التخطي إلى المحتوى الرئيسي

ترجمة | الشرق الأوسط وشمال افريقيا في 2018م: التحديات، والمهددات والفرص

*الشرق الأوسط وشمال افريقيا في 2018:
التحديات، والمهددات، والفرص*

*معهد بروكنز-الدوحة*
_اعداد_
نهي ابوالدهب، طارق م. يوسف، لويز بينتو، نادر كاباني، عادل عبد الغفار، مايا سوارت، علي فتح الله نجاد، راني علاء الدين، بيفرلي ميلتون- ادوردز، و قادرة بيثياجوده
من الأزمة الدبلوماسية التي هزت الخليج الي هزيمة تنظيم الدولة الاسلامية ( داعش ) في العراق، شهدت منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا في 2017م تغييرات دراماتيكية علي خارطة طريق الجغرافيا السياسية. وفيما يتجه العام لخواتيمه، عكف باحثي معهد بروكنز معا لمشاركة توقعاتهم لما يخبئه العام المقبل 2018 في اضابيره فيما يلي مختصر لرؤاهم الاستشرافية.
*نهي ابوالدهب | الثورة المضادة تضر بسعي تونس للحقيقة 2018م،*
مفوضية الحقيقة والكرامة في تونس من المتوقع ان تختم اعمالها، وهي منذ تأسيسها في 2014م خلصت لنتائج لافتة و واجهت معوقات كبيرة. تلقت نحو  65 الف شكوي تتعلق بانتهاكات جسيمة لحقوق الانسان تعرض لها ضحايا حقب استمرت لستين عاما.
المفوضية مارست عملها كمنصة عامة للضحايا اعادوا فيها تذكر وسرد فظائع التعذيب وانتهاكات عدة لحقوق الانسان. اقر بعض من استدعتهم المفوضية بتورطهم في تلك الفظائع، تلك الشهادات القوية تم بثها تلفازيا  بواسطة الجهاز الرسمي و اشعلت نقاش وطني عن الطريقة المثلي لمعالجة آلام الماضي.
مع ذلك، المفوضية واجهت عدد متزايد من التحديات، بدأت من محاولات بعض النخب الحاكمة القفز فوق اجراء من شأنه منح فتح ملفات الماضي معني.
القليل من مرتكبي الانتهاكات اتوا للادلاء بشهادتهم. و هم انفسهم اما اظهروا القليل من الأسف او ألقوا اللوم جهات اعلي منهم لم يسموها اشرفت علي تلك الممارسات.
ابعد من ذلك، لم يجري توجيه اية تهم لمرتكبي الانتهاكات. وبدلا عن ذلك، فان الرئيس الباجي قائد السبسي وحكومته  عارضوا سعي المفوضية وعملوا علي تشريع قانون يمنح الحصانة من توجيه تهم ضد مسؤولين ارتكبوا جرائم اقتصادية و جرائم فساد.
تونس اذا ليست استثناءا من ضربات الثورة المضادة التي تجتاح المنطقة. مامن شك برغم التحديات فان المفوضية تمثل علامة علي الطريق بالنسبة لعملية العدالة الانتقالية التونسية.
مع ذلك فان استمرار تلك التحديات تجعل من الصعب معرفة الكيفية والطريقة التي ستختم بها المفوضية التونسية للحقيقة اعمالها في 2018م.
وحتي لو نجحت الحكومة في محاولتها لوأد المفوضية و وأد احتمالات توجيه ادعاءات قضائية، فان الشهادات الرهيبة التي سمعت تمثل علامة فارقة في تاريخ تونس ومن الصعب محوها.
*طارق يوسف | مستقبل ليبيا يبقي غير محددا*
الانتقال السياسي لمرحلة ما بعد القذافي تداخل مع حالة هشاشة سياسية متطاولة، ونزاعات مسلحة ارتكبت فيها تجاوزات وانتهاكات، و أوضاع اقتصادية سيئة.
