للأسف معظم الذين خدمتهم الظروف وساقتهم الصدف الي شارع القصر الجمهوري ثم الي مواقع ومقاعد التأثير السياسي والاقتصادي والقانوني والاجتماعي سواء كانوا من العسكر او البروقراطيين 'شاغلي الوظائف العليا في الخدمة المدنية الحكومية' المدنيين لم يكونوا مستعدين ولا مؤهلين للقيام بالأدوار التي ترشحوا لها! ولم يكونوا واعين لخطورة تلك الأدوار والمراكز بل نظروا اليها بعين الانانية وحب الذات وظنوها وجاهة اجتماعية ومصدر فخر وتشريف علي عكس ما يتشدقون في خطابات اليمين 'تكليف وليس تشريف'!
كلهم اصابهم داء الغرور السياسي والمبالغة في تقدير الذات، وتعاموا عن مواطئ اقدامهم حتي هوت بمن هوت فيما قلة تنتظر حتفها في صيرورة التاريخ.
خذ عبد الخالق محجوب سكرتير الحزب الشيوعي مثالا؛ ذلك الشاب الذي افتتن به ابناء جيله من الرفاق فسلموه الحزب و ايدولوجيته 'تسليم مفتاح' فطاح في مناوئيه و اعدمهم سياسيا فيما يعرف في ادبيات الرفاق بـ"اغتيال الشخصية" ثم سار برفاقه في رمال السياسة السودانية المتحركة بعجاجتها وكترابتها وكنداكتها ' الكنداكة في اللغة الشعبية الدارجة في بعض انحاء السودان تعني الاعصار والعاصفة الترابية' حتي اعدمه النميري مع ثلة من الرفاق المدنيين والعسكر مع كونهم حاضنته التي استقوي فيها!
وخذ نميري نفسه الذي حارب الرجعية و ثم قاتل التقدميين، وحارب في جبهة موسكو ثم مع واشنطون! و اقصي زعماء الادارة الأهلية 'زعماء القبائل ونظار العشائر' بالاكاديميين ثم اقصي الاكاديميين مستعينا بجماعات الصوفية 'الآبقة' ثم الاسلام الحركي 'الاخوان' وكان يؤدب مستشاريه وكبار رجال دولته بـ'الكف والبونية والركل' وتربع علي المشهد حتي ظن انه خالد فيه مدي الحياة كما كان يفعل نظراءه في مجاهل القارة السوداء اذ ان كثير من الرؤساء الأفارقة انتخبوا رؤساء مدي الحياة في تقليد كان متبع حينها 'واظنه خير من الانتخابات التي تنعقد بصور دورية الحين ولكن نتائجها معلومة سلفا' حتي اطاحت به انتفاضة الشعب بعد ان عانوا نتيجة تخبط سياساته التي اثمرت حرب الجنوب الثانية 'تمرد بور 1983' ومجاعة اوائل الثمانينات.
وخذ الترابي مثلا هذا الاكاديمي سليل الاسرة الدينية العريقة 'حفيد الشيخ حمد النحلان الذي ورد في مخطوطة طبقات اعيان السودان انه كانت له حاشية تبز حاشية مك/سلطان الفونج، و ابن عمه ننه ود الترابي صاحب الخوارق والمعجزات!'، والذي ترك قاعات تدريس الفقه الدستوري ليقتحم دنيا السياسة من بوابة التعددية الحزبية السياسية الديمقراطية 'التنظيم الديني الاسلامي' ثم ليجرب خيار الانقلاب ايضا!
الترابي نجح في تأسيس حركة علي نسق ما فعل حسن البنا مؤسس حركة الاخوان في مصر متبعا اثره حينا ومفارقه حينا، واصابه الغرور والمبالغة في تقييم الخصال الشخصية لما اصاب نجاحا كبيرا وما دري ان تأسيس حركة سياسية دينية امر لا يحتاج كثير عناء سيما لو اتبع خطوات من سلف! فأطاح بكل من خالفه داخل التيار الخاص به ثم اطاح بالجميع في المشهد السياسي واقصاهم مستقويا بـ'مريديه' من ضباط وصف ضباط الجيش! وبلغ مرحلة ظن ان في وسعه قول وفعل مايشاء ساعة يشاء حتي ضاق به تلامذته من المدنيين قبل العسكر فانقلبوا بليل من ليالي رمضان سنة 1999م و القوه في غياهب السجن عدة مرات ليخلو لهم وجه السلطة والجاه والنفوذ فعلوا ذلك واصابتهم نشوة الحكم فصرخوا فرحين 'هي لله لا للسلطة ولا للجاه!' وظل من حينها يصارعهم حينا ويصانعهم حينا ويحاورهم حتي لقي ربه معارضا!
