هل ما يحدث لدينا هو 'مجرد' فساد؟
الفساد يعرف بأنه خروج علي القوانين المالية والادارية للدولة وخرق للأنظمة و اللوائح.. عندما يكون الخروج والخرق في حدود نسبة مئوية لا تتجاوز الارقام فيها خانة الاحاد، اما حينما تتجاوز النسبة مستوي ال 50% فاننا نكون ازاء ظاهرة خطيرة جدا ومهدد وجودي للدولة، كل هذا في وجود قانون يحدد ويسمي حالات الخرق و ينص علي تدابير جزائية وعقابية واستردادية و في وجود اجهزة تعمل علي محاصرة تلك الخروقات وترصد حالات الخروج علي القانون و وجود برلمان يسائل و صحافة تكشف التجاوزات،
اما حينما يكون القانون يحمي المفسدين والمؤسسات تغطي علي التجاوزات و اعلام خائف يرتجف فاننا نكون بازاء شئ جديد
ما يحصل لدينا في السودان ليس فساد وانما نهب منظم وسرقة ممنهجة لا تتم تحت سمع ونظر السلطات والقانون بل وبمباركته و تحت حمايته و وصايته التامة!
لأن الوضع الطبيعي ان يكون الفساد هو الاستثناء، وتكون التجاوزات هي الخروج عن ناموس الدولة، فيما الحادث لدينا اضحت معه النزاهة ونظافة اليد والشفافية هي الاستثناء..
وان كانت لمكافحة الفساد تدابير و اجراءات وترسانة قوانين وثقافة، فان مكافحة النهب المنظم والسرقة المحمية تتطلب تدابير مختلفة كليا، فمكافحة هذا النمط المستفحل والمشتط من الفساد لا يحتاج لارادة سياسية علي غرار الفساد 'العادي'، فالسلطات التي رعت الفساد حتي وصل مثل هذه المراحل المتقدمة لا يتوقع منها ان تتوافر علي ارادة سياسية مناوئة له؛ بل ولن تتأتي لها بأي حال من الاحوال.
معالجة هذه الحالة لا تتم بمجرد 'اصلاح' كما تقترح الحكومة الحالية عبر برنامج اصلاح الدولة الذي تقترح و تزعم تنفيذه و انما تتم بمعالجات جذرية تقتضي تغيير كل اللاعبين و كل قواعد اللعبة ايضا،
معالجة هذه الظاهرة تقتضي ثورة و لم يحدث بعد ان قامت حكومة بالثورة علي نفسها! التاريخ لا يسعفنا بمثل هذه النماذج اذ لم يحدث في تاريخ الحكم لدينا او في اي مكان في العالم ان اقدمت حكومة بالثورة علي نفسها، فالحكومات تنقلب علي نفسها اي ترتد و تتراجع عن خططها وبرامجها المعلنة والانقلاب ردة بمعني انه رجوع ونكوص في درب التاريخ واتخاذ اجراءات و قرارات تنتمي للماضي فيما الثورة هي قفزات للامام و للمستقبل عبر اتخاذ قرارات و اجراءات غير مسبوقة و لتحقيق اهداف جديدة ..
كما ان الانقلاب يعني التنكر للوقائع ونكران الحقائق بينما الثورة تقتضي الاعتراف و مواجهة الحقائق.. لذا فان سياسة 'اصلاح الدولة' التي اعلنت عنها حكومة البشير 'ويعتبر رئيس الوزراء المعين حديثا عرابها' لن تصيب هدفا لأن كل مسؤوليها يصرون علي دفن الرؤوس في رمال التناقض والاكاذيب والدعاوي البليدة. هم يصرون علي ترديد اكاذيب من شاكلة ان الفساد في الحد الطبيعي بينما هم والغين و متوغلين في الفساد حتي آذانهم و يقولون ان القضاء مستقل وهم اول من يعلم ان القضاء مسيس ومنحاز و مكبل تماما، و يقولون ان سياسة التمكين التي يقرون باتباعها فيما سبق اصبحت من الماضي مع غياب اي ضمانات تؤكد ذلك! فالموظفين الذين اتوا عبر ابواب التمكين والولاء هم من بيدهم القرار الأن ولا يمكن لمن أتي بطريقة خاطئة ان يفعل الصواب!! ويعلمون ان الاصلاح لا يمكن ان يتم في ظل جياة سياسية مقيدة بالكامل فالبرلمان نصف منتخب اثر عملية متحكم بها والحياة الحزبية معطلة بطريقة مبتكرة اذ لا يسمح لها بممارسة حزبية بينما يتم تشجيع تناسلها وانقسامها حتي اضحت الساحة تضج ب 100 حزب و 50 حركة مسلحة وفي الواقع تخلو الساحة من اي حزب بالمفهوم الدقيق للعلوم السياسية. ومنظمات المجتمع المدني الحقوقية وخلافها مضيق عليها حتي تحولت الي 'كناتين' و وكالات لمنظمات خارجية.. والاعلام لا يملك من امر نفسه شيئا.
اصلاح ما حاق بالدولة من خراب وايقاف غيلان الفساد يتطلب اولا الاقرار بحجم الخراب و الاعتراف بالاسباب والمسببات كلها و بما ان الدولة من قمتها ضالعة فيه فان الاقرار بذلك من العسير عليها ..
وحيث ان الفساد والتجاوزات اضحت القاعدة و النزاهة و الشفافية اضحت الاستثناء فإن تغيير هذا الحال لن يتم بتوجيهات او قرارات عليا ولا بيد من رسخوا له.
