التخطي إلى المحتوى الرئيسي

إستثمار الجماهير



  طفت الي السطح مؤخراً أحاديث ترمي الي تحويل الأندية ذات القاعدة الجماهيرية الي شركات تجارية واستثمارية..بحيث تتم الاستفادة من من جماهيرية وشعبية تلك الاندية وعبر تحويل مناصريها وجمهور المشجعين الي مساهمين في تلك الشركات "الاندية"؛ والتي بطبيعة الحال سيسيطر عليها كبار الاقطاب من رجال الاعمال، بل ان اغراء هذا الطرح يجذب حتي غير الرياضيين من المستثمرين..
   ومن يروجوا لهذا الاتجاه يعتبرونه فتحاً جديداً في الادارة والاستثمار الاقتصادية والرياضي.. لكن هذا الاتجاه هو حلقة جديدة من حلقات الاضطراب والتخبط في شأن ادارة الاندية الرياضية "خصوصاً فرق كرة القدم" وسائر مؤسسات الرياضة بالبلاد.
فأولاً: الاندية الرياضية الكبيرة، أي اندية القمة، هي اندية ذات شعبية جماهيرية وليست بحاجة لأموال (كما يتصور ويصور بعض الضعاف) بقدر ماهي بحاجة للحكمة والمراس الاداري القادر علي توظيف تلك الشعبية والاستفادة من الموارد المتاحة.. والحديث عن ان رجال الاعمال الذين الذين ولجوا حقل الادارة الرياضية مؤخراً قد احدثوا طفرة رياضية لايسنده دليل ملموس، وفي الواقع ما من طفرة منظورة بل هناك إهدار ملحوظ للأموال في استجلاب لاعبين ومدربين يوصموا علي نطاق واسع بأنهم "مواسير" .. والفائدة العظمي عادت علي .. ونالها رجال الاعمال، فالشهرة التي منحتها لهم اندية كرة القدم أكبر بكثير من الشهرة التي منحتها لهم اموالهم واعمالهم.. بل وعلاوة علي ذلك نجدهم قد نقلوا خلافاتهم وصراعاتهم في سوق الله اكبر الي ميادين الرياضة.
  وثانياً: هناك فرق بين الاندية الجماهيرية والاندية الصغيرة، فالاندية ذات الشعبيات الجارفة هي اندية ملك لجماهيرها، وأي حديث عن تحويلها لشركات هو حديث لا ضرورة له إبتداءا..ً وإن لرجال مال واعمال ما يريدون تقديمه في هذا المجال فدونهم الاندية الصغيرة أو عليهم بتأسيس اندية جديدة "كلياً" حتي يري الجميع انجازهم ..
   ثالثاً: إن الاستفادة من شعبية أندية القمة وتحويل مشجعيها الي مساهمين " المحاولة تجري الان في نادي المريخ" ماهي الا محاولة مفضوحة لإستغلال الرياضة وجماهير كرة القدم في عمل اقتصادي بعد خفوت تجربة الاقتصاد الذي يستثمر الدين "شركات وبنوك اسلامية" .
  إن ما تحتاجه الاندية السودانية هو توطين مفهوم فصل رأس المال عن الإدارة، وهو المفهوم الذي يعد من أركان الإقتصاد الرأسمالي والسوق الحر والذي تقوم عليه دعائم أكبر الشركات العالمية اليوم... ما تحتاجه الاندية هو مدراء مؤهلين تلقوا علوم الادارة في جامعات وملمين باصول العمل المحاسبي والاداري بكل أشكاله (تسويق ومبيعات و مشتروات وادارة موارد بشرية وسائر الشئون المالية..) وأن يعملوا في تلك الاندية كموظفين بعقود عمل عادية قابلة للتجديد أو الانهاء في وقت محدد ومعروف منصوص عليه في العقد، وليسوا مخلدين فيها كما شأن الادارات الحالية التي تأتي بالتعيين او بانتخابات صورية وغوغائية، ولا تحتاج الي عمائم كبيرة لاتزال تدير أعمالها الخاصة "حتي وان كانت ضخمة" بعقلية ادارة الكناتين".
   إن دعوة تحويل اندية الرياضة الي شركات استثمارية دعوة باطنها الاستغلال وستكون حلقة جديدة من حلقات التهريج والتخبط والفوضي وان كان ظاهرها اصلاح الحال لذا يجب الحذر منها.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بروفايل "البروف-الشيخ"

   دائما ما كنت اتساءل عن التخصص الذي يحمله السيد ابراهيم احمد عمر وزير التعليم العالي في اول حكومة انقاذية 1989م وعراب ما سمي تجاوزا "ثورة التعليم العالي" والتي بموجبها تم ت...

أوامر المهزوم!

  اوامر الطوارئ الاربع التي اصدرها البشير اليوم 25فبراير و التي تأتي استنادا علي اعلان الجمعة الماضية ( اعلان الطوارئ وحل الحكومة و تكليف ضباط بشغل مناصب حكام الولايات ) لها دلالة اساسية هي ان الحكومة تحاذر السقوط و باتت اخيرا تستشعر تهاوي سلطتها! جاء اعلان الطوارئ و حل الحكومة كتداعي لحركة التظاهرات والاضرابات التي عمت مدن البلاد علي امل ان يؤدي الي هدوء الشارع .. اما و قد مرت اكثر من 72 ساعة علي الاعلان دون اثر فتأتي الاوامر الاربعة (منع التظاهر، و تقييد تجارة السلع الاستراتيجية، و حظر تجارة النقد الاجنبي، و تقييد وسائل النقل والاتصالات) كمحاولة ثانية يائسة لايهام الجموع الشعبية بأن السلطة قابضة بقوة و ان لديها خيارات امنية و قانونية و ادارية متعددة! لا اجد لهذا الاعلان نظير في تاريخ السودان، اذ لا يشبه قرارات الانظمة الوطنية ( ديمقراطية كانت او انقلابية ) .. فالطوارئ قرار يلجأ اليه الحاكم في حالة الحروب او الكوارث الطبيعية او الازمات الوطنية و ليس اداة لمجابهة ازمات سياسية، فازمات السياسة لها طرق حل معروفة منها التنحي او الانتخابات المبكرة او تكوين ائتلافات جديدة وليس من بين...

البشير لم يسقط وحده

  بعد ثورة و تظاهرات استمرت لأربعة اشهر و عمت كل مدن و قري السودان اجبر الرئيس البشير علي التنحي و سقط بحسب مفردات الثورة السودانية و ثوارها..   اليوم حلفاء البشير من الانته...