السودان من الاقطار القليلة التي استعصت علي الفتوحات العثمانية التركية مثلما استعصت من قبل علي خيول الفتوحات الإسلامية، قوات السلطان سليم الثاني وصلت حتي حدود الاقليم الشمالي و مدينة سواكن بالشرق، كان ينتوي اجتياح بقية اراضي القطر لكن السلطان السناري الاول 'عمارة دنقس' ابدي استعداد للدفاع عن سلطنته ما حدا بالسلطان العثماني للتراجع عن قصده..
حدث هذا في اوائل القرن السادس عشر و استمر الحال علي هذا النحو حتي اوائل القرن التاسع عشر حين قرر والي مصر وحاكمها المستقل فعليا والتابع لاسطنبول اسميا 'محمد علي الكبير' غزو السودان في 1821م.
تمكن محمد علي من ضم السودان لاقطاعيته المصرية والتي كانت خاضعة بصورة متزايدة للنفوذ الاوروبي الفعلي خصوصا علي عهد اولاده واحفاده.
ولذا كان السودان المحكوم من القاهرة الخديوية لا صلة مباشرة له بالسلطان العثماني 'الباب العالي' المقيم في الأستانة! بل يتأثر باوربا نتيجة لأن مصر نصبت فيه عدد من ال 'حكمدارات' و حكام الاقاليم من جنسيات اوروبية كشارلس غردون وصمويل بيكر الانجليزيان و سلاطين وامين النمساويان!
ولكن بعد ست عقود انتفت كل صلة للسودان بالقاهرة والاستانة وأوروبا ايضا بفضل نجاح ثورة الامام المهدي.
بعد اعادة الفتح في 1899م بشراكة انجليزية مصرية عادت تركيا للسودان اسميا ايضا واضعف مما كانت عليه في السابق، ومع نهاية الحرب العالمية الاولي و انهيار الدولة العثمانية انتفت كل صلة لكن بقيت الصلة المعنوية، يقال ان بعض مساجد السودان و خصوصا النائي منه ظلت تدعو للسلطان العثماني عبد الحميد الثاني بالنصر وتأييد الله له من منابرها يوم الجمعة حتي سبعينيات القرن العشرين!
هذا هو السياق التاريخي الحقيقي للعلاقة بين السودان وتركيا.
في الوقت الراهن فإن علاقات تركيا باغلب الدول الافريقية هي اقوي من علاقتها بالسودان، الوجود التركي في الصومال شاهد علي ذلك، وبرتكولات التعاون الثقافي والاقتصادي بينها وبين دول افريقيا ايضا تشهد علي ذلك. بذا فالحديث عن ان السودان هو بوابة افريقيا بالنسبة للاتراك مجرد كلام للاستهلاك الداخلي، اللهم الا ان كانت بوابة خروج!
واضح ان حكومة السودان 'اسلامية التوجه' والتي وضعت كل خياراتها ورهاناتها بين يدي رئيسها 'الجنرال' البشير، و بعد ان فقدت كل اسباب بقاءها داخليا وخارجيا 'داخليا؛ استنفدت كل فرص تحقيق استقرار اقتصادي وسياسي بعد خروجها من سوق النفط واسواق الحاصلات الزراعية و استنفاذها لكل التحالفات والائتلافات القبلية والسياسية والدينية والعسكرية، وخارجيا؛ بعد اجبارها علي تدمير حلفها مع طهران، وتضعضع شراكتها مع الصينيين، و انكشاف خسران رهانها السعودي الاخير في اليمن بظهور استحالة بناء علاقة متكافئة مع واشنتجون' لم يبقي امامها الي العودة للشراكة الايدولوجية مع التنظيم العالمي للاخوان المسلمين و الذي تمثل انقرا و الدوحة ضلعه القوي!
حينما وصل اردوغان وحزبه للسلطة كان اسلاميو الخرطوم قد قضوا عقدا كاملا في السلطة، وينعمون بواردات نفط الجنوب الذي بدأ ضخه للتو، وطرحوا ارضا منظرهم الاسلامي الاول الشيخ الراحل الترابي، واستغنوا عن أي مرجعية سياسية وفكرية داخلية كانت او خارجية! وكانوا ينظرون لتجربة حزب الرفاه التركي بعين "الاستاذية"..
لكن اليوم بعد ان تقطعت بهم الاسباب والسبل يمثل اردوغان ومحوره مع قطر المنقذ الوحيد.
البشير ونظامه اليوم في حوجة ماسة لطوق نجاة معنوي من اردوغان يلوحون به في وجه الازمات والتدخلات الخارجية، وازمات الداخل الاقتصادية والامنية.
لذا تمثل زيارة اردوغان في حد ذاتها ضوء في نهاية النفق، كما تمثل اتفاقية التعاون الاستراتيجي و الاتفاقات الاثنتي عشر التي ابرمت خلال الزيارة تعويذة بقاء كان البشير في اشد الحاجة لها!
