التخطي إلى المحتوى الرئيسي

لماذا يفضل الملكيون العرب التعامل مع جمهوريي اميركا؟؟

  لا يخفي الملوك و الامراء العرب "و اعوانهم" ميلهم و تفضيلهم التعامل مع ادارات جمهورية في اميركا و لا يخفون تبرمهم من تنصيب رئيس من الحزب الديمقراطي.. و يبررون ذلك الميل و التفضيل بمبررات مختلفة مثل تعامل الجمهوريين الحاسم مع ايران !!

في الواقع فإن اكثر رؤساء اميركان الذين شكلوا اكبر تهديد للعرب و المسلمين هم من الجمهوريين (بوش الأب و الإبن و ترامب - غزو العراق و افغانستان و دعم اسرائيل)!

لكن الجمهوريين كما عرب النفط يفهمون لغة المال جيداً و الادارة الجمهورية تضم علي الدوام اشخاص من قطاع الطاقة و النفط او صناعة السلاح او الادوية او حتي صناعة الترفيه "هوليود" يفضلون لغة النقود و المصالح.

اذاً اكبر تهديد واجهه العرب و المسلمون من ادارات اميركية كان في فترات حكم جمهوري..

و بعد الحادي عشر من سبتمبر ٢٠٠١م اعلن بوش الابن سياسة صارمة في مواجهة انظمة اسلامية و عربية (افغانستان و العراق و السودان) كما مارس ضغوط غير مسبوقة علي السعودية اسفر عنها اجراءات حازمة ضد الجماعات المتشددة من الأخيرة، و تغيير في مناهج التعليم المدرسي و الجامعي فيها!

الجمهوري ترامب اقدم علي خطوات غير مسبوقة لجهة دعم اسرائيل (نقل السفارة الاميركية للقدس و الاعتراف بسيادتها علي الجولان المحتل و علي المستوطنات بالضفة..) و عدم ممارسة أي ضغط عليها لوقف بناء المزيد من المستوطنات، كل ذلك شكل ضغط غير مسبوق علي الفلسطينيين و العرب لكن انظمة الأمر الواقع اتجهت للتعايش مع الوضع بل و التقدم خطوات باتجاه تطبيع بلا مقابل مع اسرائيل تحت لافتة صفقة القرن و هي صفقة المستفيد منها طرف واحد !

بدءنا في المنطقة نسمع نغمة "اسرائيل لا تشكل تهديد للدول العربية و ان التهديد الحقيقي ضدهم تمثله ايران"!

 في عهد ترامب فإنه صرح مراراً ان بلاده تحمي نظام السعودية و انظمة الخليج الأخري و انها لا تدفع مقابل ذلك (رغم انها كانت من اكبر مشتري السلاح و الخدمات اللوجستية العسكرية الاميركية -خدمات ما بعد البيع و التي تشمل التدريب و الصيانة ..الخ)، علاوةً علي موقفه المتشدد من عدة دول اسلامية (حظر علي رعاياها دخول الولايات المتحدة) دون مبرر واضح الا ارضاء اليمين المسيحي المتطرف!

 و مع ذلك استجابت السعودية لابتزاز ترامب و ابرمت احدي اكبر الصفقات في تاريخ التسليح و التي قاربت قيمتها نصف ترليون دولار و كانت هذه هي صفقة القرن الحقيقية !!

ربما كان تفضيل السعوديون للتعامل مع الادارات الجمهورية مرده ان العلاقات مع اميركا تأسست في عهد رئيس جمهوري (روزفلت) و اعيد ترميمها في عهد (ايزنهاور).

 

علي الرغم من مواقف معظم الادارات الجمهورية المتشددة من المنطقة الخليجية و العربية و العالم الاسلامي عموماً، فإن حكومات تلك المنطقة لا تتخذ مواقف حادة من البيت الابيض الا في عهد الحكومات الديمقراطية، و يبرز هذا بوضوح في موقفها من ادارتي اوباما و بايدن و الي حد ما من ادارة كلنتون قبلهما !

و يأتي موقف السعودية الاخير بغطاء مجموعة اوبك بلص و الذي فسره البعض بما فيهم الادارة الاميركية بأنه دعم لروسيا فيما هو في حقيقته دعم للجمهوريين قبيل انتخابات التجديد النصفي للكونغرس !!

