التخطي إلى المحتوى الرئيسي

اسلاميو السودان.. ضعف العقل وفقر الخيال

  وصل حكم اسلاميو السودان الي نهاية الطريق هذا الأمر واضح لكل من له عينان، اما البشير و حفنة المنتفعين حوله فانهم استسهلوا شؤون الدولة و اعتادوا نعيمها و بهرجها و يعز عليهم ان يفارقوا بريقها! 
  كانت هذه النهاية واضحة للكثيرين منذ البدايات قبل ثلاثون عاما في 1989م، ذلك لأن تيار الاسلام السياسي السوداني لم يكن يملك خطاب سياسي او برنامج يصلح لادارة دولة بغض النظر عن تعقيداتها السياسية والاقتصادية والجغرافية و الثقافية والامنية، كان ما صغوه من ترهات ملفقة لا يصلح لشئ لكن طبيعة السودان والسودانيون المتسامحة والمتساهلة اغرتهم فتمادوا رغم  الاخفاقات التي تبدت منذ  الوهلة الاولي و رغم التحديات التي واجهتهم والتي لم يتجشموا عناء التعامل مع اي منها انما اكتفوا في كل مرة بالالتفاف عليها و الظن بأن هذا هو عين العقل و الذكاء و 'الفهلوة'، كل ما قاموا به كان مجرد بهلوانيات سياسية!
  ان لادارة الدول وشأن الأمم والشعوب اصول و قواعد و تقاليد لم يجيد اسلاميو السودان ايها، بل ولم يلموا بها حتي مجرد المام و معرفة.. تلك القواعد والاصول شغلت بال الانسان منذ عهد الفلاسفة والمفكرين الاوائل 'سقراط وافلاطون و ارسطو' حين خطوا مخطوطاتهم ' الجمهورية و ما بعد الجمهورية' مرورا بعصر ميكافيلي و كتابه 'الامير' و مونتسكو و 'روح القوانين' و روسو و نظريته الشهيرة 'العقد الاجتماعي' و مرورا بمفكري منطقتنا منذ كتاب 'الخراج' و الاحكام السلطانية' و مقدمة ابن خلدون الشهيرة..
  كل تلك الاعمال وغيرها خلصت منها البشرية الي عديد القواعد والاقوال الشهيرة والتي ابرزها ان 'العدل اساس الملك'، اذ لن يستقر حكم و لن يدوم ملك يستند علي القوة عوضا عن القبول فالقوة الي زوال بزوال عواملها والاكاذيب وان تقادمت لابد و ان يأتي نهار و تطلع عليها شمس الحقيقة فتعريها!
  ادارة شأن دولة معاصرة يقتضي احترام مؤسسات الحكم والسلطة والمجتمع، يقتضي احترام الجهاز المدني و ضرورة عدم تسيسه حتي يعمل بفعاليته القصوي خدمة للحاكم قبل المحكوم،
ولابد من الاحتفاظ بسلطات قضاء مستقل بلا محسوبيات وبلا خوف، و لابد من الاحتفاظ بقوات عسكرية غير منحازة سياسيا انما احترافية تعمل بمرونة و انضباط قتالي عالي و عقيدة وطنية صرفة،
  و لابد من الاحتفاظ بمؤسسات مجتمع مستقلة و حرة 'نقابات و منظمات' حتي تدافع باستقلالية عن مصالح منتسبيها في وجه السلطة و فيما بينها،
ولابد من الحرص علي وجود مؤسسات مالية واقتصادية مستقلة ومهنية تخضع لقواعد العدل الاجتماعي و لديها حساسية تجاه الفساد بكل اشكاله. و لابد من الحرص علي وجود مؤسسات رأي مستقل و حرة 'صحافة واعلام' و كافة اشكال التعبير الفني و الادبي و الثقافي، و لأن الاسلامويين بلا عقول لم يستوعبوا قواعد العلم والمعرفة الخاصة بادارة الدول وشؤون الأمم والمجتمعات. و لكونهم بلا عقول تستوعب العلم والمعرفة لذا هم بلا خيال، والخيال المستند الي علم ومعرفة يسهم في تطوير الحلول، اما الخيال المرتكز الي خواء 'كما هو حال حكامنا الاسلامويين!' فانه ينقلب الي اوهام و تصورات مريضة وكسيحة.. وهذا ما هو حادث بل فعل لذا ظلوا طيلة سنوات حكمهم يعالجون كل مشكلة وقعوا فيها بازمة و كل مصيبة تسببوا فيها بكارثة!

