التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الانتقال من حالة دولة اللاقانون الي دولة سيادة حكم القانون: المتطلبات و التحديات

 تاريخ: ٢٤ مارس ٢٠٢٠م

مقدمة:

مفهوم سيادة حكم القانون هو من احدث مفاهيم علم القانون و آخرها تبلوراً، و لا يزال المفهوم في طور الصياغة الأولية حتي في أعرق الديمقراطيات في العالم (و بالضرورة أعرق منظومات سيادة القانون) كبريطانيا و الولايات المتحدة..

أما في السودان (عهود الحكم الوطني) فإن الدولة ورثت ضمن ما ورثت من تركة الاستعمار الإنجليزي في الأساس و المصري ثانوياً ( أو شريك الظل) ورثت منظومة عدلية تعمل وفق ضوابط حكم القانون و مؤسسات دولة بالمجمل تعمل تحت مظلة القانون و وفقاً له.

لكن بمرور الوقت و عند كل محك كانت الدولة و منظومتها العدلية تتخلي شيئا فشئ عن ذلك التراث و مع كل محنة تسقط دعامة من دعامات دولة القانون، حتي كانت المحنة الكبري (حكم الإسلاميين و نظام الإنقاذ) التي جعلت الدولة بأكملها حكراً لجماعة دينية و سياسية بعينها!

دولــــة اللا قــــانون

       أن تكون مواطنا في دولة "لا قانون" أي الدولة التي لا تقيم وزناً لحكم القانون.. ذاك أمر غاية السوء وأسوء ما يمكن أن يحدث لمواطن "إنسان" في عصر "نهاية التاريخ وسيادة قيم الديمقراطية هذا"..

     فدولة اللاقانون هي التي لا تحتكم "حكومتها" وأجهزتها لأي ضوابط دستورية وقانونية ولائحية ولا تعتبر ولا تلقي بالاً للالتزامات الدولية، وبالضرورة لا تحترم القواعد التي أرستها تجربة إنسانية راسخة بعد صراع مرير وطويل من أجل ترسيخ دعائم الاجتماع البشري المتحضر الحديث (علم الاجتماع والعمران)، وإقامة اسس الدولة الحديثة الوطنية..

    وحكم القانون مرحلة لاحقة ومتقدمة من مراحل الدولة الحديثة المدنية.. ودولة حكم القانون يعني اختصارا أن تخضع الدولة/الحكومة بجميع أجهزتها لقواعد قوانين المجتمع الديمقراطي، ومن ذلك احترامها لمبادئ المساواة أمام القانون وفصل السلطات واحترام حقوق الإنسان وحرياته العامة والشخصية وأبرزها حق التعبير وحرية الرأي والاعتقاد والتنظيم والاجتماع..الخ،

    فان تكون مواطن في دولة لا قانون يعني انك "لا مواطن" بل ولا مقيم ، بل ولا لاجئ حتي، إذا أن المقيم واللاجئ في مجتمعات الدولة الحديثة يتمتع بحقوق تفوق حقوق المواطن من الدرجة الأولي في دولة اللاقانون، ان تكون مواطن في دولة لاقانون يعني أن تتصرف وكأنك عابر سبيل، غاية ما يمكنك فعله هو أن تلاحظ وتدون في ذاكرتك مشاهداتك وملاحظاتك لتدونها لاحقا - بعد أن تعبر- لنشرها أو الاحتفاظ بها،

    هذا إن كنت مواطن، مجرد مواطن عادي....!! أما إن كنت قانوني ( قاضي أو محامي أو....الخ) في دولة لا قانون فهذا أمر جد مختلف، فوظيفة القاضي والمحامي في دولة اللاقانون تختلف تماماً عن نظيراتها في دولة حكم القانون..