خذ صلاح عبدالله 'قوش' ايضا شخص اصيب بداء الغرور و بـ Self over estimation المهندس تم الحاقه بجهاز الامن ايام بناء دولة الاسلاميين ومنح رتبة 'رائد' وترقي حتي وصل لرتبة الفريق وتسنم منصب الرجل الاول في ادارة الامن واضحي احد اقوي رجال الدولة واكثرهم نفوذا سياسيا واقتصاديا و حدثته نفسه بأنه اضحي رقم اساسي في المشهد وطفق يتصرف علي هذا الاساس وربما فكر في الترقي للرئاسة كل ذلك وفات عليه انه برغم ما هو عليه لم يفهم الف باء السياسة السودانية ولم يفهم طبيعة السلطة التي يتولي مهمة حراستها وطبيعة العلاقة بين مراكز القوي داخلها فتمت ازاحته بسهولة وبقرار علي قصاصة ورق لا غير ذهب الفريق 'قوش' الي بيته مواطنا كما جاء قبل سنوات وحتي حين تم تعينه مستشارا امنيا ظن ان حلمه مازال قائما حتي تم اعتقاله وقص اجنحته المالية وخلافه حتي تبين له ان عليه نسيان قوش المتنفذ وان يتصرف كبقية اخوانه في حزب الرئيس.
وخذ البشير نفسه ذاك الضابط المغمور الذي خدمته الظروف فبقي في الخدمة العسكرية حتي بلغ رتبة العميد "يقال والعهدة علي الرواة انه كان عرضة للاحالة للتقاعد لعدم اللياقة الطبية عندما كان في رتبة الرائد؛ لكن الوسطاء من الاعيان و شيوخ احدي الطوائف تشفعوا فيه فشفع لهم!"، ثم خدمته الظروف حين نطق احدهم باسمه كخيار في اجتماع سري لتنظيم الترابي 'الجبهة الاسلامية' فتلقف الاخرين الاسم وصعدوا به رئيسا لما سمي 'مجلس قيادة ثورة الانقاذ الوطني' الذي انتقل منه رئيسا للجمهورية حتي اليوم، ونجح في الاحتفاظ بالسلطة والتشبس بكرسي الرئاسة برغم كل العواصف الداخلية والاقليمية والدولية، والازمات السياسية والاقتصادية والامنية..
انتهت مشكلة الجنوب بحربها وسلمها وهي المشكلة التي تسببت في سقوط كل الانظمة العسكرية والديمقراطية التي سبقت حكمه وتسببت في نجاح انقلابه ولا يزال هو في مكتبه بقصر الحكم 'القصر الجمهوري/سرايا غردون سابقا' تفككت مؤسسات الحكم و انهار الاقتصاد و فقد الجنيه قيمته ولايزال البشير رئيسا عقدت انتخابات رئاسية او لم تعقد ظل البشير هو الرئيس، ولا بد ان طول هذه الفترة ستجعل البشير يظن انه الاقدر علي الحكم مع انه ظل لفترة طويلة يحكم صوريا بينما كان الترابي وتلامذته علي عثمان طه ونافع علي نافع هم من يديرون الوضع، لكن في 2013 فقط قام البشير باقصاءهم ومنها بدأ حكمه الفعلي!
يظن البشير اليوم ان في مقدوره الاستمرار في أدارة القطر المأزوم بعد ان اسهم هو شخصيا في اضافة اعباء اضعاف ما كان عليه الحال ليلة استولوا علي السلطة، وقد يظن انه استوعب الوضع السياسي بل وانه لا غني عنه ' وهذا ما يروج له قيادات حزبه والاحزاب المتحالفة معه' لكنه عمليا باقي ليشهد نهاية المشروع الذي شهد بداياته وليتحمل مسؤولية السقوط.
تماما مثل السابقين يمثل موسي هلال نموذج آخر لمن اصيبوا بامراض السلطة والسياسة في السودان وبداء سوء تقدير الذات والمبالغة في تقييم المواهب والخصال الشخصية! فالزعيم القبلي من دارفور والذي استعانت به السلطة ايام مشاكلها مع حركات التمرد المسلح ظن انه اضحي لاعب رئيسي خصوصا وان السلطة كافأته بمرتبة وزير مركزي لكنه سعي لقسمة اكبر وظن ان قيمته الشخصية وقوته تخوله الحصول علي ما هو اكبر مما هو حادث فناصب السلطة المركزية وحزب الرئيس العداء لكن السلطة تربصت به حتي نجحت في اسقاطه وبواسطة شحص كان يوما من اقرب المقربين له وبقوة لم يعتقد يوما ان تستخدم ضده.