المواطن العادي لمس عواقب ذلك الوضع متمثلة في انعدام الامن وتدني مستوي المعيشة.
اتفاق الصخيرات الذي وقع سنة 2015م برعاية اممية والهادف لتوحيد القطر و جلب الاستقرار الاقتصادي، فشل في تحقيق المأمول منه مع تقدم مراحل انفاذ التسوية التي اتفق عليها. فيما يخص تفاقم النزاع المتوقع و حالة اللا يقين، فان مبعوث الأمم المتحدة الجديد الي ليبيا غسان سلامة، يعمل علي بث روح جديدة في الاتفاق السياسي عبر خطة عمل طموحة يمكن ان تحسن وتغير  نظرة التشاؤم الحالية.
لكن علي عكس فترة التجهيز للصخيرات فان جهوده ستقاوم بالبيئة السياسية الدولية الجديدة المحيطة بليبيا. غسان سلامة ليس في وسعه الاعتماد كثيرا علي دعم المجتمع الدولي - الامم المتحدة والمملكة المتحدة والولايات المتحدة و اوروبا- والتي استثمرت كثيرا في العملية والتي تحدث بصوت واحد و فعلت ايضا في الفترة بين 2014 الي2016م.
في الوقت الراهن التوقعات بأن تجدد الولايات المتحدة تحت حكم ترامب التزامها غير مضمونة، والمملكة المتحدة ستنشغل اكثر بمسألة الخروج من الاتحاد الاوروبي، والدول الاخري الفاعلة في اوروبا منخرطة في صراعات نفوذ او يقتصر اهتمامها في محاربة الهجرة من ليبيا.
في ذات الوقت، فان جيران ليبيا من العرب الذين وقف اغلبهم علي الحياد بعد 2015م  ولم يتدخلوا لتعويق الاتفاق السياسي، لم يظهروا اي التزام تجاه اطار عمل الامم المتحدة.
في ظل حالة الاستقطاب السياسي وانعدام الامن فان الفصائل السياسية والعسكرية ستميل اكثر نحو التصعيد و يصعب عليها ضبط الاوضاع. التوافق السياسي العام سيتعذر تحقيقه وتطبيق اي اتفاق جديد سيواجه عراقيل شتي.
في هذه الظروف فاستشراف مقبل ايام ليبيا في 2018م يظل غير ممكن و محدد.
*لويز بينتو| الوعود غير الناجزة: هل في مقدور السعودية السير في طريق الاصلاح الاقتصادي حتي نهايته*
المملكة العربية السعودية دولة غنية. اصول وموجودات القطاع العام السعودي المالية تقدر ب705.9 مليار دولار.
مع ذلك، تمر السعودية بلحظة تاريخية علي قيادتها مواجهة ضغوط من المجتمع، لاجراء اصلاح اقتصادي، واعادة تصميم  بني السلطة وسط حروب وكالة ونزاعات مرهقة مع ايران.
ازاء هذه التوجهات فان الثروة المالية للحكومة تبقي بلا قيمة، خصوصا وان السعودية شهدت عجز في الموازنة بلغ 76.7 مليار دولار في 2015م.
وخلال 34 شهرا خسرت للسعودية 241.1 مليار دولار من احتياطاتها من العملة الاجنبية و 84.9 مليار من صافي اصولها المالية.
يعد بيت آل سعود كبيرا جدا ومفتقدا للتضامن الذي تتصف به دول الخليج.
هذا يعني ان للملك سلمان و وريثه الشاب سيطرة محدودة علي الامراء الآخرين و المؤسسات الاقتصادية، ما يزيد كلفة القرار الرسمي ويخلق مراكز عدة للفعل السياسي المضاد.