فهل تعود مساجد السودان لسابق عهدها بالدعاء بنصر الله وتأييده لسلطان تركيا الجديد بايعاز من حكومة البشير!
حدث هذا في اوائل القرن السادس عشر و استمر الحال علي هذا النحو حتي اوائل القرن التاسع عشر حين قرر والي مصر وحاكمها المستقل فعليا والتابع لاسطنبول اسميا 'محمد علي الكبير' غزو السودان في 1821م.
تمكن محمد علي من ضم السودان لاقطاعيته المصرية والتي كانت خاضعة بصورة متزايدة للنفوذ الاوروبي الفعلي خصوصا علي عهد اولاده واحفاده.
ولذا كان السودان المحكوم من القاهرة الخديوية لا صلة مباشرة له بالسلطان العثماني 'الباب العالي' المقيم في الأستانة! بل يتأثر باوربا نتيجة لأن مصر نصبت فيه عدد من ال 'حكمدارات' و حكام الاقاليم من جنسيات اوروبية كشارلس غردون وصمويل بيكر الانجليزيان و سلاطين وامين النمساويان!
ولكن بعد ست عقود انتفت كل صلة للسودان بالقاهرة والاستانة وأوروبا ايضا بفضل نجاح ثورة الامام المهدي.
بعد اعادة الفتح في 1899م بشراكة انجليزية مصرية عادت تركيا للسودان اسميا ايضا واضعف مما كانت عليه في السابق، ومع نهاية الحرب العالمية الاولي و انهيار الدولة العثمانية انتفت كل صلة لكن بقيت الصلة المعنوية، يقال ان بعض مساجد السودان و خصوصا النائي منه ظلت تدعو للسلطان العثماني عبد الحميد الثاني بالنصر وتأييد الله له من منابرها يوم الجمعة حتي سبعينيات القرن العشرين!
هذا هو السياق التاريخي الحقيقي للعلاقة بين السودان وتركيا.
في الوقت الراهن فإن علاقات تركيا باغلب الدول الافريقية هي اقوي من علاقتها بالسودان، الوجود التركي في الصومال شاهد علي ذلك، وبرتكولات التعاون الثقافي والاقتصادي بينها وبين دول افريقيا ايضا تشهد علي ذلك. بذا فالحديث عن ان السودان هو بوابة افريقيا بالنسبة للاتراك مجرد كلام للاستهلاك الداخلي، اللهم الا ان كانت بوابة خروج!
واضح ان حكومة السودان 'اسلامية التوجه' والتي وضعت كل خياراتها ورهاناتها بين يدي رئيسها 'الجنرال' البشير، و بعد ان فقدت كل اسباب بقاءها داخليا وخارجيا 'داخليا؛ استنفدت كل فرص تحقيق استقرار اقتصادي وسياسي بعد خروجها من سوق النفط واسواق الحاصلات الزراعية و استنفاذها لكل التحالفات والائتلافات القبلية والسياسية والدينية والعسكرية، وخارجيا؛ بعد اجبارها علي تدمير حلفها مع طهران، وتضعضع شراكتها مع الصينيين، و انكشاف خسران رهانها السعودي الاخير في اليمن بظهور استحالة بناء علاقة متكافئة مع واشنتجون' لم يبقي امامها الي العودة للشراكة الايدولوجية مع التنظيم العالمي للاخوان المسلمين و الذي تمثل انقرا و الدوحة ضلعه القوي!
حينما وصل اردوغان وحزبه للسلطة كان اسلاميو الخرطوم قد قضوا عقدا كاملا في السلطة، وينعمون بواردات نفط الجنوب الذي بدأ ضخه للتو، وطرحوا ارضا منظرهم الاسلامي الاول الشيخ الراحل الترابي، واستغنوا عن أي مرجعية سياسية وفكرية داخلية كانت او خارجية! وكانوا ينظرون لتجربة حزب الرفاه التركي بعين "الاستاذية"..
لكن اليوم بعد ان تقطعت بهم الاسباب والسبل يمثل اردوغان ومحوره مع قطر المنقذ الوحيد.
البشير ونظامه اليوم في حوجة ماسة لطوق نجاة معنوي من اردوغان يلوحون به في وجه الازمات والتدخلات الخارجية، وازمات الداخل الاقتصادية والامنية.
لذا تمثل زيارة اردوغان في حد ذاتها ضوء في نهاية النفق، كما تمثل اتفاقية التعاون الاستراتيجي و الاتفاقات الاثنتي عشر التي ابرمت خلال الزيارة تعويذة بقاء كان البشير في اشد الحاجة لها!
فهل تعود مساجد السودان لسابق عهدها بالدعاء بنصر الله وتأييده لسلطان تركيا الجديد بايعاز من حكومة البشير!
تعليقات
إرسال تعليق