الفساد يعرف بأنه خروج علي القوانين المالية والادارية للدولة وخرق للأنظمة و اللوائح.. عندما يكون الخروج والخرق في حدود نسبة مئوية لا تتجاوز الارقام فيها خانة الاحاد، اما حينما تتجاوز النسبة مستوي ال 50% فاننا نكون ازاء ظاهرة خطيرة جدا ومهدد وجودي للدولة، كل هذا في وجود قانون يحدد ويسمي حالات الخرق و ينص علي تدابير جزائية وعقابية واستردادية و في وجود اجهزة تعمل علي محاصرة تلك الخروقات وترصد حالات الخروج علي القانون و وجود برلمان يسائل و صحافة تكشف التجاوزات،
اما حينما يكون القانون يحمي المفسدين والمؤسسات تغطي علي التجاوزات و اعلام خائف يرتجف فاننا نكون بازاء شئ جديد
ما يحصل لدينا في السودان ليس فساد وانما نهب منظم وسرقة ممنهجة لا تتم تحت سمع ونظر السلطات والقانون بل وبمباركته و تحت حمايته و وصايته التامة!
لأن الوضع الطبيعي ان يكون الفساد هو الاستثناء، وتكون التجاوزات هي الخروج عن ناموس الدولة، فيما الحادث لدينا اضحت معه النزاهة ونظافة اليد والشفافية هي الاستثناء..
وان كانت لمكافحة الفساد تدابير و اجراءات وترسانة قوانين وثقافة، فان مكافحة النهب المنظم والسرقة المحمية تتطلب تدابير مختلفة كليا، فمكافحة هذا النمط المستفحل والمشتط من الفساد لا يحتاج لارادة سياسية علي غرار الفساد 'العادي'، فالسلطات التي رعت الفساد حتي وصل مثل هذه المراحل المتقدمة لا يتوقع منها ان تتوافر علي ارادة سياسية مناوئة له؛ بل ولن تتأتي لها بأي حال من الاحوال.
معالجة هذه الحالة لا تتم بمجرد 'اصلاح' كما تقترح الحكومة الحالية عبر برنامج اصلاح الدولة الذي تقترح و تزعم تنفيذه و انما تتم بمعالجات جذرية تقتضي تغيير كل اللاعبين و كل قواعد اللعبة ايضا،
معالجة هذه الظاهرة تقتضي ثورة و لم يحدث بعد ان قامت حكومة بالثورة علي نفسها! التاريخ لا يسعفنا بمثل هذه النماذج اذ لم يحدث في تاريخ الحكم لدينا او في اي مكان في العالم ان اقدمت حكومة بالثورة علي نفسها، فالحكومات تنقلب علي نفسها اي ترتد و تتراجع عن خططها وبرامجها المعلنة والانقلاب ردة بمعني انه رجوع ونكوص في درب التاريخ واتخاذ اجراءات و قرارات تنتمي للماضي فيما الثورة هي قفزات للامام و للمستقبل عبر اتخاذ قرارات و اجراءات غير مسبوقة و لتحقيق اهداف جديدة ..
كما ان الانقلاب يعني التنكر للوقائع ونكران الحقائق بينما الثورة تقتضي الاعتراف و مواجهة الحقائق.. لذا فان سياسة 'اصلاح الدولة' التي اعلنت عنها حكومة البشير 'ويعتبر رئيس الوزراء المعين حديثا عرابها' لن تصيب هدفا لأن كل مسؤوليها يصرون علي دفن الرؤوس في رمال التناقض والاكاذيب والدعاوي البليدة. هم يصرون علي ترديد اكاذيب من شاكلة ان الفساد في الحد الطبيعي بينما هم والغين و متوغلين في الفساد حتي آذانهم و يقولون ان القضاء مستقل وهم اول من يعلم ان القضاء مسيس ومنحاز و مكبل تماما، و يقولون ان سياسة التمكين التي يقرون باتباعها فيما سبق اصبحت من الماضي مع غياب اي ضمانات تؤكد ذلك! فالموظفين الذين اتوا عبر ابواب التمكين والولاء هم من بيدهم القرار الأن ولا يمكن لمن أتي بطريقة خاطئة ان يفعل الصواب!! ويعلمون ان الاصلاح لا يمكن ان يتم في ظل جياة سياسية مقيدة بالكامل فالبرلمان نصف منتخب اثر عملية متحكم بها والحياة الحزبية معطلة بطريقة مبتكرة اذ لا يسمح لها بممارسة حزبية بينما يتم تشجيع تناسلها وانقسامها حتي اضحت الساحة تضج ب 100 حزب و 50 حركة مسلحة وفي الواقع تخلو الساحة من اي حزب بالمفهوم الدقيق للعلوم السياسية. ومنظمات المجتمع المدني الحقوقية وخلافها مضيق عليها حتي تحولت الي 'كناتين' و وكالات لمنظمات خارجية.. والاعلام لا يملك من امر نفسه شيئا.
اصلاح ما حاق بالدولة من خراب وايقاف غيلان الفساد يتطلب اولا الاقرار بحجم الخراب و الاعتراف بالاسباب والمسببات كلها و بما ان الدولة من قمتها ضالعة فيه فان الاقرار بذلك من العسير عليها ..
وحيث ان الفساد والتجاوزات اضحت القاعدة و النزاهة و الشفافية اضحت الاستثناء فإن تغيير هذا الحال لن يتم بتوجيهات او قرارات عليا ولا بيد من رسخوا له.
تعليقات
إرسال تعليق