يعمل البشير علي تنويع مصادر شرعيته فهو يعتمد شكليا علي اربع مصادر للشرعية والسند اذ علمته تجربته في الحكم الا يستند علي جهة واحدة حتي لا يكون تحت رحمة احد او تيار وحتي يستطيع ان يجمع كل السلطة في يده وحده، فمن ( 1) شرعية جهوية عرقية 'نهر النيل/الشمال/الوسط .. الخ' الي ( 2) شرعية جماعة ايدولوجيا دينية؛ وحتي هذه لم يكن فيها مرتكزا لجهة واحده فتارة يرفع اسهم الحركة الإسلامية واخري يراهن علي السلفية التكفيرية، واحيانا علي البيوتات الصوفية..، الي( 3 ) مشروعية الجيش الذي خدم فيه في السابق وترقي الي رتبة العميد الي ( 4 ) مشروعية البطش التي مثلها جهاز امنه في السابق وتتولاه مليشا الجنجويد حاليا.
كل مصادر القوة والمشروعية هذه علي تنوعها تنوء اليوم بثقل حمل تركة وتبعات حكم الانقاذ.. واذا انكسرت او تحطمت هذه الدعامات الاربعة او أي واحدة منها فان حكومة البشير ستسقط فورا.
انهيار تلك الحوامل المتهالكة رهين بفعل يتزامن فيه مد الجماهير التي احتملت لتسع وعشرين عاما ما لا يمكن ان يتحمله اي شعب ومع ذلك ظل صابرا ومتماسكا علي امل ان تبدل حكومات البشير نهجها، يتزامن فيه ذلك؛ مع ارتقاء الفاعلين السياسيين 'نخب حزبية وناشطين' لمستوي الحدث.
مع موجة الغلاء اﻷخيرة والتي تفصح بجلاء ان حكومة البشير التي استهلت مسيرتها بغلاء سياسات التحرير والخصخصة التي تولاها الوزير سئ الصيت عبدالرحيم حمدي والتي واكبتها رحلة فساد نهبت فيها كوادر المشروع 'الرسالي' الاسلاموي اموال الشعب ومقدرات الوطن، وبات من الواضح انها لا تملك في كنانتها الا المزيد من الغلاء، تلك الحقيقة تبينتها جماهير الشعب فهبت وانتفضت في اكثر من مناسبة "كان ابرزها سبتمبر 2013م" رغم قلة الحيلة و تقاصر همة النخب السياسية، الا ان الجماهير باتت علي قناعة ان عليها ان تأخذ مصيرها بيدها والا تنتظر القوي السياسية الكسيحة والا تعول علي النخب العتيقة،
وما التململ الحالي البائن للعيان الا دليل علي تبلور ملامح عهد جديد وميلاد نخبة جديدة.
لذا فان من المأمول ان يتزامن مد الجماهير الشعبية الحالي مع بروز قيادة شعبية من رماد هذا الواقع الاجتماعي. وان تقدم تلك النخب الجديدة خطاب يتلمس جذور المشاكل و يفهم وينسجم مع طموح وتطلع الجماهير الشعبية الثائرة.
ان حدث هذا في الوقت الراهن "وهو حادث لا محالة وان بعد حين" فان احدي تلك الحوامل التي يقوم عليها حكم البشير سيتداعي، اول ما اعتقد بتداعيه الادعاء الزائف بأن الوسط والشمال "او ما تطلق عليه المعارضة الحالية بغباء لا تحسد عليه -الشمال النيلي" هو من سيعلن رفضه لاستمرار سلطة البشير. ستضطرب الخرطوم ومدن الوسط و الشمال وتضرب شرعية النظام الزائفة والمدعاة بما يمثل بداية مد الاحتجاج وانهيار الدعامة الاولي بعدها ستتداعي بقية الروافع فبين صفوف قيادات الجيش العليا والوسيطة ستخرج اصوات وقوي تطالب بانهاء الاوضاع الشاذة ثم تتملص الجهات التي تمثل السند الايدولوجي الديني من تبعة اسناد السلطة المتهالكة ثم في النهاية ستجد الاجهزة الامنية والمليشيات انها اضعف من ان تقف في وجه الاجماع الشعبي المسنود من قوات الشعب المسلحة وتجد انه ليس من الحكمة الاستمرار في اسناد حكم فقد كل مشروعية ومن ثم تنضم لمسيرة التغيير.
تعليقات
إرسال تعليق