التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المشاركات

عرض المشاركات من يوليو, ٢٠٢٣

راهن و مستقبل حركة الاخوان المسلمين

  تنظيم جماعة الاخوان يعيش لحظات دقيقة من تاريخه الطويل والملئ بالعنت و الدم والدموع والعرق له ولمن اصطدموا به، مع لحظات استثنائية قليلة من ذلك التاريخ شهدت سلاما وتناغما او (هدنة) بينه وبين المجتمعات التي نشط فيها او الحكومات التي عارضها او هادنها! قبل ان نخوض في ملامح هذا الظرف الدقيق من عمر الجماعة لمعرفة ابعاده واسبابه و مألاته لابد من العودة للوراء والمرور سريعا علي محطات في تاريخ الجماعة مثلت علامات فارقة فيه او قادت الي هذه اللحظة. تأسست الجماعة في مصر سنة 1928م علي يد (الامام) حسن البنا و هو مدرس من نواحي الاسماعيلية بشمال مصر، واراد لها في ذلك الوقت ان تكون جماعة دعوية وحركية اسلامية ‘منظمة مدنية’ لذا لم يكن لها دور يذكر في حراك المصريين ضد الاستعمار او ضد الملكية ‘الخديوية’ و لم يكن لها اثر في الحركة الوطنية المصرية.. علي العكس كانت هناك شبهات حول مؤسسها تتهمه بالارتباط بالمخابرات البريطانية ‘الاستعمارية’ في مصر. اول حدث صعد بها الي السطح كان بعد عقدين علي تأسيسها وهو حرب 1948م عند تسليم البريطانيين لارض فلسطين للمستوطنين اليهود، حينها تحدثت الجماعة عن الجهاد و حثت عضويتها لل

المحاور المتوهمة

    اضحي في حكم الامر الواقع اليوم انقسام حكومات العالمين العربي و الاسلامي و ابرز القوي و الاحزاب السياسية فيهما الي محورين؛ الاول يتشكل بصورة أساسية من عواصم الرياض - أبوظبي - القاهرة، و الثاني من عواصم الدوحة - طهران - انقرا .. اضحي الموقف من اي حدث اقليمي أو دولي أو محلي يعتمد علي قرب و انحياز متخذه من هذه العواصم أو تلك! عواصم كانت ملء السمع تدفع اليوم ثمن صراع المحاور هذا (دمشق، و صنعاء، و طرابلس) و عواصم لها وزن تقف اليوم مرتبكة إزاء هذا الانقسام (بغداد، الرباط، الجزائر العاصمة، جاكرتا، و اسلام اباد..) لم يكلف احد نفسه مشقة السؤال عن أصل هذا الصراع و الانقسام، كما ليس لكلا الجانبان مصلحة في ان يثور هذا التساؤل اذا يتباريان في اثارة الجلبة و الغبار.. يزعم البعض ان الانتماء لجماعة الاخوان (انقرا و طهران) أو القرب منها (الدوحة) و العداء لها (محور الرياض-ابوظبي - القاهرة) هو ما اساس الاختلاف.. لكن اسئلة عديدة تنهض في وجه هذا الطرح.. فمنذا متي اضحي "اخوان حسن البنا" جوهر في العالم الاسلامي (سياسياً أو دينياً) يمثل الانتماء أو العداء له اساساً صالحاً للالتفاف حوله و الانقسام

خطوط النقل و المواصلات و التهميش !!

  لايزال الناس في بلادي عُرضة لأن تجرفهم سيول الوديان و الخيران... الأن في العام ٢٠٢٢م !!! معظم الطرق في الارياف و المدن غير مُعبدة لذا لا تزال تنقطع خلال موسم الأمطار.. حتي الطرق المُعبدة "بالردميات" و المسفلتة لم يتم تشييدها بمواصفات معقولة بمجاري و جسور لتمرير مياه السيول لذا تجرف السيول تلك الطرق بمن و ما عليها من مارة و مركبات .. فتنعزل مناطق عن العالم لشهور !! انقطاع الطرق يتسبب في حرمان الناس من خدمات الصحة و العلاج و خدمات التعليم و من الوصول للاسواق لتوفير حاجياتهم اليومية من الغذاء و من تسويق منتجاتهم في الوقت المناسب قبل ان تتلف و حرمانهم من الوصول الي خدمات الدولة الادارية "استخراج اوراق" و اتمام معاملات ادارية او قانونية.. ان وظيفة الدولة الأهم هي تمهيد الطرق للناس و توفير امكانية الوصول الي اي مكان باسرع و ايسر التكاليف. عدم تمهيد الطرق هو السبب الأول في الازمات التي ظلت البلاد تعاني منها.. شح الموارد و "ماهو اهم" شح النفوس لبناء شبكة طرق متكاملة هو ما تسبب في بروز ظاهرة التمركز و التهميش التي تجادل بشأنها النخب.. لقرن ظلت البلاد مربوطة

