(طوارئ غير معلنة و غير مطبقة باحتراف!!)
الحرب المشروعة هي التي تعلنها حكومة شرعية و يوافق عليها برلمان منتخب او توافقي، و كلا الشرطين غير متوافرين في الحرب الدائرة الأن في الخرطوم.
فحكومة الأمر الواقع لا تعترف بها أي جهة كما انه ليس هناك برلمان من الأساس..
ثم ان احد طرفي حكومة الامر الواقع (الاساسيين) يحارب الطرف الاخر!! فالجيش و الدعم السريع هما اعمدة المكون العسكري (الحاكم الفعلي) الذي تحالف في السابق مع الحرية و التغيير ثم مع حركات سلام جوبا !
لم يصدر اعلان حرب رسمي حتي الأن !!
كلما هناك هو مجرد تصريح صحفي يعكس وجهة نظر الجيش و قائده العام و ممثليه في مجلس السيادة "المشلول" ..
مجلس السيادة في حكم المعلق منذ اعفاء الاعضاء المدنيين الذين سماهم المكون العسكري نفسه بعد اعفاء ممثلي قوي الحرية و التغيير!!
و مجرد قرار من القائد العام (رئيس مجلس السيادة-في حكم المعلق) بحل قوات الدعم السريع و اعتبارها قوة متمردة علي سلطاته!!!
هل يملك القائد العام صلاحيات اعلان الحرب وحده؟
و هل يملك صلاحية الحكم باعتبار قوة ما منحلة؟ او متمردة؟؟
كما سبق فصلاحية اعلان الحرب تتطلب موافقة برلمان شرعي و بقرار عن حكومة شرعية و ليست من سلطة القائد العام.
اما قرار حل قوة، او اعتبارها متمردة .. فهذا أمر يقتضي احكام قضائية (دستورية)،
كما ان حل القوات و تسريحها قرار يتطلب صدوره عن جهة شرعية مختصة (حكومة شرعية) لا حكومة امر واقع!
كما يتطلب مقدرة علي انفاذه...!!!
فالقابلية للتنفيذ من شروط القانون و القدرة علي الانفاذ من شروط الاحكام.
اما حل قوة مع بقاءها قادرة علي العمل و خوض قتال و معارك فيجعل من القرار مجرد حبر علي ورق.. و مجرد محاولة لايجاد مسوغ لتدابير عسكرية و اساس لدعاية حربية لا أكثر ولا أقل!
اما قانونياً فلا يوفر أي شرعية و لا مبرر له؛ مثلما لا أثر له علي ارض الواقع عند العجز عن فرضه بالقوة و الجبر.
الحرب غير المبررة قانوناً التي تدور الأن في الخرطوم و عدد من الولايات لها تبعات و آثار علي تلك الولايات و علي سائر ارجاء القطر بحكم (حالة القوة القاهرة) التي تنشئها؛ و عنصر الاستحالة (استحالة تنفيذ التزامات تعاقدية او قانونية) التي تتسبب فيها.
و مع ملاحظة ان أي من طرفي الحرب لم يعلن تطبيق حالة الطوارئ (الاحكام العرفية) علي الاراضي التي يسيطر عليها (او التي يفترض قانونا ان له سلطة عليها) .. لكن علي ارض الواقع هناك طوارئ و احكام عرفية يطبقها الجنود حسب ما يتراءي لهم و كيفما اتفق!!!
انها طوارئ و احكام عرفية لا تستند لقانون و لا تفويض و لا اعلان انما تستند الي فوهات المدافع و البنادق!
فحالة الحرب القائمة في الشوارع غيبت مؤسسات النائب العام و القضاء و حتي الشرطة .. بينما تلك المؤسسات كانت في الاساس لا تعمل وفق اسس دستورية انما كانت تنفذ ما يأمر به الحاكم ذو الشوكة و الغلبة !!!
كانت مؤسسات مستعدة للتغييب !!!
حالات النهب التي يقوم بها جنود احد الاطراف المتقاتلة او جنود كلا الطرفين او التي يقوم بها مواطنون (متفلتون) هي من تداعيات حالة الحرب غير المشروعة من الاساس و التي تم تغييب الاساس و المواكبة القانونية لها!
فاعلان حالة الطوارئ بسبب الحرب يستتبع اعتبار اعلي ضابط عسكري في كل منطقة بمثابة الحاكم العسكري و هو المسؤول عن تطبيق قانون و احكام الطوارئ و اصدار اوامر الطوارئ و تشكيل محاكمها .. الخ
و بما انه لم يتم اعلان الحرب فان السلطات شبه المدنية و نصف العسكرية التي كانت قائمة (الولاة المكلفين و الوزراء المكلفين .. الخ) استمرت في العمل شكلياً ما انعدام أي قدرة او أثر لها علي ارض الواقع!
لقد بلغ اهمال القانون في هذه البلاد مبلغاً يتعذر فهمه ناهيك عن التعامل معه او محاولات تصحيحه!!
و من تداعياتها حالات الفوضي القانونية التي تلازم الفوضي علي الارض بسبب الحرب التي تدور .. فلا أحد يسأل الأن عن قانونية أي اجراء او فعل انما فقط يأمل الناس في ان تنتهي هذه الاوضاع الاستثنائية في اقرب وقت و تعود الامور الي مسارها اما بخصوص الارواح التي ازهقت و الممتلكات التي دمرت او نهبت فستطبق عليها القاعدة الأزلية هنا (عفا الله عما سلف)!!!!
--------------------
ابريل ٢٠٢٣م
تعليقات
إرسال تعليق