التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المشاركات

عرض المشاركات من مايو, ٢٠١٨

العقل الخلافي

العقل الجمعي مصطلح اطلق ليعبر مجازا عن مجموعة عقول تتشارك محددات معينة و طرائق تفكير متقاربة؛ لكن كثرة استخدامه في صحافتنا المحلية خلال العقدين الماضيين حوله من المجاز الي المعني الاصيل والحقيقي! اصبحنا نتحدث عن عقل جمعي وكأننا نتحدث عن حقيقة علمية مثبتة! ولاحقا اسقط البعض مفردة جمعي ونفذوا مباشرة الي صفات اخري منها 'الرعوية' فحدثونا عن العقل الرعوي! في الواقع لا وجود لعقل جمعي واحد يمكن الركون ليه ومعرفة اتجاهاته مسبقا و اسلوب تفكيره انما هناك عملية صناعة رأي و فكر تقوم بها مؤسسات بحثية وعلمية ومراكز تفكير وهناك نخب تغذي وتتبني نتائج تلك العملية وهناك اعلام و مؤسسات تعليم وثقافة تسهم كذلك فيها.. في المجتمعات المتخلفة مدنيا كما في حالة مجتمعنا تسند "عملية التفكير" تلك لغير اهلها فتجد اناس غير مؤهلين يحتلون مراكز مرموقة في المؤسسات البحثية والعلمية والاعلامية والتعليمية والثقافية و مراكز الفكر وهناك عوام ارتدوا رداء النخب .. فتكون نتائج العملية ضرب من التخليط والتلبيس تأخذ شكل الفكر لا مضمونه! وتخدع بها باقي العوام علي انها نتائج ومسلمات لا يرقي لها الشك! وقد يسهم

فصول الدولة الاربعة

  الدولة والحكم والمجتمع مثل السنة لها فصول اربعة لا تكتمل مواسمها الا بها، وان فقدتها او ايا منها تكون قد فقدت شخصيتها وماعادت دولة حديثة او حكم رشيد او مجتمع متمدن ومعاصر، بل تكون تردت الي الماضي السحيق "السالف" او تصبح جهاز قديم انتهت مدته وموضته و أبقي عليه من باب التحف والفلكلور للتذكير فقط انما ما من وظيفة يؤديها اليوم! تماما كأن تفقد السنة احد فصولها ومواسمها 'الصيف او الشتاء او الربيع او الخريف' تصبح عرجاء ويختل نظام الكوكب.   اول تلك الفصول هو؛ فصل السلطات الثلاث "التنفيذية، التشريعية، القضائية"، بحيث تعمل تلك السلطات باستقلالية وتناغم كذلك، و دون هيمنة من احداهما علي الاخريات، فصل السلطات الثلاث التي تمثل قمة هرم الدولة هي ضمانة لاحترام حقوق وحريات ومصالح المواطنين وعدم التغول عليها من أية جهة كانت، كما تمثل ضمانة لعمل اجهزة الحكم بكفاءتها وفعاليتها القصوي خدمة للمصلحة الوطنية العامة الحقيقية وليس المصلحة الزائفة التي يروج لها اعلام الاستبداد والاستعباد. واضافة لتمتعها بميزة فصل السلطات "التي تكفل لكل السلطات حق ممارسة الرقابة علي اعمال الس

التغيير الذي ننشد

التغيير الذي ننشده ﻷن ما تسبب لنا في هذا الواقع المتردي هو نمط حياتنا الذي ظللنا نتبعه، فاننا يجب علينا لتغيير الواقع ان نغير نمط حياتنا كله، نمط حياتنا الذي يتساهل مع الفساد و المفسدين، ومع كل اشكال الخروج علي القانون و اﻻفلات من العقاب.. علينا لتغيير النظام ان نغيير نظام حياتنا الذي ﻻ يعلي قيمة العمل و يحض علي التكاسل والخمول؛ ويعلي قيمة الثراء حتي وان كان بوسائل غير نزيهة او غير مشروعة. علينا تغيير عاداتنا الغذائية و مواعيد تناول وجباتنا .. بدﻻ عن وجباتنا المكلفة وغير المفيدة؛ بل والمضرة بالصحة علينا وضع نظام غذائي علمي وصحي ومواعيد تناول تراعي حاجة الجسم و ضرورات العمل و اﻻنتاج. علينا تغيير قناعاتنا و نظرتنا للتعليم، فاﻻنسان ﻻ يتعلم فقط لمجرد الحصول علي وظيفة مكتبية لدي الحكومة كما يعتقد كثيرون منا و انما يتعلم ليزيد معارفه و يحسن اسلوب حياته ونمط معيشته ومعيشة المحيطين به.. علينا مراجعة نظرتنا التي تعلي بعض العلوم علي بعض و بعض التخصصات علي اخري و بعض المهن و الصنائع علي البعض! علينا وضع التعليم المهني في المكان اللائق به.. علينا ان نحرص علي ان نكون صادقين مع المحيطين