من يتبني شيطنة "البازنقر" غير العقل الغردوني!؟

  لم اطلع علي كتاب البازنقر (اجرام المؤسسة العسكرية السودانية) للكاتب عشاري خليل، و لا أنوي ذلك، و بغض النظر عن اقحامه لاسم و صورة الفريق شمس الدين كصورة لغلافه؛ فما فهمته هو انه يتبني وجهة النظر الاستعمارية التي روجت لها صحافة لندن عندما لم يكن للخرطوم و لا القاهرة صحافة ..   فمثل هذه الكتابات تعكس ازمتنا الراهنة التي تتمثل في سوء فهمنا للواقع المعاصر و سوء تعاطينا معه النابع من سوء فهمنا للبعد التاريخي.. تاريخياً: من حارب البازنقر و عمل علي تفكيكها هو الجنرال البريطاني الذي قدم خدماته للحكومة المصرية الخديوية (الجنرال شارلس غردون).. غردون و الصحافة البريطانية اعتبروا البازنقر و قائدها "الزبير ود رحمة" هو المسؤول عن تجارة الرقيق في العالم و وصفته الصحافة بأنه اكبر تاجر رقيق في افريقيا! بريطانيا و الغرب الاستعماري كله اراد ان يتخلص من وصمة الرق التي تطاردهم بتعليقها في عنق الزبير وحده! الغرب الاستعماري الذي بني نهضته (قبل اكتشاف الآلة) علي كاهل العبيد و ان ملايين و ملايين العبيد تم تصديرهم من جزيرة غوري (جزيرة العبيد) في السنغال حيث بوابة اللاعودة و من ليبيريا و من جنوب افريق

مظلمة الهامش و قضية التنمية في السودان

     خطاب "جدلية المركز و الهامش" و التحليل الثقافي هو احد اكثر الخطابات تأثيرا في تاريخ السودان، لكن مع ذلك لم يجد حظه من الدراسة و النقد و الأخذ و الرد. من مظاهر تأثيره ان كل الحركات السياسية المسلحة و المنظمات الجهوية التي نشطت خلال الثلاثين عام الماضية رفعته كشعار رئيسي،  من حركات دارفور الي النيل الازرق، بل الحركة الشعبية الأم وظفت هذا الخطاب في مشروعها نحو الانفصال . معروف كذلك ان تنظيمات المستقلين الطلابية بالجامعات روجت و تبنت هذا الخطاب خلال عقود الانقاذ و المستقلين هم الذراع الطلابي لما بات يعرف بحزب المؤتمر السوداني.. المؤتمر السوداني لم يعلن رسميا تبنيه لهذا الخطاب و معه خطاب "التحليل الثقافي"!، و مؤخرا تنصل منه بصورة تامة و كأنه لم يوظفه في يوم من الايام.. و مع ذلك فان الخطاب يبقي كامن في عقل كل منتسبيه لأنه الخطاب الذي شبوا عليه! الهوامش و علاقتها بالمراكز هي من مصطلحات علم الدراسات الاجتماعية، و التنمية و دراسات التخلف .. الدراسات التي تطورت في اروقة مجالس و لجان الأمم المتحدة.. و هي دراسات موضوعة لاغراض معينة هي البحث عن فرص تنمية متوازنة و "مست

