اثر موازنة 2018م علي الاسواق
تتضمن موازنة السودان لسنة 2018م حزمة من الاجراءات المالية والاقتصادية التي ان طبقت سيكون لها تأثيرات كبيرة علي الاقتصاد. ولابد من التذكير بأن هذه الموازنة تأتي علي ارضية ثلاثة عقود من الإجراءات الاقتصادية والمالية حاولت خلالها الحكومة السودانية التي يسندها تيار الاسلام السياسي تجريب انماط وصفتها تارة بسياسات السوق الحر و اخري بسياسات ( اقتصاد اسلامي )! وهي علي اي حال اعتمدت علي اجراءات ادارية حكومية مباشرة اخذت من البعض واعطت اخرين وخلقت قطاع جديد هو الأن اقوي تأثير من قطاعات الاقتصاد السوداني القديم والمعروفة ( القطاع العام، والقطاع الخاص، والقطاع غير المنظم ) هذا القطاع الجديد لم تتم دراسته ولا تسميته حتي! وان كنت اقترح تسميته قطاع التمكين! وهو قطاع يتكون من ناشطين في الجهاز السياسي الملحق والمعتمد كليا علي الدولة والذي يحظي بامتيازات منها احتكار عطاءات مشاريع وعقودات الدولة واعفاءات ضريبية و جمركية و ضمانات مجانية للاستيراد والتصدير.. رغم ضعف العقلية الاقتصادية المهيمنة عليه والتي تميل للاثراء السريع والصرف الاستهلاكي التفاخري!
تلك السياسات "علي رأسها الخصصة المشوبة بفساد ظاهر للعيان" قادت لاخراج قطاعات وفئات كثيرة من دوائر الفعالية الاقتصادية و ادت الي انهيار تام للعملية الانتاجية ودمرت القطاع الخدمي وحولت التعليم والصحة الي سلع رديئة ومعبأة بشكل سيئ وتباع علي رؤوس الاشهاد. وحولت البنوك الي دواوين خاصة للمحاسيب والمحظيين يعبثون فيها باموال المودعين وبنهبونها ضحا حتي ظهرت طبقة عرفت حتي في ادبيات البنك المركزي ب"الجوكية" وفق صيغ تمويل مبهمة و مجحفة في حق المنتجين من الصناعيين والمزارعين فهجروها ونما سوق تمويل موازي له صيغه ( كسر، شيل، كتفلي.. ) يجاري فيه المجتمع بزخ حكامه واستهلاكهم!
واليوم تجئ ميزانية 2018م لتضع المسمار الاخير في نعش اقتصاد المؤتمر الوطني، وتدفع بالمؤسسات والمجتمع من حافة هاوية الانهيار الي قرارها!
فالدولة تقر الأن بعد طول نكران ومكابرة بافلاسها التام، فتقرر في موازنتها اجراءات تسرع من وتائر تقليص قيمة العملة الوطنية و تضاعف سعر السلع الاساسية ( الغذائية ) وبمتواليات هندسية جهنمية، كما تجمد انفاقها علي التنمية بعد ان كان الانفاق فيها لا يزيد عن خانة الاحاد ويذهب الي مشاريع جسور وطرق يثري منها افراد قلة اضعاف ما يستفيد المواطنون، ليصل للصفر الصريح، فلا بناء في الموازنة الجديدة ولا سيارات جديدة ولا سفر للنخبة المخملية نفسها!
ان لهذه الموازنة انعكاسات بعضها سريع والاخر بطئ تظهر اثاره بعد اشهر وربما اعوام..من ذلك مثلا:
* الانهيار التام الكامل لما تبقي وصمد من مشاريع انتاجية ( مصانع و مشاريع زراعية )، اذ لن تتمكن من مجابهة تكاليف التشغيل التي تتضاعف والمتمثلة في استيراد الخام و قطع الغيار ورواتب الموظفين والعمال، وقد بدأت فعل تلك المصانع والمشاريع في اغلاق ابوابها وايقاف عملياتها. لن ينجو من ذلك حتي قطاع انتاج الذهب بشقيه المنظم والعشوائي والذي اعتمدت عليه الحكومة في الموازنة الحالية وموازناتها السابقة بصورة متزايدة وان كان ذلك علي حساب سياسات الدولة المالية والنقدية نفسها "طباعة العملة لشراء الذهب بالسعر العالمي و بيعه في الخارج ثم منح العائد لاهل الحظوة بالسعر الرسمي بمبرارات استيراد الضروريات فيما في الواقع يتم تجميد و تجنيب القسط الاكبر لمنفعة تلك الفئات الضيقة والخاصة".
