التخطي إلى المحتوى الرئيسي

اكتوبر٢١: محاولات اذلال الشعب السوداني بحرمانه من العيش الكريم و تركيعه اقتصادياً باءت بالفشل..

   هل السيد حمدوك "#المؤسس" عارف انه المشكلة لا تكمن في "التركة المثقلة" وحدها انما في ان عناصر المؤتمر الوطني و الحركة الاسلامية الذين دمروا المؤسسات و الدولة و المجتمع و هم في موقع المسؤولية يقومون الأن بمضاعفة ذلك المجهود و هم خارج موقع المسؤولية تساعدهم دول اقليمية عبر ازرع مخابراتية و منظومات تضمر خلاف ما تعلن و تفعل خلاف ما تقول؟!

هل يعلم أم لا يعلم؟

سبق و كتبنا عن اهمية تحصين الانتقال الديمقراطي في السودان، لأننا نعلم ان قوي اقليمية وازنة تكرس جهد و ترصد ميزانيات ضخمة لاجهاض أي نموذج ديمقراطي.. 

هي تتحدث علناً عن دعمها لارداة الشعوب لكن سراً و عبر قنوات خفية تقوم بعمل كبير لتزييف تلك الارادة و لاجهاض اي تجربة حكم راشد ..

نجحت تلك القوي بسهولة في اجهاض الانتقال في مصر، كما سعت لاجهاضه في اليمن و سوريا و ليبيا و كان المقابل حروب اهلية و ضحايا بالالف و ازمات انسانية فادحة.. و هي تحاول في تونس و تقترب من انجاز المهمة، و تسعي في لبنان.

و قبل ذلك عملت علي اجهاض النموذج الديمقراطي لحليفها الاميركي في افغانستان و العراق! و نجحت في ذلك فكان الخروج المذل من افغانستان و تعقد المهمة في العراق!

تخيلوا؛ قوي حليفة لأميركا و تستفيد من مظلتها و مع ذلك تعمل بلا كلل و تنجح في افشال مشاريع "الحليف" كل ذلك لأنها تعتبر ان احداث تطور في الانظمة السياسية في المنطقة هو بالنسبة اليها مسألة وجود، فهي تظن واهمة ان اقامة حكومات ديمقراطية في بعض المجتمعات في الاقليم يهدد عروشها!

ان تلك القوي القادرة علي افشال سياسات اميركا لقوي ينبقي الحذر منها و التحسب لخطرها..

تلك القوي الاقليمية تعمل مع جيوب في مؤسسات الدول المستهدفة (و بينها السودان) و تنظيمات سلطوية فيها و توفر لها دعم مالي سخي و دعم اعلامي و تقني بلا حدود..

تلك القوي الاقليمية متفقة في استراتيجيتها تلك و ان كانت تتظاهر انها تقف مواقف متباينة و متصارعة في الظاهر، اكبر دليل علي ذلك ان خلافها و ازمتها الأخيرة انتهت دون ان يعرف احد بنود الاتفاق و الصلح و لا اسباب الخلاف في الأصل!

من الواضح لنا ان الازمات التي اخذت بتلابيب الوطن منذ مستهل العام ٢٠٢٠م و المتمثلة في ازمات الوقود و الكهرباء و الخبز و الدواء .. اضافة الي المضاربة في العملات لاضعاف مركز الجنيه، و تهريب الذهب، بالتوازي مع خلق سيولة امنية "و تراخي أمني و عدلي".. و تلك الازمات وصلت قمتها مع اغلاق الموانئ و الطريق القومي نحو البحر الاحمر، كل ذلك بهدف ان يخضع المواطن و ينكسر تحت وطأة الضوائق الاقتصادية و يستسلم للشعارات التي يتم تمريرها ب"أن الحل يكمن في حكومة عسكرية قوية"، و يتنازل عن مطالبه في الحرية و السلام و العدالة، و يتخلي عن ثورته التي ارست قيم العمل السياسي السلمي و الاتحاد الوطني الذي يسمو علي الانتماءات العنصرية و الجهوية، و يتخلي عن التوجه الجديد القائم علي التعويل علي الذات و علي ارادة الشعب و عدم انتظار الحلول السياسية التي تأتي من الخارج.. كل تلك الازمات و التكتيكات فشلت حتي الأن، فالشعب السوداني تعود علي الضوائق منذ اوائل عهد الانقاذ عندما ناصبت كل العالم العداء "و خصوصاً مصر و الخليج" و رفعت شعارات الاعتماد علي الذات و الموارد المحلية، و حينها تعرضت البلاد لحصار اقتصادي و سياسي و دبلوماسي بل و اضحي الموطن السوداني منبوذ و غير مرغوب فيه اينما اتجه! ان تلك العزلة و ذلك الحصار منح السودانيين حصانة ضد سلاح التضييق الاقتصادي..

كذلك فان التلويح بسيناريوهات ليبيا و اليمن و سوريا لن تجدي مع السودان الذي عاش تجربة حرب أهلية منذ قبل ميلاد الدولة الوطنية المستقلة (توريت ١٩٥٥م) في جنوب السودان و حرب أهلية طاحنة في دارفور بلغت مستويات الازمة الانسانية الدولية و مرحلة ارتكاب جرائم ضد الانسانية و الابادة البشرية.. و انتهي كل ذلك بانفصال جنوب السودان فيما لم تهدأ دارفور بصورة نهائية الا بعد انهكت كل القوي المتصارعة، كل ذلك دون يجد السودان الاهتمام و الدعم الذي يستحقه من تلك القوي التي تقحم نفسها الان لتحدد له مصيره السياسي و مستقبل شعبه.

