التخطي إلى المحتوى الرئيسي

اعادة تأسيس وبناء الدولة

   جميعنا يعلم ان ان كل مؤسسات السودان؛ دولة ومجتمع، وصلت مرحلة من الحضيض والانحطاط لا تجدي معها محاولات الاصلاح والترقيع ..
  آليات الدولة والمجتمع خربت و تعطلت وفككت وبعضها بيع! و ماهو اسوء هو المضمون، السودان اليوم خاوي من المضمون والمعني والمحتوي .. تسير كل الاحوال لا لأي غرض، لا وجود لخطة ولا هدف و لا برنامج! اضحي الجديد الوحيد في هذا البلد هو ان شمس جديدة تطلع وتغيب كل يوم اما ما عدا ذلك فلا جديد، و لا احد يأمل في جديد!
  لقد بلغ الناس مرحلة من اليأس خطيرة للغاية لأنهم يمكن ان يتخلون معها علي ما تبقي في ايديهم من صفات وقيم و مكاسب!
  هذا الوضع يلقي مسؤولية مضاعفة علي عاتق القطاعات الحية من الشعب..
  لا نقول علي عاتق القوي السياسية او النخب، بل القطاعات الحية من الشعب حتي يعرف كل من في وسعه قدرة علي فعل شئ انه المعني بهذا النداء و هذه الاستغاثة..
  المطلوب اليوم من الفئات والقطاعات الحية الشروع في وضع تصورات لاعادة تأسيس وبناء الدولة السودانية، بناء من الاساسات الي السقف.
  وضع مخططات مشاريع وبرامج بناء مؤسسات الدولة والمجتمع كلها، مدنية و عسكرية؛ رسمية و اهلية..
  ابتداءا من الرؤية التي تحدد الرسالة المراد تحقيقها والاهداف المرحلية والاستراتيجية والاغراض النهائية والغايات.. مرورا باسلوب التأسيس والبناء والطرق التي تسلك لذلك الغرض والغايات، و انتهاءا بتحقيق غاية اقامة دعامات دولة و أمة قابلة للاستمرار والصمود في وجه الأزمات والتحديات  و قادرة علي التأقلم و التطور والسير قدما نحو المستقبل.
  مطلوب رسم خطط اعادة بناء وتأسيس جهاز الخدمات المدنية للحكم، جهاز يستوعب موظف يؤمن بأنه خادم عند الشعب وليس خادم عند ( سيد الشعب )، موظف يعين لمؤهلاته في تنفيذ اهداف عمله و وظيفته وليس لمؤهلاته في حرق البخور و مسح الاكمام! موظف شامل قادر علي الاداء بكل طاقته في أي موقع يحتاجه فيه الوطن.. وليس موظف أتي بعنصر القرابة او الولاء التنظيمي او الانتماء الاثني و الجهوي..
  يجب وضع خطط لاعادة تأسيس و بناء المؤسسات العسكرية والنظامية، بحيث تتأسس وبأقل التكاليف والعدد والعتاد و تكون قادرة علي الدفاع عن الوطن و حفظ الاستقرار والسلم وليست قوي قابلة للاستخدام ضد الوطن وضد الشعب! وتكون قابلة للمشاركة في الاعمار المدني وليست مجرد قوة للتدمير و الاستهلاك!
  وينبغي وضع برامج و خطط لاعادة بث روح قومية و وطنية جديدة عبر برامج التعليم والتثقيف بكامل مؤسساتها، مؤسسات تعليمية وثقافية تسهم في بعث فرد يعيش وسط الجماعة يخدمها و يتفاعل معها وليس فرد يعيش لنفسه و رغباته واهواءه فقط.
  و وضع برامج وتصورات لتأسيس بنية تقوم عليها مشاريع نهوض انمائي يسهم في خلق واقع اقتصادي جديد و متين ويمثل دعامة رئيسية قوية لوطن راسخ الاقدام علي الأرض يتطلع للمستقبل بأمل متسلحا بالمعرفة وبما يلزم ماديا.. لا يخاف المجهول ولا يهاب التغيير والتقدم.
  هذا كله منوط بالقوي الحية من فئات الشعب السوداني، لذا عليها ان تشرع فورا في العمل ولا تتواكل وتنتظر القوي الميتة والخاملة و لا تنتظر مجتمع دولي و لا قوي خارجية لتغير لها واقعها، بل عليها ان تصنع قدرها بيديها.
  هذا هو السبيل و ما عداه اضاعة للوقت و للفرص.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تفكيك خطاب الحرب و (فلسفة البلابسة)

