تتفاخر الدول "متقدمها و متخلفها" بأنها أتاحت لشخص من الاقليات ان يتسنم المركز الاول في الدولة "منصب الرئيس او رئيس الوزراء" كما حدث في امريكا التي انتخبت في 2008م باراك حسين اوباما كأول رئيس من اقلية الامريكيين من اصول افريقية..
لكن في اثيوبيا الوضع مختلف تماما، اذ تحتفل هذه الايام بأنها انتخبت اول رئيس وزراء من العرق الذي يمثل اغلبية "الارومو". فاثيوبيا علي مر تاريخها كانت تحكم باباطرة وملوك ورؤساء من قوميات "اقلية"، اذ في عهد الإمبراطورية كانت "امهرا" تمثل عرقية الملوك والحكام بامتياز، بينما في عهد النظام الجمهوري مر رؤساء من معظم القوميات عدا "ارومو".
أوجه شبه عدة بين آبي احمد رئيس وزراء اثيوبيا الجديد والرئيس الامريكي السابق باراك اوباما؛ كلاهما يمثلان تجربة سياسية واعدة "شابة"، وكلاهما تعكس شخصيتهما تنوع مجتمعيهما " فمثلما ان اوباما ينتسب لأب افريقي مسلم وام بيضاء مسيحية- بروتستانت، وله انتماء الديني ومذهب السياسي يعكس شخصيته المستقله، فان الرئيس آبي ينتمي لأبوين من عرقيتين وديانتين مختلفتين -اب مسلم من قومية الارومو وام مسيحية من الامهرا- وله ايضا مذهبه الذي يعكس شخصية قائمة بذاتها"..
لدي الدكتور آبي احمد "كما تحلو مناداته للاثيوبيين" ايضا مهام مشابهة لتلك التي كان علي باراك اوباما انجازها، فاذا كان اوباما يمثل محاولة لتعزيز ثقة المجتمع الامريكي المتحد بنفسه وجسر الهوة بين الاغلبية و سائر الاقليات و اكمال مشروع الحقوق المدنية بتحقيق المساواة التامة والتضامن بين البيض والسود.. فامام آبي مسؤولية توحيد و تقوية تضامن القوميات الاثيوبية، وايضا تحقيق معادلة تضمن التعايش الديني بعيدا عن أي اضطهاد او تعصب او تطرف او عزل..
ففي اثيوبيا طوائف دينية عدة من بينها طوائف مسلمة تستشعر التمييز ضدها، وبوصفه ابن احد اعضاء تلك الطائفة فان امام آبي فرصة اكبر لايجاد صيغة الادماج والتوحيد وتوظيف ذلك الاختلاف لمصلحة المجموع الاثيوبي الكبير؛
هذا علاوة علي التحدي الرئيس القائم منذ سقوط حكم الديكتاتور مانغستو وهو تعزيز التطور السياسي المدني للدولة والمجتمع الاثيوبيين، و تعزيز المجتمع الديمقراطي و المؤسسات التي تكفل ضمان سيادة حكم القانون والممارسة السياسية والادارية الرشيدة، هذا بجانب الحفاظ علي مستويات التنمية الاقتصادية المضطردة و تحقيق مكاسب اضافية لصالح زيادة معدلات النمو و تحسين مستويات معيشة المواطنيين ورفاهيتهم.
وايضا قيادة اثيوبيا قوية ومؤثرة خارجيا لصالح تعزيز مصالحها "العلاقة مع دولتي مجري ومصب النيل -السودان ومصر- وتمرير مشروع سد النهضة بسلاسة ودون مشاكل" وتعزيز دورها اقليميا في محيط مضطرب "الصومال، واريتريا، وجنوب السودان.." وقاريا كدولة قائدة في الاتحاد الافريقي، و دوليا باعتبارها احدي المجتمعات والقوي الناهضة اقتصاديا.
الخطاب و الموقف السياسي المساند للحرب و الحسم العسكري و رفض التفاوض و رفض أي حديث عن تسوية سياسية سلمية يعتمد علي استقطاب و تحشيد العوام ممن لا خبرة و لا معرفة لهم بطبيعة الحرب ولا السياسة! تحشيد العوام هذا خلق تيار جارف اخذ في طريقه حتي بعض "الانتلجنسيا" ممن لا قدرة لهم علي مواجهة العوام او ممن يظنون ان كل هذا الحشد لا يمكن الا ان يكون علي حق، فيحتفظ برأيه لنفسه او حتي يتخلي عنه و ينخرط مع التيار ..!! في المقام الاول ان لخطاب العنف و التحريض و "الانتقام" جاذبيته؛ و ان للقوة و استعراضها سطوة، مثلما ان لصورة الضحية فعلها؛ اما اذا دمج خطاب الضحايا مع خطاب القدرة علي الانتقام فاننا نحصل علي سيناريو تقليدي للافلام "البوليودية" و كثيرون هنا تفتق وعيهم و انفتح ادراكهم علي افلام الهند! فما يحدث و ما يدعو اليه خطاب الحرب بالنسبة لهؤلاء مفهوم و مستوعب و في مدي تصورهم لذا يرونه ليس واقعياً فحسب بل و بطولي و مغري يستحق ان ينخرطوا فيه بكلياتهم. سؤال الطلقة الأولي: قبل ان يعرف الناس الحقيقة بشأن ما قاد الي هذه الحرب التي انتشرت في مدن السودان و ولاياته ان...
تعليقات
إرسال تعليق