التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المشاركات

عرض المشاركات من مارس, ٢٠٢٣

عن طبيعة العلاقة بين الاسلاميين و العسكر

    صحيح تماماً ان تنظيم الجبهة الاسلامية (الحركة الاسلامية/ المؤتمر الوطني) استغل هيمنته علي السلطة عقب انقلابه في ٣٠ يونيو ١٩٨٩م، و استغل النفوذ و قوة الدولة، و شرع في تصفية القوات المسلحة و الشرطة و الأمن العام من العناصر القوية و غير الموالية للاسلاميين و لانقلابهم عبر سياسة الصالح العام، كما شرع في ملء تلك المؤسسات بالعناصر المنتظمة سياسياً في صفه، حتي و لو كانت تلك عناصر غير مؤهلة للالتحاق بتلك المؤسسات، و غير كفؤة للعمل بها.. و صحيح تماماً كذلك ان ثقافة عمل كاملة تشكلت لدي منتسبي تلك المؤسسات "العسكرية"، ثقافة قائمة علي عقيدة لدي العسكر بأن الاسلامويين هم التيار السياسي الأقوي.. و انه ربما يسود و يحكم الحياة العامة لعدة عقود (و ربما للأبد- بحسب ما بدا لهم)، لذا يجب عليهم ان ارادوا الاحتفاظ بامتيازات عملهم و مهنتهم و حظوظ الترقي فيها (اضافة للامتيازات غير المباشرة التي بدأ نظام الانقاذ في اغراق العسكر بها بغرض شراء ولاءهم) فان عليهم عدم إبدأ أي مقاومة او معارضة لسياسات تلك الحكومة و سياسات حزبها الحاكم، و عدم الاعتراض علي قرارات عناصره المتنفذة تنظيمياً.  لكن كل ذلك لا

الانتقال من حالة دولة اللاقانون الي دولة سيادة حكم القانون: المتطلبات و التحديات

 تاريخ: ٢٤ مارس ٢٠٢٠م مقدمة: مفهوم سيادة حكم القانون هو من احدث مفاهيم علم القانون و آخرها تبلوراً، و لا يزال المفهوم في طور الصياغة الأولية حتي في أعرق الديمقراطيات في العالم (و بالضرورة أعرق منظومات سيادة القانون) كبريطانيا و الولايات المتحدة.. أما في السودان (عهود الحكم الوطني) فإن الدولة ورثت ضمن ما ورثت من تركة الاستعمار الإنجليزي في الأساس و المصري ثانوياً ( أو شريك الظل) ورثت منظومة عدلية تعمل وفق ضوابط حكم القانون و مؤسسات دولة بالمجمل تعمل تحت مظلة القانون و وفقاً له. لكن بمرور الوقت و عند كل محك كانت الدولة و منظومتها العدلية تتخلي شيئا فشئ عن ذلك التراث و مع كل محنة تسقط دعامة من دعامات دولة القانون، حتي كانت المحنة الكبري (حكم الإسلاميين و نظام الإنقاذ) التي جعلت الدولة بأكملها حكراً لجماعة دينية و سياسية بعينها! دولــــة اللا قــــانون        أن تكون مواطنا في دولة "لا قانون" أي الدولة التي لا تقيم وزناً لحكم القانون.. ذاك أمر غاية السوء وأسوء ما يمكن أن يحدث لمواطن "إنسان" في عصر "نهاية التاريخ وسيادة قيم الديمقراطية هذا"..      فدولة اللاقان

