صدر اول قانون خاص بالطفل في السودان في العام 2005م ودخلت عليه تعديلات لاحقا عدة مرات، اليوم وبعد خمسة عشر عاما من الضروري اجراء تقييم للنظر في تجربة انفاذ هذا القانون، لنري ما اذا كان القانون قد منح الطفل امتيازات حقيقية وما اذا كان حال الاطفال بعد انفاذه قد تحسن عما كان قبله؟
ثم هل ضمان افضل رعاية للطفل تستدعي سن قانون ( خاص ) و انشاء اليات منفصلة كمحكمة ونيابة الطفل؟
لنتأمل الوضع قبل 2005م لنري بعدها ما هو الجديد الذي قدمه قانون الطفل؟
قبل القانون كانت اليات رعاية الطفولة والامومة قائمة 'مجلس قومي و ادارة بوزارة التخطيط الاجتماعي'، لذا ما من جديد بشأن الهيئات التنفيذية و الاستشارية التي انشأها القانون، وكان هناك نص في القانون الجنائي بشأن تدابير الرعاية والاصلاح بشأن الجرائم التي يرتكبها القصر 'الاطفال' كما هناك نص يفرض عدم الاعتداد بالرضا الذي يصدر عن قاصر ان كان الرضا يتعلق بمخالفة او جريمة ارتكبت بشأنه، هذا علاوة عن نصوص في القانون المدني 'المعاملات المدنية' وقانون الاحوال الشخصية يضمن حماية مدنية و اجتماعية للاطفال.. وان كنا نأخذ علي قانون الاحوال الشخصية تكريسه لثقافة انتجت مصطلح 'طفل شرعي وطفل غير شرعي' اذ لا وجود لطفل غير شرعي، الطفل انسان كامل الانسانية و بمجرد ميلاده يكون وجوده في العالم وجود كامل الشرعية وميتحقا لكل الحقوق التي يستحقها غيره.. حتي البنوة و الابوة ليس فيها شرعي وغير شرعي! هناك اب بايولوجي و اب غير بايولوجي وابن بايولوجي واخر غير ذلك لكن لا يدب الصاق تلك الوصمة بالطفل! والثقافة الاجتماعية والقانونية التي تحمل طفل برئ مسؤولية فعل غير شرعي اجتماعيا او دينيا ارتكبه اخرون 'والداه' ثقافة متحاملة علي الضعيف ويجب تغييرها، لذا من الضروري العمل علي الغاء هذا المصطلح من ثقافتنا القانونية
لذا بهذا الخصوص 'المدني والاجتماعي والجنائي' ما من جديد موضوعيا اضافه القانون.
من حيث الاليات القانونية اضاف القانون 'قانون الطفل' منذ 2005م وانشأ نيابة ومحكمة وادارة شرطية خاصة بالاطفال 'حماية الاسرة والطفل' لكن هذه الاضافة قابلة للتحول الي منقصة اكثر من كونها امتياز للطفل! فاولا هذه الهيئة 'النيابة والمحكمة والشرطة' فهي شبه مركزية اولا، ففي كل الخرطوم ' المدينة المتباعدة' هناك جهاز واحد ما يعني ان اللجوء اليه يتسبب في حد ذاته في مصاعب وعنت! وما قيل عن الخرطوم يصدق عند الحديث عن بقية الولايات ومعظمها تفوق الخرطوم من حيث المساحة والامتداد و تباعد المسافات بين مراكز تجمعات السكان ومراكز تقديم الخدمات الادارية والرعاية!
كان من الممكن بل والاولي النص فقط في قانون الاجراءات الجنائية علي قصر سلطة النظر في قضايا الطفل علي القاضي المقيم ورئيس المحكمة في دائرة الاختصاص المعنية و وكيل النيابة الأول/الاعلي و رئيس قسم الشرطة فقط لاغير، و تخصيص غرفة بتأثيث مناسب لاستقبال الاطفال فيها تحت المسؤولية المباشرة للرئيس القسم و وكيل النيابة المختص دون غيرهم، مع النص علي ان تكون قضايا الاطفال من القضايا العاجلة التي تأخذ الاولوية في النظر و بالتأني والرعاية اللازمة.