    فالقاضي في دولة حكم القانون يطبق القانون ويسهر علي حسن النظام وسائر أعمال العدالة دون محاباة أو تمييز علي أي أساس، فالمواطنين (المتقاضين) عنده متساوون لا فرق بين حاكم أو محكوم، إلا بما يقرره القانون الموضوع أمامه ونصب عينيه، والقانون نفسه عنده محكوم مبادئ العدالة العامة وبالدستور، لذا ففي إمكانه تفسير القانون بما يحقق مبادئ العدالة السامية ولا يخشي في ذلك إلا ضميره والقواعد التي تحكم جهاز القضاء الذي ينتسب إليه والتي تحمي استقلاله وحيدته وحصانته من تدخل أصحاب الأجندة السياسية والنفوذ (الحكومة والبرلمان)، أما القاضي في دولة اللا قانون فهو مجرد موظف لدي الحاكم (الدكتاتور) وهو غير محصن وغير محمي من تدخلاتهم بل يعمل بتوجيه مباشر يصدر إليه من اصغر موظف أمني وينفذ رغبات أصحاب السطوة والنفوذ من أعضاء الفئة الحاكمة، وهو يلتزم بالقانون في حدود شكلية فقط ان حاول تجاوزها ستمتد ألف يد لتضعه في الخانة التي يريدها الحاكم، ولذا تجد القاضي في ظل دولة اللا قانون متشدداً مع المواطنين ليثبت لنفسه أولا ولهم انه يتمتع بسلطة حقيقية وتجده يسرف في التمسك بالإجراءات الشكلية والقيود والضوابط ويتجنب بكل ما أوتي من طاقة ويحاذر من الاقتراب من الأمور الموضوعية حتى يتجنب ما يضعه في مواجه مع أجهزة النظام القمعي وذلك حتى يحافظ علي وظيفته ومخصصاته وراتبه التي يمن عليه بها سادته أولياء نعمته.

    كذلك المحامي في ظل دولة اللاقانون يتحول من حامي للحقوق الخاصة والعامة وخبير يقدم نصائح وفتاوى وشروح للقانون (بحسب ما تقتضي طبيعة مهنته في ظل الأوضاع المعتادة والطبيعية، أي أوضاع سيادة حكم القانون)، يتحول الي مجرد وسيط بين المواطن وقضاء الدولة (الفاسد)، وإلي مسهل Facilitator يحاول ان يخفف الضرر بكل الوسائل القانونية وغيرها والأخلاقية وخلافها ولذا تجده باستمرار ينغمس في أعمال ومعاملات لا تمت الي مهنته بصله و يهمل المعرفة القانونية لأنه لا يحتاج إليها بحسب ما علمته التجربة الواقعية والممارسة علي الأرض.

حكم القانون نظرياً

  يعتبر مبدأ حكم القانون Rule Of Law من المبادئ حديثة التطور. و تعد اليوم من المعايير التي يقاس بها استقرار الأنظمة و مدي تطور الدول.. وهو تطور لمبدأ المساواة امام القانون و مبدأ فصل السلطات و استقلال القضاء و مبدأ سمو اعمال البرلمان.. الخ،

  و يمكن اختصار مؤدي ومضمون مبدأ حكم القانون في:

اولاً: الالتزام الصارم للحكومة بكافة مؤسساتها و اجهزتها بمنصوص القوانين،

  تلك القوانين يجب ان تكون بدورها مستقرة و منشورة ومتاحة -في متناول المواطن العادي.

ثانياً: ان تكون القوانين متسقة مع مبادئ احترام حقوق الانسان و مبادي القانون الدولي عامة

ثالثاً: ان تكون القوانين متضمنة كفالة استقلال القضاء و حق المحاكمة العادلة، 

رابعاً: ان يتساوي الجميع بنظر القانون وامام القضاء دون تمييز لا ضرورة له.

خامساً: ان تكون الكلمة الفصل دوما للقانون لا لمن يطبقونه بمعني جعل السلطة التقديرية للقضاة و الموظفين العموميين محصورة في اضيق نطاق ممكن )1.

