التخطي إلى المحتوى الرئيسي

خاشقجي.. او 'القنصلية قيت'

   للغموض الذي اكتنف حادثة اخفاء الصحفي السعودي جمال خاشقجي عدة سيناريوهات مخابراتية وبوليسية وقانونية تعين علي هتك ستره وفضح خفاياه وهي:
اولا؛ بفرضية انه اغتيل 'وهي مع الأسف فرضية روج لها الاعلام واضحت راجحة اذ انها تحفز مختطفيه بل وتسهل عليهم عملية تصفيته وان لم يكونوا فعلوا قبلا'
( أ) علي يد السعوديين، في هذه الحالة كان ينبغي ان تكون ردة الفعل التركية ومنذ الساعات الأولي لاختفاه قوية و ترقي لدرجة اغلاق البعثات المتبادلة وسحب كل الدبلوماسيين وتحميل الجانب السعودي المسؤولية كاملة عن اغتيال مقيم او زائر للاراضي التركية. اي ردة فعل بخلاف تلك تعني ان الجانب التركي متواطئ بقدر ما. خصوصا وان الصحفي المختفي خاشقجي ينتمي لأحد افرع تنظيم الأخوان وهو التنظيم الحاكم في تركيا ايضا!
  او ( ب ) انه اغتيل؛ علي يد طرف ثالث بهدف توتير و احداث قطيعة بين الجانبين التركي و السعودي و الجهة المستفيدة من هذا الفعل هي قطر لذا يمكن ان تكون استغلت اذرع  التنظيم الدولي الاخواني لتنفيذ هذه المهمة.
  لكن ان كان هذا ما حدث فهو فعل من شخص لا يعرف كيف تدار الامور بين اقطاب كبيرة بوزن الدولتين السعودية والتركية..
ان العلاقات بين الدول والانظمة في هذه المنطقة جذورها اكبر من اغصانها و سرها اكثر من علانيتها؛ ولا يغرنك فيها ما تقرأه علي صفحات الصحف او تسمعه من محللي القنوات، هنا الذين يعرفون حقيقة ما يجري حتي بين رجال الدولة انفسهم اقل من اصابع اليد الواحدة و كل فرد فيهم لا يعرف الا ما يليه فقط!
  ثانيا: بفرضية انه اختفي (أ) طوعا، او بالتواطؤ مع طرف ثالث لذات الغرض اي توتير العلاقات السعودية التركية ولذات الهدف وهو خدمة لاجندة اطراف ضالعة في صراعات المنطقة. وفي هذه الحالة سيظهر بعد ان تري الجهة المخططة انها استنفذت اغراضها من العملية.
او (ب) انه اخفي بواسطة السعوديين لانهاء حالة قطيعته و معاداته للنظام الحاكم السعودي.. وفي هذه الحالة قد لا يخرج للعلن الا بعد ان يتم التوصل معه الي صيغة معقولة ومبررة وتشبع فضول الرأي العام المحلي والعالمي وهذا امر مستبعد لصعوبته.
  ان اسوء سيناريو يمكن ان يطال السعوديين هو ان تضطر حكومتهم الي تحميل المسؤولية عن خطف او اغتيال جمال خاشقجي الي فريق صغير من الموظفين الامنيين و الدبلوماسيين السعوديين و ينتهي كل شئ عند هذا الحد.. والي الأن فان الضغط الدولي (الامريكي والتركي علي وجه الخصوص) لا يرقي للدرجة التي تدفع النظام السعودي لخطوة الاقرار بوقوع جريمة بدوافع فردية وخطاء مجموعة معزولة ستتم ملاحقتها!
  علي اية حال وسواء كان خاشقجي اختطف او تمت تصفيته بواسطة السعوديين فأن لا أثر سيظهر له مستقبلا، اما ان كان اختطف او اغتيل بواسطة (الطرف الثالث) فربما تستطيع الشرطة التركية والمحققين المتعاونين معها من فك طلاسم الحادثة.
  و علي العموم فان علاقات النظام السعودي و مصالحه لن تتأثر ب'القنصلية قيت' و مصالح الاتراك والامريكان مع السعودية تتجاوز بما لا مجال للمقارنة حادثة اختطاف او اخفاء او تصفية صحفي ولو كان بقامة جمال خاشقجي و تتجاوز مجمل ما يمثله الاخوان المسلمين (العرب) والقطريين الذين نسوا قصة الحصار وركبوا موجة الاختطاف والاغتيال اول من يعرف ذلك، وسيدعون هذه السيرة بمجرد صدور توجيه في قصاصة ورق قصيرة او لمجرد ظهور حدث لافت جديد.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بروفايل "البروف-الشيخ"

   دائما ما كنت اتساءل عن التخصص الذي يحمله السيد ابراهيم احمد عمر وزير التعليم العالي في اول حكومة انقاذية 1989م وعراب ما سمي تجاوزا "ثورة التعليم العالي" والتي بموجبها تم ت...

أوامر المهزوم!

  اوامر الطوارئ الاربع التي اصدرها البشير اليوم 25فبراير و التي تأتي استنادا علي اعلان الجمعة الماضية ( اعلان الطوارئ وحل الحكومة و تكليف ضباط بشغل مناصب حكام الولايات ) لها دلالة اساسية هي ان الحكومة تحاذر السقوط و باتت اخيرا تستشعر تهاوي سلطتها! جاء اعلان الطوارئ و حل الحكومة كتداعي لحركة التظاهرات والاضرابات التي عمت مدن البلاد علي امل ان يؤدي الي هدوء الشارع .. اما و قد مرت اكثر من 72 ساعة علي الاعلان دون اثر فتأتي الاوامر الاربعة (منع التظاهر، و تقييد تجارة السلع الاستراتيجية، و حظر تجارة النقد الاجنبي، و تقييد وسائل النقل والاتصالات) كمحاولة ثانية يائسة لايهام الجموع الشعبية بأن السلطة قابضة بقوة و ان لديها خيارات امنية و قانونية و ادارية متعددة! لا اجد لهذا الاعلان نظير في تاريخ السودان، اذ لا يشبه قرارات الانظمة الوطنية ( ديمقراطية كانت او انقلابية ) .. فالطوارئ قرار يلجأ اليه الحاكم في حالة الحروب او الكوارث الطبيعية او الازمات الوطنية و ليس اداة لمجابهة ازمات سياسية، فازمات السياسة لها طرق حل معروفة منها التنحي او الانتخابات المبكرة او تكوين ائتلافات جديدة وليس من بين...

البشير لم يسقط وحده

  بعد ثورة و تظاهرات استمرت لأربعة اشهر و عمت كل مدن و قري السودان اجبر الرئيس البشير علي التنحي و سقط بحسب مفردات الثورة السودانية و ثوارها..   اليوم حلفاء البشير من الانته...