انتفاضة مدن السودان التي اشعلها شبابه لانهاء حكم البشير 'البشير العسكري الذي اتي به الاخوان المسلمين السودانيين ليحتموا خلفه فاطبق عليهم واضطروا ان يبقوا خلفه ويحتموا به بقية حياتهم!' تواصلت 'الانتفاضة' ودخلت الأن شهرها الثاني ولا يبدو انها ستخفت قبل ان تحقق شيئا ذا قيمة.
هي انتفاضة بل وثورة سياسية واجتماعية آخذة في التبلور، صحيح ان الانتفاضة بدأت متزامنة مع ازمة اقتصادية متعلقة بسعر الخبز تحديدا الا انها في اقل من اسبوع رفعت شعار اسقاط البشير القابض منذ 1989م ؛ البشير نجح من قبل في تجاوز العديد من الصعاب من بينها عداء القوة العالمية الاولي 'امريكيا' و تجاوز مكر الذين اتوا به من احراش معارك حرب الجنوب 'الاسلاميين' وشيخهم العراب 'حسن الترابي' وتجاوز ازمة الجنوب مثلما تجاوز ازمة دارفور رغم ان الاتهامات الدولية بالابادة الجماعية وجرائم الحرب بقيت تطارده..
سريعا انتقل الحراك ليصبح اعمق ازمة يمر بها البشير ( اعمق من حرب الجنوب و ازمة دارفور و مطبات السياسية الخارجية). علي اية حال هي انتفاضة لها ما بعدها ولن يكون كما قبلها،
هي اعمق اثرا من انتفاضة سبتمبر 2013م، والكثير من الساسة و المراقبين يظنون ان سبتمبر ذهبت هباء؛ فيما هي احدثت اثر عميق في بنية السلطة فاعمدته ( النائب علي عثمان طه و المساعد نافع علي) تم اقصاءهم بفعل سبتمبر و الحوار الوطني الذي سمح للعديد من الاحزاب والحركات باقتحام دهاليز الحكم ايضا من تأثير سبتمبر ونفحاته. مآلات الانتفاضة رهينة بمدي طول نفس الشباب في شوارع المدن وازقة الاحياء و مدي اجادتهم لتكتيكات منازلة اجهزة القمع و ترويضها و اخضاعها..
علي اية حال لا تخرج مآلات و احتمالات هذا الحراك ان احد سيناريوهين سيسود: الأول: ان تتمكن السلطة من اخماده و تخضع الشعب مثلما اخمدت انتفاضة سبتمبر 2013م ومثلما اخضعت الفعاليات السياسية عقب الاستيلاء علي السلطة في 1989م.
لكن الخضوع بعد انتفاضة 19 ديسمبر 2018م لن يكون كما قبله،
ففي 1989م تم اخضاع الفعاليات السياسية الحزبية وخلاياها في القوات النظامية و النقابات اما بعد سبتمبر 2013 فقد تم اخضاع طليعة الثورة بعنف مفرط بينما في هذه الانتفاضة فانها نجحت في ابقاء شعلتها متقدة لما يقارب الشهرين الأن، طول أمد هذه الاحتجاجات له تأثيرات متعددة، فمن جهة هي وصلت لكل الفئات و اسهمت في احياء حراك نقابي متكامل بعد ان كان السلطة ظنت انها دجنتها ( النقابات ) الي الأبد! فمن جهة يمثل تجمع المهنيين البديل الموازي لاتحاد النقابات المهنية كما اسهم في اعادة ترميم اجسام اخري كنقابة المهندسين و اساتذة الجامعات.. الخ.
ومن جهة ثانية فانها نشرت ثقافة الرفض والمقاومة و شعاراتها و ادبها بين كل الفئات الاجتماعية من الاطباء الي الطلاب وفي الفئات العمرية من الشيوخ الي الاطفال في رياضهم.. كما انها نشرت حالة من التذمر حتي بين صفوف الحزب الحاكم و حركته الاسلامية و بين صفوف موظفي السلطة المدنيين و قواتها النظامية وغير النظامية. لذا حتي لو هدأت الانتفاضة نتيجة القمع والقتل في الشوارع و تحت و طأة التعذيب فانها ستكون هدوء تعقبه عاصفة بعد ان يتمكن الشباب من اجادة تكتيكات الصراع السلمي لتركيع المليشيات السلطوية.