التمكين والفساد الذي يتبعه كإبن غير شرعي

    انصار النظام البائد اشتغلوا علي الهنات التي صاحبت تفكيك التمكين و جاء بها القانون (قانون تفكيك التمكين لنظام يونيو ١٩٨٩م) و ضخموها لتعطيل الانتقال الديمقراطي و افشال التغيير و وأد الثورة و لتدعيم المكون الانقلابي و توفير مسوغات و مبررات الانقلاب و دعمه بعد حدوثه.. كل ذلك العمل كان بتنسيق عالي بين عناصر النظام البائد و قادة المكون الانقلابي العسكري و الأمني و بتواطؤ من بعض عناصر المكون المدني .. بحيث يتم التركيز علي الشق التنفيذي (عمل لجنة ازالة التمكين) فيما يغض الطرف عن الشق التشريعي (سن القانون و تعديلاته). يظن انصار النظام البائد ان تلك الهنات التي ملأوا الدنيا صياح بسببها ستنسي الشعب جريمة التمكين (و الفساد الذي تبعه كإبن غير شرعي)؟! و التمكين جريمة لم يشهد العالم مثيل لها و لا أجبن منها .. فهي لا تقل خبثاً عن المحارق النازية و غير النازية و الابادات الجماعية و التطهير العرقي..  التمكين هدف الي الغاء كل من هو معادٍ لسياسات التنظيم الاسلامي الحاكم، بل و الغاء كل من هو غير منتمٍ له، و تعريض كل هؤلاء للافقار و التشريد تعريضهم لضغوط نفسية رهيبة .. جريمة التمكين لا تكمن في فصل و تشر

الادارة الأهلية ما بعد الادارة الاستعمارية - الأجنبية!

   كثير من الرؤوس الكبيرة تعتقد ان (ادارة اهلية و حكم اهلي هي مقابل ادارة رسمية و حكم رسمي) و الزعيم الأهلي هو نظير الزعيم "الرسمي".. الحكم المحلي الادارة الاهلية بالنسبة للمستعمر تعني: "ادارة المواطنين بواسطة بعض المواطنين خدمة للمستعمر الأجنبي"، أي انها نظام ادارة موازي للادارة الاستعمارية و داعم لها. و بالنسبة للمستعمر فان فوائد هذا النظام: - تقليل احتكاك الموظفين الاجانب و جنود الاستعمار بالمواطنين "الأهالي" و تحمل الادارة الاهلية تكلفة أي اخطاء تحدث نتيجة تعاملهم مع السكان. - تقليل تكلفة استخدام نظام ادارة اجنبية كبيرة بتجنب استجلاب مزيد من الموظفين الانجليز و المصريين و توابعهم من الشوام.. الخ و وصف الاداريين الانجليز هذا النظام بانه نظام حكم غير مباشر، يعتمد علي حكم الأهالي بواسطة قياداتهم المحلية من شيوخ و نظار القبائل و العمد.. الخ و لم يكن شيوخ الادارة الاهلية يحصلون علي أي رواتب من الدولة انما علي سلطات لتحصيل ضرائب و حفظ النظام و تطبيق القانون "محاكم شيوخ القبائل" و فرض غرامات و تتم مكافأتهم بنصيب مما يحصلونه من ضرائب علي الزراعة او ا

قانون الترابي

 القانون الجنائي السوداني لسنة1991م "ما عليه و ما ليس له" سنت الانقاذ خلال سنواتها الثلاثين العجاف عدد كبير من القوانين التي تعد بالمقاييس القانونية و التشريعية بعض من اسوء القوانين التي عرفتها البشرية لكن اسوء تلك القوانين طراً هو القانون الجنائي لسنة 1991م الغريب انه برغم التعديلات العديدة و المتنوعة التي ادخلت عليه و التي تجاوز العشرين تعديلاً إلا انه بقي علي سوءه أو زاد عليه! قانون العقوبات أو القانون الجنائي هو احد أهم القوانين في اي دولة و لأي مجتمع و مؤسسيا قد يأتي في اهميته بعد الدستور مباشرة، بينما من حيث التطبيق و مساسه بحياة الناس فهو القانون الاول بلا جدال. سوء قانون 1991م نتج عن انه سنته السلطة الانقلابية في شهورها الاولي و حرصت علي ان يمنح السلطة امكانية واسعة لتدين و تجرم و تعاقب من تشاء من خصومها، كما انه و في يقيني سن علي يد شخص وحيد "و ربما في بضع ساعات" ذلكم الرجل هو عراب الانقاذ و امام أخوان السودان "الشيخ الترابي"! و القوانين يجب حتي تكون كاملة وعادلة يجب ان يسهم في صياغة بنودها اكبر عدد من المشرعين "مفكرين و فلاسفة و سياسيين و قا

