من الجلي ان دعوة فصل الدين عن الدولة تجد رفضا حاسما و ممانعة شديدة وسط العامة في بلدان العالمين العربي و الاسلامي. صحيح ان ذاك الرفض يبلغ غاية حدته لدي التيارات الاسلامية الاصولية السلفية و جماعات الاسلام الحركي وهو امر طبيعي ومفهوم ليس بسبب صدق انتماء عناصر تلك التيارات للايدولوجيا الدينية و انما لخصوصية علاقة الدين والمذاهب والجماعات والتيارات السياسية الاسلامية ب'الدولة' والحكام والسلاطين.
فالعلاقة بين الدولة والدين في المجتمعات المسلمة علاقة اعتماد تبادلي؛ وليست استغلال طرف واستغوائه بالاخر فقط ( غالبا الدولة تستغل الدين، كما كان حادث في اوروبا القرون الوسطي )، فكما يستغل الحكام الدين استفاد الدين ( او المذهب الديني ) من علاقات قربه من قصور الحكم ، ففي تاريخ الفرق والجماعات والممالك الاسلامية ظهر بجلاء عجز كل طرف عن الاستغناء عن الاخر اذ ظلت الممالك والسلطنات تبحث عن شرعية دينية 'من وحي او نبوءة او فتوي' في المقابل ظلت الفرق والتيارات والعلماء يبحثون دوما عن سند من سلطان ..
لكن من الواضح والجلي ان حوجة الجماعات الدينية و العلماء للدولة اشد واكثر من حوجة الدولة لهم . فمقولات علي شاكلة 'الناس علي دين ملوكهم' و 'ان الله ليزع بالسلطان ما لايزع بالقرآن' تعبر عن هذه الحالة و هذا الوضع.
هناك ايضا نماذج تاريخية عديدة تعضد ذلك، فقبل ظهور الفرق الدينية كانت الشرعية شرعية دم و عصبية عشائر 'بنو امية و بنو العباس -بني هاشم' كان الصراع بين بني عبد مناف و بني عبدشمس واستمر الحال علي ذلك ردحا من الزمان علنيا. لكن مع ظهور الفرق اضحت عصبية الدماء مخفية واضحي المعلن والزائف هو التستر بشرعية مذهبية.
اذ مع ظهور الفرق الكلامية 'الجبرية و القدرية و المرجئة' اضحت كل فرقة تسعي لاستمالة السلطان و الاحتماء به والاستقواء علي مخالفيها الرأي و البطش بهم لا بالحجة انما بقوة السلطان.
ففرقة كالمعتزلة مثلا معروف انها انتشرت وراجت حين تبناها خليفة 'المأمون بن هارون الرشيد' و وصلت اوج سطوتها، ولكن مع وصول خليفة اخر 'المتوكل' تعرض اتباعها للاضطهاد و ذهبت ريحهم، وطائفة الاشاعرة والماتردية أيضا استقوت بالسلاطين و المذهب الحنبلي تعرض للاقصاء في زمن الامام احمد وابن تيمية ولكن في زمن ابن عبد الوهاب نجح في بناء حلف مع الملك سعود الكبير و من يومها والفرقة في انتشار و زخم الي يومنا هذا ! التيارات السلفية والجهادية و جماعة الاخوان المسلمين رغم انها تمثل معارضة سياسية في عدة بلدان الا انها تستقوي بدول اخري ( ايران وقطر و دول خليجية عدة) وحتي ايام معارضتها كانت دوما تعقد صفقات تحت الطاولة تضمن لقيادتها الحماية والتأثير الاقتصادي والاجتماعي تمهيدا لاقتلاع السلطة. فما يميز الاخوان عن بقية التيارات هو انها تيار سياسي اكثر من كونه مذهبي اي انه اجلا او عاجلا سيطيح بالحكومات لتحكم قيادته فهو لا يطمح فقط للانتشار ولا يكتفي بالاحتماء بالسلطة انما يسعي لاغتصاب السلطة نفسها!
ان المذاهب والتيارات والطوائف الدينية تؤمن بالقول المأثور:( الناس علي دين ملوكهم ) لذا تسعي كل الطوائف لاستمالة الملوك والحكام و( الحكومات ايضا ) لأن ذلك يضمن لها التفوق علي رصيفاتها. وحتي الطرق الصوفية شرعت في التخلي عن قاعدتها الذهبية ( البعد عن السلطان والنأي عن السياسة ) والتحقت بالسباق الي قصور الحكام لتضمن لنفسها مقعدا متقدما و حيزا في صراع البقاء والتنفذ هذا !!