كما انها من جهة ثالثة وضعت القطاعات غير المنظمة سياسيا في المقدمة بينما تراجع دور الاحزاب علي اختلاف اوزانها المدعاة و فعاليتها المزعومة وهذا مؤشر علي ان هناك تصحيح تاريخي يجري بهدوء و هو متمثل في تحرير المجتمع من هيمنة الدولة و من هيمنة الاحزاب، فطيلة تاريخ الممارسة السياسية الوطنية ظل المجتمع اضعف من الدولة وظل ينمو في حاضنتها و حجرها وظلت الدولة تمارس وصاية علي المواطن وهذا احد اكبر عللنا الوطنية و متي ما اصبح المجتمع وصيا علي نفسه و رقيبا علي الدولة فان الامور ستسير قدما في الاتجاه الصحيح.
السيناريو الثاني: ان تتمكن الانتفاضة من الاطاحة بالرئيس و اعمدة نظامه الرئيسية و تنهي حكم الاسلام السياسي في ظرف زماني قصير نسبيا، و في هذه الحالة فان الكلفة التي يدفعها السودان نتيجة استمرار هذا النظام سياسيا واقتصاديا ستتقلص بشكل مؤثر وكبير.
ما يحدث ليس انتفاضة ولا ثورة عادية بل واحدة من اعقد عمليات افتكاك السلطة والسيادة في التاريخ، مثل هذه الانظمة الايدلوجية من النادر ان تسقط بثورة شعبية دون تدخل خارجي، لأنها انظمة بلا سقوفات سياسية او قانونية او اخلاقية او دينية! البشير ارتكب جرائم حرب ضد شعبه في اكثر من مكان و زمان.. و مثله مثل هتلر و القذافي وصدام لن يسلم السلطة و لو مات نصف الشعب و انهدم كل المعبد بمن عليه! لكن السودانيين من صنف الشعوب أولي العزم وان قرروا اسقاط حاكم فقرارهم نافذ و ارادتهم ماضية دون عون من احد و دون انتظار تدخل خارجي.
كلا السيناريوهين لهما ذات الحظوظ في التحقق و سيادة احدهما يعتمد علي ما يقدم علي فعله النظام و ناشطو الحراك الاحتجاجي في الايام المعدودات المقبلات.
هي انتفاضة بل وثورة سياسية واجتماعية آخذة في التبلور، صحيح ان الانتفاضة بدأت متزامنة مع ازمة اقتصادية متعلقة بسعر الخبز تحديدا الا انها في اقل من اسبوع رفعت شعار اسقاط البشير القابض منذ 1989م ؛ البشير نجح من قبل في تجاوز العديد من الصعاب من بينها عداء القوة العالمية الاولي 'امريكيا' و تجاوز مكر الذين اتوا به من احراش معارك حرب الجنوب 'الاسلاميين' وشيخهم العراب 'حسن الترابي' وتجاوز ازمة الجنوب مثلما تجاوز ازمة دارفور رغم ان الاتهامات الدولية بالابادة الجماعية وجرائم الحرب بقيت تطارده..
سريعا انتقل الحراك ليصبح اعمق ازمة يمر بها البشير ( اعمق من حرب الجنوب و ازمة دارفور و مطبات السياسية الخارجية). علي اية حال هي انتفاضة لها ما بعدها ولن يكون كما قبلها،
هي اعمق اثرا من انتفاضة سبتمبر 2013م، والكثير من الساسة و المراقبين يظنون ان سبتمبر ذهبت هباء؛ فيما هي احدثت اثر عميق في بنية السلطة فاعمدته ( النائب علي عثمان طه و المساعد نافع علي) تم اقصاءهم بفعل سبتمبر و الحوار الوطني الذي سمح للعديد من الاحزاب والحركات باقتحام دهاليز الحكم ايضا من تأثير سبتمبر ونفحاته. مآلات الانتفاضة رهينة بمدي طول نفس الشباب في شوارع المدن وازقة الاحياء و مدي اجادتهم لتكتيكات منازلة اجهزة القمع و ترويضها و اخضاعها..