في الواقع، الحوجة للعمل سريعا و احداث اصلاحات عميقة بتكلفة سياسية واقتصادية قليلة توضح جزئيا اسباب اجراءات مكافحة الفساد المستشري و التطهير السياسي التي دشنت يوم 4 نوفمبر 2017م، حينما تم اعتقال العشرات من الامراء البارزين والمئات من كبار رجال الاعمال و موظفي الدولة هذه الهزة السياسية بعثت رسائل متضاربة للأسواق  ( رغبة قوية في الاصلاح لكن مع توقعات اقل وعدد اقل من اللاعبين الذين في مقدورهم خلق توازن داخل سلطة مطلقة ).
فمن جهة ، لا بمكن تجنب احتمالات هزة مالية مستقبلا. ومن جهة ثانية، فإن المملكة تسرع انتقال هيكلي في اقتصادها.
ان العام 2018م سيكون مفتاحيا في تحديد ما اذا كان  المستثمرين الاجانب سيتفاءلوا او يتشاءموا بشأن السعودية، وما اذا كانت القيادة السعودية ستمضي حتي النهاية في طريق اصلاح الاقتصاد.
*نادر كاباني| سوريا في مفترق طرق: قرارات 2018م ستحدد مستقبل القطر السوري والمنطقة*
الصراع السوري اعمل ادواته المدمرة في مجتمع سوريا، واقتصاده، واطره السياسية.
نحو نصف المليون شخص قتلوا و أكثر من نصف السكان هجروا داخليا او خارجيا.
الأن، بعد نحو ست سنوات، يسير النزاع لصالح النظام. النظام استعاد السيطرة علي اغلب التراب. و بدأت جهود اعمار وهناك تشجيع لاعادة فتح المحال والمشاغل والمصانع.
مع ذلك، وفيما يدخل القطر السوري مرحلة جديدة تشهد استقرار و اعادة بناء، هناك الكثير من الأمور علي المحك.
داخليا يواجه النظام مقاومة ملموسة بين قواعده.
في المفتتح، كان قد خول الكثير من السلطات للسيطرة علي الازمة للسلطات المحلية، التي استفادت كثيرا من اقتصاديات الحرب.
النظام يحاول حاليا استعادة سلطاته لتتمركز من جديد؛ فيما تسعي سلطات المحافظات ابقاء امتيازاتها وهيمنتها التي اكتسبت.
وحتي يصل النظام لمرحلة يتأكد فيها من قدرته علي السيطرة التامة و تحقيق الاستقرار وجذب الاستثمارات لجهود اعادة البناء. 
لهذه الجهة، فان الحكومات الغربية والهيئات تسعي لاعادة توثيق الصلات الدبلوماسية والروابط الاقتصادية مع النظام السوري.
بالتأكيد، عدد من المحللين يجادلون ضد المشاركة في اعادة بناء سوريا.
مع ذلك، عدم المشاركة له تكاليفه ايضا. فهو يحدد دور الغرب في المساعدة في اعادة اعمار المؤسسات السورية التي اضعفها الصراع ومن ثم يشل قدرته ( الغرب )  في ممارسة نفوذ علي النظام وخياراته، مثل الشروط التي بموجبها سيعيد ملايين اللاجئين من لبنان والاردن المجاورتين.
لذا،  عدم المشاركة له عواقب وخيمة في المدي الطويل علي الاستقرار في سوريا و جوارها.
القرارات التي ستتخذ في 2018م بواسطة النظام وحلفاءه و ايضا المجموعات المعارضة له و الهيئات الغربية كلها مجتمعة ستحدد تطور سوريا ما بعد الصراع.
القرارات التي اتخذت عند بدء الأزمة سنة 2011م دفعت سوريا نحو ست سنوات من النزاع المدمر. والقرارات التي تتخذ سنة 2018م لن تكون لها أهمية أقل.
*عادل عبد الغفار| 2018: التعافي الاقتصادي و تجديد صيغة مساومة السلطة في مصر؟*
شهدة مصر فترة تباطؤ نمو حيث بلغ نمو الناتج الاجمالي السنوي 2% منذ 2011م والسبب الرئيس هو عدم الاستقرار السياسي.
