التخطي إلى المحتوى الرئيسي

دستورياً لايحق للبشير الترشح في انتخابات2010

 ( نشر بسودانايل في 1/10/2009م)
 لقد سبق وأبدي الرئيس البشير زهدا في التجديد له لولاية أخري ، واعلن عن رغبته عدم الترشح في الانتخابات المقبلة لكن ضغوطا "وتوسلات"من المحيطين به والمقربون منه في المؤتمر الوطني نجحت في إثنائه عن نواياه تلك وتمت تسميته رسميا مرشحا للرئاسة عن المؤتمر الوطني،
   وفي رأيي الشخصي فان البشير لا يحق له الترشح للانتخابات المقبلة، وليس للأمر علاقة برغبة الرئيس ولا صلة بأوامر المحكمة الدولية وانما من وجهة نظر قانونية تستند الي الفقه الدستوري ، فالمادة "57" من الدستور الانتقالي لسنة 2005 والدي ستجري الانتخابات وفقا لقواعده تنص علي أن " يكون اجل ولاية الرئيس خمسة سنوات تبدأ من يوم توليه منصبه ويجوز انتخابه لولاية ثانية فحسب" ، وبموجب النص المشار اليه فان المده التي يحق فيها للرئيس " أي رئيس سوداني " ان يشغل فيها وظيفته في قمة جهاز الدولة هي عشر سنوات غير قابلة للزيادة وهو ما يستفاد من عبارة " فحسب " التي أثبتها المشرع في خاتمة المادة "57" ، ولكون ان الرئيس البشير ظل يشغل المنصب الاول لما يزيد عن العشرين عاما بشرعية القوة حينا وشرعية الدستور حينا آخر عليه فلا يحق له ان يشغل او يترشح للمنصب لمده اضافيه وترشيحه بواسطة حزبه يعد عملا مخالف للدستور وعرضة للطعن فيه للجهات المختصة "مفوضية الانتخابات و المحكمة الدستورية"
وبالتأكيد فان تحول وجهة النظر هده الي قرار ملزم تواجهه عقبات عدة اهمها عقبة موضوعية "نظرية " وأخري عملية .
  فأولا، قد يناهض هدا الرأي بالحجة القائلة بان الدستور يسري اعتبارا من تاريخ المصادقة عليه ولا يسري بأثر رجعي علي الآجال التي سبق وقضاها الرئيس في منصبه ، وهي حجة مردود عليها بان مبدأ عدم الرجعية ينطبق علي القوانين فقط ولا يسري علي نصوص الدستور الا بنص صريح فيه .. فالدستور " حتي وان كان مؤقتا او إنتقاليا "  تفترض فيه وله صفة الديمومة ومن متطلبات الديمومة انطباق بنوده علي ماضي الشعب والدولة وحاضرهما ومستقبلهما ، وعليه فان الدستور وبخلاف القوانين العادية يخلو من النص الدي يتحدث عن السريان واستثناءات الانطباق ،  ثم ان المواد التي تتحدث عن رئاسة الجمهورية أفردت قسما منها بعينه لاحكام الرئاسة في المرحلة الانتقالية وأخري لمرحلة ما بعد الانتخابات ولم تتضمن تلك المواد اي اشارة الي كون ان المواد المتعلقة برئاسة الجمهورية تسري فقط اعتبارا من موعد الانتخابات المقبلة او ان تلك المواد تجب ما قبلها .
عليه فان القول بان أجل رئاسة الجمهورية عشر اعوام كحد اقصي ولا يجوز لأي شخص "رئيس" ان يجاوز الامد المقرر لهو قول له وجاهته من ناحية قانونية ودستورية وعلي المؤتمر الوطني ان يفكر بجدية في تقديم مرشح بديل ، فلا يعقل ان يرأس شخص دولة ديمقراطية دستورا ويبقي في منصبه لخمس و عشرون عاما متواصلة ، كما ان علي المؤتمر الوطني ان يبدأ في تداول السلطة داخله تمهيدا لتداول اوسع علي نطاق الدولة كلها.. وعليه الا يرهن البلد بكامله لشخص وحيد مهما كانت امكاناته او ميزاته !!
ثانيا ، عمليا قد لا يكون هناك كبير امل في ان تقبل مفوضية الانتخابات او المحكمة الدستورية هدا الرأي وتستجيب له ، وليس من باب التشكيك في نزاهة تلك الهيئات وانما الواقع يقول ان التجربة الدستورية ومبادئ حكم القانون والفقه الدستوري لم تستقر بعد بشكل راسخ في منظومتنا التشريعية و القضائية والتنفيدية ، لكن علي كل حال ، ولما للرأي القانوني الدي تقدم والقائل بعدم دستورية ترشيح الرئيس البشير ؛ من وجاهة ومعقولية ومنطقية واساس فقهي عليه يصبح من الواجب علينا تكبد عناء المحاولة ، وتقديم الطعون الادارية والدستورية ان لزم الامر إسهاما في بلورة واقرار مبادئ الفقه القانوني والدستوري في السودان.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تفكيك خطاب الحرب و (فلسفة البلابسة)

