رغم ان حكم البشير المتطاول والذي يدخل عقدا رابعا في السلطة قد القي اعباء ثقيلة علي السودان ومؤسساته و مجتمعه؛ تلك الاعباء كان لها كلفة باهظة دفعها انسان السودان موتا وتشريدا وفقرا، كما ان الشباب نالهم نصيب وافر منها اذ كانوا وقود الحرب في الجنوب ودارفور و النيل الازرق وجبال النوبة؛ و عانوا من ضوائق الاقتصاد فضربوا في اقطار الارض هجرة و في اصقاع صحاري السودان القاحلة و صحاري الجوار تنقيبا عن الذهب ليسدوا غوائل الجوع والحاجة لهم ولعوائلهم ولتعينهم علي مجابهة تكاليف انشاء اسرهم الصغيرة..الخ
برغم ذلك كله كانت ثورتهم ضد حكم البشير مفاجئة و تحلت و ازدانت بروح الشباب الخفيفة و المتفائلة و المرحة.
هي مفاجئة لأن ضوائق الاقتصاد امر معهود في السودان منذ سنوات النميري العجفاء ( مجاعة 1984م ) ومنذ ايام البشير الاولي ايام عنت الانقاذ الرهيب في اوائل التسعينات، فانسان السودان لا تحركه المادة ولا يدفعه الالم بقدر ما تهزه العاطفة و تدفعه القيم والأمل،
هي مفاجئة لأن ضوائق الاقتصاد امر معهود في السودان منذ سنوات النميري العجفاء ( مجاعة 1984م ) ومنذ ايام البشير الاولي ايام عنت الانقاذ الرهيب في اوائل التسعينات، فانسان السودان لا تحركه المادة ولا يدفعه الالم بقدر ما تهزه العاطفة و تدفعه القيم والأمل،
وحتي عندما تزامن اندلاع الانتفاضة هذه مع زيادات كبيرة في اسعار رغيف الخبز و شح في الوقود و عجز البنوك عن سداد حتي اموال رواتب العمال 'علي قلتها' لم يعني هذا ان الانتفاضة اندلعت لهذا السبب بالذات، من فهموا هذا ظلموا شعب السودان و ظلموا انفسهم، ومنهم سلطة البشير والاسلامويين انفسهم اذ علي ما يبدو انهم لم يعرفوا طبيعة السودانيين الذي حكموهم ثلاثة عقود كاملات!
ظن الاسلامويين ان ما يحدث مجرد تململ عادي بسبب الضائقة فعمدوا الي اسلحتهم العتيقة ( القمع والوعود الكاذبة ) و استخدموها بكثافة في ايام الانتفاضة الأولي فكانت النتيجة عكسية، اذ هبت مدن القطر كلها بوتيرة متسارعة فافزعت الحكومة ومليشياتها الاجرامية.
ما حدث كان مجرد تزامن، و ما اخرج السودانيين هو الامل لا الجوع لذا فانتفاضتهم في تسارع وتنامي و قوة السلطة في تراجع وتلاشي. هذا يرعب السلطة فهي خفضت سعر الخبز فلم ينخفض مد الشوارع و تحدثت عن اجراءات اقتصادية لتحسين الاحوال فلم يعرها الشارع انتباها و استخدمت قوتها المميتة ضد المتظاهرين دون جدوي او طائل فهاهي المدن و الاحياء تخرج بمتواليات منتظمة.. ما اخرج الناس ليس الغلاء انما الحقيقة، الشعب ايقن ان بقاء البشير لا طائل منه فقرر اسقاطه، وهكذا في بضع ساعات قرر الشارع هدفه وصاغ غايته في عبارة مقتضبة و رشيقة #تسقط_بس. والحال ليس مجرد فورة غضب فقد انصرمت حتي الان ثلاثة اسابيع ولا تزال المواكب تهدر و ارتقي اربعون شهيد او يزيدون وفي مختلف المدن والولايات وهذا ثمن غير قليل ولن يكون مهرا لغير الحرية والتغيير. اراد الامن ان يلعب علي وتر الانقسام الاثثني والجهوي فردوا عليه سريعا #كل_البلد_دارفور..