مدنيين امام المحاكم العسكرية!

   اثار اعلان بدء محاكمة الزعيم القبلي موسي هلال قائد مليشيات الجنجويد الموالية في السابق لحكومة البشير والذي تم استيعابه ومعظم افراد "عشيرته" في صفوف "قوات حرس الحدود" التي تتبع لقوات الشعب المسلحة و وزارة الدفاع، اثارت جدلا بخصوص قانونية محاكمة المدنيين امام المحاكم العسكرية!    رغم ان الجدل في مثل الحال الماثل في بلادنا غير مفيد في معظم الاحوال لأن الدولة تفرض مشيئتها حتي ولو كان المنطق والحق في غير صفها، الا ان المجادلة تبقي ضرورية جدا لأن السلطات تسعي عبر مماحكاتها لتزييف الحق والمنطق و مغالطة الواقع والحقائق و إلباس الباطل ثوب الحق و الكذب ثوب الصدق والظلم ثوب العدل.. والتدليس عبر التها الضخمة علي عامة المواطنيين!   ففي جدل محاكمة المدنيين عسكريا فرضت السلطات قناعاتها رغم بؤسها وزيفها ومررتها و كأنها العدل الصرف والحق الابلج!   لها وللجميع نقول ان صفة "عسكري" ليست مجرد لقب يضفي علي اي شخص فيحوله من مدني الي عسكري وانما عملية طويلة تبدأ باستيفاء شروط الانتساب للقوة العسكرية والتي يقررها القانون العسكري "قانون القوات المسلحة هنا" و وفق ما

السودان، القرن الافريقي، والازمة الخليجية

  لم تشهد العلاقة السودانية الخليجية اية نوع او مستويات من التوتر قبل وصول البشير وجماعة الأخوان للسلطة فيه عام 1989م، فقبل ذلك التاريخ كان السودان بالنسبة لحكومات دول الخليج مخزن للمورد البشري المؤهل تأهيلا وسيطا تحتاجه لا سيما في مجالات التعليم و الصحة و اعمال الحكومات المحلية والاشغال الادارية 'المحاسبة والسكرتارية والترجمات..الخ'   اما بالنسبة للسودان كان الخليج سوق عمل واعدة انقذت البلاد من معدلات بطالة غير مسبوقة نتيجة للازمات والحروب وفشل الحكم، كما مثل للحكومات السودانية مصدرا متاحا للهبات والقروض والودائع المالية عند الحاجة ..   علي هذا الحال وتلك الوتائر كانت الاحوال تتهادي حتي وصول جماعة الاخوان السودانية 'التي لقيت دعم في حقبة الستينات الي نهاية الثمانينات من حكومات الخليج ذاته' تصادف مع ذاك وقوع عدوان نظام صدام حسين البعثي العراقي علي الكويت، وتشكلت حينها جبهتان معارضة للعدوان وداعمة له!!   ولأن الحكام جدد كليا وعديمي خبرة، ولأنه جاء بانقلاب 'استخدام القوة' كان مساندا لاستخدام القوة دوليا! ولأن الاخوان والبعث مدرستان متقاربتان في الفكر التنظيمي و

سلام شبه الجزيرة الكورية هل يمهد لحرب بين بلاد فارس و بلدان شبه جزيرة العرب!

