شهوة الكلام!
لا أظن ان الناس هنا 'في بلدي السودان' يتحدثون لأن لديهم شئ مهم يريدون من الآخرين سماعه؟! بل لمجرد اسماع صوتهم (حرفيا)! والناس ايضا يقدرون ويثمنون عاليا ملكة نظم الكلام (النضم)! فيقولون باعجاب: شخص محنك؛ ونضام. وكلما كان الشخص قادر علي التحدث لساعات و نضم الكلام دون توقف كلما عني ذلك انه موهوب ويستحق اعجاب الناس وثناءهم ويستحق ان يصغوا له وان كانوا لا يفهمون ما يهدف اليه من وراء احاديثه (ان كان ثمة هدف لكلامه) ويستحق اتباعهم له!! اوضح دليل علي ذلك هنا هو الصادق المهدي رئيس الوزراء السابق و رئيس حزب الامة السابق واللاحق؛ اطلقت عليه الصحافة ابان رئاسته للوزراء لقب (ابو كلام)؛ وهناك طرفة متناقلة تقول ان احد اتباعه حضر خطبة له و رجع الي اهله فرحان محبورا قائلا: سيدي نضم جنس نضم! وعندما سوئل عما قال سيده رد عليهم : هو كلام سيدي بتعرف؟! وغير (سيدي) كثيرون في دنيا السياسة او الثقافة او الوعظ الديني.. فلكي تصبح زعيما في دنيا السياسة ونجم في فلكها او في الثقافة او الخطابة الدينية و يكون لك اتباع ومشايعون و مريدون فكل ما هو مطلوب منك ان تكون صاحب حنجرة قوية و صوت جهوري ونفس طويل، وان تكون قادر علي نظم الكلام حتي ترهق مستمعيك! وحبذا لو حفظت بعض المأثورات والامثال الشعبية وابيات الشعر و النثر وايات من المصحف لترددها بين الفينة والاخري! كل السياسيين في حقبة الاستقلال الي يومنا هذا صعدوا الي قمة مجدهم عبر بوابة الخطابة وسلمها، فقط الخطابة ولساعات، والقدرة علي همز الخصوم ولمز المناوئين والسخرية منهم! لكن اذا اختبرت اؤلئك السياسيين عما يحملون من رؤي و افكار ومن برامج ومشاريع فستجدهم خلوا من اي مضمون! هم لا يملكون للشعب الا الكلام ولو كانت الشعوب تعيش علي الكلام لكنا افضل افضل الشعوب معيشة! ولو كانت الاوطان تبني به لكان وطننا في مصاف خير الاوطان!
السياسة عندنا مجرد كلام نتباري فيها بعقد (المهرجانات الخطابية) ويفوز الملسنين فيها! والسياسي تراوده شهوة الكلام والخطابة بمجرد ان يري اذنين بشريتين نهايك عن ان يري عشرات ومئات والاف الاذان! ليس الساسة وحدهم كلنا تنتابنا هذه الشهوة لذا نمارسها في مناسباتنا الحزينة والسعيدة، نشيع ميتنا ونقبره بخطبة علي شاهد القبر، نتقدم للخطبة (بخطبة) في بيت العروس! اخر اجتماع لمجلس الوزراء السودان (الكبير) بعد انفصال الجنوب (و وداع الاعضاء الجنوبيين) في 2011م تحول لمهرجان خطابي شارك فيه كل الوزراء وتباروا في القاء الخطب علي جرح الوطن العميق. عموما لا نفوت اي جمع دون ان يستغله احدنا ليستعرض شجاعته الجماهيرية و مهاراته وسلاطة لسانه وعضلات حنكه!
لا أظن ان الناس هنا 'في بلدي السودان' يتحدثون لأن لديهم شئ مهم يريدون من الآخرين سماعه؟! بل لمجرد اسماع صوتهم (حرفيا)! والناس ايضا يقدرون ويثمنون عاليا ملكة نظم الكلام (النضم)! فيقولون باعجاب: شخص محنك؛ ونضام. وكلما كان الشخص قادر علي التحدث لساعات و نضم الكلام دون توقف كلما عني ذلك انه موهوب ويستحق اعجاب الناس وثناءهم ويستحق ان يصغوا له وان كانوا لا يفهمون ما يهدف اليه من وراء احاديثه (ان كان ثمة هدف لكلامه) ويستحق اتباعهم له!! اوضح دليل علي ذلك هنا هو الصادق المهدي رئيس الوزراء السابق و رئيس حزب الامة السابق واللاحق؛ اطلقت عليه الصحافة ابان رئاسته للوزراء لقب (ابو كلام)؛ وهناك طرفة متناقلة تقول ان احد اتباعه حضر خطبة له و رجع الي اهله فرحان محبورا قائلا: سيدي نضم جنس نضم! وعندما سوئل عما قال سيده رد عليهم : هو كلام سيدي بتعرف؟! وغير (سيدي) كثيرون في دنيا السياسة او الثقافة او الوعظ الديني.. فلكي تصبح زعيما في دنيا السياسة ونجم في فلكها او في الثقافة او الخطابة الدينية و يكون لك اتباع ومشايعون و مريدون فكل ما هو مطلوب منك ان تكون صاحب حنجرة قوية و صوت جهوري ونفس طويل، وان تكون قادر علي نظم الكلام حتي ترهق مستمعيك! وحبذا لو حفظت بعض المأثورات والامثال الشعبية وابيات الشعر و النثر وايات من المصحف لترددها بين الفينة والاخري! كل السياسيين في حقبة الاستقلال الي يومنا هذا صعدوا الي قمة مجدهم عبر بوابة الخطابة وسلمها، فقط الخطابة ولساعات، والقدرة علي همز الخصوم ولمز المناوئين والسخرية منهم! لكن اذا اختبرت اؤلئك السياسيين عما يحملون من رؤي و افكار ومن برامج ومشاريع فستجدهم خلوا من اي مضمون! هم لا يملكون للشعب الا الكلام ولو كانت الشعوب تعيش علي الكلام لكنا افضل افضل الشعوب معيشة! ولو كانت الاوطان تبني به لكان وطننا في مصاف خير الاوطان!
السياسة عندنا مجرد كلام نتباري فيها بعقد (المهرجانات الخطابية) ويفوز الملسنين فيها! والسياسي تراوده شهوة الكلام والخطابة بمجرد ان يري اذنين بشريتين نهايك عن ان يري عشرات ومئات والاف الاذان! ليس الساسة وحدهم كلنا تنتابنا هذه الشهوة لذا نمارسها في مناسباتنا الحزينة والسعيدة، نشيع ميتنا ونقبره بخطبة علي شاهد القبر، نتقدم للخطبة (بخطبة) في بيت العروس! اخر اجتماع لمجلس الوزراء السودان (الكبير) بعد انفصال الجنوب (و وداع الاعضاء الجنوبيين) في 2011م تحول لمهرجان خطابي شارك فيه كل الوزراء وتباروا في القاء الخطب علي جرح الوطن العميق. عموما لا نفوت اي جمع دون ان يستغله احدنا ليستعرض شجاعته الجماهيرية و مهاراته وسلاطة لسانه وعضلات حنكه!
تعليقات
إرسال تعليق