هي انتفاضة شبابية؛ لأن الشباب هم المعنيون بالمستقبل و هم اصحاب الحق في تقرير كيف يريدون عيش عقودهم وسنواتهم المقبلة؟ في خنوع العبيد ام احرار وسادة؟ آمنون و سعداء في وطنهم ام مطاردين من شرطة الهجرة و غفر السواحل في موانئ ومطارات العالم؟!
و ثورة خفيفة؛ اذ يكفي لاشعال شرارتها بضعة شباب و صبيان، يحرقون اطارا في احد التقاطعات و يلتفون حوله هاتفين؛ فاذا حضرت الشرطة و مليشيا امن الرئيس تواروا الي داخل الحي ثم خرجوا الي تقاطع ثان وثالث وهكذا، حتي بلغت الانتفاضة ما هي عليه الان من جبروت.
وهي متنقلة؛ يوم في الدمازين 'اقصي الجنوب الشرقي' والثاني في الفاشر 'حاضرة الغرب' و يوم في سنار 'تخوم الجنوب الجديد' و ثان في عطبرة 'الشمال الاوسط' ثم منه الي دنقلا عاصمة الشمال والي القضارف حاضرة السودان الشرقي و الي بورتسودان بوابة السودان البحرية ومنها الي الابيض و ام روابة حواضر كردفان في الغرب الاوسط والي الخرطوم قلب البلاد و امدرمان روح الدولة والشعب ..
و رغم ان السودانيون اشتهر عنهم وبينهم عدم التقيد بالمواعيد و عدم احترام الوقت الا انهم اظهروا التزاما لافتا في ثورتهم، اضحت الواحدة ظهرا ساعة ثورية بامتياز خصوصا في العاصمة.
و هي متفائلة، رغم ان الشعب قبلها كان منقسما اثنيا وجهويا بفضل سياسات البشير المتعمدة، ومؤسسات المجتمع 'احزاب ونقابات' كانت مفككة الا انها الهمت الجميع فالتفوا دون مقدمات حول تجمع المهنيين وهو جسم جديد ابتدعته عبقرية هذا الجيل، و لأنها متفائلة صاغت شعارها الحاسم #تسقط_بس ردا علي كل شبهات العصبة الحاكمة من ( من البديل؟ الي التخويف من مصير ليبيا وسوريا واليمن! ) فالكل هنا يعرف ان اعداد السودانيين المشردين في اليمن وليبيا والعراق وسوريا اكثر من اعداد اليمنيين والسوريين و الليبيين هنا!
و مع ذلك هي مرحة؛ برغم الكوميديا السوداء المقيمة لثلاث عقود! مرحة وتلاحظ ذلك ليس في تعليقات النشطاء علي الفيسبوك و تويتر و واتساب فقط وانما في الشارع و في لحظات تلقي الرصاص و قنابل ( البمبان ) غاز الدموع الخانق.. و ثورة بروح مرحة تحشد باستمرار المزيد من المناصرين و المتعاطفين ستنتصر لا محالة، صحيح انها لا تحظي بدعم وقبول الحكومات لكنها لا تحتاج دعم تلك الحكومات و سيكفيها دعم الشعوب ودعم النشطاء الدوليين علي مواقع التواصل التي حطمت القيود والحدود.