ثم للنظر في النتائج؛ هل اسهم قانون الطفل بمظلته الحمائية و 'عقوباته الرادعة' في تقليل نسب وفداحة الجرائم المرنكبة علي ضحايا اطفال؟ بالتأكيد لا! فجرائم الاغتصاب و الاغتصاب المفضي الي وفاة الضحايا في تزايد مستمر، هذا عدا عن الجرائم الاخري التي لا تهتم بها السجلات والاعلام و عدا عن الجرائم التي لا تصل اصلا الي مضابط شرطة ونيابة ومحكمة الطفل!
هذا الحال يدفعنا مجددا الي التأكيد علي حقيقة منطقية وهي ان القانون العقابي واجهزة انفاذه ليست الضمانة الاساسية لحماية براءة الطفولة، ثمة ادوات واليات اخري اقدر علي ذلك وهي اليات التوعية و الرعاية، فالتعليم والاعلام والتثقيف والمدارس هي الاقدر علي نشر الوعي و الاقدر علي حماية الطفل، كما ان اجهزة الرعاية المدنية هي الاقدر علي الوصول واستكشاف القصور والخلل والمخالفات وتقديم الخدمة بعكس اجهزة القانون التي تنتظر وصول الشكاوي والبلاغات قبل ان تتحرك ببطء!
ثم ان اجهزة كالمجلس القومي للطفولة و ادارات الطفل بوزارات الرعاية الولائية والاتحادية لا تهتم بانشاء مكاتب تتبع لها فنيا واداريا تلحق بكل محلية حتي تكون عينها بين الناس بعكس ما تهتم افرع الدولة الجبائية والايرادية التي تلاحق المواطن في اقصي الساحات واضيق الازقة!
كان الاجدر والأولي بالدولة بدلا عن سن قانون عديم نفع وانشاء اليات واجهزة تكلفتها اعلي مما تقدم من خدمة ونفقاتها الادارية تفوق جدواها العملية، كان اجدر بها ان تصدر اعلانا او قرارا او توجيها فقط او نص في الدستور تقرر فيه ان الاطفال هم الفئة الاحق والأولي بالرعاية والخدمة وان الطفل هو المواطن صاحب الامتياز الاول وعلي اي موظف عام ان ينظر في امره اولا ويعفي من اي رسم سواءا كان في مؤسسات التعليم او العلاج او الترفيه او النقل او اية خدمة ادارية اخري، ومثلما تستخرج شهادة الميلاد بالمجان يجب ايضا النص علي ان تستخرج للاطفال كافة الاوراق الثبوتية و الشهادات بالمجان.
ثم هل ضمان افضل رعاية للطفل تستدعي سن قانون ( خاص ) و انشاء اليات منفصلة كمحكمة ونيابة الطفل؟
لنتأمل الوضع قبل 2005م لنري بعدها ما هو الجديد الذي قدمه قانون الطفل؟
قبل القانون كانت اليات رعاية الطفولة والامومة قائمة 'مجلس قومي و ادارة بوزارة التخطيط الاجتماعي'، لذا ما من جديد بشأن الهيئات التنفيذية و الاستشارية التي انشأها القانون، وكان هناك نص في القانون الجنائي بشأن تدابير الرعاية والاصلاح بشأن الجرائم التي يرتكبها القصر 'الاطفال' كما هناك نص يفرض عدم الاعتداد بالرضا الذي يصدر عن قاصر ان كان الرضا يتعلق بمخالفة او جريمة ارتكبت بشأنه، هذا علاوة عن نصوص في القانون المدني 'المعاملات المدنية' وقانون الاحوال الشخصية يضمن حماية مدنية و اجتماعية للاطفال.. وان كنا نأخذ علي قانون الاحوال الشخصية تكريسه لثقافة انتجت مصطلح 'طفل شرعي وطفل غير شرعي' اذ لا وجود لطفل غير شرعي، الطفل انسان كامل الانسانية و بمجرد ميلاده يكون وجوده في العالم وجود كامل الشرعية وميتحقا لكل الحقوق التي يستحقها غيره.. حتي البنوة و الابوة ليس فيها شرعي وغير شرعي! هناك اب بايولوجي و اب غير بايولوجي وابن بايولوجي واخر غير ذلك لكن لا يدب الصاق تلك الوصمة بالطفل! والثقافة الاجتماعية والقانونية التي تحمل طفل برئ مسؤولية فعل غير شرعي اجتماعيا او دينيا ارتكبه اخرون 'والداه' ثقافة متحاملة علي الضعيف ويجب تغييرها، لذا من الضروري العمل علي الغاء هذا المصطلح من ثقافتنا القانونية
لذا بهذا الخصوص 'المدني والاجتماعي والجنائي' ما من جديد موضوعيا اضافه القانون.
