مما هو معلوم، ان حماية وصون حياة وسلامة ومصالح رعايا الدولة - أي دولة – تأتي علي رأس قائمة اهداف السياسة الخارجية للدول ولها الاولوية علي بقية مهام الهيئات الدبلوماسية " وزارة الخارجية وسفاراتها وقنصلياتها.."
هذا هو الوضع الطبيعي لأي دولة تحترم نفسها وتتحمل مسئولياتها كاملةً حيال مواطنيها ورعاياها. أما في حالة الدول التي لا تحترم مواطنها "ولا تحترم نفسها ايضاً" كما هو حالنا للأسف؛ حالة الدول التي تضطهد وتذل وتهين مواطنها وزهق روحه لأتفه سبب.. فإن رعاية مصالح مواطنيها في الخارج ليس من اولوياتها بل وليس ضمن قائمة مشغولياتها علي الاطلاق.
وما بين هذا وذاك (نموذج النظام الذي يحترم المواطن ويرعي مصالحه في الخارج ونموذج النظام الذي لايحترم ولا يرعي..) ثمة نموذج وسطي نتمي لو ان حكومتنا تسعي لتطبيقه " نسبةً لأن النموذج الاول سيستعصي عليها" هذا النموذج الوسطي هو نموذج النظام الذي يهين مواطنه ولكن في ذات الوقت لايقبل ولا ان تهين مواطنها اي قوة علي وجه الارض .. وقد كان نظام المخلوع مبارك خير مثال علي هذا النوع من الانظمة،
ان حالنا مع حكومتنا يشبه حال الهرة مع المرأة التي قال فيها الجديث الشريف (دخلت امرأة النار في هرة حبستها حتي ماتت فلا هي اطعمتها ولا تركتها تطعم من خشاش الارض)، فحكومتنا التي عجزت عن توفير سبيل عيش كريم هي عاجزة ايضا عن توفير سند سياسي وقانوني (دبلوماسي) لمواطنيها الذين انتشروا في الارض ابتغاء كسب حلال فتفرقت بهم السبل!
هذا العجز والهوان الدبلوماسي يتمثل في موقفنا من حادثة موت خمسة عشر مواطناً علي الحدود؛ إذ علي خلفية هذا الحادث استدعت "خارجيتنا" السفير الليبي، استدعته ليس لتحمل حكومته مسئولية الارواح التي ازهقت ومسئولية سلامة أي سوداني في الاراضي الليبية (حتي ولو دخلها متسللا؛ فالتسلل ليس فعلا يستوجب القتل!)
إستدعت خارجيتنا السفير الليبي، لا لتطلب منه تنسيق مهمة فريق تحقيق سوداني يتحري حول الحادثة ويتقصي حقائقه، ولا لتناشد حكومة الثورة ان تضبط ثوارها وان تحسم تفلتات السلاح فيها ... استدعته فقط لتطلب منه فتح تحقيق في الحادثة، هذا هو كل شئ!! ومع هذا الهوان فإن مدير ادارة القنصليات بخارجيتنا يتفاخر بأنها –خارجيتنا- ملكت اسر الضحايا كل المعلومات التي بطرفها؟! وهي معلومات يمكن ان يجدوها لدي أتفه موظف استقبال في اتفه لكوندا ليبية مر بها المغدورون!! ويتفاخر ايضاً بأن القنصلية "قامت بالواجب" حيال المغدورين فـ" غسلت جثامينهم وكفنتهم وسترتهم"، صحيفة آخر لحظة عدد الجمعة 7/6/2013م، فهل اصبحت الخارجية مجرد حانوتي؟؟
لو ان خارجيتنا قامت بدورها كما ينبغي لأستحقت ما تحمله من اوصاف وسمات الدبلوماسية أما بغير ذلك فاننا نكون مجرد رعايا بلا راعي .
تعليقات
إرسال تعليق