التمكين و آثره الخطير .. و التفكيك عديم الفعالية

 مقابل كل شخص جري تمكينه هناك العشرات بل المئات تم استضعافهم..  و لقاء كل شخص تم وضعه في غير مكانه؛ و اسندت له مهام ليست من اختصاصه .. ثمة مصالح لآلاف المواطنين اضيعت و اهدرت. ما فعله "الاسلامويون" في السودان لم يكن نهج معتاد مما تنتهجه الدكتاتوريات "المعاصرة" بل هو عمل غير مسبوق.. اذ لم يتوقف عند تصعيد الموالين و اسناد مهام جليلة و خاصة لهم في قمة جهاز الحكم انما إمتد الي عزل غير الموالين و "و طبعاً -من نافلة القول- المناوئين" !! أسفر عن ذلك الضرر بجهاز الادارة و الخدمة العامة و اصابته بحالة فشل و عجز تام و شلل كامل و تخلي جهاز الدولة عن مهامه الاساسية و انصرافه لتثبيت حكم و "دولة التنظيم". كما لم يتوقف ذلك عند جهاز الدولة انما امتد الي القطاع الاهلي و الاجتماعي و الخاص-الاقتصادي .. بحيث اسفر ذلك عن تخليق "مجتمع خاص مساند و موالي للسلطة و يعتمد عليها اعتماد الرضيع علي أمه !!" هذا النهج أسفر عن انهيار منظومة الحكم "السياسة و الادارة و القانون" و قيام كنتونات و جيوب مرضي عنها و مقربة و أخري مغضوب عليها و ملعونة من السلطة! و لم

المواجهة العالمية في اوكرانيا

 (الكلونيالية الشيوعية او الحالة الاستعمارية السوفيتية و الوقوف بوجه التحولات الديمقراطية ليس في تخوم روسيا و حسب انما في كل العالم!)  بتصرفها الأخير اثبتت سلطة روسيا ما بعد الشيوعية-السوفيتية انها؛  اولاً ، تنظر الي محيطها و شركاءها السابقين "السوفيت و حلف وارسو" علي انهم "مستعمرات روسية سابقة و مناطق نفوذ ما بعد استعماري، و بذلك تكشف روسيا عن حقيقة لطالما انكرتها و صورت نفسها ايام المثاليات الشيوعية علي انها قوة مناهضة للاستعمار! في حين ان روسيا "كانت" تناهض الاستعمار الذي يمثله الغرب اما استعمارها هي فانها تزينه و تجمله بمساحيق و مصطلحات ماركسية طنانة لا أكثر و لا أقل! و ثانياً : تبرهن علي انها قوي توسعية و امبراطورية و انها تريد ان تعود بروسيا الي عصور الاباطرة! باجتياحه لاراضي اوكرانيا ارتكب بوتين خطأ عسكري و سياسي مميت و هو بمثابة اقدام علي الانتحار السلطوي.. فهدف فلاديمير بوتين "المعلن" من الحرب هو احتلال اوكرانيا عسكرياً كهدف عسكري للحرب؛ و من ثم الاطاحة بالحكومة الاوكرانية الحالية المنتخبة من شعب اوكرانيا؛ و تنصيب حكومة امر واقع تكون بمثابة خ

تحول الحزب الاتحادي من خيار وحدة السودان و مصر الي خيار الاستقلال !!

 ♣️ ما هي اسباب تحول الحزب الاتحادي من دعم خيار الوحدة مع مصر الي دعم خيار السودان للسودانيين (شعار حزب الامة) ؟؟؟ ♦️ تحول موقف الاتحاديين من مسألة الوحدة مع مصر في وقت قياسي (الفترة من اجراء انتخابات حكومة الحكم الذاتي يناير ١٩٥٤م و اعلان الاستقلال من داخل البرلمان اغسطس ١٩٥٥م) !!! ♠️️ قبل ثورة يوليو ١٩٥٢م المصرية كان مطلب الاتحاديين هو وحدة السودان مع مصر و بقاء السودان تحت التاج المصري لكن بعد انقلاب /ثورة يوليو اكتشف الاتحاديون انه لم يعد هناك تاج مصري؟  ♥️️ في البحث القيم (زراعة الجوع في السودان، تأليف د. تيسير محمد احمد علي/ترجمة محمد علي جادين) يقول الباحث ان تحول موقف الاتحاديين من مسألة الوحدة قاده اقطاب الطائفة الختمية - حزب الشعب (تجار و مستثمرين زراعيين كبار) الذين تضررت مصالحهم من مواقف مصر المتعلقة بالمياه و الزراعة في السودان بينما اقطاب الوطني الاتحادي من الموظفين و المتعلمين ساندوا الوحدة مع مصر حتي النهاية. ♣️ اسم الحزب (الاتحادي) كان له معني محدد .. لكن الزمن اكمل دورته و تغير معني الكلمة الأن و اصبحت تعني (فيدرالي/لا مركزي) فيما لا يزال الاتحاديين بالاسم القديم ا

