بقاء البلد بلا حكومة و بلا سياسيين لمدة عام و شهرين كشف ظهر الخدمة المدنية و جهاز الادارة (الحكم الاتحادي).. اما الادارة (العسكرية) فهي التي تجلس علي عرش الفوضي و توجهها !!
سقوط نظام المؤتمر الوطني كان مناسبة سانحة لجهاز الخدمة العامة ليتحرر من اجندة السياسيين و الايدولوجيا و قيودها و يمرر اجندة الوطن.
لكن جهاز الخدمة العامة نفسه كانت اعباءه اكبر من اعباء الاحزاب !!
جهاز الخدمة العامة خضع بالكامل للمؤتمر الوطني و كأن سيطرة المؤتمر هذه كانت (نهاية التاريخ الوطني)، جهاز الخدمةالعامة لم يتعامل مع اشكالاته و اشكالات البلد بطريقة علمية (ادارية) .. صحيح ان المؤتمر الوطني سيطر علي مفاصله و وزع عناصره الضارة و السامة في كل خواصره .. لكن هذا لا يعفي كامل الجهاز من مسؤوليته الوطنية في التصدي لذلك (الذين بقوا داخل الجهاز و الذين خرجوا أو أخرجوا بالفصل و الصالح العام) و الترتيب و التأهب لمرحلة ما بعد المؤتمر الوطني ..
واضح انهم جميعاً لم يكن يوجد في ابعد نقطة من مخيلتهم ان الوضع الشائه و الخاطئ هذا سيزول و ينتهي؟
نقطة الضعف الابرز في جهاز الخدمة العامة كان (الحكم المحلي - جهاز الادارة العامة) .. شاغلي سلك الضباط الاداريين !!
كل المحليات و بعض الولايات الآن في حالة فقدان بوصلة تام !
معظم الولايات اسند منصب الحاكم فيها لأحد كبار الضباط الاداريين -أمين عام حكومة ولاية سابق، و كلهم اظهروا اداء ضعيف للغاية، و مستمرين في تقديم عرض (ما يطلبه الدكتاتور و ما يطلبه العسكر) و ليس ما يطلبه الجمهور و ما يطلبه المواطن !!
الولايات و المحليات في حالة فوضي و تخبط و عشوائية ظهر حتي في الطرقات و التي تحولت الي حالة فوضي عارمة اخطلت فيها حابل الباعة الجائلين بنابل فوضي المرور مع انهيار في شبكات الصرف الصحي و انتشار للنفايات .. الخ
سلك الضباط الاداريين هذا يحتاج لتقييم شامل و لمراجعة كاملة من الفكرة و الفلسفة و الي الاستيعاب و التعيين و التأهيل و الي التنفيذ و النتائج..
مراجعة عامة تبدأ من مسمي الوظيفة (ضابط) اداري ذات المحمول العسكري في بلد ظلت مطية لانقلابيين عسكر مغامرين !!
و حتي زيهم الذي يتزيون به (البدلة و الكاب و الكتفيات - أم زيق/الازبليطات) و التي تحيل كلها الي العسكرتاريا.
يجب الغاء صفة (ضابط) هذه و حبذا لو الغيت حتي من الهيكل العسكري فالضابط-العسكري هو موظف دولة لا أكثر و لا أقل؛ و لتكن الصفة (موظف عام مدني) ان كان بجهاز الدولة المدني و (موظف عام عسكري) ان كان بالقوات العسكرية، و بالمناسبة الشرطة ليست قوات عسكرية..
و تجب اعادة النظر في تعيين و تأهيل شاغلي سلك الادارة العامة هذا (الضباط الاداريين) و تدريبهم و دمج السلك في جهاز الدولة المدني بشكل كامل.. ليقوم شاغلي هذا السلك بخدمة الحكم المحلي الخدمي و نظام الحكم المحلي الديمقراطي و اللامركزي-الديمقراطي؛ و ليس في خدمة سلطوية الاستبداد !!
الديمقراطية لن تستقر في هذه البلاد مالم يتم غرسها و رعايتها من مستوي حكومات المحليات و علي المستوي الاتحادي.. و ليس فقط علي مستوي انتخاب الحكومة و البرلمان القوميين.
يجب كذلك التركيز علي ان يتم الترقي في هذا السلك الاداري من خلال الانجاز و الابتكار و النجاحات و ليس فقط من خلال السنوات "الصبر" و البقاء بلا عمل و بلا قيمة مع تقاضي الرواتب و الامتيازات.
تعليقات
إرسال تعليق