ما حدث كان مجرد تزامن، و ما اخرج السودانيين هو الامل لا الجوع لذا فانتفاضتهم في تسارع وتنامي و قوة السلطة في تراجع وتلاشي. هذا يرعب السلطة فهي خفضت سعر الخبز فلم ينخفض مد الشوارع و تحدثت عن اجراءات اقتصادية لتحسين الاحوال فلم يعرها الشارع انتباها و استخدمت قوتها المميتة ضد المتظاهرين دون جدوي او طائل فهاهي المدن و الاحياء تخرج بمتواليات منتظمة.. ما اخرج الناس ليس الغلاء انما الحقيقة، الشعب ايقن ان بقاء البشير لا طائل منه فقرر اسقاطه، وهكذا في بضع ساعات قرر الشارع هدفه وصاغ غايته في عبارة مقتضبة و رشيقة #تسقط_بس. والحال ليس مجرد فورة غضب فقد انصرمت حتي الان ثلاثة اسابيع ولا تزال المواكب تهدر و ارتقي اربعون شهيد او يزيدون وفي مختلف المدن والولايات وهذا ثمن غير قليل ولن يكون مهرا لغير الحرية والتغيير. اراد الامن ان يلعب علي وتر الانقسام الاثثني والجهوي فردوا عليه سريعا #كل_البلد_دارفور..
هي انتفاضة شبابية؛ لأن الشباب هم المعنيون بالمستقبل و هم اصحاب الحق في تقرير كيف يريدون عيش عقودهم وسنواتهم المقبلة؟ في خنوع العبيد ام احرار وسادة؟ آمنون و سعداء في وطنهم ام مطاردين من شرطة الهجرة و غفر السواحل في موانئ ومطارات العالم؟!
و ثورة خفيفة؛ اذ يكفي لاشعال شرارتها بضعة شباب و صبيان، يحرقون اطارا في احد التقاطعات و يلتفون حوله هاتفين؛ فاذا حضرت الشرطة و مليشيا امن الرئيس تواروا الي داخل الحي ثم خرجوا الي تقاطع ثان وثالث وهكذا، حتي بلغت الانتفاضة ما هي عليه الان من جبروت.
وهي متنقلة؛ يوم في الدمازين 'اقصي الجنوب الشرقي' والثاني في الفاشر 'حاضرة الغرب' و يوم في سنار 'تخوم الجنوب الجديد' و ثان في عطبرة 'الشمال الاوسط' ثم منه الي دنقلا عاصمة الشمال والي القضارف حاضرة السودان الشرقي و الي بورتسودان بوابة السودان البحرية ومنها الي الابيض و ام روابة حواضر كردفان في الغرب الاوسط والي الخرطوم قلب البلاد و امدرمان روح الدولة والشعب ..
و رغم ان السودانيون اشتهر عنهم وبينهم عدم التقيد بالمواعيد و عدم احترام الوقت الا انهم اظهروا التزاما لافتا في ثورتهم، اضحت الواحدة ظهرا ساعة ثورية بامتياز خصوصا في العاصمة.
و هي متفائلة، رغم ان الشعب قبلها كان منقسما اثنيا وجهويا بفضل سياسات البشير المتعمدة، ومؤسسات المجتمع 'احزاب ونقابات' كانت مفككة الا انها الهمت الجميع فالتفوا دون مقدمات حول تجمع المهنيين وهو جسم جديد ابتدعته عبقرية هذا الجيل، و لأنها متفائلة صاغت شعارها الحاسم #تسقط_بس ردا علي كل شبهات العصبة الحاكمة من ( من البديل؟ الي التخويف من مصير ليبيا وسوريا واليمن! ) فالكل هنا يعرف ان اعداد السودانيين المشردين في اليمن وليبيا والعراق وسوريا اكثر من اعداد اليمنيين والسوريين و الليبيين هنا!
و مع ذلك هي مرحة؛ برغم الكوميديا السوداء المقيمة لثلاث عقود! مرحة وتلاحظ ذلك ليس في تعليقات النشطاء علي الفيسبوك و تويتر و واتساب فقط وانما في الشارع و في لحظات تلقي الرصاص و قنابل ( البمبان ) غاز الدموع الخانق.. و ثورة بروح مرحة تحشد باستمرار المزيد من المناصرين و المتعاطفين ستنتصر لا محالة، صحيح انها لا تحظي بدعم وقبول الحكومات لكنها لا تحتاج دعم تلك الحكومات و سيكفيها دعم الشعوب ودعم النشطاء الدوليين علي مواقع التواصل التي حطمت القيود والحدود.
تعليقات
إرسال تعليق