التخطي إلى المحتوى الرئيسي

سر التحالف بين حزب الأمة والمؤتمر السوداني

   نداء السودان: حلف حزب الامة والمؤتمر السوداني.. تقلبات السياسة؟ ام هناك ما هو ابعد من مجرد مصالح؟!
   القول المأثور عند المشتغلين بالممارسة السياسية هو "ليس في السياسة صداقات ولا عداوات دائمة انما مصالح دائمة" فهل ينطبق هذا القول علي مكونات ائتلاف نداء السودان احد قطبي المعارضة السودانية "مع تحالف قوي الاجماع"!
  هل ينطبق عليه وتحديد علي العلاقة بين عضويه الاكثر اهمية وفاعلية حزب الامة الطائفي الذي يرأسه الامام الصادق حفيد الامام المهدي ورئيس الوزراء السابق او الاسبق او الشرعي كما يحلو له ان يدلل نفسه، وحزب المؤتمر السوداني ذلك الحزب الصغير "الذي لا يروقه ان يكبر" فيما هو ناجح في جعل نفسه دينمو لماكينة المعارضة السياسية! اللسان المهيمن لفترة طويلة من الزمن علي خطاب المعارضة كان ولا يزال بنسبة كبيرة خصوصا لدي الحركات المسلحة كان هو خطاب المؤتمر السوداني 'خطاب الصراع الثقافي الاسلام -عروبة ضد الافريقانية و الهامش ضد المركز!' والذي يمثل عقيدة وقناعة الحركة المستقلة والتي تعتبر نواة الحزب وعموده الفقري وهي تمثل قطاع من خريجي وطلاب الجامعات يهيمنون علي افكار الحزب!
   فما الذي صنع هذا الحلف 'المعارض' الأن؟ !
حزب الأمة ظل يشغل خانته في المعارضة كاملا لكن ايضا ظل يمد سلطة الحركة الاسلامية باسباب البقاء دائما ايضا منذ اتفاق جنيف و جيبوتي "نداء الوطن" و التراضي الوطني! ثم التفويض المفتوح إبان هجوم حركة العدل والمساواة علي امدرمان ، وكذلك عبر اتباع المعارضة بفصيل والمشاركة بفصيل اخر من ذات الحزب انتهاء بمعارضة السلطة بقسم من أبناء و بنات اسرة الامام الصادق المهدي المالكة لحزب الامة؛ والمشاركة بقسم اخر! وهو نفس الاسلوب المتبع لدي عائلة الميرغني المالكة والمسيرة لحزب الاتحادي الديمقراطي!
   ما الذي قرب بين الحزبين وجعل منهما حليفين في ائتلاف نداء السودان الذي تأسس قبل نحو اربعة سنوات؟! و معروف عنهما التباعد سياسيا ونظريا؟!
ومعروف عن حزب الأمة رفضه لاسقاط النظام بالانتفاضة السلمية الشعبية وميله للتسويات الثنائية والتفاهمات مع النظام، فالامام يتملكه وهم انه صاحب الحق الوحيد وان الانقاذ الاسلاموين سرقوا ملكه وسلطته وعليه ان يستعيده منهم و ان كل اللاعبين السياسيين هم مجرد متطفلين لا حق لهم ولا سلطة للتدخل في الشأن الخاص بينه 'سيد الشرعية' وبين الذي اغتصبوها عنوة 'اسياد القوة'!
   لذا كانت كل تحالفاته السابقة مع معارضين لحكم الانقاذ عبارة عن ائتلافات مؤقتة و تكتيكية قصيرة المدي لزيادة هامش مناورته في مقابل حكومة الانقاذ، لدرجة ان بعض حلفاءه السابقين في تحالف 'التجمع الوطني الديمقراطي' خصوصا الحركة الشعبية الجنوبية يتهمونه بأنه التحق بالتجمع لاضعافه وتشتيت جهوده وخدمة للحكومة اكثر من خدمة لأجندة العمل المعارض!
وبالفعل فقد سعي المهدي لعقد تفاهمات ثنائية مبكرا مع الحكومة منذ العام 1998م ، و خرج نهائيا من تجمع المعارضة في 1999م. ان الامام لا يعارض السلطة بقدر ما يعارض اي حل يقود لتغيير قواعد اللعبة السياسية في السودان تخرجه من دائرة انقلاب/حكم طائفي !! ويرفض بشكل قاطع اي ثورة شعبية لأنها ستسفر بالتأكيد عن اصطفاف سياسي جديد برامجي وليس طائفي بما يخرج المهدي وعائلته حيز التأثير ويمنعه من مواصلة نهجه الذي يعتبر السياسة في البلد تركة وميراث شرعي لحزبه وطائفته ولا يقبل بنظير الا طائفي مثله!
  اما حزب المؤتمر السوداني 'كان يحمل تسمية المؤتمر الوطني قبل ان ينتزع منه الاسلاموين التسمية' فهو لم يدخل حيز التحالفات الا مؤخرا؛ اذ كان في الماضي يرفض الانضمام للتجمع الوطني الديمقراطي الذي مثل في السابق اكبر مظلة للاحزاب المعارضة لحكم الاسلاموين رفضا مطلقا، بل وناصبه العداء الواضح في كثير من الأحيان!
   لكن مع ضعف المعارضة الحزبية و افلاسها السياسي وكساد خطابها بدأت سلعة المؤتمر السوداني في الرواج و وجدت الحركات المسلحة التي كانت تفتقد الي خطاب وحجة سياسية ضالتها في شعارات و مصطلحات حزب المؤتمر السوداني التي صكها محمد جلال هاشم وابكر اسماعيل التي اشرت لها آنفا.
اذ وجد المؤتمر ان خطابه اصبح علي كل لسان فسعي مؤخرا للسيطرة عليه عبر تفعيل اجهزته فعقد عدة مؤتمرات و انتخب رئيس جديد له خلفا لرجل الأعمال والتاجر المشهور 'ابراهيم الشيخ' الذي خلف مؤسس الحزب الراحل القاضي السابق والمحامي عبد المجيد امام نهاية التسعينات، وحدث اطر اجهزته الفرعية، وقدم نفسه علي انه حزب مؤسسات و ديمقراطية ممارسة فعلا لا مجرد قول! لكنه يبقي حزب صغير وضعيف بلا اثر ظاهر علي الشارع السياسي ومشيئته رهن بمشيئة ثلة صغيرة ما يجعل احتمالات توجيهه و حرف مساره واردة بمعدلات مرتفعة!
   يبقي السؤال قائما ماذا وجد كل من حزب الأمة 'حزب حفيد المهدي؛ هداه الله وهدانا' و المؤتمر السوداني في نظيره، حتي قويت بينهما آصرة الحلف السياسي!؟ هل هو ميل المؤتمر لتصديق فرضية الهبوط الناعم وتبني خيار التغيير عبر صناديق اقتراع يشرف عليها نظام البشير مثلما فيما يعاف ويخاف اي تغيير ثوري هو ما ألف القلوب وصنع الائتلاف؟!

