التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المشاركات

عرض المشاركات من أغسطس, ٢٠١٨

السودان واثيوبيا: تاريخ الصراع والتعاون

   بالنسبة للسودانيين (نخب و عوام) تمثل اثيوبيا التاريخية و السياسية واثيوبيا الجغرافيا والسكان منطقة مجهولة؛ حتي القلة التي تتاح لها فرص زيارة اثيوبيا فانها تصورتها وصورتها للبقية علي انها منطقة للترفيه و قضاء الاجازات خصوصا منذ ان تبني السودان قوانين الحدود الدينية التي حرمت المشروبات الكحولية و تبنت قوانين اخلاقية صارمة للعلاقات بين الجنسين! بالمقابل فان السودان لدي كثير من الاثيوبيين هو محطة علي طريق الخروج من القارة الموبوءة بالحروب والجفاف والمجاعات وسائر الكوارث التي من صنع الطبيعة او البشر!   بينما في الواقع فان العلاقة التاريخية بين البلدين و الشعبين هي اكبر واعمق واعقد من ذلك بكثير..    تاريخيا؛ فان اثيوبيا ( وتعني اثيوبيا القديمة التي تشمل اريتريا ايضا ) والسودان ( وتعني ايضا السودان القديم الذي يشمل جنوب السودان ) هما اقليم واحد و شعب و أمة واحدة.. فاليونانيين اطلقوا التسمية اثيوبيا والتي تعني الشعوب السمراء ( او السودان ) علي المنطقة من حدود السودان الشمالية مع مصر و حتي الهضبة الافريقية، مثلما اطلق العرب لفظة الحبشة علي مجمل الاقليم والتي تعني الاعراق المتخالطة ثم اط

مفهوم العدالة الاجتماعية

   العدالة الاجتماعية-الاقتصادية تعني عدالة الفرص لأفراد مجتمع ما للنجاح في الحياة بصورة عامة و عدالة فرص الحصول علي التعليم والمعرفة و العمل و عدالة التنافس الاقتصادي في مجال جمع الثروة علي وجه التحديد.. كما تعني ايضا عدالة الفرص في تولي المسؤوليات وشغل المناصب العامة بما فيها المناصب السياسية الي رئيس السلطة التنفيذية العليا كل ذلك دون تمييز علي اي اعتبار خاصة اعتبارات اللسان او العرق او الدين او الحالة الاجتماعية او الرأي السياسي.. الخ   فالعدالة الاجتماعية لا تعني ان يتساوي الناس كما تتساوي الاشياء المصطنعة بقالب واحد انما تعني الا توضع عراقيل امام اناس بينما يمهد السبيل امام اخرين كل ذلك بسبب اصل عرقي او انتماء ديني او اجتماعي.. . الخ   اذ لا يمكن ان يتساوي الناس لأن الفطرة والطبيعة جعلت الناس متفاوتون في المواهب والقدرات كما ان الفطرة المجتمعية قبلت بقدر من التفاوت بسبب الانتساب ﻷبوين اغنياء او فقراء، لكن المجتمعات في سبيل النهوض والنمو عملت علي توفير ارضية عامة مشتركة يمكن ان ينطلق منها جميع ( جميع الاطفال تحديدا ) ليكون امامهم ولديهم قدر عادل من الفرص لتحقيق طموحهم و ذاتهم

اثيوبيا العظمي علي نهج ال (قريت بريتش)

  مرت اثيوبيا بدايات هذا العام ( 2018م ) بأزمة كادت تعصف بتماسكها القومي وفسيفساءها الاثني و السياسي، رغم معدلات النمو الاقتصادي الممتازة، ولحسن الحظ اتسمت تصرفات مسؤولي حكومتها بتوفيق وحسن تدبير لافتين، فرئيس الوزراء المنصرف هايللي ماريام دي سالين اقدم علي خطوة غير مسبوقة في هذا القسم من العالم وتقدم باستقالته في الوقت المناسب و التزم بذلك حتي تمكن التحالف الحاكم من تعيين خلف له.   آبي احمد رئيس الوزراء المنتخب نجح في اول اسابيع لولايته من نزع فتيل العديد من التوترات والانقسامات الراهنة والتاريخية، وتمكن من عقد تصالحات سريعة مع محيطه الاقليمي من الصومال واريتريا الي مصر والامارات.. و في اثناء ذلك تمكن ايضا من عقد مصالحات مع عديد الفعاليات السياسية و المدنية والدينية والعرقية حيث عاد خلال اشهر عدد من القيادات المدنية والسياسية الي الوطن بعد سنوات قضتها في المنافي القريبة والبعيدة.   ما يقوم دكتور آبي الي الان عمل جيد بل عظيم؛ لكن ما ينتظره لا يقل اهمية.    ينبغي علي رئيس الوزراء تحويل جهده من عمل يعتمد علي شخصيته والقبول الذي توافر منذ اللحظات الأولي و علي النوايا الحسنة والحميدة؛

