التخطي إلى المحتوى الرئيسي

رسالة مفتوحة للجنوبيين ... حكاماً ومعارضين: برغم تفضيلكم للإنفصال فانه لايصح إلا الصحيح

   7 يناير 2011م                                                

         إن كان ثمة ما يمكن عمله بين يدي الاستحقاق الكبيرالذي تقف بيننا وبينه ايام معدودات تحسب باصابع اليد الواحدة ، اليد التي يبدو ان اخوتي الجنوبيين يفضلونها مفتوحة  رمزا للانفصال او الاستقلال ، ان كان ثمة ما يمكن عمله، فانها الكلمة ، فنسوق كلمتنا هذه في رسالة مفتوحة للجنوبيين حكاما ومواطنيين.>
ونبدأ اولا بالحكام ممثلين بالحركة الشعبية لتحرير (........) ونقول انكم تعلمون جيدا ان اصل الخلاف بينكم والشمال لم يكن لسبب ديني او عرقي وانما خلاف سياسي أخذ طابعا عنيفا ومن ثم طفق كل جانب بعدها يستقوي بما في متناول يده من اسباب الفكر وحيل السياسة نبيلها و وضيعها حتي وصلتم الي ماوصلتم اليه من اختيار جانب الانفصال وترجيحه علي خيار الوحدة ؛ ومع احترامنا التام لخياركم وخيار مواطنيكم إلا اننا نري ان كل ما تسوقونه من اسباب وحجج ومبررات ما هي الا اسباب ضعيفة لا تعكس ضعف بناءكم السياسي والفكري وحسب بل وإرتهان قراركم للرجل الابيض وتأليهكم لعقله الاستعماري الذي لا تخفي نواياه لإضعافكم وإضعافنا.
فأولا : ما تسوقوه من احاديث متلعثمة عن الشريعة والاسلمة لايعكس حقيقة الازمة السودانية ، فالحرب التي اشعلتمونها ..اشعلتمونها منذ خمسنيات القرن المنصرم ؛ وحتي حربكم الاخيرة في مايو 1983م اشتعلت قبل اعلان الشريعة وقبل ان تصبح الاسلمة جزءا من المشهد السياسي .. ثم لماذا لو ان الامر متعلق فعلا بالاسلمة ، لماذا لا يوجد مسيحي (شمالي) واحد بين صفوفكم وأعني تحديدا الاقباط وغيرهم من الطوائف المسيحية في الشمال ؟!!
ثانيا : وما تسوقونه عن استعلاء عرقي تعلمون في قرارة انفسكم انه غير صحيح ولا يمثل أساسا لقضية سياسية .. فالاستعلاء يمثل جزء (هو بحق الجزء السئ والمظلم) من مكونات الفرد السوداني ، فالجنوبي ايضا تعتريه نزعة عرقية وجهوية ضد الشمالي ، وكلنا نعلم انه ومثلما ان (الجعلي ) يمثل قمه النزعة الاستعلائية في الشمال فإن (الدينكاوي) يمثل قمة الاستعلاء في الجنوب ليس فقط فربما في العالم قاطبه.
ووصل بكم سوء توظيفكم لهذة المساءلة سياسيا للحديث عن إسترقاق وانتم تعلمون ان الشمالي والسوداني عموما لم يعرف الرق الا بعد ان استعمر السودان بواسطة  الاتراك العثمانيين ,وان الرق الذي تفشي حينها كان يدور بماكينة يشغلها الرجل الابيض الذي تدينون له بالولاء اليوم وهو المستفيد الاكبر ان لم نقل الاوحد من تجارة الرق .. كما انكم تعلمون  تماما ان الزبير رحمة باشا والذي عمده الاوربيين ( غردون وأعوانه) زورا وبهتانا بصفة أكبر تاجر رقيق في افريقيا ؛ لم يكن ابدا كذلك بل وكونه تاجر رق في الاساس ليس امرا مثبتا وانما هي مؤامرات السياسة  الاستعمارية التي وصمته بذلك لخوفها منه كأول شخصية وطنية نمت فيها مهارات الادارة وملكات الوعي وتجمعت لديه القوه العسكرية والاقتصادية .. ودونكم مؤلف النمساوي "رودلف سلاطين" / السيف و النار في السودان ، والذي ذكر فيه ضمن مشاهدات وشهادات كثيرة كلها تبرئ الوطنيين من عار الاتجار في البشر ذكر انه في غالب الاحوال لم يكن يميز بين السوداني وخادمه ليس للشبه فقط بل للمعاملة ايضا لأنهم يتعاملون كأخوة.