كلهم اصابهم داء الغرور السياسي والمبالغة في تقدير الذات، وتعاموا عن مواطئ اقدامهم حتي هوت بمن هوت فيما قلة تنتظر حتفها في صيرورة التاريخ.
خذ عبد الخالق محجوب سكرتير الحزب الشيوعي مثالا؛ ذلك الشاب الذي افتتن به ابناء جيله من الرفاق فسلموه الحزب و ايدولوجيته 'تسليم مفتاح' فطاح في مناوئيه و اعدمهم سياسيا فيما يعرف في ادبيات الرفاق بـ"اغتيال الشخصية" ثم سار برفاقه في رمال السياسة السودانية المتحركة بعجاجتها وكترابتها وكنداكتها ' الكنداكة في اللغة الشعبية الدارجة في بعض انحاء السودان تعني الاعصار والعاصفة الترابية' حتي اعدمه النميري مع ثلة من الرفاق المدنيين والعسكر مع كونهم حاضنته التي استقوي فيها!
وخذ نميري نفسه الذي حارب الرجعية و ثم قاتل التقدميين، وحارب في جبهة موسكو ثم مع واشنطون! و اقصي زعماء الادارة الأهلية 'زعماء القبائل ونظار العشائر' بالاكاديميين ثم اقصي الاكاديميين مستعينا بجماعات الصوفية 'الآبقة' ثم الاسلام الحركي 'الاخوان' وكان يؤدب مستشاريه وكبار رجال دولته بـ'الكف والبونية والركل' وتربع علي المشهد حتي ظن انه خالد فيه مدي الحياة كما كان يفعل نظراءه في مجاهل القارة السوداء اذ ان كثير من الرؤساء الأفارقة انتخبوا رؤساء مدي الحياة في تقليد كان متبع حينها 'واظنه خير من الانتخابات التي تنعقد بصور دورية الحين ولكن نتائجها معلومة سلفا' حتي اطاحت به انتفاضة الشعب بعد ان عانوا نتيجة تخبط سياساته التي اثمرت حرب الجنوب الثانية 'تمرد بور 1983' ومجاعة اوائل الثمانينات.
وخذ الترابي مثلا هذا الاكاديمي سليل الاسرة الدينية العريقة 'حفيد الشيخ حمد النحلان الذي ورد في مخطوطة طبقات اعيان السودان انه كانت له حاشية تبز حاشية مك/سلطان الفونج، و ابن عمه ننه ود الترابي صاحب الخوارق والمعجزات!'، والذي ترك قاعات تدريس الفقه الدستوري ليقتحم دنيا السياسة من بوابة التعددية الحزبية السياسية الديمقراطية 'التنظيم الديني الاسلامي' ثم ليجرب خيار الانقلاب ايضا!
الترابي نجح في تأسيس حركة علي نسق ما فعل حسن البنا مؤسس حركة الاخوان في مصر متبعا اثره حينا ومفارقه حينا، واصابه الغرور والمبالغة في تقييم الخصال الشخصية لما اصاب نجاحا كبيرا وما دري ان تأسيس حركة سياسية دينية امر لا يحتاج كثير عناء سيما لو اتبع خطوات من سلف! فأطاح بكل من خالفه داخل التيار الخاص به ثم اطاح بالجميع في المشهد السياسي واقصاهم مستقويا بـ'مريديه' من ضباط وصف ضباط الجيش! وبلغ مرحلة ظن ان في وسعه قول وفعل مايشاء ساعة يشاء حتي ضاق به تلامذته من المدنيين قبل العسكر فانقلبوا بليل من ليالي رمضان سنة 1999م و القوه في غياهب السجن عدة مرات ليخلو لهم وجه السلطة والجاه والنفوذ فعلوا ذلك واصابتهم نشوة الحكم فصرخوا فرحين 'هي لله لا للسلطة ولا للجاه!' وظل من حينها يصارعهم حينا ويصانعهم حينا ويحاورهم حتي لقي ربه معارضا!
