دائما ما كنت اتساءل عن التخصص الذي يحمله السيد ابراهيم احمد عمر وزير التعليم العالي في اول حكومة انقاذية 1989م وعراب ما سمي تجاوزا "ثورة التعليم العالي" والتي بموجبها تم تفريغ الجامعات والمعاهد من اي مضمون واضحت الدرجات العلمية مجرد القاب مملكة في غير موضعها... فاحاديث الرجل لا توحي بشئ في هذا المضمار.. التخصص، كما ان المعلومات المتوافرة في قصاصات الصحف ولقاءات الاذعة لم تفصح عن شئ ايضا!
السيرة الذاتية المتوافرة علي موقعي البرلمان السوداني 'المجلس الوطني' و البرلمان العربي تقول ان البروف-الشيخ حاصل علي بكالريوس العلوم في الفيزياء و ايضا بكالريوس الاداب-علوم سياسية من جامعة الخرطوم!
ثم دكتوراة فلسفة العلوم من جامعة كيمبردج.
اي شهادتين بكالريوس و شهادة دكتوراة. مامن اشارة لدرجة بروفسير "بروف" والتي يبدو ان زملاءه في السلطة والاعلام هم من منحوه اياها!!
سيرة ذاتية متناقضة وملتبسة تمثل خير عنوان للشخصية التي تمثلها وللادوار السياسية والتنفيذية التي لعبتها!
ابرز ظهور لشخصية الشيخ-البروف كان ابان صراع و مفاصلة الاسلاموين، حينها انحاز البروف لفريق القصر "المشير" في مواجهة فريق المنشية "الشيخ الاكبر"؛ و كافأه اخوته او اتوا به ليسد خانة الشيخ الاكبر ويقوم مقامه، وبالفعل عين امين عام للمؤتمر الوطني "الوظيفة التي احتكرها الترابي من قبل" كما تم تنصيبه ايضا رئيسا للمجلس الوطني، وبعد سنوات قلائل تقدم البروف-الشيخ بطلب اعفاء من مسؤوليات الدولة والحزب متعللا بحالته الصحية وتقدم العمر وبالفعل اعفي من مناصبه..
لكن في 2013 عاد ثانية للاضواء وعاد لقيادة الحهاز التشريعي؛ فمالذي تغير؟ هل تحسنت احوال الشيخ الصحية ام نسئ له في عمره!؟
من الواضح ان البروف-الشيخ كان يشعر بثقل حرج الانقلاب علي الشيخ الاكبر اضافة لوقوعه تحت ضغط تسريبات عن تحاوزات مالية "نذكر بقصة المبالغ المالية التي كانت مودعة باسم ابنه ببنوك اجنبية، والتي يقال انها اموال التنظيم-الدولة؛ وتحولت لتركة خاصة لاسرته الصغيرة!!". فأخذ استراحة،
وفي مرحلة من مراحل الصراع بين جناح السلطة و جناح الشيخ الاكبر، استشعر جناح السلطة ضرورة وجود شخص ذو ثقل "علمي و ايدولوجي" يوازن كفة الشيخ الاكبر؛ وتفتقت ذهنيتهم عن اعادة البروف الشيخ ليلعب ذات الدور الذي لعبه في المفاصلة!
ومنذ نهايات العام 2013م ظل البروف-الشيخ يشغل منصب رئيس الجهاز التشريعي لنظام البشير، لكنه يلعب دور اهم في الظل، دور لا يعتمد علي مؤهلاته بقدر ما يعتمد علي رمزيته؛ دور معنوي يوحي بأن الانقاذ لا تزال تملك مراكز ثقل سياسي و ديني، ان البروف-الشيخ يقوم بدور خيال المآتة لحصاد الانقاذ الهشيم هذا، و يبدو ان دور الأب الروحي الذي لعبه الشيخ الاكبر لايزال شاغرا ولا تزال دولة الاسلاموين في قمتها تستشعر اهمية وجود "أب روحي" وقد كانت هناك محاولات لملء هذه الخانة باخرين منهم الشيخ النذير الكاروري و احمد ابراهيم الطاهر لكن فشلوا في ملء هذا الفراغ الذي نؤكد علي ان شاغره لا يحتاج مؤهلات بقدر ما يحتاج قبول بين قواعد الاسلاموين.
لم ينجح البروف-الشيخ في ملء الفراغ واكتساب مشروعية الأب الروحي ولكن تشكل له قبول بتقادم السنوات لا غير!
وللمفارقة تروج هذه الايام تسريبات مفادها ان البروف-الشيخ اسر لخاصته عن رفضه لفكرة تعديل الدستور لتمكين البشير الذي يرأس من 1989م من تجديد وتمديد عهدته الرئاسية لكنه برر احتفاظه برأيه لكونه لا يريد التأثير علي رأي بقية نواب "برلمانه" وعضوية المؤتمر الوطني! حتي لكأنك تخال انه يرأس برلمان اطفال في مدرسة اساس يخشي الشيخ-البروف عليهم من تأثيره وليسو سياسيين ماكرين مخادعين يعرفون مصلحتهم ويقدمونها حتي علي مصالح امهاتهم!!
الصحيح ان هذا ديدن البروف-الشيخ؛ هو يسكت ايثارا للسلامة ولأنه يعلم انه ما من ارادة ماضية في البرلمان والحزب الحاكم والبلد بأسره الا ارادة المشير وكل من عداه يلعب دور محدود ومتفق عليه وان أي خروج عن النص ومحاولة الارتجال والاستقلال بالرأي تعني الانتحار السياسي و ربما الانتحار الفعلي.
اوامر الطوارئ الاربع التي اصدرها البشير اليوم 25فبراير و التي تأتي استنادا علي اعلان الجمعة الماضية ( اعلان الطوارئ وحل الحكومة و تكليف ضباط بشغل مناصب حكام الولايات ) لها دلالة اساسية هي ان الحكومة تحاذر السقوط و باتت اخيرا تستشعر تهاوي سلطتها! جاء اعلان الطوارئ و حل الحكومة كتداعي لحركة التظاهرات والاضرابات التي عمت مدن البلاد علي امل ان يؤدي الي هدوء الشارع .. اما و قد مرت اكثر من 72 ساعة علي الاعلان دون اثر فتأتي الاوامر الاربعة (منع التظاهر، و تقييد تجارة السلع الاستراتيجية، و حظر تجارة النقد الاجنبي، و تقييد وسائل النقل والاتصالات) كمحاولة ثانية يائسة لايهام الجموع الشعبية بأن السلطة قابضة بقوة و ان لديها خيارات امنية و قانونية و ادارية متعددة! لا اجد لهذا الاعلان نظير في تاريخ السودان، اذ لا يشبه قرارات الانظمة الوطنية ( ديمقراطية كانت او انقلابية ) .. فالطوارئ قرار يلجأ اليه الحاكم في حالة الحروب او الكوارث الطبيعية او الازمات الوطنية و ليس اداة لمجابهة ازمات سياسية، فازمات السياسة لها طرق حل معروفة منها التنحي او الانتخابات المبكرة او تكوين ائتلافات جديدة وليس من بينها ع
تعليقات
إرسال تعليق