* انهيار الاسواق التجارية ودخولها في مرحلة كساد؛ تفقد فيه السلع قيمتها وتتآكل الرساميل كالهشيم، ومعلوم ان قطاع متزايد من المجتمع اضحي يعتمد علي التجارة والاسواق في ظل انهيار قطاعات الانتاج الزراعي والرعوي والصناعي بكل انواعه والخدمي، ما يعني ان كل تلك الفئات ستجد نفسها خارج دائرة الفعالية الاقتصادية و عرضة للافلاس والعجز عن تلبية ابسط احتياجات المعيشة!
* انهيار سوق العقارات، وقد لاحظ الجميع كيف ان سوق العقار كان هو السوق الوحيد المنتعش في السنوات الماضية وكيف اضحت الارض والعقار مستودع القيمة والادخار والربح الوحيد الآمن! حتي وصلت اسعار متر الارض لقيمة تنافس فيها سعر أرقي احياء لندن ونيويورك! وتحول الكثيرين الي مجال بناء وتأجير وبيع العقارات ما انعش سوق مواد البناء، اما الأن فان هذه السوق "بيع وايجار العقارات" ستنكمش الي حدودها الدنيا ما يعني تبخر كل الارصدة التي اودعت فيها في العقود السابقة.
* ايضا سينهار سوق بيع وتأجير السيارات و السوق الثانوية لها "الصيانة، قطع الغيار، التأمين.. الخ". فمع تضاعف اسعار السيارات اليوم بسبب انهيار الجنيه و بسبب الرسوم الجمركية والادارية ستبدأ الرساميل تفر من هذا السوق فرار السليم من الأجرب ما سيؤدي الي انهيار السوق بالكامل وفقدان الارصدة المودعة فيه لقيمتها. ان اغلب اصحاب الاعمال والاموال شرعوا من زمن وتحسبا لهذه المرحلة في نقل وتأسيس استثمارات في الخارج " دبي، واثيوبيا، وماليزيا.." وسيلحق بهم البقية الباقية التي ستحول ارصدتها للعملات الاجنبية تمهيدا لنقلها الي الخارج حيث لها قيمة مستقرة، وبهذا المعني فان السودان سيشهد ازمة اقتصادية لم يعرف لها مثيلا في تاريخ دولته المعاصرة، ولذا لن يستطيع احد التكهن بمالات الامور معها؛ وان تداعياتها الاجتماعية والسياسية لن تقل ضراوة عن تداعيات ازمة النظام الرأسمالي "الازمة المالية العالمية" التي عصفت ببلدان الغرب الرأسمالي تحديدا والعالم بأسره في ثلاثينيات القرن الماضي.
تتضمن موازنة السودان لسنة 2018م حزمة من الاجراءات المالية والاقتصادية التي ان طبقت سيكون لها تأثيرات كبيرة علي الاقتصاد. ولابد من التذكير بأن هذه الموازنة تأتي علي ارضية ثلاثة عقود من الإجراءات الاقتصادية والمالية حاولت خلالها الحكومة السودانية التي يسندها تيار الاسلام السياسي تجريب انماط وصفتها تارة بسياسات السوق الحر و اخري بسياسات ( اقتصاد اسلامي )! وهي علي اي حال اعتمدت علي اجراءات ادارية حكومية مباشرة اخذت من البعض واعطت اخرين وخلقت قطاع جديد هو الأن اقوي تأثير من قطاعات الاقتصاد السوداني القديم والمعروفة ( القطاع العام، والقطاع الخاص، والقطاع غير المنظم ) هذا القطاع الجديد لم تتم دراسته ولا تسميته حتي! وان كنت اقترح تسميته قطاع التمكين! وهو قطاع يتكون من ناشطين في الجهاز السياسي الملحق والمعتمد كليا علي الدولة والذي يحظي بامتيازات منها احتكار عطاءات مشاريع وعقودات الدولة واعفاءات ضريبية و جمركية و ضمانات مجانية للاستيراد والتصدير.. رغم ضعف العقلية الاقتصادية المهيمنة عليه والتي تميل للاثراء السريع والصرف الاستهلاكي التفاخري!
تلك السياسات "علي رأسها الخصصة المشوبة بفساد ظاهر للعيان" قادت لاخراج قطاعات وفئات كثيرة من دوائر الفعالية الاقتصادية و ادت الي انهيار تام للعملية الانتاجية ودمرت القطاع الخدمي وحولت التعليم والصحة الي سلع رديئة ومعبأة بشكل سيئ وتباع علي رؤوس الاشهاد. وحولت البنوك الي دواوين خاصة للمحاسيب والمحظيين يعبثون فيها باموال المودعين وبنهبونها ضحا حتي ظهرت طبقة عرفت حتي في ادبيات البنك المركزي ب"الجوكية" وفق صيغ تمويل مبهمة و مجحفة في حق المنتجين من الصناعيين والمزارعين فهجروها ونما سوق تمويل موازي له صيغه ( كسر، شيل، كتفلي.. ) يجاري فيه المجتمع بزخ حكامه واستهلاكهم!
