التخطي إلى المحتوى الرئيسي

السودان أغني من الخليج وبما لا مجال للمقارنة...


  ليس علي سبيل تعزية النفس بالنسبة الينا كسودانيين في ازمتنا الوطنية الراهنة ولا الاثارة الرخيصة او حتي التقليل من مقدرات الخليجيين لكن للحقيقة فان السودان اغني من دول مجلس الخليج مجتمعة ولجهلنا بهذه الحقيقة طفقنا نبحث عن الثراء في الخليج فكان السودان هو الخاسر الاكبر من هذه الصلة 'حالة الاغتراب للعمل في الخليج'.
   تاريخيا معروف انه قبل انتاج النفط وطفراته في الخليج كان السودان يتمتع بحالة رفاهية معيشية ممتازة و اقتصاد زراعي وصناعي ومعرفي ناهض ..
كانت نسب فوائض ميزانية الدولة في ارتفاع مضطرد والميزان التجاري تميل كفته لصالح البلد، كان التعليم العام والعالي يقدم خدمة مجانية بالكامل و وفق المقاييس الدولية، وكذلك خدمات الصحة العلاجية، ومعدلات البطالة في ادني مستوياتها ولكل المجتمع اذ كانت المرأة تتقدم في كل المجالات حذو الرجل؛ في القطاعين العام والخاص و في صفوف الجيش والبوليس وسلك القضاء والبرلمان ووو
كان السودان بمورده البشري فقط 'كادر جيد التعليم وكادر عالي التدريب و التأهيل' ينافس علي مركز بين الامم المتقدمة.
كانت المسارح ودور السينما تعج بالرواد والعروض وكليات الفنون والموسيقي والمسرح والسينما و النقد تزخر بالباحثين والدارسين.
كانت محطات القطارات والمطارات تشاد وشبكة الطرق والاتصالات تمتد لتربط مليون ميل مربع 2.2 مليون كيلومتر مربع هي مساحة القطر و تخدم ما يناهز ال 20 مليون نسمة هو عدد السكان حينها.
  من علامات فيض خير السودان كانت الخبرات الفنية والادارية تعار وتنتدب لمساعدة دول الخليج علي بناء اجهزتها وهيئاتها وهيكل دولها.
   لا اعلم متي بالضبط بدأ التراجع في السودان او اسبابه لكن تزامن ذلك مع صعود نجم سعد الخليج
فكل الكوادر التي ابتعثت الي الخليج في عقد الستينات وما تلاها ذهبت بوعي ثقافي عالي واغلبها عاد بمستوي بدوي علي النمط السلفي، وفيما لم يكن للحكومات السودانية توجه للتأثير السياسي علي شعوب الخليج استخدمت الحكومات الخليجية نفوذها المالي لدعم تيارات واسقاط حكومات في السودان، فجماعة الاخوان المسلمين وجماعة انصار السنة و الجماعات السلفية كلها نالت وبعضها لا يزال ينال تمويلا خليجيا و ترفدها ايضا فكريا ( فقهيا ) وتسندها سياسيا.
ان السودان خسر كثيرا من حالة اغتراب السودانيين وعملهم في الخليج فاغلبهم اسهم في تغيير عادات وسلوك المجتمع السوداني و دفعوه دفعا نحو التزمت والتشدد والتطرف وكان من قبل مجتمع منفتح ومنعتق من اسار الاحكام المسبقة ومن سيطرة رجال الكهنوت.
ان السودان بموارده التي سبق الاشارة اليها و بما يمتاز من خصائص طبيعية وجغرافية ' اطول انهار الأرض، اضافة لمئات الانهار والصغيرة والوديان والخيران، ومليارات الامتار المكعبة من المياه الجوفية، وملايين الأفدنة من الغابات والمراعي.. هو الاغني بما لا مجال للمقارنة و ما كان ليحتاج للتأثر بالخليج! لكن للأسف غياب الرؤية السياسية و الارادة كذلك لعقود، وصعود تيارات للحكم عن طريق الصدفة المحضة و بفضل التدخلات الاقليمية 'الخليج ومصر ايضا' وضع موارد البلد وسلم مقاليد ادارته لأيادي لا تحسن ادارة ولا تري من الثروات الا ما تشكل ماديا امام عينيها المريضة بالرمد والعشي وعمي الالوان جعل السودان يخسر في كل يوم من رصيده الحاضر والمستقبلي.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بروفايل "البروف-الشيخ"

   دائما ما كنت اتساءل عن التخصص الذي يحمله السيد ابراهيم احمد عمر وزير التعليم العالي في اول حكومة انقاذية 1989م وعراب ما سمي تجاوزا "ثورة التعليم العالي" والتي بموجبها تم ت...

أوامر المهزوم!

  اوامر الطوارئ الاربع التي اصدرها البشير اليوم 25فبراير و التي تأتي استنادا علي اعلان الجمعة الماضية ( اعلان الطوارئ وحل الحكومة و تكليف ضباط بشغل مناصب حكام الولايات ) لها دلالة اساسية هي ان الحكومة تحاذر السقوط و باتت اخيرا تستشعر تهاوي سلطتها! جاء اعلان الطوارئ و حل الحكومة كتداعي لحركة التظاهرات والاضرابات التي عمت مدن البلاد علي امل ان يؤدي الي هدوء الشارع .. اما و قد مرت اكثر من 72 ساعة علي الاعلان دون اثر فتأتي الاوامر الاربعة (منع التظاهر، و تقييد تجارة السلع الاستراتيجية، و حظر تجارة النقد الاجنبي، و تقييد وسائل النقل والاتصالات) كمحاولة ثانية يائسة لايهام الجموع الشعبية بأن السلطة قابضة بقوة و ان لديها خيارات امنية و قانونية و ادارية متعددة! لا اجد لهذا الاعلان نظير في تاريخ السودان، اذ لا يشبه قرارات الانظمة الوطنية ( ديمقراطية كانت او انقلابية ) .. فالطوارئ قرار يلجأ اليه الحاكم في حالة الحروب او الكوارث الطبيعية او الازمات الوطنية و ليس اداة لمجابهة ازمات سياسية، فازمات السياسة لها طرق حل معروفة منها التنحي او الانتخابات المبكرة او تكوين ائتلافات جديدة وليس من بين...

البشير لم يسقط وحده

  بعد ثورة و تظاهرات استمرت لأربعة اشهر و عمت كل مدن و قري السودان اجبر الرئيس البشير علي التنحي و سقط بحسب مفردات الثورة السودانية و ثوارها..   اليوم حلفاء البشير من الانته...