عنترة بن شداد شاعر بني عبس و فارسها، بل شاعر وفارس العرب، عاش تجربة حياة مريرة ولم يتم انصافه في حياته ولم ينصفه التاريخ، هي تجربة تنكر مجتمع وجماعة، تنكرت له العشيرة والقبائل وسعت للحط من قدره رقم ان يده و لسانه وروحه كانت دوما ترفع من قدره!
تنكرت له العشيرة لأن لونه فاحم وسحنته افريقية رغم ان دمه وجيناته بلا ادني لبس نصف عربية و رغم ان لسانه و خياله ( ثقافته ) عربيتان بالكامل، وبقدر يفوق الكثير من مجايليه و اللاحقين له! لكن الضمير العربي ابي ان يقر له بانتمائه الاصيل وتنكر له ونفاه واحتقره!
منذ ذلك العهد والي اليوم بدأ احتقار الاعراب للون الأسود! اذ لا شك ان كثيرون مثله نصف عرب قبلوا وادمجوا في ثقافة الصحراء العربية فقط لأن نصفهم الآخر فارسي او روماني او بصراحة ليس افريقي و زنجي! و لأن لون بشرتهم ابيض! فحتي العرب السود الذين لا شك في انتسابهم للعروبة تم وصمهم بختم بداني الاستعباد، فالشعراء العرب وصفوا ب( غربان العرب ) و وضعوا في رف منسي علي الذاكرة العربية، وشخصيات امثال زيد الخيل الطائي يتم تهميشها عمدا؛
منذ ذلك العهد استقرت في العقلية العربية فرضية ان سود البشرة خلقوا للاستعباد ؟! و انهم لا يصلحون الا لأعمال العبيد وان كانوا احرارا!
بالطبع ليس ثمة منطق يسند هذا التصور، و لا الظن بأن اصل العرب يعود للجزيرة ( شبه الجزيرة العربية ) فعرب شمال افريقيا اكثر تعدادا من عرب غرب اسيا، صحيح ان العرب السود قلة في مصر و تونس وليبيا والمغرب وموريتانيا و دول الشام والعراق والخليج واليمن ( بالسكوت عن اعتبار السودانيين عربا ) لكن الصحيح ايضا ان الفرضية المقبولة علميا ( علم الاجناس والاجتماع والتاريخ ) ان افريقيا هي مهد كل الجنس البشري، و الفرضية المقبولة علميا كذلك ( علم اللغات ) ان اللغة العربية تنتسب لعائلة اللغات الافرو اسيوية والتي تضم ايضا اللغة العبرية و لغات القرن الافريقي ( الامهرية و الارومية و التقرية ).
لقد اضطر عنترة لتقبل حالة الاقصاء التي تعرض لها وان كان اضمرها في نفسه ( حين دعي للاشتراك في معركة الدفاع عن القبيلة قال لأبيه متهكما: أ يكر العبد؟! العبد لا يحسن الكرار انما يحسن الحلب والصرار )؛ وكثيرة هي قصائده التي يقول فيها في وصف ومدح نفسه ( انا العبد )؛
انا العبد الذي خبرت عنه
وقد عاينتني فدع السماع
عنترة لم يعاني من ( ازمة هوية ) كما نقول بلغة اليوم، فازمة الهوية ازمة ماهية؛ و عنترة يستمد ماهيته من كونه فارس لا يهاب الموت ومن كونها شاعر مبين يجيد فن الافصاح عن ذاته و عن الاخرين و يمتلك ناصية فهم وشرح المواقف والظواهر.. فهو القائل:
إني امرؤ من خير عبس منصبا
شطري و أحمي سائري بالمنصل والقائل في ذات السياق:
واذا الكتيبة احجمت وتلاحظت
ألفيت خيرا من معم مخول
يعتب علي قومه أنهم يتفاضلون عليه بالنسب عند السلم اما عند القتال فيتحامون خلفه!
ما اختبره عنترة وعاناه وتحمله امر أعقد من مجرد أزمة هوية؛ تحمل وزر جماعة فشلت في الوفاء بالتزامات الجماعة حيال فرد فيها، و وزر امة اجهضت قبل ان تستبين ملامحها.
فيما يعاني العرب السود اليوم ويتحملون وزر قومية ارادت ان تعبر قبل الاوان الي افق الانسانية الارحب، قومية تحمل اخر رسالات السماء والتي خاطبتها مباشرة أن: ( ليست العربية لاحدكم بأب ولا أم؛ العربية لسان .. ) و ب ( لا فضل لعربي علي عجمي ولا أبيض علي اسود الا بالتقوي والتقوي في الصدور ) لكنها جهلت ذلك و اتخذت العربية ام و اب و تفاضلت ليس علي كل العجم انما فقط علي اساس اللون وحتي علي من كان فصيحا في لغة الضاد! فالعرب اليوم يسمون سود البشرة فيهم ( الخوال ) و لفظة تحمل من التنكر اكثر مما تحمل من اعتراف و من التندر اكثر من الإقرار بواقع حال!
ان عقدة عنترة ليست عقدة فرد واحد، بل وليست عقدة فئة محدودة بقدر ما هي انعكاس لعقدة مجموع وقومية علي فرد وفئة .. فتتجلي فيها كما تتجلي وتتجمع اشعة الشمس علي عدسة لامة محدبة تستحيل فيها من شعاع مضئ ونافع لشعاع ناري مشتعل حارق وضار!
