التخطي إلى المحتوى الرئيسي

"ربائب التمكين" .. ابناء السلطة المدللين!!

  ابناء الدولة المدللين في السودان او بالأصح ابناء سلطة حكومة الاسلامويين (الكيزان) هم أولئك الذين التحقوا بجهاز الخدمة العامة و في مناصب عليا برواتب و امتيازات مغرية دون مؤهلات و دون اثبات جدارة و بلا منافسة! 

التحقوا بالعمل في وقت اصبحت فيه الوظيفة عطية تمنح للمقربين من أهل الولاء التنظيمي ثم بعده بالقرابات و في وقت كانت فيه الوظيفة تعتبر "ثغرة" يخشي النظام ان يؤخذ من خلالها لذا اسندها لمن يحرسون "الثغور" لا لمن يقوم بالعمل الذي تتطلبه تلك الوظيفة او المهنة، لذا كانوا في الواقع يحرسون النظام فيما يتقاضون رواتب و مخصصات بمسمي وظيفي غير العمل الذي يقومن به فعلاً!

كانت هذه هي فلسفة التمكين التي اعتمدت من ١٩٨٩ و الي ٢٠١٩ .. و لا تزال بنفس الفعالية الأن بفضل تواطؤ اللجنة الأمنية للنظام البائد، و فشل مكونات الحكومة الانتقالية في حسم ملف التمكين بالشكل الصحيح!

و التمكين يمكن ان تعريفه بأنه: "سياسة إغناء (بعض) من افقرهم الله و إفقار من اغناهم" ...

فبموجب تلك السياسة تم تجريد الالاف من وظائفهم كما تم تجريد الالاف من مالهم الخاص (الشهيد مجدي محجوب و الشهيد بطرس و الشهيد اركانجلو) و غيرهم من اصحاب الأموال و تحويل الثروة الي المقربين من النظام .. فالتمكين له هدف مزدوج هو (تمكين الشخص ماليا و سلطويا ليتمكن بدوره من حراسة النظام و الدفاع عنه)!

الذين انتفعوا من سياسة التمكين اضحوا ابناء الدولة المدللين و "اولاد السلطة" و ربائب التمكين و كأي مدلل يعتقدون انهم يستحقون كل ما تقع عليه اعينهم و يعجبهم و ان تطلباتهم يجب ان تلبي سريعاً!

و عندما طالهم سيف لجنة ازالة التمكين جرت اعادتهم بأسرع مما كان أي شخص يتوقع بل و تم تعويضهم بمبالغ (مليارية) عن الشهور التي أوقفوا فيها!

بعكس الذين طالهم سيف الصالح العام في سنوات الانقاذ الاولي و الذين تركوا للفقر و للمشاكل الاسرية و الضغوط النفسية!

جري تعويضهم بمكافاءات مليارية عن تحملهم جزاء يستحقونه و تمت اعادتهم لذات المناصب التي لم يستحقوها يوماً و ما أوفوها حقها و مستحقها، كما جرت اعادة الارصدة و الاموال المنهوبة الي الذين نهبوها!

تعويضات المدللين من ربائب التمكين ارهقت الاقتصاد المنهك و افقرت الخزينة التي لم تتعافي من سنوات "جائحة الفساد الانقاذي الكيزاني".

عاد ربائب التمكين الي المناصب مع مكافآت و تعويضات أكثر من مجزية و ذلك لأن ربائب التمكين في الخدمة المدنية اعتمدوا علي نظرائهم ربائب التمكين في المؤسسة العسكرية و علي رأسهم خماسي السيادي

مراكز القوة السلطوية و النفوذ المالي و التحالفات الاجتماعية - الاقتصادية التي كونتها الانقاذ "بالتمكين" خلال ثلاثة عقود ثبت انها باقية و اقوي من علاقات شلليات قحت و لوبيهات معجبي "الناشطين".

سياسة التمكين هدفها هو اغناء بعض من افقرهم الله و افقار من اغناهم و مع استمرار سياسات زيادة الفقراء فقراً !!

و هي سياسة مستمرة حتي بعد سقوط النظام أو رأسه !!

و قد تعاظمت بعد انقلاب ٢٥ اكتوبر الذي قام به "بواقي" النظام البائد بتواطوء من حلفاءهم في ما يعرف بحركات الكفاح المسلح .. فالعدل و المساواة التي يقودها جبريل و من قبله اخوه خليل ليست الا فصيل من الاسلامويين الكيزان "كيزان زعلانيين"، بينما مناوي و عقار و البقية هم حلفاء سابقين لحكومة الانقاذ و لم يحاربوها لمبدأ انما طلباً لاقتسام غنيمة المناصب و الثراء من المال العام ..

انهاء سلطة التمكين و حالة "ربائبه" لن تتم و تكتمل الا بالوسائل القانونية الناجعة و السليمة و بالسياسة المصممة بحذق و دقة و قبل ذلك بالارادة السياسية "و العدلية".. و بحيث لا يترك لربائب التمكين هامش للمناورة و المزايدة و تقمص دور الضحية و المظلومية. 

