التخطي إلى المحتوى الرئيسي

بحث علمي؟!!



   تزايدت مؤخراً أعداد الملتحقين ببرامج الدراسات العليا وتضاعفت أعداد الكليات والمعاهد التي تمنح الدرجات الاكاديمية من ماجستير ودكتوراة و"دكتوراة فخرية"!! وهذا الاقبال ليس سببه حوجة ضرورية اقتضتها ظروف المجتمع ولا توسع طبيعي أملته حال مؤسسات التعليم العالي، بقدر ما هي ناتجة عن تزايد اعداد الحاصلين علي مؤهل جامعي بصورة لا تتناسب حوجة السوق وإمكانات البلاد، بالاضافة الي ضعف المؤهل الجامعي ذاته وتدني مستوي حاملي شهادة البكالريوس وقلة معارفهم وضعف مهاراتهم!
  لقد وصلنا حالياً لمرحلة اصبحت معها برامج الدراسات العليا (بسب ارتفاع الطلب عليها، وتزايد الاقبال) مصدر تتكسب منه الجامعات والمراكز وتزيد به مداخيلها لا أكثر ولا أقل! وهذا الوضع الشائه يعكس مستوي الاختلالات التعليمية والادارية وقبل ذلك السياسية التي تردينا فيها وتردت فيها مؤسساتنا وبلادنا؟
  فالطبيعي هو ان تكون الدراسات العليا مجال يلج اليه من اختار المنحي الاكاديمي والبحثي وأضحي هذا تخصصه وإطاراً عاماً للـ (Career) الخاص به، أي الاشخاص الذين انحصر عملهم في التدريس الجامعي والعمل في مراكز البحوث العلمية..الخ
  وهذا المجال "الاكاديمي/ العلمي" يتطلب في الاساس أشخاص لديهم مقدرات معينة واستعداد خاص، لذا تجد ان القاعدة الاساسية هي ان الجامعات ومراكز البحث في كل العالم تضع معايير للقبول في برامج الدراسات العليا والبحث بحيث تستوعب الطلاب/الباحثين المؤهلين لذلك.. وليس من بين تلك المعايير الاستعداد المادي والقدرة المالية!! صحيح ان بعض المراكز والجامعات العريقة أخذت تفرض العامل المالي لكن هي في الغالب تفعل ذلك عندما تتعامل مع طلاب وباحثي دول العالم المتخلفة والغنية في ذات الوقت (طلاب دول الخليج وليبيا..الخ) وهدفها من ذلك بائن الغرض والخبث.
    عندنا الأن اصبحت الدراسات العليا موضوع لمن لا موضوع له اذ في الغالب كل خريج ضاقت عليه فرص التوظيف وكل خريجة ضاقت عليها فرص الزواج أو التوظيف.. يلجأ أو تلجأ للدراسة العليا حتي يقضي الله أمراً.
   بينما تسعي جامعاتنا ومؤسساتنا البحثية لإستغلال هذه الظاهرة لتحصيل أكبر قدر من الموارد والاموال؟!! هذا بينما دورها كمؤسسات علمية "كان" يحتم عليها ان تجد حلول لمشاكل المجتمع واختلالاته لا أن تستثمر تلك المشاكل وتعتاش عليها!!!   

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بروفايل "البروف-الشيخ"

   دائما ما كنت اتساءل عن التخصص الذي يحمله السيد ابراهيم احمد عمر وزير التعليم العالي في اول حكومة انقاذية 1989م وعراب ما سمي تجاوزا "ثورة التعليم العالي" والتي بموجبها تم ت...

أوامر المهزوم!

  اوامر الطوارئ الاربع التي اصدرها البشير اليوم 25فبراير و التي تأتي استنادا علي اعلان الجمعة الماضية ( اعلان الطوارئ وحل الحكومة و تكليف ضباط بشغل مناصب حكام الولايات ) لها دلالة اساسية هي ان الحكومة تحاذر السقوط و باتت اخيرا تستشعر تهاوي سلطتها! جاء اعلان الطوارئ و حل الحكومة كتداعي لحركة التظاهرات والاضرابات التي عمت مدن البلاد علي امل ان يؤدي الي هدوء الشارع .. اما و قد مرت اكثر من 72 ساعة علي الاعلان دون اثر فتأتي الاوامر الاربعة (منع التظاهر، و تقييد تجارة السلع الاستراتيجية، و حظر تجارة النقد الاجنبي، و تقييد وسائل النقل والاتصالات) كمحاولة ثانية يائسة لايهام الجموع الشعبية بأن السلطة قابضة بقوة و ان لديها خيارات امنية و قانونية و ادارية متعددة! لا اجد لهذا الاعلان نظير في تاريخ السودان، اذ لا يشبه قرارات الانظمة الوطنية ( ديمقراطية كانت او انقلابية ) .. فالطوارئ قرار يلجأ اليه الحاكم في حالة الحروب او الكوارث الطبيعية او الازمات الوطنية و ليس اداة لمجابهة ازمات سياسية، فازمات السياسة لها طرق حل معروفة منها التنحي او الانتخابات المبكرة او تكوين ائتلافات جديدة وليس من بين...

البشير لم يسقط وحده

  بعد ثورة و تظاهرات استمرت لأربعة اشهر و عمت كل مدن و قري السودان اجبر الرئيس البشير علي التنحي و سقط بحسب مفردات الثورة السودانية و ثوارها..   اليوم حلفاء البشير من الانته...