تنكرت له العشيرة لأن لونه فاحم وسحنته افريقية رغم ان دمه وجيناته بلا ادني لبس نصف عربية و رغم ان لسانه و خياله ( ثقافته ) عربيتان بالكامل، وبقدر يفوق الكثير من مجايليه و اللاحقين له! لكن الضمير العربي ابي ان يقر له بانتمائه الاصيل وتنكر له ونفاه واحتقره!
منذ ذلك العهد والي اليوم بدأ احتقار الاعراب للون الأسود! اذ لا شك ان كثيرون مثله نصف عرب قبلوا وادمجوا في ثقافة الصحراء العربية فقط لأن نصفهم الآخر فارسي او روماني او بصراحة ليس افريقي و زنجي! و لأن لون بشرتهم ابيض! فحتي العرب السود الذين لا شك في انتسابهم للعروبة تم وصمهم بختم بداني الاستعباد، فالشعراء العرب وصفوا ب( غربان العرب ) و وضعوا في رف منسي علي الذاكرة العربية، وشخصيات امثال زيد الخيل الطائي يتم تهميشها عمدا؛
منذ ذلك العهد استقرت في العقلية العربية فرضية ان سود البشرة خلقوا للاستعباد ؟! و انهم لا يصلحون الا لأعمال العبيد وان كانوا احرارا!
بالطبع ليس ثمة منطق يسند هذا التصور، و لا الظن بأن اصل العرب يعود للجزيرة ( شبه الجزيرة العربية ) فعرب شمال افريقيا اكثر تعدادا من عرب غرب اسيا، صحيح ان العرب السود قلة في مصر و تونس وليبيا والمغرب وموريتانيا و دول الشام والعراق والخليج واليمن ( بالسكوت عن اعتبار السودانيين عربا ) لكن الصحيح ايضا ان الفرضية المقبولة علميا ( علم الاجناس والاجتماع والتاريخ ) ان افريقيا هي مهد كل الجنس البشري، و الفرضية المقبولة علميا كذلك ( علم اللغات ) ان اللغة العربية تنتسب لعائلة اللغات الافرو اسيوية والتي تضم ايضا اللغة العبرية و لغات القرن الافريقي ( الامهرية و الارومية و التقرية ).
لقد اضطر عنترة لتقبل حالة الاقصاء التي تعرض لها وان كان اضمرها في نفسه ( حين دعي للاشتراك في معركة الدفاع عن القبيلة قال لأبيه متهكما: أ يكر العبد؟! العبد لا يحسن الكرار انما يحسن الحلب والصرار )؛ وكثيرة هي قصائده التي يقول فيها في وصف ومدح نفسه ( انا العبد )؛
انا العبد الذي خبرت عنه
وقد عاينتني فدع السماع
عنترة لم يعاني من ( ازمة هوية ) كما نقول بلغة اليوم، فازمة الهوية ازمة ماهية؛ و عنترة يستمد ماهيته من كونه فارس لا يهاب الموت ومن كونها شاعر مبين يجيد فن الافصاح عن ذاته و عن الاخرين و يمتلك ناصية فهم وشرح المواقف والظواهر.. فهو القائل:
إني امرؤ من خير عبس منصبا
شطري و أحمي سائري بالمنصل والقائل في ذات السياق:
واذا الكتيبة احجمت وتلاحظت
ألفيت خيرا من معم مخول
يعتب علي قومه أنهم يتفاضلون عليه بالنسب عند السلم اما عند القتال فيتحامون خلفه!
ما اختبره عنترة وعاناه وتحمله امر أعقد من مجرد أزمة هوية؛ تحمل وزر جماعة فشلت في الوفاء بالتزامات الجماعة حيال فرد فيها، و وزر امة اجهضت قبل ان تستبين ملامحها.
فيما يعاني العرب السود اليوم ويتحملون وزر قومية ارادت ان تعبر قبل الاوان الي افق الانسانية الارحب، قومية تحمل اخر رسالات السماء والتي خاطبتها مباشرة أن: ( ليست العربية لاحدكم بأب ولا أم؛ العربية لسان .. ) و ب ( لا فضل لعربي علي عجمي ولا أبيض علي اسود الا بالتقوي والتقوي في الصدور ) لكنها جهلت ذلك و اتخذت العربية ام و اب و تفاضلت ليس علي كل العجم انما فقط علي اساس اللون وحتي علي من كان فصيحا في لغة الضاد! فالعرب اليوم يسمون سود البشرة فيهم ( الخوال ) و لفظة تحمل من التنكر اكثر مما تحمل من اعتراف و من التندر اكثر من الإقرار بواقع حال!
ان عقدة عنترة ليست عقدة فرد واحد، بل وليست عقدة فئة محدودة بقدر ما هي انعكاس لعقدة مجموع وقومية علي فرد وفئة .. فتتجلي فيها كما تتجلي وتتجمع اشعة الشمس علي عدسة لامة محدبة تستحيل فيها من شعاع مضئ ونافع لشعاع ناري مشتعل حارق وضار!
تعليقات
إرسال تعليق