التخطي إلى المحتوى الرئيسي

مدنيين امام المحاكم العسكرية!

   اثار اعلان بدء محاكمة الزعيم القبلي موسي هلال قائد مليشيات الجنجويد الموالية في السابق لحكومة البشير والذي تم استيعابه ومعظم افراد "عشيرته" في صفوف "قوات حرس الحدود" التي تتبع لقوات الشعب المسلحة و وزارة الدفاع، اثارت جدلا بخصوص قانونية محاكمة المدنيين امام المحاكم العسكرية!
   رغم ان الجدل في مثل الحال الماثل في بلادنا غير مفيد في معظم الاحوال لأن الدولة تفرض مشيئتها حتي ولو كان المنطق والحق في غير صفها، الا ان المجادلة تبقي ضرورية جدا لأن السلطات تسعي عبر مماحكاتها لتزييف الحق والمنطق و مغالطة الواقع والحقائق و إلباس الباطل ثوب الحق و الكذب ثوب الصدق والظلم ثوب العدل.. والتدليس عبر التها الضخمة علي عامة المواطنيين!
  ففي جدل محاكمة المدنيين عسكريا فرضت السلطات قناعاتها رغم بؤسها وزيفها ومررتها و كأنها العدل الصرف والحق الابلج!
  لها وللجميع نقول ان صفة "عسكري" ليست مجرد لقب يضفي علي اي شخص فيحوله من مدني الي عسكري وانما عملية طويلة تبدأ باستيفاء شروط الانتساب للقوة العسكرية والتي يقررها القانون العسكري "قانون القوات المسلحة هنا" و وفق ما تقرر ايضا الجهات المنفذة للقانون الممثلة هنا في رئاسة اركان القوات المسلحة، ثم تتواصل باستيفاء كل اجراءات الانتساب عبر اكمال برنامج التدريب العسكري بملاحقه القانونية الي اداء القسم والذي يعادل التوقيع علي عقد الخدمة.
  باكتمال اجراءات الانتساب فان الشخص يكمل عملية تحوله من شخص مدني الي عسكري ويكون بهذا قد وافق علي التنازل عن بعض حقوقه المدنية ومن بينها الحق في محاكمة عادلة امام قاضيه الطبيعي "المحاكمة المدنية" و وفق قواعد القانون المدني وقبل بالخضوع للقانون العسكري الذي تم شرح اهم بنوده له اثناء الدريب وقبل اداء قسم قسم الانتساب.
  عليه فان اي اختلال في قواعد التحول من الحياة المدنية الي العسكرية يلغي مجمل العملية ولا يترتب عليه اسقاط الحقوق المدنية للشخص المعني.. ويجيب عندها محاكمة كل من يرتكب جريمة او مخالفة وفقا للقانون الجنائي للدولة و الذي يتضمن بنود و مواد خاصة بالجرائم المتعلقة بالقوات العسكرية والنظامية.
  علاوة علي ذلك فإن اهمال تطبيق تدابير الاستيعاب في القوات العسكرية والتغاضي عن تطبيق الشروط الواجب مراعاتها 'المنصوص عليها لضمان قومية ولا قبائلية ولا تسيس القوة' يضع المسؤولين عن ذلك التغاضي والاهمال تحت طائلة المساءلة بموجب احكام القانون العسكري، عليه فان عملية تجنيد "عشيرة" موسي هلال تعد مخالفة "جسيمة" لقانون القوات المسلحة يسأل عنها كل المسؤولين عن الجيش من القائد الاعلي الي رئاسة الاركان و وزارة الدفاع.
ان المحاكمة العسكرية يستحقها الذين فتحوا ابواب القوات المسلحة للتجنيد علي اساس القبائل واستوعبوا عشائر بغضها وغضيضها!

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بروفايل "البروف-الشيخ"

   دائما ما كنت اتساءل عن التخصص الذي يحمله السيد ابراهيم احمد عمر وزير التعليم العالي في اول حكومة انقاذية 1989م وعراب ما سمي تجاوزا "ثورة التعليم العالي" والتي بموجبها تم ت...

أوامر المهزوم!

  اوامر الطوارئ الاربع التي اصدرها البشير اليوم 25فبراير و التي تأتي استنادا علي اعلان الجمعة الماضية ( اعلان الطوارئ وحل الحكومة و تكليف ضباط بشغل مناصب حكام الولايات ) لها دلالة اساسية هي ان الحكومة تحاذر السقوط و باتت اخيرا تستشعر تهاوي سلطتها! جاء اعلان الطوارئ و حل الحكومة كتداعي لحركة التظاهرات والاضرابات التي عمت مدن البلاد علي امل ان يؤدي الي هدوء الشارع .. اما و قد مرت اكثر من 72 ساعة علي الاعلان دون اثر فتأتي الاوامر الاربعة (منع التظاهر، و تقييد تجارة السلع الاستراتيجية، و حظر تجارة النقد الاجنبي، و تقييد وسائل النقل والاتصالات) كمحاولة ثانية يائسة لايهام الجموع الشعبية بأن السلطة قابضة بقوة و ان لديها خيارات امنية و قانونية و ادارية متعددة! لا اجد لهذا الاعلان نظير في تاريخ السودان، اذ لا يشبه قرارات الانظمة الوطنية ( ديمقراطية كانت او انقلابية ) .. فالطوارئ قرار يلجأ اليه الحاكم في حالة الحروب او الكوارث الطبيعية او الازمات الوطنية و ليس اداة لمجابهة ازمات سياسية، فازمات السياسة لها طرق حل معروفة منها التنحي او الانتخابات المبكرة او تكوين ائتلافات جديدة وليس من بين...

البشير لم يسقط وحده

  بعد ثورة و تظاهرات استمرت لأربعة اشهر و عمت كل مدن و قري السودان اجبر الرئيس البشير علي التنحي و سقط بحسب مفردات الثورة السودانية و ثوارها..   اليوم حلفاء البشير من الانته...