6 أغسطس 2010
مع صباح كل يوم جديد نزداد اقتربا من الموعد المضروب لإجراء الاستفتاء علي تقرير مصير الجنوب فتتسارع الخطي نحو اكمال الاصطفاف في الجنوب ونحو تبين مستقبل الاوضاع في الشمال .. وتتعالي الاصوات داعية هنا ومحذرة هناك كل يختبر فعالية اجندة دعايته قبيل التدشين الفعلي والرسمي لمرحلة الحملات الاعلامية والدعائية ؛ ومع اقترابنا من الموعد تتكشف لنا يوميا العقبات والعراقيل التي يحتمل ان تعترض طريق اجراء عملية الاستفتاء تسودها روح توافقية ومن ثم تتسم العملية بالهدوء بما يحفظ السلام ويصون الارواح والممتلكات وذلك بغض النظر عن النتيجة التي تؤول اليها عملية التصويت "وحدةً او انفصالاً " ..
فبعد ان كانت العقبات تنحصر في عدم الانتهاء من ترسيم الحدود واجراء تعداد لمن يحق لهم التصويت في الاستفتاء قبل وقت كاف ومناسب ، وايضاً اكمال الترتيبات الخاصة بمنطقة ابيى ، بالاضافة لتهيئة الاوضاع في جبال النوبة وجنوب النيل الازرق ، وكل عقبة من تلك العقبات تستحق ان تجد الاهتمام والحرص اللائق حتي يتم تجاوزها دون ضغائن او ترسبات حتي يتم الانتقال الي المرحلة التي تليها بلا مخلفات او حزازات متراكمة وسعي للتعويض ، وتلك بالتأكيد عقبات عملية واجرائية يمكن وصفها بالعادية ان توفرت الثقة والنوايا الحسنة ،
لكن العقبة التي هي آخذه في التصاعد حالياً هي تشكك طرفا الاتفاق النيفاشي كل في مصداقية و ذمة الآخر بعد ان رأي كل منهما ما فعل صاحبه ابان مرحلة الانتخابات العامة التي اجريت في ابريل المنصرم تحت سيطرة المؤتمر شمالاً و الحركة جنوباً ،
فقد شاهدا وشاهدت القوي السياسية الاخري " شمالية وجنوبية " ، بل وشهد " زوراً " المجتمع الدولي كله كيف ان كل منهما حصد اصوات الناخبين التي في متناوله حصدا ، ولم يترك للأخرين بما فيهم الشريك ما يدفع غائلة تهمة التزييف وشكاوى التزوير والمضايقة وعدم النزاهة .
لقد اكتملت الانتخابات بصورة لم ترضي حتي الشريكان ناهيك عن ان ترضي باقي الاحزاب ، وتجاوزاها بمنطق " كل بما في ايديهم فرحين ".. لقد سكتت الحركة عما رأت وسكت المجتمع الدولي من ورائها لأنهما ينظران الي البعيد ، الي " وهو المهم بالنسبة اليهما " الاستفتاء..بينما لم ينظر المؤتمر الوطني الا لما تحت اقدامه ولذا سكت ايضاً عما اعتبره تجاوزاً اقترفته الحركة..
ان سكوت الجميع بل ومشاركتهم في مسرحية العبث الانتخابي هو بلاشك خطاء يدفع ثمنه السودان وشعبه ، ثمن حاضر يدفعه من وحدته ومستقبله ، اما المؤتمر الوطني والحركة والمجتمع الدولي فينتظرهما ثمن آجل متروك تقديره للتاريخ ومنطقه ، ومحاولة المؤتمر الوطني تدارك مسألة الوحده فيما تبقي من وقت شحيح وعبر كل الطرق السوية "مشاريع التنمية المرتجلة حالياً بالجنوب" و الملتوي منها " التلويح بتأجيل الاستفتاء لحين اكمال ترسيم الحدود" لن تجدي فتيلا لأن طريق الوحده الذي مبتدأه التنفيذ التوافقي لبنود الاتفاقية ومنتهاه اجراء انتخابات حره ونزيهة قد تنكبه المؤتمر من بدايته و حتي النهاية حين لم يفكر قادته الا في مكاسبهم اولاً ثم شرعيةً تقوي موقفهم وحجتهم امام مدعي الجنائية الدولية اخيراً اما الوطن وأمن شعبه و وحدته ومستقبله فربما رأوا ان لها ربٌ يحميها !!.
ان أي محاولة لتعطيل او تأخير اجراء الاستفتاء عن موعده لن تكون ذات جدوي في ظل تلويح الحركة بسلوك ذات الطريق الذي سلكه اباءنا في مواجهة المستعمر البريطاني أي حرمان الشعب من ان يقول كلمته ومن ان يأخذ مصيره بيده ، وتقرير الاستقلال / الانفصال من داخل البرلمان بواسطة النخب التي عينها الشعب حارسة علي مصاحة فعينت نفسها وصية علي قدره وحجرت عليه . فقد ضاعت الوحدة يوم ان تجاوز كل طرف عن خطيئة الاخر وغض الطرف عن عورة الانتخابات لشئ في نفسه لا نفس يعقوب ، وعلي مرمي اشهر معدودات باصابع اليد الواحدة لم يتبقي من الطرق الا ما يقود الي الانفصال . أما التشكيك المسبق في نزاهة الحركة والزعم بأن خيار الوحدة سيفوز ان جري التصويت دون تزوير لإرادة الناخبين وتخوف الحركة من التزوير في الصناديق التي تحت سطوة المؤتمر في الشمال فلن تخدم أي قضية لأن في وسع كل طرف ان يرد علي اتهامات الاخر بان " ليس علي هامان يا فرعون" .
تعليقات
إرسال تعليق