التخطي إلى المحتوى الرئيسي

اللبس الفاضح .. والدولة المفضوحة

كلام كثير قيل وحبر اكثر اهرق في مسألة قانون وشرطة النظام العام لولاية الخرطوم، هذا القانون الذي يفرض نسق أخلاقي؟ و مزاج محدد؟! وموضة أيضا؟!
علم القانون في أول أبوابه يهتم بالتفريق بين القاعدة القانونية والقاعدة الأخلاقية، ويركز علي توضيح العلاقة بينهما 'القانون والأخلاق' وتوضيح انهما قد تتقاطعان جزئيا لكن لا تتطابقان أبدا، فلكل منهما مجاله المنفصل والمستقل.
القانون يحترم ويرعي أخلاق المجتمع و أدبه و ذوقه، في التطبيق والممارسة وليس في التشريع، لأنه لا يعني بفرض تلك الأخلاق و الآداب والذوق، فما هو 'حق' يختلف عما هو أخلاقي.. الخ. 
لكن تجربة السودان في التشريع القانوني والتطبيقات القضائية والممارسة العدلية تضعضعت منذ تدشين ما عرف بالتوجه الاسلامي 1983م. ما عادت هناك قاعدة مرعية!
ولم نسأل اهل التوجه الاسلامي بعد سنهم لقانون الأخلاق هذا 'النظام العام' من اين ستأتون بأشخاص مؤهلين 'اخلاقيا' لفرض قواعد الأخلاق! و فضلاء ليسهروا علي حراسة الفضيلة!
هم طبعا يعلمون أنهم بسنهم لهذا القانون لم يهدفوا لحماية المجتمع انما لاطلاق اياديهم لتقبض وتحاكم بلا سبب قانوني، وليعيش الناس مرعوبين من يد 'السلطة' التي تطال من ترغب! سلطة تتدخل في ادق خصوصيات الفرد و مسائلة الشخصية بل و تفتش نواياه وضميره.
شاهدنا كيف تقتحم الشرطة منزل زوجية وتقتاد زوج وزوجته بملابس النوم بشبه الفعل 'الفاضح' و'الخلوة' غير الشرعية و'الشروع' في الزنا؟! وكيف توقف والد في الشارع وتسأله عن صلته ب'إبنته' التي في معيته لمجرد انه يطوق كتفها او يمسك كفها؟!
لا أحد يهتم بدراسة اثر هذا القانون و شرطته علي المجتمع وهل اسهم في محاصرة الرذيلة ونشر الفضيلة ام تفشت الموبقات والكبائر معه علنا وفي الخفاء!؟
لا احد يلاحظ ان قانون النظام العام لسنة 1994 تعديل 1996 يقول شئ وان شرطة النظام العام التي تأسست بموجب قانون الشرطة لا النظام العام تنفذ شئ اخر بينما محاكم النظام العام المنشأة بموجب قانون السلطة القضائية وليس قانون النظام العام تطبق امر ثالث لا صلة له باﻷمرين السابقين!!
لكن اثر هذا القانون البائن هو اننا اصبحنا كلنا كحكامنا نهتم بالتوافه من الأمور ماذا تلبس إبنة جارنا تلك ولماذا؟! ومع من يخرج إبن جارنا الجديد وكيف؟ وبسلوك هذه وذاك من الغرباء!
بينما لا يهمنا الشأن العام ولا تهمنا فضائح الحكومة، فما يحدث في البلد من قتل وإغتصاب وتشريد و نهب وما يشتعل فيها من حروب و فتن ومليشيا خارجة علي السلطة واخري يسبغ عليها القانون حمايه؟! ولا رتب الدولة و مناصبها التي اضحت تقسم كالغنائم والاسلاب علي بيوت وعوائل المقربين؟! و ما يتفشي من أمراض و جوع ومسغبة و ما يصل لأنوفنا من روائح الفساد المالي المنظم والسرقة والنهب الممنهج لمال الدولة كله فوضنا أمرنا فيه لله، اما الصغائر فنحن لها!

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بروفايل "البروف-الشيخ"

   دائما ما كنت اتساءل عن التخصص الذي يحمله السيد ابراهيم احمد عمر وزير التعليم العالي في اول حكومة انقاذية 1989م وعراب ما سمي تجاوزا "ثورة التعليم العالي" والتي بموجبها تم ت...

أوامر المهزوم!

  اوامر الطوارئ الاربع التي اصدرها البشير اليوم 25فبراير و التي تأتي استنادا علي اعلان الجمعة الماضية ( اعلان الطوارئ وحل الحكومة و تكليف ضباط بشغل مناصب حكام الولايات ) لها دلالة اساسية هي ان الحكومة تحاذر السقوط و باتت اخيرا تستشعر تهاوي سلطتها! جاء اعلان الطوارئ و حل الحكومة كتداعي لحركة التظاهرات والاضرابات التي عمت مدن البلاد علي امل ان يؤدي الي هدوء الشارع .. اما و قد مرت اكثر من 72 ساعة علي الاعلان دون اثر فتأتي الاوامر الاربعة (منع التظاهر، و تقييد تجارة السلع الاستراتيجية، و حظر تجارة النقد الاجنبي، و تقييد وسائل النقل والاتصالات) كمحاولة ثانية يائسة لايهام الجموع الشعبية بأن السلطة قابضة بقوة و ان لديها خيارات امنية و قانونية و ادارية متعددة! لا اجد لهذا الاعلان نظير في تاريخ السودان، اذ لا يشبه قرارات الانظمة الوطنية ( ديمقراطية كانت او انقلابية ) .. فالطوارئ قرار يلجأ اليه الحاكم في حالة الحروب او الكوارث الطبيعية او الازمات الوطنية و ليس اداة لمجابهة ازمات سياسية، فازمات السياسة لها طرق حل معروفة منها التنحي او الانتخابات المبكرة او تكوين ائتلافات جديدة وليس من بين...

البشير لم يسقط وحده

  بعد ثورة و تظاهرات استمرت لأربعة اشهر و عمت كل مدن و قري السودان اجبر الرئيس البشير علي التنحي و سقط بحسب مفردات الثورة السودانية و ثوارها..   اليوم حلفاء البشير من الانته...