من حيث الاليات القانونية اضاف القانون 'قانون الطفل' منذ 2005م وانشأ نيابة ومحكمة وادارة شرطية خاصة بالاطفال 'حماية الاسرة والطفل' لكن هذه الاضافة قابلة للتحول الي منقصة اكثر من كونها امتياز للطفل! فاولا هذه الهيئة 'النيابة والمحكمة والشرطة' فهي شبه مركزية اولا، ففي كل الخرطوم ' المدينة المتباعدة' هناك جهاز واحد ما يعني ان اللجوء اليه يتسبب في حد ذاته في مصاعب وعنت! وما قيل عن الخرطوم يصدق عند الحديث عن بقية الولايات ومعظمها تفوق الخرطوم من حيث المساحة والامتداد و تباعد المسافات بين مراكز تجمعات السكان ومراكز تقديم الخدمات الادارية والرعاية!
كان من الممكن بل والاولي النص فقط في قانون الاجراءات الجنائية علي قصر سلطة النظر في قضايا الطفل علي القاضي المقيم ورئيس المحكمة في دائرة الاختصاص المعنية و وكيل النيابة الأول/الاعلي و رئيس قسم الشرطة فقط لاغير، و تخصيص غرفة بتأثيث مناسب لاستقبال الاطفال فيها تحت المسؤولية المباشرة للرئيس القسم و وكيل النيابة المختص دون غيرهم، مع النص علي ان تكون قضايا الاطفال من القضايا العاجلة التي تأخذ الاولوية في النظر و بالتأني والرعاية اللازمة.
ثم للنظر في النتائج؛ هل اسهم قانون الطفل بمظلته الحمائية و 'عقوباته الرادعة' في تقليل نسب وفداحة الجرائم المرنكبة علي ضحايا اطفال؟ بالتأكيد لا! فجرائم الاغتصاب و الاغتصاب المفضي الي وفاة الضحايا في تزايد مستمر، هذا عدا عن الجرائم الاخري التي لا تهتم بها السجلات والاعلام و عدا عن الجرائم التي لا تصل اصلا الي مضابط شرطة ونيابة ومحكمة الطفل!
هذا الحال يدفعنا مجددا الي التأكيد علي حقيقة منطقية وهي ان القانون العقابي واجهزة انفاذه ليست الضمانة الاساسية لحماية براءة الطفولة، ثمة ادوات واليات اخري اقدر علي ذلك وهي اليات التوعية و الرعاية، فالتعليم والاعلام والتثقيف والمدارس هي الاقدر علي نشر الوعي و الاقدر علي حماية الطفل، كما ان اجهزة الرعاية المدنية هي الاقدر علي الوصول واستكشاف القصور والخلل والمخالفات وتقديم الخدمة بعكس اجهزة القانون التي تنتظر وصول الشكاوي والبلاغات قبل ان تتحرك ببطء!
ثم ان اجهزة كالمجلس القومي للطفولة و ادارات الطفل بوزارات الرعاية الولائية والاتحادية لا تهتم بانشاء مكاتب تتبع لها فنيا واداريا تلحق بكل محلية حتي تكون عينها بين الناس بعكس ما تهتم افرع الدولة الجبائية والايرادية التي تلاحق المواطن في اقصي الساحات واضيق الازقة!
كان الاجدر والأولي بالدولة بدلا عن سن قانون عديم نفع وانشاء اليات واجهزة تكلفتها اعلي مما تقدم من خدمة ونفقاتها الادارية تفوق جدواها العملية، كان اجدر بها ان تصدر اعلانا او قرارا او توجيها فقط او نص في الدستور تقرر فيه ان الاطفال هم الفئة الاحق والأولي بالرعاية والخدمة وان الطفل هو المواطن صاحب الامتياز الاول وعلي اي موظف عام ان ينظر في امره اولا ويعفي من اي رسم سواءا كان في مؤسسات التعليم او العلاج او الترفيه او النقل او اية خدمة ادارية اخري، ومثلما تستخرج شهادة الميلاد بالمجان يجب ايضا النص علي ان تستخرج للاطفال كافة الاوراق الثبوتية و الشهادات بالمجان.
تعليقات
إرسال تعليق