الحصانة التي تمتع بها السودانيين و دولتهم ضد المخططات الخارجية لا تعني بحال ان تقف الحكومة مكتوفة الايدي امام الاصابع و المخالب الخبيثة الاجنبية و معاونوها من عملاء الداخل، بل يجب تفعيل كل الاجهزة لترصد تلك التدخلات و تبتر تلك الايدي التي تحاول العبث بمقدرات السودان، و العمل علي اعادة موضعة اجهزة المخابرات علي اختلاف تخصصاتها (المخابرات العامة، المباحث العامة، الاستخبارت ..الخ) لتدافع عن نظام سياسي يعبر عن الشعب (نظام ديمقراطي مدني) بعد ان كانت تدافع عن انظمة حكم التنظيم الواحد و الرئيس الفرد. 

٢٢ اكتوبر ٢٠٢١م

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تفكيك خطاب الحرب و (فلسفة البلابسة)

   الخطاب و الموقف السياسي المساند للحرب و الحسم العسكري و رفض التفاوض و رفض أي حديث عن تسوية سياسية سلمية يعتمد علي استقطاب و تحشيد العوام ممن لا خبرة و لا معرفة لهم بطبيعة الحرب ولا السياسة!    تحشيد العوام هذا خلق تيار جارف اخذ في طريقه حتي بعض "الانتلجنسيا" ممن لا قدرة لهم علي مواجهة العوام او ممن يظنون ان كل هذا الحشد لا يمكن الا ان يكون علي حق، فيحتفظ برأيه لنفسه او حتي يتخلي عنه و ينخرط مع التيار ..!!   في المقام الاول ان لخطاب العنف و التحريض و "الانتقام" جاذبيته؛ و ان للقوة و استعراضها سطوة، مثلما ان لصورة الضحية فعلها؛ اما اذا دمج خطاب الضحايا مع خطاب القدرة علي الانتقام فاننا نحصل علي سيناريو تقليدي للافلام "البوليودية" و كثيرون هنا تفتق وعيهم و انفتح ادراكهم علي افلام الهند! فما يحدث و ما يدعو اليه خطاب الحرب بالنسبة لهؤلاء مفهوم و مستوعب و في مدي تصورهم لذا يرونه ليس واقعياً فحسب بل و بطولي و مغري يستحق ان ينخرطوا فيه بكلياتهم. سؤال الطلقة الأولي: قبل ان يعرف الناس الحقيقة بشأن ما قاد الي هذه الحرب التي انتشرت في مدن السودان و ولاياته ان...

لماذا يفضل الملكيون العرب التعامل مع جمهوريي اميركا؟؟

  لا يخفي الملوك و الامراء العرب "و اعوانهم" ميلهم و تفضيلهم التعامل مع ادارات جمهورية في اميركا و لا يخفون تبرمهم من تنصيب رئيس من الحزب الديمقراطي.. و يبررون ذلك الميل و التفضيل بمبررات مختلفة مثل تعامل الجمهوريين الحاسم مع ايران !! في الواقع فإن اكثر رؤساء اميركان الذين شكلوا اكبر تهديد للعرب و المسلمين هم من الجمهوريين (بوش الأب و الإبن و ترامب - غزو العراق و افغانستان و دعم اسرائيل)! لكن الجمهوريين كما عرب النفط يفهمون لغة المال جيداً و الادارة الجمهورية تضم علي الدوام اشخاص من قطاع الطاقة و النفط او صناعة السلاح او الادوية او حتي صناعة الترفيه "هوليود" يفضلون لغة النقود و المصالح. اذاً اكبر تهديد واجهه العرب و المسلمون من ادارات اميركية كان في فترات حكم جمهوري.. و بعد الحادي عشر من سبتمبر ٢٠٠١م اعلن بوش الابن سياسة صارمة في مواجهة انظمة اسلامية و عربية (افغانستان و العراق و السودان) كما مارس ضغوط غير مسبوقة علي السعودية اسفر عنها اجراءات حازمة ضد الجماعات المتشددة من الأخيرة، و تغيير في مناهج التعليم المدرسي و الجامعي فيها! الجمهوري ترامب اقدم علي خطوات غير مس...

شرح قانون الوجوه الغريبة !!

  المقصود بقانون الوجوه الغريبة هو اوامر الطوارئ التي صدرت في بعض الولايات بعد اندلاع حرب ١٥ ابريل/الكرامة و خصوصاً بولايتي الجزيرة و نهر النيل.. و هي اما اوامر صدرت من الوالي شفاهة و علي رؤوس الاشهاد او مكتوبة و مفادها ملاحقة ما يعرف ب "المندسين" و الطابور الخامس و من يشتبه في انتماءهم او تخابرهم مع مليشيا الدعم السريع، حيث راج ان المليشيا تدفع بعناصر من استخباراتها و قناصيها الي المناطق التي تنوي احتلالها لتقوم تلك العناصر بالعمل من الداخل بما يسهل مهمة الاحتلال .. و تستهدف الملاحقات الباعة الجائلين و اصحاب المهن الهامشية، و أي شخص تشك فيه السلطات او المواطنين؛ و في اجواء من الارتياب بالغرباء غذتها دعاية الحرب تم الطلب من المواطنين التعاون بالتبليغ و حتي بالقبض و المطاردة علي من يرتابون فيه. قانون او تعاليمات (الوجوه الغريبة) اسفرت عن ممارسات متحيزة "ضد غرباء" تحديداً ينحدرون من اقاليم كردفان و دارفور في ولايات عدة (الجزيرة، و نهر النيل، و كسلا، و الشمالية)؛ فالوجوه الغريبة هي اوامر تأخذ الناس بالسحنة و الملامح؛ و هي ممارسات بالتالي اسوأ مما كانت تمارسه "مح...