البعث-قوميون و الاسلام-سياسيون .. من يرث الآخر

    عندما كان نجم القوميون العرب يأفل (الناصرية و البعثية) كان نجم الأخوان المسلمون آخذ في التألق .. ظن الاسلامويون حينها انهم الوريث الوحيد لتركة القوميين (الدولة الوطنية) و الحكم و الثروات الوطنية و الساحة الثقافية .. لكن سرعان ما احترق و تناثر نجم الاسلامويين كنيزك فشل في اختراق المجال الجوي للأرض! في المنطقة العربية يترقب الناس نموذج مابعد القوميين و الاسلامويين، اما في السودان فكما ورث الاسلامويين القوميين شارك القوميون في وراثة الاسلاميين!! تيار من حزب البعث شارك في قحت و في حكومتها و في لجنة تفكيك مؤسسات الاسلاميين! هذا يحيلنا الي مقارنة دكتاتورية و استبداد القوميين "الاقرب للحداثة و التمدين" بالاستبداد الديني الشرس. تاريخياً كان الاستبداد الديني هو الاسبق (التاريخ المعروف و المكتوب علي الاقل /التاريخ المعاصر).. لكن في هذه المنطقة من العالم كان الأمر مختلف تماماً ! التاريخ المعاصر لهذا الاقليم (الشرق الاوسط و شمال افريقيا) و بسبب الظاهرة الاستعمارية دشنت الحكم المستقل فيها حكومات استبداد قومي (بعثي/ناصري/ قومي اشتراكي، اتاتوركي، شاهنشاهي)، اعقبه في بعض الدول استبداد دي

ديسمبر ثورة عظيمة .. صعد علي اكتافها كثير من الاقزام

  (خيل الثورة تجقلب .. و الشُكر لي حمدوك !)      و صعود الاقزام علي اكتاف الثورة لا ينتقص من عظمتها مثقال ذرة .. ديسمبر غيرت واقع سياسي استعصي علي التغيير .. واقع سياسي يئست القوي المحلية و الدولية من تغييره حتي اغترت الطغمة الحاكمة و قال بعضهم انهم لن يسلموا السلطة الا للمسيح بعد عودته .. فكانوا هم المسيح الدجال و كانت ثورة الشباب هي المسيح العائد. ديسمبر غيرت الطبقة الحاكمة بقدر كبير، فكل الذين صعدوا بعدها الي سدة العمل العسكري و الأمني و مجلس الوزراء و السيادة و تصدروا المشهد السياسي (الدقير و السنهوري و الخطيب و بابكر فيصل و و الخ) كلهم كانوا مغمورين علي احسن الفروض او نكرات (علي المستوي الشعبي علي الأقل و بعضهم علي مستوي النخب) و ديسمبر هي التي صنعت منهم "شخصيات عامة".. و من كان معروف منهم (حمدوك) كان مجرد شخصية هامشية..  حمدوك تحديداً كان مجرد مرشح لمنصب وزاري في اخريات شهور الانقاذ؛ و كان أمل الاسلامويين ان يتمكن حمدوك من انقاذ الاقتصاد و انقاذ البلد من الانقاذ و انقاذ الاسلامويين من انفسهم و من غضب الشعب!!! و تلك كانت مهمة مستحيلة لا حمدوك و لا آدم اسمث نفسه (ابو الاق

المواصلات مرة أخري و نأمل ان تكون أخيرة!

