التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المشاركات

عرض المشاركات من أبريل, ٢٠١٨

سد النهضة .. العراقيل الحقيقية والعراقيل المصطنعة

  مامن شك ان اقامة مشروع يعتمد علي مياه نهر دولي كنهر النيل، يمثل تحديا و يخلق اشكالات وهواجس كثيرة، سيما وان كان المشروع 'مشروع سد' كسد الالفية / النهضة علي نهر النيل الازرق "نهر اباي" الذي يمثل المصدر الاضخم للمياه لنهر النيل و لدولتي السودان ومصر.   لذا يمثل قسم كبير من الجدل والخلاف بشأن مشروع سد النهضة في مفاوضات الدول الثلاث السودان ومصر اضافة لاثيوبيا صاحبة المشروع، جدلا مفهوما وطبيعيا..   فالحقوق الطبيعية السياسية والقانونية المتعلقة بتشاطؤ مورد مياه من الشؤون التي شغلت فكر وعقل الاسرة الدولية منذ امد طويل ولا تزال مصدر محتمل للخلاف حتي يومنا هذا، بدأ ذلك بحق الملاحة 'المرور' في الانهار الدولية و التي توصل المجتمع الدولي لاتفاقية بشأنها سنة 1927م 'اتفاقية برشلونة'، فيما لايزال موضوع استخدامات المياه اﻷخري 'الاستخدامات غير الملاحية' للانهار  والبحيرات الدولية مثار نزاع وخلاف برغم التوصل في 1997م لاتفاق دولي بشأنها "الاتفاقية العامة للاستخدامات غير الملاحية لموارد المياه الدولية" والتي دخلت حيز النفاذ في 2014م،   تلك الاتفاقي

مقررات الانشاء والمطالعة

  لطالما كنت علي يقين وقناعة من ان السبب الرئيسي الذي يكمن خلف نسبة كبيرة من  مشاكلنا الاجتماعية والثقافية والإقتصادية والسياسية حتي؛ هو التعليم 'ضعف فلسفته ومناهجه وادواته'،    لا تزال تلك القناعة علي حالها عندي لم تتبدل؛ الجديد هو انه انضافت قناعة جديدة بأن مشكلة التعليم تكمن نسبة كبيرة منها في مواد ومقررات ظللنا ننظر اليها نظرة هامشية لكنها ظلت تهيمن علي عقولنا وتفكيرنا .. تلك المقررات هي مقررات الانشاء والمطالعة، فبدلا عن تعليم النشء كيف يعبرون عن افكارهم و كيف ينشئون رسالة او مقالة او بحث بطريقة منهجية و مرتبة من حيث الافكار و وضوح الصياغة والتراكيب والخط ونعلمهم اين وكيف يبحثون عن معلومات دقيقة و موثقة تتعلق بموضوع الكتابة، نحن نعلمهم كيف يفبركون المواضيع وينسجون الكلمات والجمل والعبارات و نهتم بالشكل لا المضمون! فينشأون علي نسج الاكاذيب وعلي اللعب بالكلمات، يهتمون بالشكل لا المضمون، و بتدبيج العبارات الطنانة اكثر من اهتمامهم بقيمة المعلومات التي بوردونها.. فيصيروا حينما يكبرون كتابا و صحفيون يدبجون تقارير المديح و يلفقون اخبار السلطة؛ او سياسيين يدبجون خطب الخديعة بعب

المجتمعات التي ضيعت الصيغ

ينقسم المجتمع الدولي الي مجتمعات متقدمة واخري نامية 'متأخرة'.   تلك المجتمعات المتقدمة تتسم بسمة واحدة جامعة هي انها تتمتع بانسجام اجتماعي علي كل المستويات الاجتماعية والفئات، بينما في المقابل تتسم المجتمعات المتأخرة 'النامية' بأنها تعيش حالة انقسام اجتماعي عميق، كل منها مجتمعه يعيش حالة توتر شديد، وشد وجذب بين فئاته، حالة عدم تعايش وعدم قبول..   تعد العلاقة بين فئات المجتمع المختلفة "الرجل/المرأة، الصغار/الكبار، الاصيلين/الغرباء..الخ" من الأمور التي بطبيعتها شائكة وخلافية، وقد ينجح المجتمع -أي مجتمع- في مرحلة ما من تطوره من ايجاد صيغة تسوية مقبول ومفيدة؛ لكن لا تلبث الطبيعة الخلافية تنبت مع أي اختلاف في الشروط و الاحوال. ويمثل ظهور الصيغة القانونية 'لما تتسم به القاعدة القانونية من شمول واستيعاب ومرونة وحاكمية' نقلة مهمة احدثت تطورا كبيرا، لكن تظل ايضا الحاجة الي مواكبة قاعدة اخلاقية 'حضارية ومدنية' حتي في المجتمعات المتطورة من حيث القواعد القانونية -مجتمعات سيادة حكم القانون- لأن القانون لا ولا ينبغي له ان يحكم كل شئ بل يترك هامش لتطور اخل

