التخطي إلى المحتوى الرئيسي

ليبيا لن تستقر قريبا.. و هذه هي الأسباب؟

أزمة ليبيا ما بعد العقيد ليست داخلية كليا، اذ لم يكن في ليبيا العقيد قوي واحزاب سياسية بالمعني، والتغيير انجزته الجماهير غير المسيسة والتي حظيت لحظتها بغطاء من الناتو..
صحيح كانت في ليبيا نواة لحركات اسلامية متطرفة كان العقيد يقمعها و يحبسها في قمقم، و كانت فيها عشائر، اضطرت لحظة الصدام لتسليح ابناءها لحماية اراضيها و ارواح منسوبيها وممتلكاتها؛
  لكن كل هذا ليس كافيا لاشعال ليبيا لسبع سنوات بعد مقتل القذافي في حريق كبير يهدد استقرار المنطقة برمتها لا مستقبل ليبيا وحده.
اذا ما حدث هو ان هناك جهات خارجية رأت ان ليبيا ( كاليمن وسوريا ) ارض صالحة لمعركتها ضد ثورات التغيير، ثورات الشباب، ثورات الشعوب..
  تلك الجهات الخارجية تخشي من أي تغيير، هي قوي لا تحب التغيير ولو في ابسط الاشياء؛ وهي قوي متفقة في الغاية الاستراتيجية و هي تفجير الاوضاع في اليمن و سوريا وليبيا؛ و لأطول فترة زمنية ممكنة حتي تضمن ان الشعوب كرهت مثلها كلمة 'تغيير' و باتت مثلها تخشي الثورات و التظاهرات، و اضحت جاهزة للدخول في دورة خنوع واستسلام جديدة وطويلة!
  هي قوي متفقة إذا رغم انها تقف متباينة كل فريق منها خلف فريق من المتناحرين، ففي النهاية لا يطالها الحريق ولا حرارته! وانما يطال الارض التي يدور فيها ..
وطالما ان غايتها تتحقق لذا فهي علي استعداد للاسهام في سداد فاتورة ذلك الحريق و دفع عمولات لمن ينفذون لها اجندتها بالوكالة عنها.
  في ليبيا الوضع مختلف قليلا عما يدور في اليمن و سوريا، ففي ليبيا يتقاتل الوطنيون وحدهم فيما تنحصر مساهمة تلك الجهات الخارجية في سداد الفواتير نهاية كل عملية او ليلة؛ وفي طلعات جوية وقصف جوي محدود، بينما في سوريا واليمن اضحت الارض مسرحا لتحركات جيوش و ميليشيات دولية وقوي عظمي دولية و اقليمية،
لذا يتوقع ان تتوصل تلك القوي الي تفاهمات في اية لحظة لتقلل خسائرها وتكاليفها المباشرة، اما في ليبيا فليس ثمة داعي لتفاهمات فكل شئ يتم بأيدي ابناء الوطن وحدهم!! و بتفاني منقطع النظير لا يحسد عليه الشعب الليبي!
  ليبيا لن تستقر الا بعد ان تضمن تلك القوي ان الايام تدفع الي الواجهة بقذافي جديد لا يقل قمعا و لا دموية عن القذافي الأصل! وان هناك دكتاتور جديد قادر علي كبت موارد ليبيا النفطية والبشرية لصالح تلك القوي 'الامبريالية' في اوروبا و اميركا و يطمئن شيوخ المنطقة الذين قض مضجعهم هدير الشعوب و ارعب اوصالهم تداعي العروش.. لأن ليبيا مستقرة وديمقراطية يسود فيها حكم القانون ومعايير الحكم الرشيد والشفافية يعني دعم كبير لكل الشعوب المتطلعة لهذه القيم في المنطقة و هذا ما تحرص جهات اقليمية ودولية عدة علي خنقه و وأده في مهده، فليبيا بما تتوافر عليه من ثروات واحتياطات بترولية ومالية ستمثل رقم كبير في معادلات المنطقة والبحر الابيض ويجب ان تعاد لحظائر الديكتاتورية.
  يطمئنهم بأن المارد اعيد الي قمقمه و القي في قرار ابعد من السابق و لن يعود ثانية لافزاعهم و اخافتهم و لن يرونه في احلامهم حتي.
  حينها فقط يمكن ان يأذنوا بايقاف الماكينات التي تحصد الارواح و تبتر اطراف الاطفال والشيوخ والنساء و تحرق الدور و الزرع و ابار و انابيب النفط..
  اما قبل ان يتلقوا تطمينا كافيا فلن يأذنوا بشئ من ذلك! طالما ان ابناء ليبيا يتولون التخريب بكفاءة عالية نيابة عنهم!

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بروفايل "البروف-الشيخ"

   دائما ما كنت اتساءل عن التخصص الذي يحمله السيد ابراهيم احمد عمر وزير التعليم العالي في اول حكومة انقاذية 1989م وعراب ما سمي تجاوزا "ثورة التعليم العالي" والتي بموجبها تم ت...

أوامر المهزوم!

  اوامر الطوارئ الاربع التي اصدرها البشير اليوم 25فبراير و التي تأتي استنادا علي اعلان الجمعة الماضية ( اعلان الطوارئ وحل الحكومة و تكليف ضباط بشغل مناصب حكام الولايات ) لها دلالة اساسية هي ان الحكومة تحاذر السقوط و باتت اخيرا تستشعر تهاوي سلطتها! جاء اعلان الطوارئ و حل الحكومة كتداعي لحركة التظاهرات والاضرابات التي عمت مدن البلاد علي امل ان يؤدي الي هدوء الشارع .. اما و قد مرت اكثر من 72 ساعة علي الاعلان دون اثر فتأتي الاوامر الاربعة (منع التظاهر، و تقييد تجارة السلع الاستراتيجية، و حظر تجارة النقد الاجنبي، و تقييد وسائل النقل والاتصالات) كمحاولة ثانية يائسة لايهام الجموع الشعبية بأن السلطة قابضة بقوة و ان لديها خيارات امنية و قانونية و ادارية متعددة! لا اجد لهذا الاعلان نظير في تاريخ السودان، اذ لا يشبه قرارات الانظمة الوطنية ( ديمقراطية كانت او انقلابية ) .. فالطوارئ قرار يلجأ اليه الحاكم في حالة الحروب او الكوارث الطبيعية او الازمات الوطنية و ليس اداة لمجابهة ازمات سياسية، فازمات السياسة لها طرق حل معروفة منها التنحي او الانتخابات المبكرة او تكوين ائتلافات جديدة وليس من بين...

البشير لم يسقط وحده

  بعد ثورة و تظاهرات استمرت لأربعة اشهر و عمت كل مدن و قري السودان اجبر الرئيس البشير علي التنحي و سقط بحسب مفردات الثورة السودانية و ثوارها..   اليوم حلفاء البشير من الانته...