  تعتبر ازمة المواصلات و التنقل داخل المدن احدي اعقد مشكلات المدن السودانية، و تظهر هذه العقدة في الخرطوم "العاصمة" بسبب الاكتظاظ السكاني و المساحات الشاسعة و المتباعدة لمناطق و محليات و احياء المدينة.. و رغم ان هذه الأزمة تفاقمت منذ ثمانينات القرن الماضي الا انها لم تجد أدني اهتمام من السلطات و كل الحلول التي اتبعت كانت حلول سطحية، فتفاقمت مثني و ثلاث و رباع و خماس... الخ واقعيا تشتد الازمة مع كل انخفاض في سعر العملة الوطنية و ظهور فجوة بين سعر الوقود المحلي و سعره العالمي فينشط السوق الاسود و التهريب للبيع في دول الجوار.. الخ و تنخفض وتائر الازمة مع كل معالجات مالية او نقدية "تعويم و تحرير" وصلنا مرحلة من الاختناق استخدمت فيها ناقلات المواشي وسائل مواصلات "بشرية" ايام البطاحات اول ايام ثورية نائب الوالي يوسف - رامبو - عبد الفتاح، ثم الدفارات.. و لجأت كل الوحدات الحكومية "المدنية و النظامية" و شركات القطاع الخاص الي اقتناء اسطول من عربات النقل لتعمل علي احضار و ارجاع موظفيها و عمالها، و في ايام الرخاء استجلبنا حافلات و باصات مكيفة لكن سرعان ما ع

البنوك و النظام المالي السوداني... متي التغيير؟!

  متي بالضبط تنوي الحكومة "الانتقالية" اصلاح النظام المصرفي؟! و بالأخص اصلاح البنك المركزي؟ هذا هو السؤال الذي ظللنا نلح علي طرحه منذ تشكل تلك الحكومة "الانتقالية"!! و تأخير هذه المهمة التي لا تحتمل التأخير و التأجيل  بدون اصلاح و تهيئة هذه المواعين لن ينصلح حال الاقتصاد و سيذهب كل الجهد المبذول سدي و ادراج الرياح.. البشير المعزول نفسه في احد آخر انتقاداته بعد ان اصبح (ناقد عام) كان قد وجه سهام نقده للبنوك الاسلامية و حملها مسؤولية الفقر و الازمات و وصفها بأنها اسوء من البنوك الربوية و حينها لم يفتح الله علي أحد المتفيقهين من دعاة الصيرفة الاسلامية و لا كبار الصيارفة ممن يعدون عرابي هذه التجربة في السودان وخارجه بكلمة دفاعاً عن تلك التجربة و تلك البنوك.. تلك البنوك هي المسؤولة عن تردي النظام المالي و الاقتصادي خلال الثلاثين عاماً، فبعد تغيير العملة الاول و الذي اخرجت و افقرت بموجبه كل القطاعات المنتجة و تم تخليق و تضخيم طبقة انتفاعية "سماسرة" اغتنت بصورة غير مشروعة عبر التمول من ارصدة المودعين و استغلال اموال الناس ضدهم و لتخريب الاقتصاد.. و هذا ما أدي لظه