حكم القانون في السودان

 تاريخيا نصت الدساتير السودانية المتعاقبة و علي اختلاف الأنظمة الحاكمة علي جملة المبادئ الدستورية المتعارف عليها دوليا ( فصل السلطات، استقلال القضاء، المساواة امام القانون ) اذ لم يكن مبدأ سيادة حكم القانون قد تبلور حينها بالشكل المتعارف عليه حاليا؛ كما تفاوت التزامها بهذا المبدأ من حقبة الي اخري، و من حالة الي حالة.

  اما اعتبارا من 1989م أي تاريخ قيام الوضع السياسي الحالي، فلم يختلف الأمر من حيث النص المكتوب، اذ كل الدساتير ابتداءا من المراسيم الدستورية الي دستور 1998م ثم الدستور الانتقالي 2005م والتعديلات التي ادخلت عليه لاحقا ( 2011 و 2016 ) نصت علي تلك المبادئ، لكنها ادخلت ايضا مبادئ ونصوص اخري تجعل منها مجرد حبر علي ورق، كالنصوص التي تجعل الشريعة الاسلامية بمدارسها الفقهية المتعددة والمتعارضة مصدرا رئيسا للتشريع، فهذا النص مثلا يعد قيدا علي سلطة البرلمان في التشريع و علي السيادة الشعبية ذاتها!

  هذا علاوة علي ان النصوص التي تمنح الرئيس صلاحيات مطلقة للتدخل في عمل كل السلطات يهدم مفهوم فصل السلطات واستقلال القضاء.. ان نصوص ما سمي ب ( الدستور الاسلامي ) كانت المعاول التي مهدت للتجربة القانونية والسياسية والادارية التي اسقطتها الثورة، و هي التي اتخذت مسوغ لاهدار حق المواطنة لغير المسلمين اولا ثم للجميع لاحقا. و عمليا بالنظر في حال الاجهزة المناط بها ادارة العملية الحقوقية و ارساء دعائم دولة حكم القانون ( المحاكم والنيابة العامة- المحاماة- الشرطة )، فحكم القانون في السودان لا وجود له اطلاقا و لا قيمة ولا اعتبار للمبدأ عند منسوبي تلك الاجهزة من اعلي سلمها الي اسفله!

  فالقضاء، ( قضي عليه تماما ) كما جاء علي لسان عراب النظام الدكتور الترابي في لقاء ( الكلمة الاخيرة ) شاهد علي العصر لتلفزيون الجزيرة، القضاء تم تسيسه تماما، افرغ هيكله ممن يعرفون قيمة العدل ومعني حكم القانون، و تم ملأه بالفاقد المهني و كثيرون ممن مروا عبر بوابات الولاء و القرابات و المحسوبيات، صحيح ان هناك قلة مؤهلة وصلت بكفاءتها لكنها سرعان ما تكتشف ان الكفاءة والمعرفة بلا فائدة هنا و ان الامور تدار بمعايير اخري بعيدة كل البعد، لذا فان البقاء في هذه الاجهزة بعد ذلك الاكتشاف يعد تواطؤ و خيانة للعدالة.

  السلطة القضائية منذ 1989م آخذه في التحول الي جهاز بروقراطي عادي ( جهاز وظيفة مكتبية) غارق في التفاصيل الهامشية و الشكلية و يتحاشي مس مضامين تحقيق العدالة.

  كما انه تواطأ في نهج ابتداع المحاكم الخاصة؛ من محاكم الضرائب والجمارك و الاتصالات ( شركة سوداتل ) وامن الدولة و المال العام والنشر الصحفي .. الخ ما يحول القاضي الي مجرد عامل ( و حارس/غفير ) لدي تلك المؤسسات!