نقاط الخلاف الخمس بين السعودية وقطر

تناولنا في مقال سابق نقاط الاتفاق التي صمدت في وجه الازمة السياسية بين قطر من جهة والسعودية المسنودة من الامارات والبحرين ومصر من جهة ثانية، تلك الأزمة التي تتنحصر تمظهراتها حتي الان في مقاطعة دبلوماسية و اقتصادية و ملاسنات وتبادل الاتهامات اعلاميا، واجملنا نقاط الاتفاق تلك في: العلاقة الوثيقة لطرفي الأزمة مع واشنطون، والموقف من الصراع العربي الاسرائيلي، والموقف من الازمة اليمنية، والحرب الاهلية والصراع السياسي في سوريا، و الموقف من توجهات سوق النفط/ اوبك، اضافة لتبني 'المذهب الوهابي' الذي يمثل احد شروحات المدرسة الحنبلية خصوصا تيار الائمة ابن تيمية وابن القيم..   اما نقاط الخلاف فتتمثل في:   1- نزاعات حدودية قديمة مع السعودية والامارات وان كانت قد تم الاتفاق بشأنها في 2006م الا انها ترسب هواجس ومخاوف مستمرة تلقي بظلالها علي مستقبل العلاقات.   2- خلافات بشأن التدخل السياسي ابرزها اتهام قطر للامارات والسعودية بالسعي للهيمنة علي الحكم في الدوحة، من ذلك الاتهام بالتدخل لصالح الامير الجد 'خليفة بن حمد' سنة 1996م الذي اطاح به ابنه الامير حمد في انقلاب قصر.   3- الخلاف بش

تجارة النقود.. او حينما يصبح النقد سلعة!!

  الوضع الاقتصادي الصعب الذي استحكم في بلاد السودان لما يزيد او ينقص قليلا عن نصف قرن  والسياسات المالية والقرارات الادارية العجيبة ابرزت ظواهر اقتصادية واجتماعية وسياسية عديدة رسمت الشكل الشائه والمحبط للشخصية السودانية.   واحدة من تلك الظواهر الاقتصادية كانت تجارة العملات التي راجت بمستوي لافت وبصورة عشوائية لا تمت للتنظيم بأي صلة رغم ان العديدين خلقوا منها ثروات طائلة.. فأنت تجد باعة العملات منتشرين في الخرطوم من مدخل صالة الوصول بالمطار ومعظم الازقة والشوارع في العاصمة و المدن خصوصا عواصم الولايات سيما الحدودية، يبيعونك كل العملات المعروفة 'الريال والدرهم والدينار و الاسترليني واليورو والدولار'.. ويشترونها منك، وتجدهم يحملون رزم النقد الوطني 'بضاعتهم' يلوحون بها في وجه المارة جميعا!    عندما تشتد ازمات الاقتصاد علي الحاكمين يلجأون الي تحريم تجارة النقود تلك فيضيقون علي باعتها فتعتقلهم اجهزة الامن والمباحث فتصادرها المحاكم وغير المحاكم ويبتزهم المبتزون فيعملون في الخفاء لكنهم لا يلبثون ان يعودوا للعلن.   تجارة النقد 'الصرف' ليست الشكل الوحيد لتسليع النقو

باب الترحم علي موتي غير المسلمين

  دائما عندما يرحل شخص كان ملء السمع عن عالمنا هذا، له تأثير شبه يومي علي حياتنا، شخص تعاطف مع حقوقنا، وتعاطفنا مع نضاله، شخص جعلنا فراقه محزونون، ويكون ليس علي ملتنا الدينية هذه، قلنا دون تفكير 'رحمة الله عليه'؛ فيخرج علينا شخص من انصار مذهب الولاء والبراء، المذهب الخامسي، فينهانا عن ذلك بانه لا يجوز الترحم علي غير المسلم، الكافر، فيثور جدل و يثور غبار معترك كلامي.   فما مدي صحة ذلك، هل يجوز لنا ان نظهر عواطفنا وحزننا علي انسان من ملة اخري وفيهم عظماء و كرماء 'غاندي، مانديلا، مارتن لوثر، انشتاين، ماركيز، جوبز، هوكنز..الخ' هل يجوز لنا، وقد اعطوا فما استبقوا شيئا، ولم يك عطاءهم قاصر علي ملة او جنس او حدود.. كان عطاءهم من انسان لكل اخوانه في الانسانية.    ان عبارة 'رحمة الله علي فلان' يقصد بها فعلا تعزية القائل والسامع لها، ولا اثر ولا دور لها هنا اكثر من ذلك.. عبارة للتعاطف والمواساة لا اكثر ولا اقل، لذا فليس قائلها بخارج علي صحيح دين او شرع.   ان من يأمر الناس بعدم الترحم علي ميت يظن ان الرحمة متوقفة علي دعوته هذه، وان كانت كذلك فلن تكون رحمة من الله بل منة

اوباما الأثيوبي

  تتفاخر الدول "متقدمها و متخلفها" بأنها أتاحت لشخص من الاقليات ان يتسنم المركز الاول في الدولة "منصب الرئيس او رئيس الوزراء" كما حدث في امريكا التي انتخبت في 2008م باراك حسين اوباما كأول رئيس من اقلية الامريكيين من اصول افريقية.. لكن في اثيوبيا الوضع مختلف تماما، اذ تحتفل هذه الايام بأنها انتخبت اول رئيس وزراء من العرق الذي يمثل اغلبية "الارومو". فاثيوبيا علي مر تاريخها كانت تحكم باباطرة وملوك ورؤساء من قوميات "اقلية"، اذ في عهد الإمبراطورية كانت "امهرا" تمثل عرقية الملوك والحكام بامتياز، بينما في عهد النظام الجمهوري مر رؤساء من معظم القوميات عدا "ارومو". أوجه شبه عدة بين آبي احمد رئيس وزراء اثيوبيا الجديد والرئيس الامريكي السابق باراك اوباما؛ كلاهما يمثلان تجربة سياسية واعدة "شابة"، وكلاهما تعكس شخصيتهما تنوع مجتمعيهما " فمثلما ان اوباما ينتسب لأب افريقي مسلم وام بيضاء مسيحية- بروتستانت، وله انتماء الديني ومذهب السياسي يعكس شخصيته المستقله، فان الرئيس آبي ينتمي لأبوين من عرقيتين وديانتين مختلفتين -اب مسلم م