و هل بعد الانقلاب الا الحرب؟؟

  هاهي طبول الحرب تدق من جديد !!!! الانقلابيون يعرفون ان اي حل سياسي و أي تسوية تعني الخسارة لجبهة الانقلاب.. لذا المخرج هو اشعال حرب.. و الانقلاب هو مخرج الاسلامويين الوحيد و الحرب اسلوبهم و لعبتهم الأثيرة.. و بعد ان استنفدوا كل نعرات العنصرية و الجهوية ها هم ينفخون في نعرات التعصب بين اجهزة الدولة و الاجهزة "التي خلّقوها" المساعدة.  الدعم السريع ساعدوا في ايجاده و دعمه ليحارب لهم اعداءهم السياسيين و يحمي سلطتهم و قال رئيسهم عن قائده "حمايتي و ليس حميدتي" و لكن بعد ان "تنصل" الدعم السريع عن حماية النظام و رئيسه و حزبه .. و فشل محاولة برهان "في ان يكون بشير جديد" و ان يضع الدعم السريع في خانة حمايته و حماية ذات النظام القديم بوجوه جديدة؛ هاهم بلا تبصر العواقب ينفخون في ابواق الحرب .. يهاجمون "الجنجويد و قائدهم" اليوم و يبدون كمتعصبين للدولة و للاجهزة الرسمية و يوم ان قال ذات قائد الجنجويد (البلد دي حلها و ربطها في ايدنا و الحكومة وقت تسويلها جيش تجي تتكلم معانا) لم يفتح الله علي احدهم بكلمة! انه تسيس ملف المؤسسات العسكرية في زمن و

السودان.. الوطن المنكشف أمنياً

    مرّ السودان و خَبِر كل حالات الدولة (من الدولة الفاشلة، و الدولة المارقة، الي الدولة المفلسة - و هو المصطلح الذي حاز حق صكه علي محمود وزير المالية الانقاذي الاسبق)، قتل المراقبون تلك الحالات وصفاً و تحليلاً و تأويلاً.. لكن لم يحدثنا احدهم عن حالة الدولة المنكشفة، و نقصد بذلك الدولة التي تصبح مفتوحة علي سطوة مخابرات الدول الاخري، و تصبح مؤسساتها عبارة عن اقطاعيات و حوزات و مناطق نفوذ تتقاسمها الدول المجاورة و البعيدة بوضع اليد و بنفوذ عملاءها و جواسيسها من بني الوطن المنكشف و برعايا تلك الدول.. حالة الوطن المنكشف و رغم انها بلغت اعلي مستوياتها و مناسيبها في عهد البشير "النظام البائد" و بلغت حد ان يكون مدير مكتب الرئيس و هو برتبة "فريق أمن" جاسوساً لدولة "اجنبية"، إلا ان الحالة "الانكشاف" قديمة؛ تطورت مع تضعضع اقتصاد الدولة و مؤسساتها و تحديداً منذ مجاعة ١٩٨٤م و الحرب الاهلية التي تزامنت معها.. حالة الانكشاف الأمني و تحول اراضي الدولة الي ضيعة يرتع فيها الجواسيس داخل المباني الرسمية في طمأنينة و حرية عرفتها دول عديدة قبل السودان، و هي حالة تعقب

الاختناقات المرورية

  الاحتقانات و الاختناقات المرورية في ولاية الخرطوم هي مرض الخرطوم المزمن منذ عقود.. تتجلي ازمة الزحام في مناطق المجمعات الحكومية -الخدمية و في الاسواق؛ و حالياً اضحت كل ارض الولاية عبارة عن سوق بلا نهاية و بلا بداية!  اضافة للشوارع التي تركت بلا صيانة لعدة سنوات و بلا نظافة حتي اضحت مساحات الحفر فيها اكثر من الاسفلت و مساحات المناطق المعبدة، و الجزء المتبقي منها مغطي باكوام الاتربة و الاوساخ! و مع سوء استخدام سائقي و مستخدمي الطريق له؛ عبر التوقف الخاطئ و "الركن" الخطأ و محطات و مواقف النقل العام سيئة التصميم و التوزيع (سبب الزحام الاول هو العشوائية و الفوضي الضاربة و المقيمة و المتوطنة!) فان الازدحام و التكدس و ما ينجم عنه من تأخير يشمل سيارات الاسعاف و الاطفاء و النجدة و سيارات نقل جثامين الموتي... و هذا امر مؤسف و يثبت ان حال الاجتماع المدني "مجتمع المدينة" بلغ مرحلة غاية في السوء ينذر بكوارث و جرائم... هذه الصورة البئيسة تنعكس و بالاً علي السودان بنظر زوار عاصمته! و يعطي صورة سلبية لا تبشر بخير فمن يزور الخرطوم لن تحدثه نفسه بالعودة و سينصح غيره بعدم تجريب ذلك

عسكرتاريا الضباط الاداريين !!