  حتي لقاء الجمعة بين رئيسي الدولتين الكوريتين كانت شبه الجزيرة الكورية هي اعلي نقاط العالم توترا بسبب تهديدات كوريا الشمالية لجاراتها الجنوبية واليابان و حليفتهما الولايات المتحدة، و بسبب تجاربها النووية والصاروخية، وايضا بسبب التهديدات والملاسنات بين رئيسها والرئيس الامريكي!   لكن بصورة درامية انخفض التوتر من مستوي التجارب الصاروخية والمناورات الحربية الي مستوي العناق و الاحاديث الودية بين زعيمي شطرا شبه الجزيرة.. مع وعد بلقاء اوائل مايو يجمع الزعيم الشيوعي الشمالي بالرئيس الامريكي من المنتظر ان يسفر عن نزع نهائي تام للأزمة خصوصا فيما بدا كبادرة كورية شمالية استعدادا لتفكيك ترسانة سلاحها النووي واعلان شبه الجزيرة منطقة خالية من اسلحة الدمار الشامل.   ان تم ذلك هل يمثل نذيرا لنا بانتقال التوتر الي شبه جزيرة العرب، وبلاد الفرس؟؟   في الغالب الاجابة نعم، فتلويح ترامب بابطال اتفاق 5+1 و وعيد ايران باعتبار الاتفاق لاغيا و انسحابها من معاهدة الحد من الانتشار النووي يشي بهذا، وفي ظل عجز حلفاء امريكا 'بريطانيا وفرنسا و المانيا' عن لجم ترامب 'الجامح' و ترقب روسيا والصين لل

سيناريوهات الخروج من أزمة افلاس الدولة

  ضعف الانتاج، تبديد الموارد الشحيحة بسوء الادارة والفساد، ذهاب نفط الجنوب، اسباب تضافرت كلها وقادت الي ازمة 2018م المالية الماثلة، ازمة افلاس خزانة الحكومة السودانية والتي تجلت في انهيار العملة الوطنية امام الدوﻻر بمتوالية هندسية و عجز البنوك عن الوفاء بالتزامها حيال المودعين وعن سداد رواتب الموظفين و عجز المالية عن الوفاء بالتزامات البعثات الخارجية واخيرا وليس اخرا الفشل في تلبية احتياجات سوق الوقود..   كلها ازمات اقتصادية ومالية تمثل في جوهرها انهيار جهاز الدولة الاداري وافلاسه من اي مضمون و تداعي النظام السياسي!   السؤال المهم هو ما هو سيناريو المخرج المتاح اما السلطة لمعالجة حالة الافلاس والتعامل مع اثارها وارتداداتها..؟؟   ليس امام السلطة خيارات عديدة، ثمة خياران، الخيار الاول، قديم؛ يتمثل في موالاة اتباع سياسة كسب الوقت المتبعة منذ التسعينات علي امل ان يحمل المستقبل فرج كبير!         هذا يقتضي حاليا ودائع مليارية-دولارية من السعودية او الامارات او قطر او روسيا او الصين او امريكا او الشيطان نفسه،  لا يهم المصدر المهم المليارات ودائع ومساعدات.   في السابق كان هذا الخيار يجد

ايفلين و ناتالي و غوستيللو و أزمة ضمير الانسانية

  رغما عن ان مواثيق حقوق الانسان تمتلئ بعبارات العدل والتساوي و اعلاء شأن الضمير الحر والكرامة .. وما الي ذلك من مفردات تحض علي احترام الانسان كقيمة في حد ذاتها 'قيمة الانسانية' الا ان الواقع يؤكد علي ان ما تحترمه البشرية الان ممثل في هيئاتها وحكوماتها ومنظماتها هو المادة المجردة، ولو ان قردا حاز علي ثروة 'دولارية' لوقرته البشرية و كرمته منظماتها،   اما ما ظلت تطنطن به من احترام الذات الانسانية و عدم التمييز علي اي اساس فلا يسوي في الواقع 'بنسا' واحدا!   لذا نتوقف حينما يقوم شخص من 'الاقلية الانسانية' الباقية علي هذا الكوكب بالاقدام علي فعل من و حي ضميره و وجدانه فقط و يتصرف تصرفا بناء علي اعتبارات الخلق النبيل و الفاضل،   من اؤلئك الاخلاقيين الكاتب الاسباني خوان غوستيللو والذي رفض عام 2007م جائزة ادبية قدمتها له دولة ليبيا 'ليبيا القذافي حينها' قيمتها مليون دولار، جائزة باسم حقوق الانسان؛ ليبيا القذافي التي لاتساوي حقوق الانسان عندها دولارا واحد تمنح و بكل جرءة جائزة قيمتها مليون دولار!!   بالتأكيد لم تكن ليبيا حينها تستثمر في حقوق الانسان ا