الحرب الأشد برودة بين الأمريكان والروس

  توقعنا عقب انتخاب الرئيس ترامب ان تدخل العلاقة الامريكية الروسية حقبة من التناغم والانسجام والتعاون و تنتهي رسميا حقبة الحرب الباردة التي ورثت موسكو فيها تركة الاتحاد السوفيتي في العداء الغربي له.   لكن علي ما يبدو فإن العكس هو الذي حدث وسيحدث في مقبل الأيام!! العقوبات الامريكية ضد روسيا تتزايد قراراتها بمعدلات كبيرة، والتصريحات بين مسؤولي البلدين لا تنزل عن حد التلاسن والتهكم الدبلوماسي!   حروب الوكالة ايضا علي قدم و ساق..   سوريا مثلا تذكر بمواجهات افغانستان في الثمانينيات؛ الفرق الوحيد هو انه ما من رؤية دولية لدي الطرفين عكس ما كان في السابق، حينما تدخل السوفيت في افغانستان بطلب من حكومة 'كابول' الشيوعية ضد المتمردين علي سلطتها؛ تدخل الروس حينها دعما لما اسموه 'دعم الشعوب المحبة للسلام' أي دعما للنضال ضد الرأسمالية ..   حينها بالمقابل دعمت امريكيا وخلقت احيانا الفصائل الاسلامية في افغانستان ما اسفر عن سقوط حكم الحزب الشيوعي في كابل 'حكومة نجيب الله' واسفر ايضا عن صعود نجم حركات عرب افغانستان 'تنظيم قاعدة الجهاد؛ التي قادها اسامة بن لادن' و حر

راهن ومستقبل الأخوان !

   تنظيم جماعة الاخوان يعيش لحظات دقيقة من تاريخه الطويل والملئ بالعنت الدم والدموع والعرق له ولمن اصطدموا به مع لحظات استثنائية قليلة من ذلك التاريخ شهدت سلاما وتناغما او (هدنة) بينه وبين المجتمعات التي نشط فيها او الحكومات التي عارضها او هادنها! قبل ان نخوض في ملامح هذا الظرف الدقيق من عمر الجماعة لمعرفة ابعاده واسبابه و مألاته لابد من العودة للوراء والمرور سريعا علي محطات في تاريخ الجماعة مثلت علامات فارقة فيه او قادت الي هذه اللحظة.    تأسست الجماعة في مصر سنة 1928م علي يد (الامام) حسن البنا و هو مدرس من نواحي الاسماعيلية بشمال مصر، واراد لها في ذلك الوقت ان تكون جماعة دعوية وحركية اسلامية 'منظمة مدنية' لذا لم يكن لها دور يذكر في حراك المصريين ضد الاستعمار او ضد الملكية 'الخديوية' و لم يكن لها اثر في الحركة الوطنية المصرية.. علي العكس كانت هناك شبهات حول مؤسسها تتهمه بالارتباط بالمخابرات البريطانية 'الاستعمارية' في مصر.    اول حدث صعد بها الي السطح كان بعد عقدين علي تأسيسها وهو حرب 1948م عند تسليم البريطانيين لارض فلسطين للمستوطنين اليهود، حينها تحدث