علي اية حال لا تخرج مآلات و احتمالات هذا الحراك ان احد سيناريوهين سيسود: الأول: ان تتمكن السلطة من اخماده و تخضع الشعب مثلما اخمدت انتفاضة سبتمبر 2013م ومثلما اخضعت الفعاليات السياسية عقب الاستيلاء علي السلطة في 1989م.
لكن الخضوع بعد انتفاضة 19 ديسمبر 2018م لن يكون كما قبله،
ففي 1989م تم اخضاع الفعاليات السياسية الحزبية وخلاياها في القوات النظامية و النقابات اما بعد سبتمبر 2013 فقد تم اخضاع طليعة الثورة بعنف مفرط بينما في هذه الانتفاضة فانها نجحت في ابقاء شعلتها متقدة لما يقارب الشهرين الأن، طول أمد هذه الاحتجاجات له تأثيرات متعددة، فمن جهة هي وصلت لكل الفئات و اسهمت في احياء حراك نقابي متكامل بعد ان كان السلطة ظنت انها دجنتها ( النقابات ) الي الأبد! فمن جهة يمثل تجمع المهنيين البديل الموازي لاتحاد النقابات المهنية كما اسهم في اعادة ترميم اجسام اخري كنقابة المهندسين و اساتذة الجامعات.. الخ.
ومن جهة ثانية فانها نشرت ثقافة الرفض والمقاومة و شعاراتها و ادبها بين كل الفئات الاجتماعية من الاطباء الي الطلاب وفي الفئات العمرية من الشيوخ الي الاطفال في رياضهم.. كما انها نشرت حالة من التذمر حتي بين صفوف الحزب الحاكم و حركته الاسلامية و بين صفوف موظفي السلطة المدنيين و قواتها النظامية وغير النظامية. لذا حتي لو هدأت الانتفاضة نتيجة القمع والقتل في الشوارع و تحت و طأة التعذيب فانها ستكون هدوء تعقبه عاصفة بعد ان يتمكن الشباب من اجادة تكتيكات الصراع السلمي لتركيع المليشيات السلطوية.
كما انها من جهة ثالثة وضعت القطاعات غير المنظمة سياسيا في المقدمة بينما تراجع دور الاحزاب علي اختلاف اوزانها المدعاة و فعاليتها المزعومة وهذا مؤشر علي ان هناك تصحيح تاريخي يجري بهدوء و هو متمثل في تحرير المجتمع من هيمنة الدولة و من هيمنة الاحزاب، فطيلة تاريخ الممارسة السياسية الوطنية ظل المجتمع اضعف من الدولة وظل ينمو في حاضنتها و حجرها وظلت الدولة تمارس وصاية علي المواطن وهذا احد اكبر عللنا الوطنية و متي ما اصبح المجتمع وصيا علي نفسه و رقيبا علي الدولة فان الامور ستسير قدما في الاتجاه الصحيح.
السيناريو الثاني: ان تتمكن الانتفاضة من الاطاحة بالرئيس و اعمدة نظامه الرئيسية و تنهي حكم الاسلام السياسي في ظرف زماني قصير نسبيا، و في هذه الحالة فان الكلفة التي يدفعها السودان نتيجة استمرار هذا النظام سياسيا واقتصاديا ستتقلص بشكل مؤثر وكبير.
ما يحدث ليس انتفاضة ولا ثورة عادية بل واحدة من اعقد عمليات افتكاك السلطة والسيادة في التاريخ، مثل هذه الانظمة الايدلوجية من النادر ان تسقط بثورة شعبية دون تدخل خارجي، لأنها انظمة بلا سقوفات سياسية او قانونية او اخلاقية او دينية! البشير ارتكب جرائم حرب ضد شعبه في اكثر من مكان و زمان.. و مثله مثل هتلر و القذافي وصدام لن يسلم السلطة و لو مات نصف الشعب و انهدم كل المعبد بمن عليه! لكن السودانيين من صنف الشعوب أولي العزم وان قرروا اسقاط حاكم فقرارهم نافذ و ارادتهم ماضية دون عون من احد و دون انتظار تدخل خارجي.
كلا السيناريوهين لهما ذات الحظوظ في التحقق و سيادة احدهما يعتمد علي ما يقدم علي فعله النظام و ناشطو الحراك الاحتجاجي في الايام المعدودات المقبلات.
تعليقات
إرسال تعليق