ثالثا : ما ظللتم تعيدونه مرارا وتكرارا خلال مرحلة تنسمكم الحكم في السودان مع شريككم المؤتمر الوطني (في الفترة الانتقالية) من ان المؤتمر الوطني أفشل محاولاتكم لانجاح مشروعكم المسمي السودان الجديد ولذا فانكم تعتقدون ان الوحدة لم تعد جاذبة هو أمر مردود عليه بان المؤتمر الوطني خصم لكل القوي السياسية في السودان لذا فهو يحارب كل المشاريع المطروحة لعلمه بان نجاح أي مشروع يعني انتهاء انفراده بالسلطة ، ثم ومنطقيا لايمكن لحزب ان يعزو فشله في تحقيق برنامجه لحزب آخر!! .. فماذا فعلت الحركة لبرنامجها في الجنوب والشمال علي حد السواء حتي تواجهوا الانتخابات بعدة وعتاد سياسي متكامل بدلا عن ان تلجأ للتزوير في الجنوب والذي هو رهن تصرفها منذ 2005م مثلما ان الشمال تحت تصرف المؤتمر الوطني  بذات المستوي.. وما احجام القوي المساندة للوحدة عن الترويج لموقفها الا دليل ساطع علي حالة القمع والخوف والتسلط الذي فرضتمونها علي مواطني الجنوب.
  ثم انكم تعلمون ان الوحدة جاذبة بطبيعتها ويمكن من خلال العمل علي تطوير وتحسين الحياة العامة والسياسية في المستقبل متكاتفين ، ثم انها اضحت اكثر جاذبية منذ ان مكنت ابناء الجنوب من تسيير شئونهم بانفسهم دون تدخل من الخرطوم بل والمشاركة بقدر كبير وفاعل (هذا متوقف علي ارادتكم) في حكم الوطن الكبير
كما انكم تعلمون ان الانفصال لا يعني حل الازمة وانما تجزئتها .. وتجزئة المشاكل في السياسة  لايعني تسهيل حلها وتسويتها وانما وانما في الغالب تعقيدا لها لانه يمنع النظرة الشاملة ويضيق الافق.
 نعود لمطلقنا ثانية لنؤكد بأننا لانعارض إرادتكم وانما يجب تلتزموا بتقديم الحجج والبراهين المنطقية التي يقبلها العقل بدلا عن الكذب والبهتان و التضليل ،فانتم ان خدعتم هذا الجيل فلن تخدعوا الاجيال المقبلة "فلن تسطيع ان تخدع كل الناس كل الوقت".
 اما لإخوتي الجنوبيين فأقول ، ان اسباب الصراع بين الشمال والجنوب في وطننا هي في الاصل ترتكز علي بعض الاختلافات الثقافية الطفيفة ؛ تلك الاختلافات التي لو وجدت جهد سياسي بسيط وصادق لتمت تسويتها دون عناء ودون كبير جهد واهدار وقت ، لكن للاسف فان الساسة من الشمال والجنوب تعاطوا مع هذة الاختلافات بصورة لا تخلو من اسليب التضليل السياسي لتضخيم تلك الخلافات حتي تبدو وكأنها ازمات عصية علي الحلول ..وكلكم تعلمون ان اغلب الساسة في الشمال والجنوب ماهم الا حفنة من الفاسدين و المفسدين الذين يعملون لمصالحهم حتي ولو كان ذلك سببا لهلاك شعبهم و وطنهم.
  كما انكم تعلمون انه مثلما للشماليين مجتمعين دور في ما نحن فيه من من تخلف وسوء حال ، فان للجنوبيين ايضا دور لا يقل كثيرا .. لأنكم كلما لم يرضكم حال حملتم السلاح واخترتم طريق العنف والدماء بدلا عن طريق العمل السلمي والكفاح المتمدن ، ولعلكم تعلمون الان ان طريق العنف أسهل من طريق الكفاح المتحضر حتي وان بدا العكس، كما انكم تعلمون ان طريق الكفاح السلمي وان كان طويل وشاق علي النفوس فانه يقود في النهاية الي الغايات النبيلة عكس الحرب التي ما ان تسقط دكتاتورا حتي تقيم دكتاتور آخر بدلا عنه !!
 لقد أضعنا معا (شماليين و جنوبيين) فرصة  كبيرة لإسقاط الدكتاتورية عندما ضعفنا وتخاذلنا في الانتخابات العامة ، لكن الفرصة الذهبية الان بين يديكم يا مواطني الجنوب ، فاعلموا انكم انحزتم للوحدة "خيار العقل" لا الانفصال "خيار العاطفة الكاذبة" فانكم توجهون ضربة قوية تقضي علي دكتاتورية الحركة الشعبية في الجنوب ودكتاتورية المؤتمر الوطني في الشمال في ذات الوقت ، فهلا فعلتم .. هلا ضربتم .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بروفايل "البروف-الشيخ"