 الرؤساء الجمهوريون و الديمقراطيون علي حد السواء يعملون من أجل مصالح اميركا في المقام الأول و مصالح اللوبيهات التي تدفع بهم الي الواجهة و توصلهم الي البيت الابيض و ليس من اجل مصالح الاخرين !!

لكن انطباعية العرب و ميلهم للتعامل مع شخصيات تشبههم في التشدد و الميل للتسويات و المكاسب المالية يجعلهم يتصورون ان الجمهوريين يخدمون مصالح المنطقة العربية اكثر من الديمقراطيين !

الجمهوريين مثل النخب السياسية "السلطوية" تسيطر عليهم عقلية الاحكام المتطرفة الانطباعية المحافظة و بصريح العبارة "الشعبوية"، فهل العقليات المتطرفة و الشعبوية (في الغرب و في الشرق/ الاوسط) اقدر علي التعامل فيما بينها و عقد تفهمات و صفقات بلغة السمسار ترامب !

 ربما، جلسات التفاوض بين ترامب و كيم سونغ "الكوري الشمالي" تشي بذلك..

لتبرير هذا الانحياز غير المفهوم اتجه العرب لاستبدال عداء اسرائيل بعداء ايران ! 

و رغم ان ايران ليست عامل طارئ علي المنطقة و ان توجهها السياسي (الثورة الاسلامية) قديم له ما يناهز النصف قرن مع ذلك في السنوات الاخيرة تم تصعيد الخلاف مع ايران في سوريا و لبنان و اليمن و العراق.. 

تمدد ايران مؤخراً ناتج عن فشل مشروع الدولة الوطنية في كل الدول العربية اضافة لفشل تحالف "الجامعة العربية" و ليس لقوة النموذج الايراني !

و في الواقع نشاط ايران في المحيط العربي ليس جديد لكن غياب رؤية عربية بل و ارتكاب دول المنطقة اخطاء قاتلة مكن ايران مؤخراً من زيادة تأثيرها، فدول المنطقة سعت لاجهاض سياسة اميركا في العراق (بعد الاحتلال في ٢٠٠٣م) و تركه لقمة سائغة في فك نظام الثورة الاسلامية !

كما ان سياسة استعداء ايران تمثل لعبة خطيرة للغاية يمكن ان تشعل فتيل توتر مذهبي يحرق المنطقة برمتها فاتباع المذهب الشيعي ينتشرون في الخليج باعداد وفيرة و تصعيد الخلاف السياسي مع ايران يتطلب بعد مذهبي يمكن ان تكون له انعكاسات كارثية.

كانت السعودية و حلفاءها "و ابرزهم الامارات" تتهم ادارة أوباما بأنها تساهلت مع ايران و "إنسحبت" من المنطقة عبر ابرامها لاتفاق نووي مع ايران "اتفاق ال ٥ +١"؛ و ذلك اتفاق دولي مع ايران و ليس اميركي فقط، كما ان حجة الانسحاب من المنطقة غير مفهومة؛ فان كانوا يعنون انسحاب اميركا من العراق فهو ما ضغطوا سراً لأجله و تضافرت جهودهم مع جهود ايران و المليشيات و القوي السياسية العراقية الموالية لها!

بل هم ضغطوا لإفشال السياسات الاميركية في افغانستان كذلك .. فالملكيات العربية تقود تحالف يعمل علي منع التغيير و اجهاض التخولات الديمقراطية في كل المنطقة و هي من تقف خلف فشل مشروع التحول السياسي في كل بلدان الثورات الشعبية "الربيع العربي" في تونس و مصر و ليبيا و اليمن و سوريا و في السودان و لبنان و الجزائر و العراق و البحرين..

مسايرة ادارة الرئيس الديمقراطي (المنصرف) بايدن لاسرائيل في موقفها المتشدد من ايران فان ذلك لم يرضي السعودية و الامارات فعادوا عن موقفهم الذي اعتبروا فيه ايران كعدو و اعادت الامارات تنشيط علاقاتها الدبلوماسية فيما رشحت انباء عن قرب عودة التبادل الدبلوماسي بين طهران و الرياض بعد قطيعة ازمة ٢٠١٦م..!!