لكن ثمة اسباب للتفاؤل في 2018م.
تعويم الجنيه ( العملة الوطنية ) فرض حدود علي السيولة من العملات الاجنبية وكبح السوق السوداء.
اصلاحات ملموسة ساعدت علي جلب ودائع لسيطرة النظام المصرفي.
اخيرا، تسريع وتيرة تطوير مشروع احتياطات الغاز المصري يتوقع ان تحسن عجز ميزان التجارة المصري، و يوفر امداد طاقة لعشرة سنوات مقبلة، فيما يفتح الباب للتصدير مستقبلا ما يزيد ايرادات مصر.
حقل ظهر ، مثلا، قد بدأ للتو ضخ انتاجه من الغاز.
مع ذلك، هذا التعافي ليس بلا تحديات.
ففيما اعاد تعويم الجنيه ضخ استثمارات و عزز تنافسية الصادرات، فانه فقد نحو نصف قيمته. ما يعني زيادة تكاليف المعيشة، فاسعار الوقود، الغذاء، والتعليم والعلاج وصلت  مستويات غير مسبوقة، ما يضع اعباء ليس علي طبقات الفقراء وحدهم، بل وعلي الطبقة الوسطي المصرية، التي بدأت تشعر بثقل وطأة اجراءات الاصلاح الاقتصادي التب تنتهجها حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي.
في الواقع، شعبية الرئيس تتدني منذ 2014م بسبب الاقتصاد و التحديات الأمنية.
السيسي مع ذلك يتوقع ان يربح انتخابات 2018م الرئاسية.
ربما يسهم التعافي الاقتصادي المتوقع في رفع الضغط عن عامة الشعب ويخلق فرص تشغيل مهمة ونمو شامل، ان الشهية لاحداث تغيير سياسي في مصر ستتراجع اذ ان السيسي جدد صيغة المساومة بين السلطة والناس.
مع ذلك، ان لم يؤثر التعافي الاقتصادي علي واقع الناس و يحسن مستوي معيشتهم، فان ذلك مصحوبا مع زبادة تكاليف الحياة، و زيادة الاحباط، وسوء الاحوال الأمنية، سيشعل حالة عدم الرضا تجاه السيسي ما يجعل دورة حكمه الثانية اكثر تحديا من الاولي.
*ميا سوارت| هل نشهد انتفاضة ثالثة في 2018م؟*
ان كان في وسع فعل واحد ان يشعل انتفاضة ، فسيكون قرار القدس.
في 6ديسمبر اعترف الرئيس الاميركي دونالد ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل واعلن ان سفارة الولايات المتحدة ستنتقل من تل ابيب الي القدس.
القرار اشعل فورا تظاهرات ضخمة في فلسطين و اجزاء واسعة من الشرق الأوسط.
لكن حتي الأن لم ترقي تلك الاحتجاجات لمستوي انتفاضة فلسطينية ثالثة.
الاحتجاجات الحالية في فلسطين لا يتوقع ان تتطور الي نوع من الاحتجاجات المستمرة والمكثفة كالتي شهدناها في 1987م و 2000م، وكل منهما استمرت من ثلاث الي خمس سنوات.
السبب في ذلك يبدو واضحا: هو الخوف من فقدان الأرواح كالذي اختبر في النتفاضتين السابقتين، فالرائج منذ ذلك العهد هو "لا شئ سيتغير"، العجز عن تعبئة عسكرية، و ( قبل ذلك ) انعدام الارادة السياسية لدي السلطة الفلسطينية.
السلطة الفلسطينية تفتقد الالتزام بنموذج فلسطيني كالذي تميز به الزعيم ياسر عرفات.
مع عباس الذي يتولي الزعامة الأن،  يبدو ان استجابة الفلسطينيين تعوزها جذوة الماضي.
في 2018م، سلوك وسمة السلطة الفلسطينية يرجح ان تستمر غير اصيلة و فاقدة للروح في الامور يجب ان تذهب بها لقلب حلم الدولة الفلسطينية.