..............................................................................

سبتمبر ٢٠٢١م

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تفكيك خطاب الحرب و (فلسفة البلابسة)

   الخطاب و الموقف السياسي المساند للحرب و الحسم العسكري و رفض التفاوض و رفض أي حديث عن تسوية سياسية سلمية يعتمد علي استقطاب و تحشيد العوام ممن لا خبرة و لا معرفة لهم بطبيعة الحرب ولا السياسة!    تحشيد العوام هذا خلق تيار جارف اخذ في طريقه حتي بعض "الانتلجنسيا" ممن لا قدرة لهم علي مواجهة العوام او ممن يظنون ان كل هذا الحشد لا يمكن الا ان يكون علي حق، فيحتفظ برأيه لنفسه او حتي يتخلي عنه و ينخرط مع التيار ..!!   في المقام الاول ان لخطاب العنف و التحريض و "الانتقام" جاذبيته؛ و ان للقوة و استعراضها سطوة، مثلما ان لصورة الضحية فعلها؛ اما اذا دمج خطاب الضحايا مع خطاب القدرة علي الانتقام فاننا نحصل علي سيناريو تقليدي للافلام "البوليودية" و كثيرون هنا تفتق وعيهم و انفتح ادراكهم علي افلام الهند! فما يحدث و ما يدعو اليه خطاب الحرب بالنسبة لهؤلاء مفهوم و مستوعب و في مدي تصورهم لذا يرونه ليس واقعياً فحسب بل و بطولي و مغري يستحق ان ينخرطوا فيه بكلياتهم. سؤال الطلقة الأولي: قبل ان يعرف الناس الحقيقة بشأن ما قاد الي هذه الحرب التي انتشرت في مدن السودان و ولاياته ان...

لماذا يفضل الملكيون العرب التعامل مع جمهوريي اميركا؟؟

  لا يخفي الملوك و الامراء العرب "و اعوانهم" ميلهم و تفضيلهم التعامل مع ادارات جمهورية في اميركا و لا يخفون تبرمهم من تنصيب رئيس من الحزب الديمقراطي.. و يبررون ذلك الميل و التفضيل بمبررات مختلفة مثل تعامل الجمهوريين الحاسم مع ايران !! في الواقع فإن اكثر رؤساء اميركان الذين شكلوا اكبر تهديد للعرب و المسلمين هم من الجمهوريين (بوش الأب و الإبن و ترامب - غزو العراق و افغانستان و دعم اسرائيل)! لكن الجمهوريين كما عرب النفط يفهمون لغة المال جيداً و الادارة الجمهورية تضم علي الدوام اشخاص من قطاع الطاقة و النفط او صناعة السلاح او الادوية او حتي صناعة الترفيه "هوليود" يفضلون لغة النقود و المصالح. اذاً اكبر تهديد واجهه العرب و المسلمون من ادارات اميركية كان في فترات حكم جمهوري.. و بعد الحادي عشر من سبتمبر ٢٠٠١م اعلن بوش الابن سياسة صارمة في مواجهة انظمة اسلامية و عربية (افغانستان و العراق و السودان) كما مارس ضغوط غير مسبوقة علي السعودية اسفر عنها اجراءات حازمة ضد الجماعات المتشددة من الأخيرة، و تغيير في مناهج التعليم المدرسي و الجامعي فيها! الجمهوري ترامب اقدم علي خطوات غير مس...

شرح قانون الوجوه الغريبة !!

  المقصود بقانون الوجوه الغريبة هو اوامر الطوارئ التي صدرت في بعض الولايات بعد اندلاع حرب ١٥ ابريل/الكرامة و خصوصاً بولايتي الجزيرة و نهر النيل.. و هي اما اوامر صدرت من الوالي شفاهة و علي رؤوس الاشهاد او مكتوبة و مفادها ملاحقة ما يعرف ب "المندسين" و الطابور الخامس و من يشتبه في انتماءهم او تخابرهم مع مليشيا الدعم السريع، حيث راج ان المليشيا تدفع بعناصر من استخباراتها و قناصيها الي المناطق التي تنوي احتلالها لتقوم تلك العناصر بالعمل من الداخل بما يسهل مهمة الاحتلال .. و تستهدف الملاحقات الباعة الجائلين و اصحاب المهن الهامشية، و أي شخص تشك فيه السلطات او المواطنين؛ و في اجواء من الارتياب بالغرباء غذتها دعاية الحرب تم الطلب من المواطنين التعاون بالتبليغ و حتي بالقبض و المطاردة علي من يرتابون فيه. قانون او تعاليمات (الوجوه الغريبة) اسفرت عن ممارسات متحيزة "ضد غرباء" تحديداً ينحدرون من اقاليم كردفان و دارفور في ولايات عدة (الجزيرة، و نهر النيل، و كسلا، و الشمالية)؛ فالوجوه الغريبة هي اوامر تأخذ الناس بالسحنة و الملامح؛ و هي ممارسات بالتالي اسوأ مما كانت تمارسه "مح...