قرار أوبك+ الأخير لا يعد دعم لروسيا كما فسرته ادارة بايدن انما هو في حقيقته دعم للجمهوريين علي اعتاب انتخابات التجديد النصفي للكونغرس و للرئيس السابق دونالد ترامب قبل انتخابات الرئاسة في ٢٠٢٤م 

عودة ترامب للسلطة و عودة الجمهوريين (المفضلين عربياً) تفرض علي المنطقة تحدي غير مسبوق؛ اول مشاريع ترامب فرض تسوية لصالح اليمين الاسرائيلي و علي حساب حماس و أهل غزة و علي حساب الاردن و مصر كذلك.. لكن العرب سيسايرون ترامب في مسعاه فقط بمزيد من الضمانات للانظمة السلطوية علي حساب الشعوب.. و علي حساب المناطق الأكثر هشاشة (السودان).

 ما لا تريد الملكيات العربية قوله و ما لا تريد الاعتراف به هو انها ترفض أي تحولات سياسية او انتقال نحو الديمقراطية في المنطقة، و هذا ما يدعمه الديمقراطيين بقوة -علي الأقل بعد عبث روسيا بالنظام الانتخابي الاميركي و ايصالها رئيس مقرب للكرملين ترامب نفسه- و ما تدعمه الادارات الديمقراطية.. اما الادارات الجمهورية فلا تزال لا يهمها من المنطقة الا النفط و مبيعات السلاح و صفقات المال و هو ما تفضله الانظمة الملكية (و سائر الجمهوريات الاستبدادية) و ما هي علي استعداد لتقديمه بسخاء؛ اما التنازلات علي صعيد المشاركة السياسية و حقوق الانسان و الحريات و الشفافية فهو ما تعده تلك الانظمة انتقاصاً من سلطاتها الطبيعية! 

اذاً فإن تفضيل الملكيات العربية (بل و معظم الانظمة العربية) للجمهوريين، سببه القناعة بأن المحافظة علي سلطتها تضمنه لها الادارات الجمهورية، اضافة لتقارب الامزجة و الاهواء الشعبوية (رفض الحق في الاجهاض و المثلية و الموقف من تغير المناخ..الخ)

 العربي اذا حصل علي المواطنة الاميركية فانه في الغالب سينضم للحزب الجمهوري و يصوت له؛ و هذا ليس له مبرر مفهوم انما هو انحياز العقل ذو الطبيعة المتعصبة الي نظيره!

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بروفايل "البروف-الشيخ"

   دائما ما كنت اتساءل عن التخصص الذي يحمله السيد ابراهيم احمد عمر وزير التعليم العالي في اول حكومة انقاذية 1989م وعراب ما سمي تجاوزا "ثورة التعليم العالي" والتي بموجبها تم ت...

أوامر المهزوم!

  اوامر الطوارئ الاربع التي اصدرها البشير اليوم 25فبراير و التي تأتي استنادا علي اعلان الجمعة الماضية ( اعلان الطوارئ وحل الحكومة و تكليف ضباط بشغل مناصب حكام الولايات ) لها دلالة اساسية هي ان الحكومة تحاذر السقوط و باتت اخيرا تستشعر تهاوي سلطتها! جاء اعلان الطوارئ و حل الحكومة كتداعي لحركة التظاهرات والاضرابات التي عمت مدن البلاد علي امل ان يؤدي الي هدوء الشارع .. اما و قد مرت اكثر من 72 ساعة علي الاعلان دون اثر فتأتي الاوامر الاربعة (منع التظاهر، و تقييد تجارة السلع الاستراتيجية، و حظر تجارة النقد الاجنبي، و تقييد وسائل النقل والاتصالات) كمحاولة ثانية يائسة لايهام الجموع الشعبية بأن السلطة قابضة بقوة و ان لديها خيارات امنية و قانونية و ادارية متعددة! لا اجد لهذا الاعلان نظير في تاريخ السودان، اذ لا يشبه قرارات الانظمة الوطنية ( ديمقراطية كانت او انقلابية ) .. فالطوارئ قرار يلجأ اليه الحاكم في حالة الحروب او الكوارث الطبيعية او الازمات الوطنية و ليس اداة لمجابهة ازمات سياسية، فازمات السياسة لها طرق حل معروفة منها التنحي او الانتخابات المبكرة او تكوين ائتلافات جديدة وليس من بين...

البشير لم يسقط وحده

  بعد ثورة و تظاهرات استمرت لأربعة اشهر و عمت كل مدن و قري السودان اجبر الرئيس البشير علي التنحي و سقط بحسب مفردات الثورة السودانية و ثوارها..   اليوم حلفاء البشير من الانته...