المحك والتحدي هنا عالي جدا: تطبيق اتفاق 12 اكتوبر التوافقي الذي توسطت فيه القاهرة يمكن ان يصمد او يسقط امام تحدي القدس.
السنوات العشر الماضية علمتنا التشكك بشأن تفاهمات المصالحة بين فتح و حماس، اعلان ترامب فقط قد يقوي المصالحة بين المجموعتين.
*علي فتح الله-نجاد| صمود الاتفاق النووي و تحديات ايران الخارجية والداخلية*
2018م يحتمل ان تكون سنة هامة جدا فيما يتعلق ببقاء اتفاق ايران النووي.
في منتصف يناير قد يقوم الرئيس ترامب مرة ثانية بعدم المصادقة علي التزام ايران بتنفيذ ما يليها من الاتفاق، هذه المرة مصحوبة بانتهاء مهلة الاعفاء من العقوبات.
رغم الارادة الأوروبية للمحافظة علي الاتفاق، فان ذلك الاجراء قد يمثل حاجز لا يمكن القفز فوقه.
لذا قد تعاني صفقة ايران مخاطر الانهيار.
وللمحافظة علي الاتفاق - ايران اكملت التخصيب - قد لا يكون ثمة مخرج واقعي غير توسيع الاتفاق ليشمل امور اخري غير البرنامج النووي.
لذلك علي الولايات المتحدة و الاتحاد الأوروبي ان يغيرا نهجهما بشأن ايران، اذ لا يفيد شيطنتها او تأليهها شيئا. ويجب وضع استراتيجية واقعية للتعامل معها.
علي اوروبا ان تستغل نفوذها السياسي والاقتصادي تجاه ايران كنقطة مركزية.
في الجغرافيا السياسية للمنطقة، سيري كيف بمقدور ايران ان تستخدم قوتها الاقليمية في اكثر من مسرح.
باﻷساس، في المعركة علي اراضي تنظيم الدولة الاسلامية سابقا، وهي منطقة حساسة ستحدث مواجهات بين قوي مدعومة من طهران واخري مدعومة من واشنطون، خصوصا علي ثلثي اراضي سوريا والتي هي مهمة جدا للدولة السورية.
في هذا السياق سيري ايضا ما اذا كان الخلاف الروسي الايراني حول مستقبل سوريا سيطفو للسطح.
داخليا، في الداخل الايراني حيث لم يلمس السكان اي فوائد من الاتفاق علي واقعهم السياسي ثمة حراك يصلح كمقياس لما يدور.
الرئيس روحاني قدم مشروع موازنة للعام المقبل تبدأ في 21 مارس ولا يبدو انها تخاطب هذه الابعاد.
لذا، فان الاحتجاجات العمالية والطلابية قد تبدو مقدمة لما سيأتي.
*راني علاءالدين| شكل جديد من الدول العربية؟*
العام 2018م قد نشهد فيه ظهور شكل جديد للدولة العربية.
منذ 2011م، عند انهيار الدولة العربية حدث نقل لميزان القوة من النخب العسكرية والمدنية الي فاعلين اخرين مسلحين صعدوا ليتولوا زمام الأمور والسلطة.
ابرز هؤلاء كان تنظيم الدولة الاسلامية الذي اعلن نهاية الدولة الوطنية التي تأسس قبل قرن وخرجت من رحم الامبراطورية العثمانية؛ تلك القوة خرجت اولا علي حدود سوريا والعراق ولم يأبه لها احد، في نفس الوقت نظمت فصائل شيعية قوتها فيما اسمته قوات الحشد الشعبي.
الحشد الشعبي يتألف من نحو 100 الف مقاتل ملأوا الفراغ الذي حدث بعد انهيار القوة التي اسستها الولايات المتحدة و دربتها بعد ان اجتاحت داعش الموصل في يونيو 2014م.