   الخطاب و الموقف السياسي المساند للحرب و الحسم العسكري و رفض التفاوض و رفض أي حديث عن تسوية سياسية سلمية يعتمد علي استقطاب و تحشيد العوام ممن لا خبرة و لا معرفة لهم بطبيعة الحرب ولا السياسة!    تحشيد العوام هذا خلق تيار جارف اخذ في طريقه حتي بعض "الانتلجنسيا" ممن لا قدرة لهم علي مواجهة العوام او ممن يظنون ان كل هذا الحشد لا يمكن الا ان يكون علي حق، فيحتفظ برأيه لنفسه او حتي يتخلي عنه و ينخرط مع التيار ..!!   في المقام الاول ان لخطاب العنف و التحريض و "الانتقام" جاذبيته؛ و ان للقوة و استعراضها سطوة، مثلما ان لصورة الضحية فعلها؛ اما اذا دمج خطاب الضحايا مع خطاب القدرة علي الانتقام فاننا نحصل علي سيناريو تقليدي للافلام "البوليودية" و كثيرون هنا تفتق وعيهم و انفتح ادراكهم علي افلام الهند! فما يحدث و ما يدعو اليه خطاب الحرب بالنسبة لهؤلاء مفهوم و مستوعب و في مدي تصورهم لذا يرونه ليس واقعياً فحسب بل و بطولي و مغري يستحق ان ينخرطوا فيه بكلياتهم. سؤال الطلقة الأولي: قبل ان يعرف الناس الحقيقة بشأن ما قاد الي هذه الحرب التي انتشرت في مدن السودان و ولاياته ان...

لماذا يفضل الملكيون العرب التعامل مع جمهوريي اميركا؟؟

  لا يخفي الملوك و الامراء العرب "و اعوانهم" ميلهم و تفضيلهم التعامل مع ادارات جمهورية في اميركا و لا يخفون تبرمهم من تنصيب رئيس من الحزب الديمقراطي.. و يبررون ذلك الميل و التفضيل بمبررات مختلفة مثل تعامل الجمهوريين الحاسم مع ايران !! في الواقع فإن اكثر رؤساء اميركان الذين شكلوا اكبر تهديد للعرب و المسلمين هم من الجمهوريين (بوش الأب و الإبن و ترامب - غزو العراق و افغانستان و دعم اسرائيل)! لكن الجمهوريين كما عرب النفط يفهمون لغة المال جيداً و الادارة الجمهورية تضم علي الدوام اشخاص من قطاع الطاقة و النفط او صناعة السلاح او الادوية او حتي صناعة الترفيه "هوليود" يفضلون لغة النقود و المصالح. اذاً اكبر تهديد واجهه العرب و المسلمون من ادارات اميركية كان في فترات حكم جمهوري.. و بعد الحادي عشر من سبتمبر ٢٠٠١م اعلن بوش الابن سياسة صارمة في مواجهة انظمة اسلامية و عربية (افغانستان و العراق و السودان) كما مارس ضغوط غير مسبوقة علي السعودية اسفر عنها اجراءات حازمة ضد الجماعات المتشددة من الأخيرة، و تغيير في مناهج التعليم المدرسي و الجامعي فيها! الجمهوري ترامب اقدم علي خطوات غير مس...

شرح قانون الوجوه الغريبة !!

  المقصود بقانون الوجوه الغريبة هو اوامر الطوارئ التي صدرت في بعض الولايات بعد اندلاع حرب ١٥ ابريل/الكرامة و خصوصاً بولايتي الجزيرة و نهر النيل.. و هي اما اوامر صدرت من الوالي شفاهة و علي رؤوس الاشهاد او مكتوبة و مفادها ملاحقة ما يعرف ب "المندسين" و الطابور الخامس و من يشتبه في انتماءهم او تخابرهم مع مليشيا الدعم السريع، حيث راج ان المليشيا تدفع بعناصر من استخباراتها و قناصيها الي المناطق التي تنوي احتلالها لتقوم تلك العناصر بالعمل من الداخل بما يسهل مهمة الاحتلال .. و تستهدف الملاحقات الباعة الجائلين و اصحاب المهن الهامشية، و أي شخص تشك فيه السلطات او المواطنين؛ و في اجواء من الارتياب بالغرباء غذتها دعاية الحرب تم الطلب من المواطنين التعاون بالتبليغ و حتي بالقبض و المطاردة علي من يرتابون فيه. قانون او تعاليمات (الوجوه الغريبة) اسفرت عن ممارسات متحيزة "ضد غرباء" تحديداً ينحدرون من اقاليم كردفان و دارفور في ولايات عدة (الجزيرة، و نهر النيل، و كسلا، و الشمالية)؛ فالوجوه الغريبة هي اوامر تأخذ الناس بالسحنة و الملامح؛ و هي ممارسات بالتالي اسوأ مما كانت تمارسه "مح...