التخطي إلى المحتوى الرئيسي

طرفاها الفريق البشير والدكتور "نافع".. أزمة مكتومة داخل النظام


     نذر ازمة مكتومة تلوح داخل خندق النظام طرفاها الجنرال و"نافع" الدكتور الاكاديمي الذي ولج دنيا السياسة من اضيق ابوابها "بوابة العمل الامني والتاميني" ،
  ومن حينها ظل د. نافع يثابر علي تحسين موقفه وموقعه وقربه من الرئيس ويثابر علي ملاحقة واقصاء منافسيه وقد كان مسعاه مكللاً دوماً بنجاح مذهل حتي اضحي في وقت قياسي احد ابرز المتنفذين في نظام البشير، بل ولفترة طويلة الحاكم الفعلي برغم وجود عديدين "رسمياً" في مناصب أعلي من منصبه وهم البشير نفسه والنائب الاول "سلفا سابقا/ وطه حالياً والحاج آدم وأخرين"
  نجح المساعد "مساعد الرئيس أو مساعد رئيس الحزب الحاكم" في تحجيم دور البعض (علي عثمان) وفي اقصاء أخرين (قوش) .. كما ظل يمثل مصدر ازعاج دائم لخصوم النظام بسبب تعليقاته اللاذعة حيناً والمسيئة دائماً والتي لا تلتزم بابسط قواعد السياسة او الدبلوماسية او الاتكيت، ولكن بما ان اقصي طموحه ان يبقي مقرباً وفي ظل كرسي البشير ولا يطمح في تجاوز مرحلة الرجل الثاني فعلياً والشخص المتنفذ وان كان بعيداً عن الاضواء الاعلامية المباشرة التي تتركز عادةً علي شاغلي المناصب المتقدمة جداً، وبما انه ايضاً ليس سياسياً بالمعني لذا فان بعض تصرفاته علي ما يبدو بدات تزعج البشير نفسه الذي اطلق له العنان فيما سبق واطلق لسانه ويده علي خصومه،
  وفي رسالة اولي لترويض جموح "المساعد" قام البشير وعبر تنشيط بعض علماء السلطة وبعض اركان الجيش بتدشين حملة ضد توقيع د.نافع لإتفاق مع قطاع الشمال الخارج علي سلطان الدولة في جنوب كردفان والنيل الازرق انتهت بالغاء ذلك الاتفاق واجبار الدكتور علي (لحس كلامه)؛ فقد كان مفاد تلك الرسالة "ان يا د. نافع ليس في وسعك فعل ما تشاء بعد اليوم"،
منذ تلك الحادثة قل نشاط  د.نافع قليلا، ولكن علي مايبدو ان احتكاكه بالسياسيين علمه الانحناء للعواصف خصوصاً الهوجاء منها، وهو يعلم جيداً انه لا قبل له بمصارعة الرجل الاول والاقوي "البشير" وان البقية ليسوا الا خيوط  وعصي في يده لذا ليس من الحكمة التعرض لهم لأنهم تحت عين الرئيس..فقد انحني لتلك العاصفة ثم ما لبس ان عاد لتصريحاته النارية وتهديداته المضرية.
  الجديد الأن ان هناك رسالة ثانية وصلت "للمساعد" وهذه المره بواسطة الناطق باسم الجيش وذلك تعليقاً علي تصريح لنافع شكك فيه وتطرق لإمكانية الجيش وقدرته علي حماية "المكتسبات وبيضة الدين..الخ" ، فقد رد "الناطق" بان لولا قدرة وبسالة  الجيش لسقط النظام (لاحظ، النظام وليس البلد) منذ امد طويل ومفاد الرسالة الثانية "أن يا د. نافع ليس في وسعك قول ما تشاء ساعة تشاء"
   أحد المحللين سألته عن الحادثتين ومغزاهما فقال : علي ما يبدو ان د. نافع الذي عرف بالتهور والاندفاع والتصريحات المنفلتة من عقال الحنكة السياسية  وبعد ان تخلص من كل خصومه (العقلاء) داخل المنظومة الحاكمة يريد ان يلعب الأن دور آخر العقلاء في السلطة، ولكن بما ان امكاناته السياسية محدودة وضعيفة فقد نسي ان يكرس بعض الوقت لبناء تحالفات سياسية يعتمد عليها، فالرجل خسر الجميع ولم يكسب شئ، ولن يجد من يؤازره الأن ليقوم بدور العاقل الاخير (فكل الباقين في مركب البشير معتوهين) لذا علي نافع ان يسير في سيرة العته الي آخر الشوط ،
   وإن كان ذلك صحيحاً فان شخصية الرجل العاقل لا تلائم الدكتور نافع الذي اصبح مثل الممثل الذي احترف ادوار الشر ويريد ان يختم حياته بتجسيد شخصية الانسان الطيب والصالح، فلن يرضي عنه الجمهور والنقاد بل وقد لا يرضي عن نفسه حتي. بل وان أصر علي تلك الخطوة فانه غالباً ما يشرب من ذات الكاس التي طالما سقي منها الآخرين.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تفكيك خطاب الحرب و (فلسفة البلابسة)