شهوة الكلام

شهوة الكلام!   لا أظن ان الناس هنا 'في بلدي السودان' يتحدثون لأن لديهم شئ مهم يريدون من الآخرين سماعه؟! بل لمجرد اسماع صوتهم (حرفيا)! والناس ايضا يقدرون ويثمنون عاليا ملكة نظم الكلام (النضم)! فيقولون باعجاب: شخص محنك؛ ونضام. وكلما كان الشخص قادر علي التحدث لساعات و نضم الكلام دون توقف كلما عني ذلك انه موهوب ويستحق اعجاب الناس وثناءهم ويستحق ان يصغوا له وان كانوا لا يفهمون ما يهدف اليه من وراء احاديثه (ان كان ثمة هدف لكلامه) ويستحق اتباعهم له!! اوضح دليل علي ذلك هنا هو الصادق المهدي رئيس الوزراء السابق و رئيس حزب الامة السابق واللاحق؛ اطلقت عليه الصحافة ابان رئاسته للوزراء لقب (ابو كلام)؛ وهناك طرفة متناقلة تقول ان احد اتباعه حضر خطبة له و رجع الي اهله فرحان محبورا قائلا: سيدي نضم جنس نضم! وعندما سوئل عما قال سيده رد عليهم : هو كلام سيدي بتعرف؟! وغير (سيدي) كثيرون في دنيا السياسة او الثقافة او الوعظ الديني.. فلكي تصبح زعيما في دنيا السياسة ونجم في فلكها او في الثقافة او الخطابة الدينية و يكون لك اتباع ومشايعون و مريدون فكل ما هو مطلوب منك ان تكون صاحب حنجرة قوية و صوت جهور

رسالة لقضاة ومدعي محكمة الجنايات الدولية و للذين احالوا لها ملف انتهاكات دارفور

   إن علة قبولكم تحويل ملف انتهاكات نظام البشير اليكم في المحكمة الجنائية الدولية ومكتب مدعيها سنة 2005م كانت 'عدم قدرة وعدم رغبة' النظام العدلي والقضائي الوطني في السودان النظر في تلك الادعاءات..    منذ ذلك التاريخ ومرورا بتاريخ اصداركم قرارات بتوجيه تهم الابادة وجرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية في مارس 2009م وحتي يومنا هذا: لم يتعاون نظام البشير معكم بشأن التحقيقات و جمع البيانات؛ و رفض النظام تسليم اي متهم للمحكمة.    ما جعل من قراراتكم مجرد حبر علي ورق في احسن الاحوال، بل واستغلتها جهات دولية لتحقيق مشيئتها السياسية في السودان واستغلال ضعف المركز القانوني للنظام في ذلك متجاهلين لمصلحة ضحايا تلك الانتهاكات المباشرين، و مصلحة الامة السودانية. فتم تقسيم السودان؛ وبالمقابل زاد تشبث البشير بالسلطة حتي انحصرت في ذاته او تكاد تنحصر فيها! وحيث تبين لنا 'و لكم' انكم مثل عدالتنا الوطنية 'غير قادرين او غير راغبين في انفاذ العدالة الدولية' فان اختصاصكم يبدو فاقد لمشروعيته! فهو 'اختصاصكم' ينبني علي قدرتكم ورغبتكم و علي عدم قدرة وعدم رغبة القضاء الوطني،

السودان بين مشروع الاسلام الشعبي والاسلام الوافد

  المشروع الذي كان سائدا في السودان قبل 83-1989م هو الاسلام الشعبي الملفق من دلائل الخيرات و الالفية ومختصر الخليل و بعض اوراد الصالحين وغير الصالحين 'المولد والبراق و راتب المهدي'، ومن قصص وروايات عن بعضهم ك'الولي' محمد الهميم الذي جمع بين الاختين في زوجية واحدة والقاضي 'دشين' قاضي العدالة الذي فسخ ذلك الزواج 'رغم فسخ الولي لجلده'!! ومن اراء بعض فقهاء السودان الازهريين 'واردي الازهر الشريف' وقد كان حاكما علي المستوي الاجتماعي فقط 'القضاء الشرعي و اديرة المتصوفة/ المسائد و الخلاوي وخطب الجمعة والاعياد والمولد..' وقد ساد لقرون عديدة منذ تأسيس سلطنة سنار والتي تعد بامتياز دولة المتصوفة اذ انحصر نفوذ سلاطينه في امور الحرب و قليل من مظاهر الادارة فيما كانت سلطة الصوفية ممتدة في كل المجال الروحي والاجتماعي و الاقتصادي ايضا اذ كانت لهم اقطاعياتهم و اموالهم و خلاويهم 'مؤسسات التعليم الديني و الشعبي' كما امتد وجودهم مكانيا بصورة اوسع في كل اقاليم السلطنة في الجزيرة و الشرق والشمال و كردفان وجبال تقلي 'النوبة' في كل السهول والودي