاتصالات) كمحاولة ثانية يائسة لايهام الجموع الشعبية بأن السلطة قابضة بقوة و ان لديها خيارات امنية و قانونية و ادارية متعددة! لا اجد لهذا الاعلان نظير في تاريخ السودان، اذ لا يشبه قرارات الانظمة الوطنية ( ديمقراطية كانت او انقلابية ) .. فالطوارئ قرار يلجأ اليه الحاكم في حالة الحروب او الكوارث الطبيعية او الازمات الوطنية و ليس اداة لمجابهة ازمات سياسية، فازمات السياسة لها طرق حل معروفة منها التنحي او الانتخابات المبكرة او تكوين ائتلافات جديدة وليس من بين...

البشير لم يسقط وحده

  بعد ثورة و تظاهرات استمرت لأربعة اشهر و عمت كل مدن و قري السودان اجبر الرئيس البشير علي التنحي و سقط بحسب مفردات الثورة السودانية و ثوارها..   اليوم حلفاء البشير من الانته...