بناء سد
علي نهر (كالنيل) يعد أحد أطول أنهار الدنيا و يمر بعدة دول؛ هو بلا شك حدث يستحق
ان يكون (حديث الساعة) لما له من تداعيات وابعاد اقتصادية وامنية وسياسية ..وتحويل
مجري نهر (كالازرق) الذي يعد من أهم روافد النيل حدث يستحق الاهتمام الذي يكتسبه
محلية واقليميا وعالميا..
لست خبيراً في (
الامن المائي) أو (الاستراتيجيات) لأفتي في شأن بناء اثيوبيا لـ(سد النهضة أو
الالفية) لكن هذا لايحول دون ابداء بعض الملاحظات العابرة والتي أراها هامة.
أولي الملاحظات،
هي وللأسف الشديد أننا لا نملك موقف خاص بنا ولا رأي يمثل مصلحتنا المباشرة وذلك بسبب
أننا لم نولي مسألة مياه النيل الاهتمام الذي تستحقه، ولانزال ننظر لمسألة المياه
علي اعتبار انها شأن يخص المصريين وينفردوا بالعلم به، هذا الاعتقاد والتصور عائد
لممارسة كانت سائدة في الاستعمار " المصري-الانجليزي" لبلادنا، ففي تلك
الحقب كانت إدارة "الري المصري" هي احدي أهم الادارات المصرية التي تنشط
في السودان، ومن منا ليس له جد مباشر او غير مباشر لم يعمل موظفا او عاملا في تلك
الادارة؟ بل احدي اهم مقولاتنا (راجي الري!!) تعكس ذلك التأثير ...
وكي نصل لمرحلة
امتلاك رأي وموقف خاص بنا؛ علينا ان نسعي لإمتلاك قاعدة بيانات ومعارف تخصنا بشأن
مياه النيل وروافده. صحيح ان لنا وزارة (ري) وسدود وهيئات للمياه إلا انها لا
تعالج المسألة من منظور شامل بل تهتم بجزئيات وفروع (ري المشاريع ومياه المدن
والارياف وتوليد الكهرباء) وآن الاوان لأن نقوم بإنشاء هيئة متخصصة متخصصة تعالج
المسألة من منظور علمي " استراتيجي" أمني وسياسي فالنيل و "روافده"
لايقل أهمية لنا عما يمثله من اهمية لمصر ويستحق ان نبني من اجله قاعدة بيانات
واستراتيجية وطنية تخصنا.
الملاحظة الثانية، ان المصريين الذين عرفوا
باهتمامهم بالنيل وأحواله وتقلباته منذ عهد الفراعنة؛ وعلي مايبدو لم يصلوا بعد
للمستوي اللائق بهذا الشأن علميا، وفي هذا الخصوص دائما مايخلطون بين ماهو علمي
وماهو عاطفي، وبين البيانات والارقام والحقائق ببعض التهريج والتهويش والتشويش..،
هذا يتضح جلياً في حوار الرئيس المصري مع قادة الاحزاب "المصرية" وما
يرشح من تصريحات لخبرائهم ومفكريهم .. لذا لا يمكننا الاطمئنان الي مواقفهم
ومبرراتهم والاعتماد عليها.
الملاحظة
الثالثة، ان هذا الحدث الماثل، أي بناء سد النهضة الاثيوبي، لم يعلن عنه الأن وانما
قبل سنوات، والخطوات التمهيدية للإنشاءات لم تتم سراً انما علناً، فمشروع عملاق
كهذا لايمكن تنفيذه سراً!! لذا فليس هناك من داعي لكل الضجيج الاعلامي والتهريج
الذي يحدث-خصوصا في الاعلام المصري "وهو مجرد تهريج برغم محاولات إلباسه لبوس
الحديث العلمي عبر نسبة التصريحات لوزراء ري سابقون وخبرا..الخ" الذي يحدث مع
كل تقدم يطرأ في خطوات تشييد واكمال المشروع ،.. اللهم الا اذا كان الغرض من ذلك
اللغط هو السعي للضغط علي اثيوبيا "صاحبة المشروع" لإجبارها علي تقديم
تنازلات سياسية او اقتصادية في ملفات أخري؟؟
الملاحظة الرابعة،
علينا (وحتي قبل امتلاك قاعدة علمية خاصة بنا فيما يتعلق ببيانات مياه الانهار)
علينا الحرص علي عدم الانسياق خلف الموقف المصري من هكذا قضايا، ويلاحظ ان مصر
تسعي لوضعنا في واجهة صراعها مع اثيوبيا لنخوض الصراع بالوكالة عنها، وذلك ما
تسربه من شائعات علي شاكلة ان السد الاثيوبي يهدد الخرطوم بالغرق.. وانه يقلل
خصوبة الاراضي الزراعية السودانية!!!
علينا اولاً
الاستيثاق الكامل من سلبيات هذا المشروع علي بلادنا "ان كانت هناك
سلبيات" والعمل مع الجانب الاثيوبي لوضع معالجات بحيث يتم ضمان مصالح
الجانبين وذلك عبر انشاء حلقة تنسيق رفيعة الصلاحيات وعالية التفويض تتولي مهمة
التنسيق بين السودان واثيوبيا فيما يتعلق بالمياه والمسائل الاستراتيجية الاخري
بما في ذلك المنازعات الحدودية.
تعليقات
إرسال تعليق