الدولة العربية قد تؤكد وجودها في 2018م في قسم كبير بسبب النظام العالمي الذي ليست لديه شهية لاضفاء الشرعية والقبول علي دول هشة ( كدولة الكرد مثلا ) او تطوير دينميكيات سيادة محلية كالتي تمثلها الفصائل المعارضة لنظام الأسد.
الطريق المتاح هو محدد بالاطار الحالي للدول الموجودة بالفعل.
القوة الخارجية تفتقد القوة و الابتكار والقدرة علي تبديل موازين القوي في الدول اذ تقتصر خياراتهم بين الاجبار ( ليبيا واليمن )او التدخل المحدود والمكلف ( العراق وسوريا ) .
المستقبل قد يكون بلا جديد.
ليس واضحا اي شكل من الدولة سيطل في الاقطار الدامية في العالم العربي، السعودية وايران تخوضان معاركهما للهيمنة علي اقاليم خارجة من انقاض الصراع.
هناك استثناء واحد، هو نموذج الدولة تستمد استقرارها من وكلاء غير محاسبين وغير مقيدين بقواعد القانون الدولي.
الخلاف حول الدولة يعبر عن نفسه في شكل تقليدي كتهديد مسلح متنقل.
*بفرلي ملتون-ادوردز| الشرق اﻷوسط وشمال افريقيا في 2018م: يقين النزاع*
قال بنجامين فرانكلين:" هناك امرين أكيدين فقط في الحياة: الموت والضرائب"
ويمكننا ان نضيف امر ثالث اكيد هو : النزاعات في الشرق اﻷوسط وشمال افريقيا.
المنطقة تشهد حقب من الصراعات الدامية المتزامنة مع انتهاكات جسيمة.
استمرار الصراعات القديمة وصعود صراعات جديدة ترك توازن القوي في المنطقة في حال خطرة جدا فيما يستمر الصراع بين دول كايران ودول الخليج تبقي المنطقة ملتهبة.العام 2018م يرجح ان تحدد ملامحه بصراعات اخري وحروب وكالة، خصوصافي مناطق هشة كاليمن.
النزاع في اليمن خلق كارثة انسانية من صنع الانسان اجبرت ملايين اليمنيين علي العيش مجاعة وتحت رحمة حصار لا يستثني حتي الإعانات الأجنبية تفرضه السعودية التي تقود حلف حرب.
في ذات الاثناء تحصد نزاعات في اجزاء اخري من المنطقة ملايين الأرواح، وتجبر اخرين علي ترك بيوتهم وتحولهم لعبء علي دول اللجوء كلبنان والاردن.
ليس من المأمول ان تتم تسوية هذه المشاكل في 2018م.
في ما تستمر النزاعات وسط صمت ومعاناة الضحايا، تستمر الفصائل في ارتكاب الفظائع و التفجير والهدم وتهجير المجتمعات، تاركة الاقليم في حالة لا يقين .
قليلون في المنطقة لديهم امل في نجاح جهود تسوية سلمية تنهي النزاع، وان الدبلوماسية والتفاوض سيسودان.
في المقابل يواجه الاقليم يقين بأن ملايين الأرواح تستمر في البقاء عرضة للهدر وبلا حماية.
*قادرة بيثياجودة|  فرص جديدة امام التأثير الصيني المتزايد في 2018م*
رئاسة الزعيم الصيني شي يانبينغ تميزت بالطموح لتحويل اقتصاد الصين الي قوة عالمية عظمي.
لذا، في السنوات الاخيرة، زادت الصين وجودها عبر العلاقات الاقتصادية والاستراتيجية مع بلدان الشرق الأوسط و شمال افريقيا.
في 2018م، ستستمر هذه الصلة الثلاثية فبكين ترغب تأمين عبر ذلك النفوذ، بدور سياسي و دبلوماسي مهم في المنطقة.
هذه الرغبة سببها جزئيا السعي لمواجهة الدور الامريكي في المنطقة.
في فترة الحرب الباردة ، سعت الولايات المتحدة لحماية قوتها ومصالحها.