  بينما النيابة العامة حالها اسوء، فالنائب العام في السودان جهاز مستحدث لم تتجاوز سنين عمله العقود الخمس، وخلال تلك السنوات و بسبب الحالة السياسية لم يتمكن الجهاز من ارساء قواعد عمل و لا بناء صورة تتواءم مع غرض تأسيسه، فالنيابة العامة لسنوات ظلت تراوح بين جهاز قانوني مستقل له سلطات شبه قضائية الي مجرد مستشار للسلطة القمعية مهمته توفير غطاء قانوني و الدفاع عن انتهاكات الحهاز التنفيذي! و كذلك تنتشر النيابات الخاصة لتقضي بدورها علي اخر بصيص امل لسيادة القانون واستقلالية مؤسسات العدالة.

  بينما تمثل المحاماة الخرق العظيم في جدار العدالة و حكم القانون في هذه الحقبة ( 1989-2019م ) وذلك لأسباب عديدة؛ منها ان المحاماة بطبيعتها مهنة خاصة وبالتالي يسهل اﻹنتقاص منها خصوصا من قبل أعوان الطغاة والاستبداد، وقد سعت الحكومة لإضعاف المحامين عبر السيطرة علي هيئتهم النقابية اولا، ثم اعتقال وتعذيب المناؤين لها، واغراء اخرين بالاموال والمناصب.. اضافة للمعوقات الاخري المتعلقة باجهزة العدالة التي يقوم المحامون بمباشرة اعمالهم أمامها؛ اذ ما عادت اجهزة تحتكم للقانون في نفسها بل اجهزة يمارس فيها عمل العلاقات العامة لا اكثر!

  علاوة علي انهيار القواعد القانونية المتمثل في الإنهيار التشريعي العظيم! فمئات القوانين تصدر كل عام بالتضارب مع سابقاتها بل وتضارب قواعد موادها فيما بين بعضها البعض اذا لا وجود لنظرية و جوهر واحد للنظام القانوني يخلق تماسكه ويمنحه هدفه و سمته ومعناه!

  ثم ضعف المعرفة والتعليم والتدريب القانوني والحقوقي ايضا و الذي يؤثر في عمل كل اضلاع العملية القانونية والعدلية، اذ ان عشرات الكليات و المعاهد اسست دون ان يتوفر لها ابسط مقومات وشروط تدريس علم القانون و تأهيل منسوبيه فالمحاضرين والاساتذة غير مؤهلين و المكتبات خاوية من ابسط المضامين و اقل العناوين و ادارتها غير مؤهلة لادارة مقهي ناهيك عن مؤسسة علمية تدرس الحقوق واصولها وفلسفتها! لتخرج عناصر يتم ايهامها بأنها مؤهلة للمحاماة والقضاء و ممارسة سائر اعمال العدالة! كل هذه الاسباب تضافرت لتضع حكم القانون في السودان في وضع محرج و مخجل و لا نحسد عليه.

مطلوبات و تحديات الانتقال لدولة حكم القانون:

بلا شك ان للتحول و الانتقال نحو دولة حكم القانون في السودان مطلوبات و تحديات فريدة من نوعها نسبةً لفرادة النموذج الذي طبقه الاسلامويين في السودان!

فالدولة و المؤسسات التي اقامها حكم البشير-الانقاذ غير مسبوق كلياً لا في السودان و لا في اي مكان أو زمان آخر في العالم! فكما سبق ذكره فان كل الدكتاتوريات السابقة و الجالية و التي تصلح نماذج لانتهاكات حكم القانون و حقوق الانسان تتقاصر عن نموذج الاسلامويين لكونه لا يعتمد قاعدة عامة تنطبق علي الجميع انما "يلبس لكل حالة لبوسها" و أسس لدولة تحكم حرفياً بامزجة و اهواء الحاكمين لا بايدولوجيا و لا قانون!