  بقاء البلد بلا حكومة و بلا سياسيين لمدة عام و شهرين كشف ظهر الخدمة المدنية و جهاز الادارة (الحكم الاتحادي).. اما الادارة (العسكرية) فهي التي تجلس علي عرش الفوضي و توجهها !!  سقوط نظام المؤتمر الوطني كان مناسبة سانحة لجهاز الخدمة العامة ليتحرر من اجندة السياسيين و الايدولوجيا و قيودها و يمرر اجندة الوطن. لكن جهاز الخدمة العامة نفسه كانت اعباءه اكبر من اعباء الاحزاب !!  جهاز الخدمة العامة خضع بالكامل للمؤتمر الوطني و كأن سيطرة المؤتمر هذه كانت (نهاية التاريخ الوطني)، جهاز الخدمةالعامة لم يتعامل مع اشكالاته و اشكالات البلد بطريقة علمية (ادارية) .. صحيح ان المؤتمر الوطني سيطر علي مفاصله و وزع عناصره الضارة و السامة في كل خواصره .. لكن هذا لا يعفي كامل الجهاز من مسؤوليته الوطنية في التصدي لذلك (الذين بقوا داخل الجهاز و الذين خرجوا أو أخرجوا بالفصل و الصالح العام) و الترتيب و التأهب لمرحلة ما بعد المؤتمر الوطني .. واضح انهم جميعاً لم يكن يوجد في ابعد نقطة من مخيلتهم ان الوضع الشائه و الخاطئ هذا سيزول و ينتهي؟  نقطة الضعف الابرز في جهاز الخدمة العامة كان (الحكم المحلي - جهاز الادارة العامة)

اصلاح جهاز الخدمة العامة*

  الشعب قام بما عليه واكثر، خلق تغييرا من العدم و قاده في ظروف بالغة التعقيد و حرجة للغاية قدم شهداء في كل مدينة، بل وفي كل حي وشارع هناك شهيد او جريح او معتقل، لذا لا يكافئ هذا العمل العظيم الا السعي الحثيث لتحقيق تطلعات هذا الشعب في اقامة اعمدة دولة القانون والمواطنة و المؤسسات المستقلة و تحرير اجهزة المجتمع المدني و آلياته من هيمنة الدولة باذرعها البروقراطية و الأمنية.    لا سبيل لتحقيق تلك الأهداف الا بالاصلاح العاجل لجهاز خدمة الدولة 'الخدمة العامة' بشقيه خصوصا 'هذا ما يعنينا هنا' الخدمة المدنية. إصلاح الخدمة المدنية بعد ثلاثينة الفوضي التي انقضت 'و لا نريد علاجا علي طريقة الصالح العام الذي افتروا عليه' له مقتضيات و متطلبات هي: اولا: فك الربط المتعسف بين العديد من الأجهزة الحكومية كربط الجمارك بالشرطة، وانهاء حالة فوضي وتداخل المهام والاختصاصات ( تأسيس الجيش والشرطة لجامعات -مدنية- خاصة بها، و خارج ولاية وزارة التعليم العالي و مستشفيات خارج سلطة وزارة الصحة! و تأسيس معظم الوحدات الحكومية لشركات تجارية و دوائر استثمار خاصة بها غير خاضعة لولاية المالية و لا

هل التفكيك مجرد ردة فعل!!!!