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بروفايل "البروف-الشيخ"

   دائما ما كنت اتساءل عن التخصص الذي يحمله السيد ابراهيم احمد عمر وزير التعليم العالي في اول حكومة انقاذية 1989م وعراب ما سمي تجاوزا "ثورة التعليم العالي" والتي بموجبها تم ت...

أوامر المهزوم!

  اوامر الطوارئ الاربع التي اصدرها البشير اليوم 25فبراير و التي تأتي استنادا علي اعلان الجمعة الماضية ( اعلان الطوارئ وحل الحكومة و تكليف ضباط بشغل مناصب حكام الولايات ) لها دلالة اساسية هي ان الحكومة تحاذر السقوط و باتت اخيرا تستشعر تهاوي سلطتها! جاء اعلان الطوارئ و حل الحكومة كتداعي لحركة التظاهرات والاضرابات التي عمت مدن البلاد علي امل ان يؤدي الي هدوء الشارع .. اما و قد مرت اكثر من 72 ساعة علي الاعلان دون اثر فتأتي الاوامر الاربعة (منع التظاهر، و تقييد تجارة السلع الاستراتيجية، و حظر تجارة النقد الاجنبي، و تقييد وسائل النقل والاتصالات) كمحاولة ثانية يائسة لايهام الجموع الشعبية بأن السلطة قابضة بقوة و ان لديها خيارات امنية و قانونية و ادارية متعددة! لا اجد لهذا الاعلان نظير في تاريخ السودان، اذ لا يشبه قرارات الانظمة الوطنية ( ديمقراطية كانت او انقلابية ) .. فالطوارئ قرار يلجأ اليه الحاكم في حالة الحروب او الكوارث الطبيعية او الازمات الوطنية و ليس اداة لمجابهة ازمات سياسية، فازمات السياسة لها طرق حل معروفة منها التنحي او الانتخابات المبكرة او تكوين ائتلافات جديدة وليس من بين...

البشير لم يسقط وحده

  بعد ثورة و تظاهرات استمرت لأربعة اشهر و عمت كل مدن و قري السودان اجبر الرئيس البشير علي التنحي و سقط بحسب مفردات الثورة السودانية و ثوارها..   اليوم حلفاء البشير من الانته...