من هنا فاننا مجابهين بمطلوبات جديدة و غير مسبوقة كذلك، و لا شبيه لها إلا حالات بناء الدول و مؤسساتها من العدم، و فيما يلي بعض مطلوبات إعادة بناء منظومة حكم القانون من اللبنات الاولي و الاساسية:

1/ اول المطلوبات هو صياغة الرؤية؛ اذ ينبغي ان تتم صياغة رؤية قانونية و دستورية (العقد العام) تستوعب ظروف السودان المرحلية و حاجته للنهوض و التقدم بمختلف فئاته و مكوناته الاجتماعية، و يجب ان تكون الرؤية علمية و شاملة حتي يتوفر حولها اكبر اجماع ممكن.

ثم و علي ضوء تلك الرؤية،

2/ وضع خارطة و خطة تشريعية، تتم عبرها اكمال الاطار القانوني و مراجعة القوانين التي لا تتماشي مع حكم القانون بحيث تقف الدولة و المجتمع علي ارض ثابتة.

3/ وضع خطة لتأهيل مؤسسات العدالة الرئيسية (السلطة القضائية، النائب العام، المحاماة) و تأهيل اجهزة تنفيذ القانون (الشرطة) و رفع كفأة اجهزة احتكار العنف فيما يتعلق بحكم القانون و بالقانون الدولي الانساني.

4/ وضع خطة لتأهيل كامل جهاز الدولة الاداري (سلطات الاراضي، المالية، التخطيط العمراني و الاسكان..الخ) و كامل الجهاز الخدمي.

5/ وضع خطة لتأهيل مؤسسات الإعلام و الصحافة الحرة و المستقلة و لضبط مؤسسات إعلام الدولة.

6/ وضع خطة لتأهيل منظمات المجتمع (احزاب، و منظمات مدنية طوعية، و المنظمات الدينية، و المنظمات الثقافية...الخ)، اذ لا دولة قوية دون مجتمع قوي يحرس حقوقه و دولته، و أي دولة في ظل مجتمع ضعيف تعني السقوط في شرك الاستبداد ثانيةً.

7/ نشر ثقافة سيادة حكم القانون عبر مناهج التعليم العام و العالي و وسائل و قنوات الاعلام و التثقيف العام.

8/ ادماج مفهوم الحوكمة في شركات القطاع الخاص و منظمات المجتمع.

تحديات الانتقال:

لا شك ان تحديات و عراقيل كثيرة تعترض طريق اقامة و تثبيت دعامات دولة حكم القانون في السودان في ظل الحالة و الملابسات التي سبق شرحها تفصيلاً، و فيما يلي محاولة لرصد ابرز تلك التحديات و هي:

1/ مقاومة الجهات التي استفادت طيلة ثلاثة عقود مضت من حالة دولة اللاقانون، و بالأخص الجهات التي وظفت الدين للانقلاب علي دولة القانون و وظفت مفاهيم "كالحكم الاسلامي، و الدستور الاسلامي، و الشريعة الاسلامية، و التأصيل.. الخ"، و من المتوقع ان تستمر في نهج المزايدة بالدين لمحاولة عرقلة الانتقال من دولة اللاقانون لدولة حكم القانون.

2/ انتشار و تفشي سلوكيات فاسدة في بيئة العمل الرسمي و الشعبي، كالتجاوزات المالية و الاختلاسات و المحسوبيات و العمولات "و الرشاوي" و انتشار ثقافة التسامح معها حتي اضحت ضرب من السلوك المعتاد و المقبول!

3/ تفشي ثقافة انتهاك حقوق الانسان و سائر التجاوزات الجسيمة.

4/ تفشي ثقافة التعتيم و اخفاء المعلومات و التكتم الشديد و غياب الشفافية الكامل، و ثقافة اللامبالاة في ادارة الشأن العام، و غياب الرصد و التوثيق و عدم الاحتفاظ بالوثائق و المستندات و الاحصاءات "السلوك الشفهي في دواوين الدولة و اجهزتها الرسمية".

5/ تفشي حالة مزاج عام يميل الي السلوك العشوائي في العمل و في السكن و في الاسواق و في الطرقات.. الخ، هذه العشوائية و حالة الفوضي ناتجة بالأساس حالة اللاقانون آنفة الذكر.