الشعب بثورة ديسمبر اتاح للقوي السياسية التي عارضت الانقاذ لثلاثين عاماُ باسلوب ردة الفعل؛ ان تتنتقل منها الي الفعل السياسي لكن تلك القوي تقاصرت و انتكصت ثانيةً من خانة الفعل الي ردة الفعل!  خذ مثلاً سياسة التمكين التي مكنت عناصر التنظيم الاسلاموي من احتكار و نهب المال العام و التغلغل في الوظيفة العامة و كان من الممكن ان تتم صياغة سياسة عامة جديدة تحاصر ذلك التمكين و عواقبه و (و هذا هو الأهم) تضع معالم سياسة تحصن المال العام و الوظيفة العامة من هكذا سياسات كارثية اجرامية و مضرة بالدولة و المجتمع (تمكين) .. لكن القوي السياسية المسجونة عقلياً في خانة رد الفعل اختارت سن قانون للتفكيك الذي تنويه او تعتزمه! و قامت عبر لجنة (العطا/ و محمدالفكي/ و وجدي-صامولة/ و مناع ..الخ) باستصدار قرارات استرداد و مصادرة لبعض الاموال و الاصول و فيما كانت تظن بذلك انها (اللجنة) تحسن صنعاُ؛ كان الكيزان و حلفاءهم في اللجنة الامنية يخططون لاجهاض كامل العملية و استغلال ذات قانون اللجنة و ذات قراراتها ضدها..  ظنت اللجنة (التفكيك) انها قامت بكل العمل بمجرد انها استردت بعض الاموال و فصلت بعض الموظفين (المتمكنين) لكن

التمكين و ابعاده .. و التفكيك و أدواته!

إذا أردنا ان نتعامل مع ظاهرة أو واقعة أو أي شئ فان فهم تلك الظاهرة أو الواقعة "أو الشئ" فهماً دقيقاً هو الخطوة الاولي للتعامل الصحيح و الناجع.. و الفهم الدقيق و الصحيح يقتضي تعريف ما نتعامل معه و ما نحن بصدده .. حتي بالنسبة للقوانين التي تشرع لتحكم جانب من جوانب الحياة و معاملاتها فان باب التفسيرات و التعريف يعتبر من اهم أبواب أو فقرات أي قانون.. فيما نجد إن التمكين (السياسة التي انتهجها النظام البائد) لم يجد حظه من الفهم الصحيح و الدقيق.. فالتعريف الذي تبناه قانون تفكيك نظام الثلاثين من يونيو و إزالة التمكين لم يكن تعريفا جامعاً مانعاً كما يقول فقهاء اللغة (جامع لمفرداته مانع لما سواه من الدخول فيه)! فالتمكين لم يكن قاعدة بعينها و لا مبدأ بذاته و لا سياسة لها ابعاد معروفة تم شرحها و توضيحها.. التمكين كان شئ كالاستباحة! و الاستباحة فعل الغزاة حين يجتاحون ارضاً ليست لهم فيهدمون و يحرقون و ينهبون و يتملكون ما ليس لهم.. تعريف التمكين الوارد في القانون المشار اليه يركز علي الاستيلاء علي الوظيفة العامة الحكومية و الاستيلاء علي الجمعيات و المنظمات و الشركات و الهيئات .. في حين ان ت

ماهو مصير الذهب السوداني المضبوط في مطارات الهند؟

  ماهو مصير الذهب المضبوط "مهرب من السودان" في مطارات الهند؟ و ما هي فرص اعادته لخزينة السودان؟ لا يمر اسبوع دون ان تعلن الهند ان سلطات مطاراتها ضبطت كميات مقدرة من الذهب مهربة بحوزة "سودانيين او سودانيات" .. لا توجد احصائية عن كمية الذهب السوداني المضبوط لدي الجمارك الهندية لكنه بالتأكيد يتجاوز مئات الكيلوجرامات !! في المقابل فان الصمت المطبق من السلطات الرسمية "الأمنية و المالية و العدلية" في السودان هو ردة الفعل الواحدة و الوحيدة علي اعلانات جمارك مطارات الهند! منطقي ان تلتزم السلطات السودانية الصمت حيال اعلانات السلطات الهندية، فتهريب الذهب السوداني لا يتم بعلمها فقط انما برعايتها كذلك! فآخر ضبطية مهمة في السودان تمت لمجموعة روسية و هناك تكتم رسمي تام و سمعنا عن محاولات ل"غتغتة" و لملمة" ملف التهريب الروسي. السؤال هو: ماهو مصير الذهب السوداني المضبوط في الهند؟  هل سيترك لتصادره السلطات الهندية لصالح خزينتها؟ أم ستطالب السلطات السودانية المسؤولة عن موارد السودان باستعادته؟ ان تساهل السلطات الرسمية حيال تهريب الذهب لا يجب و لا يمكن ان يكون

