المقصود بقانون الوجوه الغريبة هو اوامر الطوارئ التي صدرت في بعض الولايات بعد اندلاع حرب ١٥ ابريل/الكرامة و خصوصاً بولايتي الجزيرة و نهر النيل.. و هي اما اوامر صدرت من الوالي شفاهة و علي رؤوس الاشهاد او مكتوبة و مفادها ملاحقة ما يعرف ب "المندسين" و الطابور الخامس و من يشتبه في انتماءهم او تخابرهم مع مليشيا الدعم السريع، حيث راج ان المليشيا تدفع بعناصر من استخباراتها و قناصيها الي المناطق التي تنوي احتلالها لتقوم تلك العناصر بالعمل من الداخل بما يسهل مهمة الاحتلال ..
و تستهدف الملاحقات الباعة الجائلين و اصحاب المهن الهامشية، و أي شخص تشك فيه السلطات او المواطنين؛ و في اجواء من الارتياب بالغرباء غذتها دعاية الحرب تم الطلب من المواطنين التعاون بالتبليغ و حتي بالقبض و المطاردة علي من يرتابون فيه.
قانون او تعاليمات (الوجوه الغريبة) اسفرت عن ممارسات متحيزة "ضد غرباء" تحديداً ينحدرون من اقاليم كردفان و دارفور في ولايات عدة (الجزيرة، و نهر النيل، و كسلا، و الشمالية)؛ فالوجوه الغريبة هي اوامر تأخذ الناس بالسحنة و الملامح؛ و هي ممارسات بالتالي اسوأ مما كانت تمارسه "محاكم التفتيش" التي كانت تختبر ما في الضمائر لمعرفة الانتماء الديني و "هوية الانسان" قبل ان توقع عليه عقاب الحرق بسبب مخالفته لعقيدة "المجتمع الاوروبي" في القرون الوسطي بعد سقوط الاندلس، فالوجوه الغريبة لا تنتظر اجابات و هي لا تسأل حتي انما تأخذ المرء بما يوحي به مظهره الخارجي و سحنته حتي و ان كانت حقيقته بخلاف ما يظهر!!
فعبارة (وجوه غريبة) ليست من انتاج الناشطين انما وردت عن السلطات الولائية في اوامرها ثم تصدرت ال (ترند) و سارت بها المواقع حتي بلغت مرتبة "القانون"!
تضررت السلطة الحاكمة الانقلابية و الداعمة للحرب كثيراً من (ترند الوجوه الغريبة) هذا.
ابرز تلك الاوامر ما صدر عن والي الجزيرة قبل ساعات فقط من سقوطها بيد الدعم السريع (امر الطوارئ رقم ١٤) و الذي يأمر الاجهزة الامنية باعتقال (الخلايا النائمة)، و هو يشير بوضوح الي انتماء تلك الخلايا الي جهات دارفور و كردفان كما يضم اليها سياسياً المنتمين لاحزاب و اجسام تحالف الحرية و التغيير و الناشطين بلجان المقاومة المحلية..
و كذلك التوجيهات الشفاهية التي صدرت عن حاكم ولاية نهر النيل في ١٩ يناير ٢٠٢٤م و التي أمر فيها باعتقال المتسولين و العاملين بالمهن الهامشية (و سمي منهم من يعملون علي الدرداقات تحديداً - عربات تدفع باليد لحمل البضائع) و نساء منقبات متهم هؤلاء جميعاً بالانتماء للدعم السريع و العمل معه..
داخلياً فإن حلفاء نظام بورتسودان من حركات تزعم الدفاع عن الهامش تحركوا في مواجهة اوامر الطوارئ تلك لأنها تحرجهم حتي امام جنودهم و اعضاء حركاتهم نتيجة ممارسات تطالهم او تطال اقرباءهم في تلكم الولايات التي تطبق أوامر الوجوه الغريبة.
فقد زار مناوي (حاكم دارفور) ولاية نهر النيل في شهر يناير ٢٠٢٤م بعد صدور توجيهات الوالي بملاحقة عمال المهن الهامشية و الباعة المتجولين بتهمة التخابر و مولاة الدعم السريع...
كذلك وجه مبارك اردول (مدير شركة الموارد المعدنية السابق) رسالة الي مدير جهاز المخابرات العامة في ذات الشهر من ذات الستة.
بالتاكيد تلك الممارسات اضرت بتحالف الحرب و هددت بتفكيكه؛ فالممارسات التي كانت متبعة حتي قبل صدور التعميمات و الاوامر كان يتم اخفاءها او انكارها، اما صدور اوامر علنية بشأنها فأمر لا يمكن اخفاءه!
خارجياً، تضررت صورة سلطة بورتسودان كثيراً و بلا شك فإن مسؤولين اممين و غربيين أو حتي عرب قد استفسروا الدبلوماسيين و المسؤولين عن مضمون الوجوه الغريبة!
بسبب تلك الاضرار الداخلية و الخارجية تنظم حالياً سلطة بورتسودان حملة ضخمة لانكار هذه الاوامر و تلك الممارسات المتحيزة؛ ففي كل مكان بمناسبة او حتي دونها؛ تجد احد مناصري سلطة الحرب و الامر الواقع في بورتسودان يثير موضوع (الوجوه الغريبة) لينفي وجود (قانون) بهذا المسمي ثم ينفي وجود ممارسات ممنهجة تستند الي تعليمات و تنطوي علي تحيزات عرقية.. و يدعي ان هذا كله ليس الا حملة اعلامية تنظمها المليشيا و (القوي السياسية الداعمة لها)!!
مثل هذه الحملات لا تفيد .. فهي كمحاولة تغطية الشمس بإصبع، و لو نظمت حكومة بورتسودان و (نائبها العام) حملة لرصد المخالفات بمقار الاستخبارات العسكرية و اجهزة الأمن و الشرطة لكانت اجدي في معالجة هذه الحالة الكارثية.
تعليقات
إرسال تعليق