خذ صلاح عبدالله 'قوش' ايضا شخص اصيب بداء الغرور و بـ Self over estimation المهندس تم الحاقه بجهاز الامن ايام بناء دولة الاسلاميين ومنح رتبة 'رائد' وترقي حتي وصل لرتبة الفريق وتسنم منصب الرجل الاول في ادارة الامن واضحي احد اقوي رجال الدولة واكثرهم نفوذا سياسيا واقتصاديا و حدثته نفسه بأنه اضحي رقم اساسي في المشهد وطفق يتصرف علي هذا الاساس وربما فكر في الترقي للرئاسة كل ذلك وفات عليه انه برغم ما هو عليه لم يفهم الف باء السياسة السودانية ولم يفهم طبيعة السلطة التي يتولي مهمة حراستها وطبيعة العلاقة بين مراكز القوي داخلها فتمت ازاحته بسهولة وبقرار علي قصاصة ورق لا غير ذهب الفريق 'قوش' الي بيته مواطنا كما جاء قبل سنوات وحتي حين تم تعينه مستشارا امنيا ظن ان حلمه مازال قائما حتي تم اعتقاله وقص اجنحته المالية وخلافه حتي تبين له ان عليه نسيان قوش المتنفذ وان يتصرف كبقية اخوانه في حزب الرئيس.
وخذ البشير نفسه ذاك الضابط المغمور الذي خدمته الظروف فبقي في الخدمة العسكرية حتي بلغ رتبة العميد "يقال والعهدة علي الرواة انه كان عرضة للاحالة للتقاعد لعدم اللياقة الطبية عندما كان في رتبة الرائد؛ لكن الوسطاء من الاعيان و شيوخ احدي الطوائف تشفعوا فيه فشفع لهم!"، ثم خدمته الظروف حين نطق احدهم باسمه كخيار في اجتماع سري لتنظيم الترابي 'الجبهة الاسلامية' فتلقف الاخرين الاسم وصعدوا به رئيسا لما سمي 'مجلس قيادة ثورة الانقاذ الوطني' الذي انتقل منه رئيسا للجمهورية حتي اليوم، ونجح في الاحتفاظ بالسلطة والتشبس بكرسي الرئاسة برغم كل العواصف الداخلية والاقليمية والدولية، والازمات السياسية والاقتصادية والامنية..
انتهت مشكلة الجنوب بحربها وسلمها وهي المشكلة التي تسببت في سقوط كل الانظمة العسكرية والديمقراطية التي سبقت حكمه وتسببت في نجاح انقلابه ولا يزال هو في مكتبه بقصر الحكم 'القصر الجمهوري/سرايا غردون سابقا' تفككت مؤسسات الحكم و انهار الاقتصاد و فقد الجنيه قيمته ولايزال البشير رئيسا عقدت انتخابات رئاسية او لم تعقد ظل البشير هو الرئيس، ولا بد ان طول هذه الفترة ستجعل البشير يظن انه الاقدر علي الحكم مع انه ظل لفترة طويلة يحكم صوريا بينما كان الترابي وتلامذته علي عثمان طه ونافع علي نافع هم من يديرون الوضع، لكن في 2013 فقط قام البشير باقصاءهم ومنها بدأ حكمه الفعلي!
يظن البشير اليوم ان في مقدوره الاستمرار في أدارة القطر المأزوم بعد ان اسهم هو شخصيا في اضافة اعباء اضعاف ما كان عليه الحال ليلة استولوا علي السلطة، وقد يظن انه استوعب الوضع السياسي بل وانه لا غني عنه ' وهذا ما يروج له قيادات حزبه والاحزاب المتحالفة معه' لكنه عمليا باقي ليشهد نهاية المشروع الذي شهد بداياته وليتحمل مسؤولية السقوط.
تماما مثل السابقين يمثل موسي هلال نموذج آخر لمن اصيبوا بامراض السلطة والسياسة في السودان وبداء سوء تقدير الذات والمبالغة في تقييم المواهب والخصال الشخصية! فالزعيم القبلي من دارفور والذي استعانت به السلطة ايام مشاكلها مع حركات التمرد المسلح ظن انه اضحي لاعب رئيسي خصوصا وان السلطة كافأته بمرتبة وزير مركزي لكنه سعي لقسمة اكبر وظن ان قيمته الشخصية وقوته تخوله الحصول علي ما هو اكبر مما هو حادث فناصب السلطة المركزية وحزب الرئيس العداء لكن السلطة تربصت به حتي نجحت في اسقاطه وبواسطة شحص كان يوما من اقرب المقربين له وبقوة لم يعتقد يوما ان تستخدم ضده.
تعليقات
إرسال تعليق