   الخطاب و الموقف السياسي المساند للحرب و الحسم العسكري و رفض التفاوض و رفض أي حديث عن تسوية سياسية سلمية يعتمد علي استقطاب و تحشيد العوام ممن لا خبرة و لا معرفة لهم بطبيعة الحرب ولا السياسة!    تحشيد العوام هذا خلق تيار جارف اخذ في طريقه حتي بعض "الانتلجنسيا" ممن لا قدرة لهم علي مواجهة العوام او ممن يظنون ان كل هذا الحشد لا يمكن الا ان يكون علي حق، فيحتفظ برأيه لنفسه او حتي يتخلي عنه و ينخرط مع التيار ..!!   في المقام الاول ان لخطاب العنف و التحريض و "الانتقام" جاذبيته؛ و ان للقوة و استعراضها سطوة، مثلما ان لصورة الضحية فعلها؛ اما اذا دمج خطاب الضحايا مع خطاب القدرة علي الانتقام فاننا نحصل علي سيناريو تقليدي للافلام "البوليودية" و كثيرون هنا تفتق وعيهم و انفتح ادراكهم علي افلام الهند! فما يحدث و ما يدعو اليه خطاب الحرب بالنسبة لهؤلاء مفهوم و مستوعب و في مدي تصورهم لذا يرونه ليس واقعياً فحسب بل و بطولي و مغري يستحق ان ينخرطوا فيه بكلياتهم. سؤال الطلقة الأولي: قبل ان يعرف الناس الحقيقة بشأن ما قاد الي هذه الحرب التي انتشرت في مدن السودان و ولاياته ان...

لماذا يفضل الملكيون العرب التعامل مع جمهوريي اميركا؟؟

  لا يخفي الملوك و الامراء العرب "و اعوانهم" ميلهم و تفضيلهم التعامل مع ادارات جمهورية في اميركا و لا يخفون تبرمهم من تنصيب رئيس من الحزب الديمقراطي.. و يبررون ذلك الميل و التفضيل بمبررات مختلفة مثل تعامل الجمهوريين الحاسم مع ايران !! في الواقع فإن اكثر رؤساء اميركان الذين شكلوا اكبر تهديد للعرب و المسلمين هم من الجمهوريين (بوش الأب و الإبن و ترامب - غزو العراق و افغانستان و دعم اسرائيل)! لكن الجمهوريين كما عرب النفط يفهمون لغة المال جيداً و الادارة الجمهورية تضم علي الدوام اشخاص من قطاع الطاقة و النفط او صناعة السلاح او الادوية او حتي صناعة الترفيه "هوليود" يفضلون لغة النقود و المصالح. اذاً اكبر تهديد واجهه العرب و المسلمون من ادارات اميركية كان في فترات حكم جمهوري.. و بعد الحادي عشر من سبتمبر ٢٠٠١م اعلن بوش الابن سياسة صارمة في مواجهة انظمة اسلامية و عربية (افغانستان و العراق و السودان) كما مارس ضغوط غير مسبوقة علي السعودية اسفر عنها اجراءات حازمة ضد الجماعات المتشددة من الأخيرة، و تغيير في مناهج التعليم المدرسي و الجامعي فيها! الجمهوري ترامب اقدم علي خطوات غير مس...

شرح قانون الوجوه الغريبة !!

  المقصود بقانون الوجوه الغريبة هو اوامر الطوارئ التي صدرت في بعض الولايات بعد اندلاع حرب ١٥ ابريل/الكرامة و خصوصاً بولايتي الجزيرة و نهر النيل.. و هي اما اوامر صدرت من الوالي شفاهة و علي رؤوس الاشهاد او مكتوبة و مفادها ملاحقة ما يعرف ب "المندسين" و الطابور الخامس و من يشتبه في انتماءهم او تخابرهم مع مليشيا الدعم السريع، حيث راج ان المليشيا تدفع بعناصر من استخباراتها و قناصيها الي المناطق التي تنوي احتلالها لتقوم تلك العناصر بالعمل من الداخل بما يسهل مهمة الاحتلال .. و تستهدف الملاحقات الباعة الجائلين و اصحاب المهن الهامشية، و أي شخص تشك فيه السلطات او المواطنين؛ و في اجواء من الارتياب بالغرباء غذتها دعاية الحرب تم الطلب من المواطنين التعاون بالتبليغ و حتي بالقبض و المطاردة علي من يرتابون فيه. قانون او تعاليمات (الوجوه الغريبة) اسفرت عن ممارسات متحيزة "ضد غرباء" تحديداً ينحدرون من اقاليم كردفان و دارفور في ولايات عدة (الجزيرة، و نهر النيل، و كسلا، و الشمالية)؛ فالوجوه الغريبة هي اوامر تأخذ الناس بالسحنة و الملامح؛ و هي ممارسات بالتالي اسوأ مما كانت تمارسه "مح...