متلازمة المع و الضد

 لست مع امر ما؟! اذاً فانت ضده !! لست ضد امر ما ؟ اذاً فانت معه ! نمط التفكير البدائي هذا يسيطر علي السودان منذ وقت طويل، تفكير لا يستطيع ان يعقل ما يزيد عن قطبين اما مع او ضد؛ تفكير ثنائي، كل شئ عندنا ثنائي و لا مجال لقطب ثالث او رابع .. او عاشر!! من هنا جاءت ثنائية انصار/ختمية، و بدرجة و مستوي اقل ثنائية أمة /اتحادي ثم في مستوي مختلف ثنائية شيوعي/اسلام-سياسي، و ثنائية هلال/مريخ في الرياضة ، و محمد وردي/ محمد الامين في الطرب. في العقل السوداني ليس ثمة ما يمنع ان تكون شيوعي و اتحادي و ختمي في نفس الوقت فهي مراتب متوازية كما لا ما يمنع ان تكون اسلام-سياسي/اخواني، و حزب امة و انصاري في نفس الوقت !! لكن يستحيل ان تكون ختمي و انصاري طبعاً، او اسلاموي و شيوعي.. هنا تكمن المانوية عقيدة الاضداد الثنائية .. استغل النظام البائد عقليتنا الثنائية الاستقطاب هذه اسوء استغلال و ابشعه.. فايام احالة البشير للمحكمة الجنائية حصرتنا الحكومة بين خيارين (مع الاحالة او ضدها)، فان قلت مع الاحالة فانت خائن و مفرط في السيادة و ان كنت ضدها فانت مع ابادة البشر و مع جرائم البشير!! مع ان تلك القضية تحتمل ألف خيار،

اكتوبر٢١: محاولات اذلال الشعب السوداني بحرمانه من العيش الكريم و تركيعه اقتصادياً باءت بالفشل..

    هل السيد حمدوك "#المؤسس" عارف انه المشكلة لا تكمن في "التركة المثقلة" وحدها انما في ان عناصر المؤتمر الوطني و الحركة الاسلامية الذين دمروا المؤسسات و الدولة و المجتمع و هم في موقع المسؤولية يقومون الأن بمضاعفة ذلك المجهود و هم خارج موقع المسؤولية تساعدهم دول اقليمية عبر ازرع مخابراتية و منظومات تضمر خلاف ما تعلن و تفعل خلاف ما تقول؟! هل يعلم أم لا يعلم؟ سبق و كتبنا عن اهمية تحصين الانتقال الديمقراطي في السودان، لأننا نعلم ان قوي اقليمية وازنة تكرس جهد و ترصد ميزانيات ضخمة لاجهاض أي نموذج ديمقراطي..  هي تتحدث علناً عن دعمها لارداة الشعوب لكن سراً و عبر قنوات خفية تقوم بعمل كبير لتزييف تلك الارادة و لاجهاض اي تجربة حكم راشد .. نجحت تلك القوي بسهولة في اجهاض الانتقال في مصر، كما سعت لاجهاضه في اليمن و سوريا و ليبيا و كان المقابل حروب اهلية و ضحايا بالالف و ازمات انسانية فادحة.. و هي تحاول في تونس و تقترب من انجاز المهمة، و تسعي في لبنان. و قبل ذلك عملت علي اجهاض النموذج الديمقراطي لحليفها الاميركي في افغانستان و العراق! و نجحت في ذلك فكان الخروج المذل من افغانستان

السودان .. شركاءهُ و اعداءهُ!

  انعقد مؤتمر شركاء السودان الذي بدا ان الحكومة الانتقالية ذات الطابع المدني كانت محقة في تعوليها عليه، و لا يمكن بحال التقليل من قيمة هذا المؤتمر فمع الدعم المالي المعقول و المقدر فانه يمثل دعم سياسي دولي مقدر كذلك كأول ملتقي دولي ينعقد علي شرف عودة السودان الي الأسرة الدولية بعد ثلاثة عقود حكمته فئة مارقة علي القيم الوطنية السودانية و القيم الدولية معاً.. هذا الترحيب الدافئ الودود يمثل دعم كبير لشعب السودان و لحكومته الانتقالية.  هذا الدعم السياسي يستلزم ان يتم استثماره لتأمين وصون عملية الانتقال الديمقراطي من القوي المعادية للديمقراطية داخلياً و خارجياً، و المعادية لتأسيس دولة حكم القانون، نعرف جيداً ان بعض الدول التي اعلنت تبرعها و دعمها بمبلغ (ما) هي علي استعداد لأن تدفع (سراً) و ربما دفعت بالفعل مئات أضعاف المبلغ المعلن لتعويق و إسقاط حكومة الانتقال المدني و عرقلة عملية التحول الديمقراطي .. السودان يحتاج الي نشر و تمتين شبكة علاقات دولية تحميه من تجاذبات القوي المعادية للديمقراطية في المنطقة .. و تحميه من الدول التي تستكثر علي السودان ان تقوم فيه دولة علي مبدأ حكم القانون و ترعي