   دائما ما كنت اتساءل عن التخصص الذي يحمله السيد ابراهيم احمد عمر وزير التعليم العالي في اول حكومة انقاذية 1989م وعراب ما سمي تجاوزا "ثورة التعليم العالي" والتي بموجبها تم ت...

أوامر المهزوم!

  اوامر الطوارئ الاربع التي اصدرها البشير اليوم 25فبراير و التي تأتي استنادا علي اعلان الجمعة الماضية ( اعلان الطوارئ وحل الحكومة و تكليف ضباط بشغل مناصب حكام الولايات ) لها دلالة اساسية هي ان الحكومة تحاذر السقوط و باتت اخيرا تستشعر تهاوي سلطتها! جاء اعلان الطوارئ و حل الحكومة كتداعي لحركة التظاهرات والاضرابات التي عمت مدن البلاد علي امل ان يؤدي الي هدوء الشارع .. اما و قد مرت اكثر من 72 ساعة علي الاعلان دون اثر فتأتي الاوامر الاربعة (منع التظاهر، و تقييد تجارة السلع الاستراتيجية، و حظر تجارة النقد الاجنبي، و تقييد وسائل النقل والاتصالات) كمحاولة ثانية يائسة لايهام الجموع الشعبية بأن السلطة قابضة بقوة و ان لديها خيارات امنية و قانونية و ادارية متعددة! لا اجد لهذا الاعلان نظير في تاريخ السودان، اذ لا يشبه قرارات الانظمة الوطنية ( ديمقراطية كانت او انقلابية ) .. فالطوارئ قرار يلجأ اليه الحاكم في حالة الحروب او الكوارث الطبيعية او الازمات الوطنية و ليس اداة لمجابهة ازمات سياسية، فازمات السياسة لها طرق حل معروفة منها التنحي او الانتخابات المبكرة او تكوين ائتلافات جديدة وليس من بين...

البشير لم يسقط وحده

  بعد ثورة و تظاهرات استمرت لأربعة اشهر و عمت كل مدن و قري السودان اجبر الرئيس البشير علي التنحي و سقط بحسب مفردات الثورة السودانية و ثوارها..   اليوم حلفاء البشير من الانته...