فالعلاقة بين الدولة والدين في المجتمعات المسلمة علاقة اعتماد تبادلي؛ وليست استغلال طرف واستغوائه بالاخر فقط ( غالبا الدولة تستغل الدين، كما كان حادث في اوروبا القرون الوسطي )، فكما يستغل الحكام الدين استفاد الدين ( او المذهب الديني ) من علاقات قربه من قصور الحكم ، ففي تاريخ الفرق والجماعات والممالك الاسلامية ظهر بجلاء عجز كل طرف عن الاستغناء عن الاخر اذ ظلت الممالك والسلطنات تبحث عن شرعية دينية 'من وحي او نبوءة او فتوي' في المقابل ظلت الفرق والتيارات والعلماء يبحثون دوما عن سند من سلطان ..
لكن من الواضح والجلي ان حوجة الجماعات الدينية و العلماء للدولة اشد واكثر من حوجة الدولة لهم . فمقولات علي شاكلة 'الناس علي دين ملوكهم' و 'ان الله ليزع بالسلطان ما لايزع بالقرآن' تعبر عن هذه الحالة و هذا الوضع.
هناك ايضا نماذج تاريخية عديدة تعضد ذلك، فقبل ظهور الفرق الدينية كانت الشرعية شرعية دم و عصبية عشائر 'بنو امية و بنو العباس -بني هاشم' كان الصراع بين بني عبد مناف و بني عبدشمس واستمر الحال علي ذلك ردحا من الزمان علنيا. لكن مع ظهور الفرق اضحت عصبية الدماء مخفية واضحي المعلن والزائف هو التستر بشرعية مذهبية.
اذ مع ظهور الفرق الكلامية 'الجبرية و القدرية و المرجئة' اضحت كل فرقة تسعي لاستمالة السلطان و الاحتماء به والاستقواء علي مخالفيها الرأي و البطش بهم لا بالحجة انما بقوة السلطان.
ففرقة كالمعتزلة مثلا معروف انها انتشرت وراجت حين تبناها خليفة 'المأمون بن هارون الرشيد' و وصلت اوج سطوتها، ولكن مع وصول خليفة اخر 'المتوكل' تعرض اتباعها للاضطهاد و ذهبت ريحهم، وطائفة الاشاعرة والماتردية أيضا استقوت بالسلاطين و المذهب الحنبلي تعرض للاقصاء في زمن الامام احمد وابن تيمية ولكن في زمن ابن عبد الوهاب نجح في بناء حلف مع الملك سعود الكبير و من يومها والفرقة في انتشار و زخم الي يومنا هذا ! التيارات السلفية والجهادية و جماعة الاخوان المسلمين رغم انها تمثل معارضة سياسية في عدة بلدان الا انها تستقوي بدول اخري ( ايران وقطر و دول خليجية عدة) وحتي ايام معارضتها كانت دوما تعقد صفقات تحت الطاولة تضمن لقيادتها الحماية والتأثير الاقتصادي والاجتماعي تمهيدا لاقتلاع السلطة. فما يميز الاخوان عن بقية التيارات هو انها تيار سياسي اكثر من كونه مذهبي اي انه اجلا او عاجلا سيطيح بالحكومات لتحكم قيادته فهو لا يطمح فقط للانتشار ولا يكتفي بالاحتماء بالسلطة انما يسعي لاغتصاب السلطة نفسها!
ان المذاهب والتيارات والطوائف الدينية تؤمن بالقول المأثور:( الناس علي دين ملوكهم ) لذا تسعي كل الطوائف لاستمالة الملوك والحكام و( الحكومات ايضا ) لأن ذلك يضمن لها التفوق علي رصيفاتها. وحتي الطرق الصوفية شرعت في التخلي عن قاعدتها الذهبية ( البعد عن السلطان والنأي عن السياسة ) والتحقت بالسباق الي قصور الحكام لتضمن لنفسها مقعدا متقدما و حيزا في صراع البقاء والتنفذ هذا !!
تعليقات
إرسال تعليق