قبل وصول الحركة الاسلامية السودانية/ الجبهة القومية الاسلامية للسلطة في 30يونيو 1989م عبر انقلاب البشير كانت الاختلافات الاثنية/ العرقية في السودان والتباينات الجهوية كما الدينية في طور الكمون، كانت تعلو و تهبط في لحظات معينة و حسب مهيجات ويتم التعامل معها بحكمة وفي حينها، كانت ابرز مظاهرها اجتماعية لا غير تبرز من حين لآخر وتصل لمحاكم الاحوال الشخصية عند رفض ذوي شمالية مثلا تزويجها من جنوبي، او مسلمة لمسيحي والعكس بالعكس، اما قانونيا في دوائر الدولة ومؤسساتها 'قوات نظامية، مدارس ومعاهد، ومكاتب' لم يكن يبين اي اثر للتباين ذاك، وكانت اقصي تجلياتها عند تحالف النميري في 1978م مع حركة الترابي 'اخوان السودان' التحالف الذي اثمر عن قوانين سبتمبر 1983م الدينية و تمرد بور الذي تبلورت عنه حركة قرنق، وهو التحالف 'نميري-الترابي' الذي مهد السبيل لمرحلة الترابي - البشير والتي انتهت الي انفراد البشير بتقرير الأمور!!
لم يكن اكثر الناس تشاؤما ليلة 30 يونيو ليتوقع ان تنحدر الامور اثنيا بين السودانيين لما انحدرت اليه في عهد دولة الاسلاموين، لأن الخطاب الدين الذي يعلمه الناس قبل تمكن الفقه الاخواني الترابي يقول ان الناس كلهم سواسية امام الرب و ينبغي ان يكونوا كذلك علي الارض و الا تفاضل الا بالتقوي وحيث ان التقوي في القلوب فان الله وحده هو العالم بها.
لكن اتضح ان الاسلامويين لم يكونوا يملكون برنامجا اجتماعيا وثقافيا مثلما لم يملكوا برنامجا قانونيا ولا اقتصاديا ولا سياسيا..
بل وما هو اسوء صدرت عن بعضهم تعبيرات وافكار تنم عن عقلية موغلة في التخلف والطوباوية ففي وقت مبكر من سنوات حكمهم كان بعضهم يعزي مشاكل السودان للتباينات 'متناسين حكمة الله في خلق الناس امم و وشعوب وفق ما يمليه الايمان'، سمعنا بعضهم يعرض حلولا موغلة في الاوهام للمشكلة المتوهمة، بعضهم كان يتحدث عن ضرورة صهر كل الاعراق وتذويبها بالتزواج الممنهج وتلمدروس لتنتج عرقا واحدا هجينا!! وفات علي ادراكهم القاصر ان العشائرية مرحلة وعي مرتبطة بالمرحلة التاريخية والبيئة التي نعيشها ولن تحل ماديا اذ ان اي تزواج يمكن ان تنتج عنه عشائر جديدة طالما ان الظرف لم يتغير، بل بتكريس المدنية ودولة القانون!
كما سمعنا بعضهم يتحدث عن استجلاب مصريين لتسريع عمليا التهجين!! بل ان شيخهم الترابي نفسه تحدث عن انه فكر في توطين صينيين لحل مشكلة ضعف الانتاج الاقتصادي فهو يري اننا شعب غير منتج وخامل!! فات عليه ايضا ان ضعف انتاجيتنا سببها الرئيسي هو اختلال النظام الاداري للدولة وغياب الحوافز وغياب او ضعف خطابها الاقتصادي والثقافي!!
التباين الثقافي والعرقي تحول من ازمة متوهمه في ذهن الاسلاميين الي مشكلة ماثلة نتيجة لسلسلة من الاجراءات والقرارات الخاطئة والسياسات العرجاء .. حتي اذا حدث اختلاف الحركة الاسلامية الأول فوجئنا بان اغلبهم يركن للاسباب العرقية؛ اذ تصادف وان انحاز اغلب منسوبي الحركة الاسلامية من مناطق دارفور لجانب الشيخ الترابي، ورغم ان مكاتب منطقة نهر النيل قد انحازت بمجملها ايضا للشيخ لكن علي ما يبدو حصل تواطؤ بين طرفي النزاع علي تقاسم السودان اثنيا فطفق كل جناح يحصد اتباع له علي هذا الأساس!! فكان الكتاب الأسود مجهول المؤلفين وان كان الراجح انهم من قيادات الحركة الاسلامية جناح الشيخ الترابي، ذلك الكتاب الذي سع عبر رصد مغرض لاقسام من وظائف الدولة ومناصبها العامة ليصور للناس ان المشكلة عرقية صرفة،
ثم مع الحركة الاسلامية تواطئت النخبة المعارضة عبر خطاب المركز والهامش والهيمنة الثقافية الاسلاموعروبية لتمنح وهم التباين الثقافي والعرقي اسانيد ومصداقية ليست له و بعد سياسي وفكري متوهم ايضا !!