احد أهم ابواب اصلاح الاقتصاد: اصلاح جهاز مسجل الشركات التجارية

  يونيو 2020م ان عقدة الشركات في السودان لم تكن يوما بسبب القانون انما بسبب قصور في أهم جهاز يتولي انفاذه "المسجل التجاري العام لجمهورية السودان"..   في العام 1925م اجازت سلطة الاستعمار الانجليزي المصري في السودان ممثلة في الحاكم العام الانجليزي قانون للعمل التجاري والنشاط الاقتصادي يعتبر بكل المقاييس من القوانين المدنية المتقدمة والحديثة، ولأن السودان كان للتو خارج من قرونه الوسطي ومن حقبه المظلمة كان بمثابة مادة خام سهلة التشكيل، لم تكن ثمة عقبات وعراقيل تعوق سن تشريعات متطورة خصوصا في المجال المدني والتجاري. كان الاداريين الانجليز يفخرون بالقانون الذي وضعوه و يزعمون انه متقدم حتي علي القوانين السارية في لندن عاصمة الامبراطورية نفسها والتي بسبب تشابك و قدم الانشطة والمعاملات لم تتمكن من تحديث قانون انجلترا التجاري الا في بصعوبة في 1968م. اذا فالقانون التجاري السوداني 'الشركات والشراكات' بدأ من مركز متقدم جدا.   لكن تلك البداية لم نستفد منها فسرعان ما تعقد الوضع عندنا. بينما بقي ذلك القانون ساريا دون تعديل لقرابة القرن حتي تم تعديله في العام 2015م!! فأين كمنت العلة؟

قانون إزالة التمكين و مركزه من دولة حكم القانون و موقعه من الاعراب القانوني

  قانون ازالة التمكين برغم توافق المكون المدني (مجلس الوزراء و الحاضنة السياسية) و المكون العسكري علي سنّه و العمل به طيلة الفترة الماضية إلا انه و بلا أدني شك احد اغرب القوانين، و قولنا هذا لا يعني ان تفكيك التمكين و استرداد الاموال المنهوبة عمل مستهجن أو امر غريب؛ بل العكس تماماً اذ هو أمر مرغوب و مطلوب بشدة بل و مشروع تماماً، لكن كان ينبغي ان يتم بموجب تدابير مختلفة عما تم  التوافق بشأنه، و ان يتم وفقاً لحكم القانون و في سياق منظومة قانونية مستدامة و مستقرة .. و لقولنا ان قانون تفكيك التمكين قانون غريب عدة وجوه واسباب نجملها في:- اولاً: ان القانون و وفق ما جاء بفقراته ينص علي انه قانون انتقالي! و أنه ينقضي بانقضاء مهام التفكيك و بانقضاء الفترة الانتقالية! (أو لأقرب الاجلين؟!!!)، و هذا يتنافي مع احد شروط القوانين، فالقانون (أي قانون) يفترض فيه الاستقرار و الاستدامة و العموم ، و لا مجال لقانون يتم سَنّه ليسود لفترة محددة أو لغرض (عمل) بعينه و ينتهي بانتهاء الغرض أو الفترة الزمنية، هذا النص يخرج به عن كونه قانون .. ثانياً : الترتيبات المنصوص عليها في متن القانون و التي تحكم تطبيقه لا