التخطي إلى المحتوى الرئيسي

عسكرتاريا الضباط الاداريين !!

 

بقاء البلد بلا حكومة و بلا سياسيين لمدة عام و شهرين كشف ظهر الخدمة المدنية و جهاز الادارة (الحكم الاتحادي).. اما الادارة (العسكرية) فهي التي تجلس علي عرش الفوضي و توجهها !! 

سقوط نظام المؤتمر الوطني كان مناسبة سانحة لجهاز الخدمة العامة ليتحرر من اجندة السياسيين و الايدولوجيا و قيودها و يمرر اجندة الوطن.

لكن جهاز الخدمة العامة نفسه كانت اعباءه اكبر من اعباء الاحزاب !! 

جهاز الخدمة العامة خضع بالكامل للمؤتمر الوطني و كأن سيطرة المؤتمر هذه كانت (نهاية التاريخ الوطني)، جهاز الخدمةالعامة لم يتعامل مع اشكالاته و اشكالات البلد بطريقة علمية (ادارية) .. صحيح ان المؤتمر الوطني سيطر علي مفاصله و وزع عناصره الضارة و السامة في كل خواصره .. لكن هذا لا يعفي كامل الجهاز من مسؤوليته الوطنية في التصدي لذلك (الذين بقوا داخل الجهاز و الذين خرجوا أو أخرجوا بالفصل و الصالح العام) و الترتيب و التأهب لمرحلة ما بعد المؤتمر الوطني ..

واضح انهم جميعاً لم يكن يوجد في ابعد نقطة من مخيلتهم ان الوضع الشائه و الخاطئ هذا سيزول و ينتهي؟ 

نقطة الضعف الابرز في جهاز الخدمة العامة كان (الحكم المحلي - جهاز الادارة العامة) .. شاغلي سلك الضباط الاداريين !!

كل المحليات و بعض الولايات الآن في حالة فقدان بوصلة تام !

معظم الولايات اسند منصب الحاكم فيها لأحد كبار الضباط الاداريين -أمين عام حكومة ولاية سابق، و كلهم اظهروا اداء ضعيف للغاية، و مستمرين في تقديم عرض (ما يطلبه الدكتاتور و ما يطلبه العسكر) و ليس ما يطلبه الجمهور و ما يطلبه المواطن !!

الولايات و المحليات في حالة فوضي و تخبط و عشوائية ظهر حتي في الطرقات و التي تحولت الي حالة فوضي عارمة اخطلت فيها حابل الباعة الجائلين بنابل فوضي المرور مع انهيار في شبكات الصرف الصحي و انتشار للنفايات .. الخ

سلك الضباط الاداريين هذا يحتاج لتقييم شامل و لمراجعة كاملة من الفكرة و الفلسفة و الي الاستيعاب و التعيين و التأهيل و الي التنفيذ و النتائج..

مراجعة عامة تبدأ من مسمي الوظيفة (ضابط) اداري ذات المحمول العسكري في بلد ظلت مطية لانقلابيين عسكر مغامرين !!

و حتي زيهم الذي يتزيون به (البدلة و الكاب و الكتفيات - أم زيق/الازبليطات) و التي تحيل كلها الي العسكرتاريا.

يجب الغاء صفة (ضابط) هذه و حبذا لو الغيت حتي من الهيكل العسكري فالضابط-العسكري هو موظف دولة لا أكثر و لا أقل؛ و لتكن الصفة (موظف عام مدني) ان كان بجهاز الدولة المدني و (موظف عام عسكري) ان كان بالقوات العسكرية، و بالمناسبة الشرطة ليست قوات عسكرية.. 

و تجب اعادة النظر في تعيين و تأهيل شاغلي سلك الادارة العامة هذا (الضباط الاداريين) و تدريبهم و دمج السلك في جهاز الدولة المدني بشكل كامل.. ليقوم شاغلي هذا السلك بخدمة الحكم المحلي الخدمي و نظام الحكم المحلي الديمقراطي و اللامركزي-الديمقراطي؛ و ليس في خدمة سلطوية الاستبداد !!

الديمقراطية لن تستقر في هذه البلاد مالم يتم غرسها و رعايتها من مستوي حكومات المحليات و علي المستوي الاتحادي.. و ليس فقط علي مستوي انتخاب الحكومة و البرلمان القوميين. 

يجب كذلك التركيز علي ان يتم الترقي في هذا السلك الاداري من خلال الانجاز و الابتكار و النجاحات و ليس فقط من خلال السنوات "الصبر" و البقاء بلا عمل و بلا قيمة مع تقاضي الرواتب و الامتيازات.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بروفايل "البروف-الشيخ"

   دائما ما كنت اتساءل عن التخصص الذي يحمله السيد ابراهيم احمد عمر وزير التعليم العالي في اول حكومة انقاذية 1989م وعراب ما سمي تجاوزا "ثورة التعليم العالي" والتي بموجبها تم ت...

أوامر المهزوم!

  اوامر الطوارئ الاربع التي اصدرها البشير اليوم 25فبراير و التي تأتي استنادا علي اعلان الجمعة الماضية ( اعلان الطوارئ وحل الحكومة و تكليف ضباط بشغل مناصب حكام الولايات ) لها دلالة اساسية هي ان الحكومة تحاذر السقوط و باتت اخيرا تستشعر تهاوي سلطتها! جاء اعلان الطوارئ و حل الحكومة كتداعي لحركة التظاهرات والاضرابات التي عمت مدن البلاد علي امل ان يؤدي الي هدوء الشارع .. اما و قد مرت اكثر من 72 ساعة علي الاعلان دون اثر فتأتي الاوامر الاربعة (منع التظاهر، و تقييد تجارة السلع الاستراتيجية، و حظر تجارة النقد الاجنبي، و تقييد وسائل النقل والاتصالات) كمحاولة ثانية يائسة لايهام الجموع الشعبية بأن السلطة قابضة بقوة و ان لديها خيارات امنية و قانونية و ادارية متعددة! لا اجد لهذا الاعلان نظير في تاريخ السودان، اذ لا يشبه قرارات الانظمة الوطنية ( ديمقراطية كانت او انقلابية ) .. فالطوارئ قرار يلجأ اليه الحاكم في حالة الحروب او الكوارث الطبيعية او الازمات الوطنية و ليس اداة لمجابهة ازمات سياسية، فازمات السياسة لها طرق حل معروفة منها التنحي او الانتخابات المبكرة او تكوين ائتلافات جديدة وليس من بين...

البشير لم يسقط وحده

  بعد ثورة و تظاهرات استمرت لأربعة اشهر و عمت كل مدن و قري السودان اجبر الرئيس البشير علي التنحي و سقط بحسب مفردات الثورة السودانية و ثوارها..   اليوم حلفاء البشير من الانته...