   الخطاب و الموقف السياسي المساند للحرب و الحسم العسكري و رفض التفاوض و رفض أي حديث عن تسوية سياسية سلمية يعتمد علي استقطاب و تحشيد العوام ممن لا خبرة و لا معرفة لهم بطبيعة الحرب ولا السياسة!    تحشيد العوام هذا خلق تيار جارف اخذ في طريقه حتي بعض "الانتلجنسيا" ممن لا قدرة لهم علي مواجهة العوام او ممن يظنون ان كل هذا الحشد لا يمكن الا ان يكون علي حق، فيحتفظ برأيه لنفسه او حتي يتخلي عنه و ينخرط مع التيار ..!!   في المقام الاول ان لخطاب العنف و التحريض و "الانتقام" جاذبيته؛ و ان للقوة و استعراضها سطوة، مثلما ان لصورة الضحية فعلها؛ اما اذا دمج خطاب الضحايا مع خطاب القدرة علي الانتقام فاننا نحصل علي سيناريو تقليدي للافلام "البوليودية" و كثيرون هنا تفتق وعيهم و انفتح ادراكهم علي افلام الهند! فما يحدث و ما يدعو اليه خطاب الحرب بالنسبة لهؤلاء مفهوم و مستوعب و في مدي تصورهم لذا يرونه ليس واقعياً فحسب بل و بطولي و مغري يستحق ان ينخرطوا فيه بكلياتهم. سؤال الطلقة الأولي: قبل ان يعرف الناس الحقيقة بشأن ما قاد الي هذه الحرب التي انتشرت في مدن السودان و ولاياته ان...

لماذا يفضل الملكيون العرب التعامل مع جمهوريي اميركا؟؟

  لا يخفي الملوك و الامراء العرب "و اعوانهم" ميلهم و تفضيلهم التعامل مع ادارات جمهورية في اميركا و لا يخفون تبرمهم من تنصيب رئيس من الحزب الديمقراطي.. و يبررون ذلك الميل و التفضيل بمبررات مختلفة مثل تعامل الجمهوريين الحاسم مع ايران !! في الواقع فإن اكثر رؤساء اميركان الذين شكلوا اكبر تهديد للعرب و المسلمين هم من الجمهوريين (بوش الأب و الإبن و ترامب - غزو العراق و افغانستان و دعم اسرائيل)! لكن الجمهوريين كما عرب النفط يفهمون لغة المال جيداً و الادارة الجمهورية تضم علي الدوام اشخاص من قطاع الطاقة و النفط او صناعة السلاح او الادوية او حتي صناعة الترفيه "هوليود" يفضلون لغة النقود و المصالح. اذاً اكبر تهديد واجهه العرب و المسلمون من ادارات اميركية كان في فترات حكم جمهوري.. و بعد الحادي عشر من سبتمبر ٢٠٠١م اعلن بوش الابن سياسة صارمة في مواجهة انظمة اسلامية و عربية (افغانستان و العراق و السودان) كما مارس ضغوط غير مسبوقة علي السعودية اسفر عنها اجراءات حازمة ضد الجماعات المتشددة من الأخيرة، و تغيير في مناهج التعليم المدرسي و الجامعي فيها! الجمهوري ترامب اقدم علي خطوات غير مس...

شرح قانون الوجوه الغريبة !!

  المقصود بقانون الوجوه الغريبة هو اوامر الطوارئ التي صدرت في بعض الولايات بعد اندلاع حرب ١٥ ابريل/الكرامة و خصوصاً بولايتي الجزيرة و نهر النيل.. و هي اما اوامر صدرت من الوالي شفاهة و علي رؤوس الاشهاد او مكتوبة و مفادها ملاحقة ما يعرف ب "المندسين" و الطابور الخامس و من يشتبه في انتماءهم او تخابرهم مع مليشيا الدعم السريع، حيث راج ان المليشيا تدفع بعناصر من استخباراتها و قناصيها الي المناطق التي تنوي احتلالها لتقوم تلك العناصر بالعمل من الداخل بما يسهل مهمة الاحتلال .. و تستهدف الملاحقات الباعة الجائلين و اصحاب المهن الهامشية، و أي شخص تشك فيه السلطات او المواطنين؛ و في اجواء من الارتياب بالغرباء غذتها دعاية الحرب تم الطلب من المواطنين التعاون بالتبليغ و حتي بالقبض و المطاردة علي من يرتابون فيه. قانون او تعاليمات (الوجوه الغريبة) اسفرت عن ممارسات متحيزة "ضد غرباء" تحديداً ينحدرون من اقاليم كردفان و دارفور في ولايات عدة (الجزيرة، و نهر النيل، و كسلا، و الشمالية)؛ فالوجوه الغريبة هي اوامر تأخذ الناس بالسحنة و الملامح؛ و هي ممارسات بالتالي اسوأ مما كانت تمارسه "مح...