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تفكيك خطاب الحرب و (فلسفة البلابسة)

   الخطاب و الموقف السياسي المساند للحرب و الحسم العسكري و رفض التفاوض و رفض أي حديث عن تسوية سياسية سلمية يعتمد علي استقطاب و تحشيد العوام ممن لا خبرة و لا معرفة لهم بطبيعة الحرب ولا السياسة!    تحشيد العوام هذا خلق تيار جارف اخذ في طريقه حتي بعض "الانتلجنسيا" ممن لا قدرة لهم علي مواجهة العوام او ممن يظنون ان كل هذا الحشد لا يمكن الا ان يكون علي حق، فيحتفظ برأيه لنفسه او حتي يتخلي عنه و ينخرط مع التيار ..!!   في المقام الاول ان لخطاب العنف و التحريض و "الانتقام" جاذبيته؛ و ان للقوة و استعراضها سطوة، مثلما ان لصورة الضحية فعلها؛ اما اذا دمج خطاب الضحايا مع خطاب القدرة علي الانتقام فاننا نحصل علي سيناريو تقليدي للافلام "البوليودية" و كثيرون هنا تفتق وعيهم و انفتح ادراكهم علي افلام الهند! فما يحدث و ما يدعو اليه خطاب الحرب بالنسبة لهؤلاء مفهوم و مستوعب و في مدي تصورهم لذا يرونه ليس واقعياً فحسب بل و بطولي و مغري يستحق ان ينخرطوا فيه بكلياتهم. سؤال الطلقة الأولي: قبل ان يعرف الناس الحقيقة بشأن ما قاد الي هذه الحرب التي انتشرت في مدن السودان و ولاياته ان...

لماذا يفضل الملكيون العرب التعامل مع جمهوريي اميركا؟؟

  لا يخفي الملوك و الامراء العرب "و اعوانهم" ميلهم و تفضيلهم التعامل مع ادارات جمهورية في اميركا و لا يخفون تبرمهم من تنصيب رئيس من الحزب الديمقراطي.. و يبررون ذلك الميل و التفضيل بمبررات مختلفة مثل تعامل الجمهوريين الحاسم مع ايران !! في الواقع فإن اكثر رؤساء اميركان الذين شكلوا اكبر تهديد للعرب و المسلمين هم من الجمهوريين (بوش الأب و الإبن و ترامب - غزو العراق و افغانستان و دعم اسرائيل)! لكن الجمهوريين كما عرب النفط يفهمون لغة المال جيداً و الادارة الجمهورية تضم علي الدوام اشخاص من قطاع الطاقة و النفط او صناعة السلاح او الادوية او حتي صناعة الترفيه "هوليود" يفضلون لغة النقود و المصالح. اذاً اكبر تهديد واجهه العرب و المسلمون من ادارات اميركية كان في فترات حكم جمهوري.. و بعد الحادي عشر من سبتمبر ٢٠٠١م اعلن بوش الابن سياسة صارمة في مواجهة انظمة اسلامية و عربية (افغانستان و العراق و السودان) كما مارس ضغوط غير مسبوقة علي السعودية اسفر عنها اجراءات حازمة ضد الجماعات المتشددة من الأخيرة، و تغيير في مناهج التعليم المدرسي و الجامعي فيها! الجمهوري ترامب اقدم علي خطوات غير مس...

شرح قانون الوجوه الغريبة !!

  المقصود بقانون الوجوه الغريبة هو اوامر الطوارئ التي صدرت في بعض الولايات بعد اندلاع حرب ١٥ ابريل/الكرامة و خصوصاً بولايتي الجزيرة و نهر النيل.. و هي اما اوامر صدرت من الوالي شفاهة و علي رؤوس الاشهاد او مكتوبة و مفادها ملاحقة ما يعرف ب "المندسين" و الطابور الخامس و من يشتبه في انتماءهم او تخابرهم مع مليشيا الدعم السريع، حيث راج ان المليشيا تدفع بعناصر من استخباراتها و قناصيها الي المناطق التي تنوي احتلالها لتقوم تلك العناصر بالعمل من الداخل بما يسهل مهمة الاحتلال .. و تستهدف الملاحقات الباعة الجائلين و اصحاب المهن الهامشية، و أي شخص تشك فيه السلطات او المواطنين؛ و في اجواء من الارتياب بالغرباء غذتها دعاية الحرب تم الطلب من المواطنين التعاون بالتبليغ و حتي بالقبض و المطاردة علي من يرتابون فيه. قانون او تعاليمات (الوجوه الغريبة) اسفرت عن ممارسات متحيزة "ضد غرباء" تحديداً ينحدرون من اقاليم كردفان و دارفور في ولايات عدة (الجزيرة، و نهر النيل، و كسلا، و الشمالية)؛ فالوجوه الغريبة هي اوامر تأخذ الناس بالسحنة و الملامح؛ و هي ممارسات بالتالي اسوأ مما كانت تمارسه "مح...