6/ حالة الميل للعنف لاقتضاء الحقوق من قبل الافراد ضد الدولة، و التي ادت الي بروز هذا العدد الكبير من الحركات المسلحة، ثم اتخذت مظهر جديد مع تمرد فصائل هيئة عمليات جهاز الامن!

برغم كل هذه التحديات و غيرها فان إرادة التغيير القوية و الجارفة لا تزال بعنفوانها و يمكن توظيفها في خدمة التغيير الجذري و الانتقال الي دولة القانون.

التوصيات:

اولاً: العمل علي اعداد رؤية واضحة و شاملة لعملية الانتقال لدولة القانون بما يستوعب دور و مركز كل المؤسسات الرسمية و الاهلية.

ثانياً: استغلال كل سانحة ممكنة للترويج و نشر ثقافة حكم القانون و حقوق الانسان و القيم الديمقراطية.

ثالثاً: عدم التساهل مع أي دعاوي أو اصوات تنادي أو تروج للانتكاس عن الانتقال لحكم القانون و العودة لدولة اللاقانون.

مراجع:

1/ حكم القانون، لورد بنغهام اوف كورنهيل، ترجمة بروفيسور محمد ابراهيم خليل، اصدارات مركز عبدالكريم ميرغني. السودان

2/ دستور السودان الانتقالي لسنة 2005م تعديل 2011م

3/ دستور السودان "الدائم" لسنة 1998م

4/ المراسيم الدستورية الانتقالية 1989-1994م

5/ دستور السودان المؤقت لسنة 1985م

6/ دستور السودان "الدائم" لسنة 1973م








تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بروفايل "البروف-الشيخ"

   دائما ما كنت اتساءل عن التخصص الذي يحمله السيد ابراهيم احمد عمر وزير التعليم العالي في اول حكومة انقاذية 1989م وعراب ما سمي تجاوزا "ثورة التعليم العالي" والتي بموجبها تم ت...

أوامر المهزوم!

  اوامر الطوارئ الاربع التي اصدرها البشير اليوم 25فبراير و التي تأتي استنادا علي اعلان الجمعة الماضية ( اعلان الطوارئ وحل الحكومة و تكليف ضباط بشغل مناصب حكام الولايات ) لها دلالة اساسية هي ان الحكومة تحاذر السقوط و باتت اخيرا تستشعر تهاوي سلطتها! جاء اعلان الطوارئ و حل الحكومة كتداعي لحركة التظاهرات والاضرابات التي عمت مدن البلاد علي امل ان يؤدي الي هدوء الشارع .. اما و قد مرت اكثر من 72 ساعة علي الاعلان دون اثر فتأتي الاوامر الاربعة (منع التظاهر، و تقييد تجارة السلع الاستراتيجية، و حظر تجارة النقد الاجنبي، و تقييد وسائل النقل والاتصالات) كمحاولة ثانية يائسة لايهام الجموع الشعبية بأن السلطة قابضة بقوة و ان لديها خيارات امنية و قانونية و ادارية متعددة! لا اجد لهذا الاعلان نظير في تاريخ السودان، اذ لا يشبه قرارات الانظمة الوطنية ( ديمقراطية كانت او انقلابية ) .. فالطوارئ قرار يلجأ اليه الحاكم في حالة الحروب او الكوارث الطبيعية او الازمات الوطنية و ليس اداة لمجابهة ازمات سياسية، فازمات السياسة لها طرق حل معروفة منها التنحي او الانتخابات المبكرة او تكوين ائتلافات جديدة وليس من بين...

البشير لم يسقط وحده

  بعد ثورة و تظاهرات استمرت لأربعة اشهر و عمت كل مدن و قري السودان اجبر الرئيس البشير علي التنحي و سقط بحسب مفردات الثورة السودانية و ثوارها..   اليوم حلفاء البشير من الانته...