التخطي إلى المحتوى الرئيسي

موقع الدعم السريع من معادلة السياسة والسلطة في السودان!

   سؤال العلاقة بين الجيش (العسكر) و المدنيين بشأن الحكم والسلطة ظل احد اعقد اسئلة الدولة السودانية! و الدور السياسي للجيش ظل علي الدوام من اشكالات المشهد السياسي السوداني..
   حيث ظل الحكم والسلطة علي الدوام في حال منازعة بين المدنيين والحزبيين و بين ضباط الجيش.. وظل الوضع متنقلا بين الانتخابات الديمقراطية التعددية و بين الانقلابات العسكرية.
   المصيبة ان هذه الاشكالية و قبل حلها اضيف للمشهد تعقيد جديد؛ حيث تشكلت قوة عسكرية جديدة تطورت من جماعة خارجة علي القانون الي مليشيا قبلية موالية للحكومة الي قوي عسكرية نظامية لها سلسلة قيادة وتعليمات خاصة بها وقانون مستقل ..
   هذه القوة (قوات الدعم السريع) اصبحت لاعبا رئيسيا في موازين القوي العسكرية و قوة ضاربة يحسب لها الف حساب! 
   هذا الوضع الجديد يجعل سؤال موقعها من معادلة السلطة والحكم والسياسة واتخاذ القرار سؤال يجب اخذه علي محمل الجد.
   فالقوات العسكرية في السابق كانت تنحصر بين القوات المسلحة (الجيش) والتي كانت المعنية بتمثيل العسكر في السلطة والتي احتكرت السياسة لعقود، والقوات النظامية الاخري والتي تشمل الشرطة بفرقة احتياطها المركزي و قوة الأمن وهذه القوة كان دورها ثانويا ومساعدا في موازين السياسة، اذ تلعب دورا اساسيا في تثبيت الانظمة والحكومات لكن لا دور لها في الانقلابات او الاطاحة بالحكومات..
   تواجدت علي المسرح في حقب عديدة قوي وجيوش حركات متمردة (الجيش الشعبي لتحرير السودان) و جيوش و مليشيا الحركات السياسية المعارضة في دارفور، وهي جيوش لا دور لها في معادلة السلطة بحكم وزنها و تواجدها بعيدا عن مركز ادارة الحكم و بعيدا عن منصات اتخاذ القرار السياسي؛ بل وبعيدا ايضا عن القواعد الشعبية.
   بينما سمح لقوات الدعم السريع بموجب قرار منحها امتياز وضعية القوة النظامية سلطة التواجد بالمدن الكبيرة، والاحتكاك بالجمهور، بل و اصبحت جزءا من المسرح السياسي، وليس بعيدا عن الاذهان الاصطدام الذي حدث بين قيادتها و الزعيم المعارض رئيس الوزراء السابق و رئيس حزب الامة الصادق المهدي، ذلك الاصطدام الذي اسفر عن اعتقال الامام و خروجه لعدة سنوات من البلاد!
   كما تمثل حوادث قمع احتجاجات سبتمبر و حوادث الاعتداء المتكررة علي المواطنين في العديد من عواصم الولايات و عاصمة البلاد الخرطوم اشارات علي ان هذه القوي اصبحت حاضرة علي المشهد كرقم علي اي سياسي او عسكري طامح في لعب دور سياسي ان يضعه في حسبانه!
   ويمثل التسريب الذي راج مؤخرا والذي مفاده ان مدير مكتب الرئيس الفريق الهارب والمنشق المقيم حاليا بعاصمة السعودية قد خطط للاستيلاء علي السلطة في حال خلو المقعد نتيجة عجز الرئيس البشير صحيا؛ اذ تفيد تلك التسريبات بأن الفريق طه قد جمع بعض قيادات الجيش والأمن والشرطة ومعهم قائد الدعم السريع واتفقوا علي تكوين مجلس منهم لادارة البلاد!
   كل تلك الاشارات تؤذن بان هذه القوة العسكرية المستقلة يتبلور لديها نزوع سياسي و يتخلق لدي (جنرالاتها) طموح للعب ادوار سياسية اسوة برصفاءهم جنرالات قوات الشعب المسلحة!
   تأثير تلك القوات علي الملعب السياسي سيكون اشد خطرا وضررا علي مستقبل السياسة والسلطة في البلد من التأثير السياسي للجيش (القوة العسكرية التقليدية) لعدة اسباب، اهمها؛
  ان هذه القوي تخلقت اصلا لاعتبارات سياسية و ليس لاعتبارات وطنية و عسكرية صرفة كما كان الحال مع الحيش النظامي، اذ بسبب قيام جيوش حركات مناوئة سياسيا سعت السلطة لتكوين مليشيا موالية!
وحيث ان جيوش الحركات المناوئة كانت تعتمد دعاية سياسية معارضة فتبني الدعم السريع اجندة دعائية موالية!
   هذا علاوة علي ان هذه القوة وبعكس الجيش النظامي لا تتحلي بأية تقاليد او اعراف او ادبيات عسكرية و تتدني لدي افرادها الثقافة العامة و الوعي السياسي بل ويتدني الانضباط العسكري الي مراحل تلامس الانعدام التام، وكل هذا يؤشر الي ان تأثيرها سيكون مفتوحا علي اسوء الاحتمالات و لأبعد درجات التردي في الخطورة.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بروفايل "البروف-الشيخ"

   دائما ما كنت اتساءل عن التخصص الذي يحمله السيد ابراهيم احمد عمر وزير التعليم العالي في اول حكومة انقاذية 1989م وعراب ما سمي تجاوزا "ثورة التعليم العالي" والتي بموجبها تم ت...

أوامر المهزوم!

  اوامر الطوارئ الاربع التي اصدرها البشير اليوم 25فبراير و التي تأتي استنادا علي اعلان الجمعة الماضية ( اعلان الطوارئ وحل الحكومة و تكليف ضباط بشغل مناصب حكام الولايات ) لها دلالة اساسية هي ان الحكومة تحاذر السقوط و باتت اخيرا تستشعر تهاوي سلطتها! جاء اعلان الطوارئ و حل الحكومة كتداعي لحركة التظاهرات والاضرابات التي عمت مدن البلاد علي امل ان يؤدي الي هدوء الشارع .. اما و قد مرت اكثر من 72 ساعة علي الاعلان دون اثر فتأتي الاوامر الاربعة (منع التظاهر، و تقييد تجارة السلع الاستراتيجية، و حظر تجارة النقد الاجنبي، و تقييد وسائل النقل والاتصالات) كمحاولة ثانية يائسة لايهام الجموع الشعبية بأن السلطة قابضة بقوة و ان لديها خيارات امنية و قانونية و ادارية متعددة! لا اجد لهذا الاعلان نظير في تاريخ السودان، اذ لا يشبه قرارات الانظمة الوطنية ( ديمقراطية كانت او انقلابية ) .. فالطوارئ قرار يلجأ اليه الحاكم في حالة الحروب او الكوارث الطبيعية او الازمات الوطنية و ليس اداة لمجابهة ازمات سياسية، فازمات السياسة لها طرق حل معروفة منها التنحي او الانتخابات المبكرة او تكوين ائتلافات جديدة وليس من بين...

البشير لم يسقط وحده

  بعد ثورة و تظاهرات استمرت لأربعة اشهر و عمت كل مدن و قري السودان اجبر الرئيس البشير علي التنحي و سقط بحسب مفردات الثورة السودانية و ثوارها..   اليوم حلفاء البشير من الانته...