واليوم تجئ ميزانية 2018م لتضع المسمار الاخير في نعش اقتصاد المؤتمر الوطني، وتدفع بالمؤسسات والمجتمع من حافة هاوية الانهيار الي قرارها!
فالدولة تقر الأن بعد طول نكران ومكابرة بافلاسها التام، فتقرر في موازنتها اجراءات تسرع من وتائر تقليص قيمة العملة الوطنية و تضاعف سعر السلع الاساسية ( الغذائية ) وبمتواليات هندسية جهنمية، كما تجمد انفاقها علي التنمية بعد ان كان الانفاق فيها لا يزيد عن خانة الاحاد ويذهب الي مشاريع جسور وطرق يثري منها افراد قلة اضعاف ما يستفيد المواطنون، ليصل للصفر الصريح، فلا بناء في الموازنة الجديدة ولا سيارات جديدة ولا سفر للنخبة المخملية نفسها!
ان لهذه الموازنة انعكاسات بعضها سريع والاخر بطئ تظهر اثاره بعد اشهر وربما اعوام..من ذلك مثلا:
* الانهيار التام الكامل لما تبقي وصمد من مشاريع انتاجية ( مصانع و مشاريع زراعية )، اذ لن تتمكن من مجابهة تكاليف التشغيل التي تتضاعف والمتمثلة في استيراد الخام و قطع الغيار ورواتب الموظفين والعمال، وقد بدأت فعل تلك المصانع والمشاريع في اغلاق ابوابها وايقاف عملياتها. لن ينجو من ذلك حتي قطاع انتاج الذهب بشقيه المنظم والعشوائي والذي اعتمدت عليه الحكومة في الموازنة الحالية وموازناتها السابقة بصورة متزايدة وان كان ذلك علي حساب سياسات الدولة المالية والنقدية نفسها "طباعة العملة لشراء الذهب بالسعر العالمي و بيعه في الخارج ثم منح العائد لاهل الحظوة بالسعر الرسمي بمبرارات استيراد الضروريات فيما في الواقع يتم تجميد و تجنيب القسط الاكبر لمنفعة تلك الفئات الضيقة والخاصة".
* انهيار الاسواق التجارية ودخولها في مرحلة كساد؛ تفقد فيه السلع قيمتها وتتآكل الرساميل كالهشيم، ومعلوم ان قطاع متزايد من المجتمع اضحي يعتمد علي التجارة والاسواق في ظل انهيار قطاعات الانتاج الزراعي والرعوي والصناعي بكل انواعه والخدمي، ما يعني ان كل تلك الفئات ستجد نفسها خارج دائرة الفعالية الاقتصادية و عرضة للافلاس والعجز عن تلبية ابسط احتياجات المعيشة!
* انهيار سوق العقارات، وقد لاحظ الجميع كيف ان سوق العقار كان هو السوق الوحيد المنتعش في السنوات الماضية وكيف اضحت الارض والعقار مستودع القيمة والادخار والربح الوحيد الآمن! حتي وصلت اسعار متر الارض لقيمة تنافس فيها سعر أرقي احياء لندن ونيويورك! وتحول الكثيرين الي مجال بناء وتأجير وبيع العقارات ما انعش سوق مواد البناء، اما الأن فان هذه السوق "بيع وايجار العقارات" ستنكمش الي حدودها الدنيا ما يعني تبخر كل الارصدة التي اودعت فيها في العقود السابقة.
* ايضا سينهار سوق بيع وتأجير السيارات و السوق الثانوية لها "الصيانة، قطع الغيار، التأمين.. الخ". فمع تضاعف اسعار السيارات اليوم بسبب انهيار الجنيه و بسبب الرسوم الجمركية والادارية ستبدأ الرساميل تفر من هذا السوق فرار السليم من الأجرب ما سيؤدي الي انهيار السوق بالكامل وفقدان الارصدة المودعة فيه لقيمتها. ان اغلب اصحاب الاعمال والاموال شرعوا من زمن وتحسبا لهذه المرحلة في نقل وتأسيس استثمارات في الخارج " دبي، واثيوبيا، وماليزيا.." وسيلحق بهم البقية الباقية التي ستحول ارصدتها للعملات الاجنبية تمهيدا لنقلها الي الخارج حيث لها قيمة مستقرة، وبهذا المعني فان السودان سيشهد ازمة اقتصادية لم يعرف لها مثيلا في تاريخ دولته المعاصرة، ولذا لن يستطيع احد التكهن بمالات الامور معها؛ وان تداعياتها الاجتماعية والسياسية لن تقل ضراوة عن تداعيات ازمة النظام الرأسمالي "الازمة المالية العالمية" التي عصفت ببلدان الغرب الرأسمالي تحديدا والعالم بأسره في ثلاثينيات القرن الماضي.
تعليقات
إرسال تعليق