وبغض النظر عن تسبيب وقبول هذه الصورة الجديدة في المنطقة 'حلول الدور الصيني محل الامريكي' فهو يحفظ التوازن.
مؤخرا يعتبر قرار ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل مؤشر علي تخلي امريكيا عن دورها كضامن لاستقرار الاقليم، مع ذلك، واجه القرار انتقاد واسع عالميا، فالقرار خلق فراغ والقوي الجديدة 'المحايدة' كالصين مدعوة لملء ذلك الفراغ في المنطقة.
ليس مدهشا ان تستثمر بكين هذه الفرصة وتدعو لاقامة دولة فلسطينية علي حدود 1967م و ان تكون القدس الشرقية عاصمة لها.
تطور اخر لافت في 2017م عمق من ثقة الصين في قوة نفوذها وقدرتها علي تحدي النفوذ الغربي.
كان ذلك بسبب فشل المتمردين المدعومين من الغرب في مجابهة حكومة بشار الأسد المدعومة روسيا، فهذه المجابهة هزت النفوذ الغربي في الاقليم.
الانقسام وسط بلدان مجلس التعاون الخليجي يحفز ايضا دول المنطقة لاعادة تقييم صلاتها الاستراتيجية، ما يخلق فرص عظيمة امام بكين لبناء روابط مع قطر و عمان والاخرين.
كل تلك الحوادث تدفع الصين لبناء مقاربتها ومبادرتها المسماة 'الحزام والطريق' والتي بموجبها تسعي لزيادة دورها في المنطقة عبر بناء شبكة من الشراكات ثنائية الغرض عبر الشرق الأوسط وشمال افريقيا.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بروفايل "البروف-الشيخ"

   دائما ما كنت اتساءل عن التخصص الذي يحمله السيد ابراهيم احمد عمر وزير التعليم العالي في اول حكومة انقاذية 1989م وعراب ما سمي تجاوزا "ثورة التعليم العالي" والتي بموجبها تم ت...

أوامر المهزوم!

  اوامر الطوارئ الاربع التي اصدرها البشير اليوم 25فبراير و التي تأتي استنادا علي اعلان الجمعة الماضية ( اعلان الطوارئ وحل الحكومة و تكليف ضباط بشغل مناصب حكام الولايات ) لها دلالة اساسية هي ان الحكومة تحاذر السقوط و باتت اخيرا تستشعر تهاوي سلطتها! جاء اعلان الطوارئ و حل الحكومة كتداعي لحركة التظاهرات والاضرابات التي عمت مدن البلاد علي امل ان يؤدي الي هدوء الشارع .. اما و قد مرت اكثر من 72 ساعة علي الاعلان دون اثر فتأتي الاوامر الاربعة (منع التظاهر، و تقييد تجارة السلع الاستراتيجية، و حظر تجارة النقد الاجنبي، و تقييد وسائل النقل والاتصالات) كمحاولة ثانية يائسة لايهام الجموع الشعبية بأن السلطة قابضة بقوة و ان لديها خيارات امنية و قانونية و ادارية متعددة! لا اجد لهذا الاعلان نظير في تاريخ السودان، اذ لا يشبه قرارات الانظمة الوطنية ( ديمقراطية كانت او انقلابية ) .. فالطوارئ قرار يلجأ اليه الحاكم في حالة الحروب او الكوارث الطبيعية او الازمات الوطنية و ليس اداة لمجابهة ازمات سياسية، فازمات السياسة لها طرق حل معروفة منها التنحي او الانتخابات المبكرة او تكوين ائتلافات جديدة وليس من بين...

البشير لم يسقط وحده

  بعد ثورة و تظاهرات استمرت لأربعة اشهر و عمت كل مدن و قري السودان اجبر الرئيس البشير علي التنحي و سقط بحسب مفردات الثورة السودانية و ثوارها..   اليوم حلفاء البشير من الانته...