ان اختلاف الانقاذيين بعد عشر سنوات كان مؤشر واضح علي فشل سياستهم ونهجهم و برامجهم لكنهم نجحوا بذكاء في التملص والانسلال من تحملة تبعة و وصمة ذلك الفشل وحملوها للمجتمع ولاعراقه و اثنياته المتباينه وتحميل الوذر كله لاقليم دون غيره ولاثنيات باكملها لا لسياسيين او لحزب او لحركة او لبرنامج!!
اذا كانت الحركة الاسلامية فعلت ذلك بذكاء او غباء فهي المستفيدة لانها تنجو بجلدها من تحمل مسؤولية سياستها فلأي شئ يفعل غيرهم ذلك؟
لم يكن اكثر الناس تشاؤما ليلة 30 يونيو ليتوقع ان تنحدر الامور اثنيا بين السودانيين لما انحدرت اليه في عهد دولة الاسلاموين، لأن الخطاب الدين الذي يعلمه الناس قبل تمكن الفقه الاخواني الترابي يقول ان الناس كلهم سواسية امام الرب و ينبغي ان يكونوا كذلك علي الارض و الا تفاضل الا بالتقوي وحيث ان التقوي في القلوب فان الله وحده هو العالم بها.
لكن اتضح ان الاسلامويين لم يكونوا يملكون برنامجا اجتماعيا وثقافيا مثلما لم يملكوا برنامجا قانونيا ولا اقتصاديا ولا سياسيا..
بل وما هو اسوء صدرت عن بعضهم تعبيرات وافكار تنم عن عقلية موغلة في التخلف والطوباوية ففي وقت مبكر من سنوات حكمهم كان بعضهم يعزي مشاكل السودان للتباينات 'متناسين حكمة الله في خلق الناس امم و وشعوب وفق ما يمليه الايمان'، سمعنا بعضهم يعرض حلولا موغلة في الاوهام للمشكلة المتوهمة، بعضهم كان يتحدث عن ضرورة صهر كل الاعراق وتذويبها بالتزواج الممنهج وتلمدروس لتنتج عرقا واحدا هجينا!! وفات علي ادراكهم القاصر ان العشائرية مرحلة وعي مرتبطة بالمرحلة التاريخية والبيئة التي نعيشها ولن تحل ماديا اذ ان اي تزواج يمكن ان تنتج عنه عشائر جديدة طالما ان الظرف لم يتغير، بل بتكريس المدنية ودولة القانون!
كما سمعنا بعضهم يتحدث عن استجلاب مصريين لتسريع عمليا التهجين!! بل ان شيخهم الترابي نفسه تحدث عن انه فكر في توطين صينيين لحل مشكلة ضعف الانتاج الاقتصادي فهو يري اننا شعب غير منتج وخامل!! فات عليه ايضا ان ضعف انتاجيتنا سببها الرئيسي هو اختلال النظام الاداري للدولة وغياب الحوافز وغياب او ضعف خطابها الاقتصادي والثقافي!!
التباين الثقافي والعرقي تحول من ازمة متوهمه في ذهن الاسلاميين الي مشكلة ماثلة نتيجة لسلسلة من الاجراءات والقرارات الخاطئة والسياسات العرجاء .. حتي اذا حدث اختلاف الحركة الاسلامية الأول فوجئنا بان اغلبهم يركن للاسباب العرقية؛ اذ تصادف وان انحاز اغلب منسوبي الحركة الاسلامية من مناطق دارفور لجانب الشيخ الترابي، ورغم ان مكاتب منطقة نهر النيل قد انحازت بمجملها ايضا للشيخ لكن علي ما يبدو حصل تواطؤ بين طرفي النزاع علي تقاسم السودان اثنيا فطفق كل جناح يحصد اتباع له علي هذا الأساس!! فكان الكتاب الأسود مجهول المؤلفين وان كان الراجح انهم من قيادات الحركة الاسلامية جناح الشيخ الترابي، ذلك الكتاب الذي سع عبر رصد مغرض لاقسام من وظائف الدولة ومناصبها العامة ليصور للناس ان المشكلة عرقية صرفة،
ثم مع الحركة الاسلامية تواطئت النخبة المعارضة عبر خطاب المركز والهامش والهيمنة الثقافية الاسلاموعروبية لتمنح وهم التباين الثقافي والعرقي اسانيد ومصداقية ليست له و بعد سياسي وفكري متوهم ايضا !!
ان اختلاف الانقاذيين بعد عشر سنوات كان مؤشر واضح علي فشل سياستهم ونهجهم و برامجهم لكنهم نجحوا بذكاء في التملص والانسلال من تحملة تبعة و وصمة ذلك الفشل وحملوها للمجتمع ولاعراقه و اثنياته المتباينه وتحميل الوذر كله لاقليم دون غيره ولاثنيات باكملها لا لسياسيين او لحزب او لحركة او لبرنامج!!
اذا كانت الحركة الاسلامية فعلت ذلك بذكاء او غباء فهي المستفيدة لانها تنجو بجلدها من تحمل مسؤولية سياستها فلأي شئ يفعل غيرهم ذلك؟
تعليقات
إرسال تعليق