يعلن بنك فيصل عن نفسه في وسائل الاعلام بعبارة رائد البنوك الاسلامية في السودان؛ فيما هو في الحقيقة رائد تخريب الاقتصاد و هدم اركان المجتمع والدولة السودانيين.. كيف ذلك؟!
البنك الذي تأسس عام 1978م علي أيام عهد الرئيس المخلوع والراحل و في بواكير سنوات التوجه الاسلامي له؛ تأسس بالمخالفة لقانون الشركات السوداني و لأصول العمل المصرفي في البلاد، و لتلافي ذلك فان البنك و بغطاء من الرئيس النميري تأسس بموجب قانون خاص ( أي والله ) حتي لا يكون خاضع للمنظومة القانونية والعدلية في البلد!!
هكذا بدأ رائد البنوك الاسلامية في السودان، مخالفا للقانون و مخالفا لأصول العمل البنكي فيه..
اتبع البنك اسلوب المرابحة والمضاربة والسلم والقرض الحسن 'و يبدوا انه تخلي باكرا عن نهج القروض الحسنة كما تخلت كل البنوك التي سارت بعده علي دربه! ' تلك المعاملات و العمليات التي اورثت النظام الاقتصادي و القانوني في السودان عوارا و دمامل و تشوهات الله وحده يعلم متي يشفي منها!
دخل البنك بموجب تلك الصيغ في قلب السوق و اضحي فيه متاجرا ومضاربا في السلع من الشطة الي القمح و من التمباك والتبغ الي العملة الصعبة فكنز اموالا طائلة!!
لم يكن الربح هو غايته الرئيسية من نشاطه في السودان اذ انه علي ما يبدو تأسس كارضية لتمكين الحركة الاسلامية و الاخوان المسلمين السودانيين! و كان هدفه تمكين عناصر و كوادر الحركة الاسلامية من الامساك بمفاصل الاقتصاد الوطني السوداني!
فكوادر التيار الاسلامي هم الذين حصلوا علي نصيب الأسد و الضبع و الثعلب من تمويلات البنك في سنواته ااﻷولي.
ثم بعد ان تمكن الاسلامويين اخوان السودان من احكام قبضتهم علي النشاط الاقتصادي و انتقلوا لاحكام قبضتهم علي السلطة السياسية في يونيو 1989م، اضحت كل الساحة معدة لمؤسسات علي شاكلة ( رائد البنوك الاسلامية ) فتأسست عشرات البنوك الاسلامية و اجبرت كل البنوك التجارية علي التخلي عن النهج التقليدي و الطبيعي والوظيفي للبنوك و الاتجاه نحو (صيغ التدخل التجاري والاقتصادي الاسلاموي) او ما عرف بالتمويل الاسلامي .. و هكذا انهدمت اركان الاقتصاد و السوق المالي في السودان.
علي اثر الانهيار الاقتصادي انهارت فئات اجتماعية عديدة وخرجت من طور الفعالية و دخلت المسرح فئات جديدة اغتنت من هذا السوق ( السوق الاسلامي ) و سيطرت علي النشاط الزراعي و الحيواني و الصناعي و التجاري والعقاري..الخ ) و اغتنت من فوائد الدولة التي وظفت لصالحها بالكامل.
من المعلومات التي كانت مدهشة جدا بالنسبة لي شخصيا وسمعتها من اساطين تأسيس البنك و ( رواد ) تجربة التمويل الاسلامية ان البنك لا يعين اي عنصر نسوي في ادارته ولا موظفيه ولا عماله! و هذا من خلال عقيدة لدي القائمين علي امره، اذ هم ممن يؤمنون بأن مكان المرأة المناسب هو قعر بيتها فقط! و اظن ان كل البنوك الباقية التي تأسست علي نسقه ونسجت علي منواله، تسير سيرته بخصوص عمل المرأة!
كما ان شرط التعيين الأول لموظفي البنك ( الرائد ) الذكور طبعا وباقي هذه البنوك هو ان يكون المتقدم من منتسبي التنظيم ( التيار الاسلامي ) هذا هو الشرط الرئيسي قبل التأهيل و قبل الخبرة وقبل الصفات الشخصية! فهي ليست بنوك تجارية ولا مؤسسات اعمال اقتصادية انما في المقام الاول هي بنوك التنظيم الاسلاموي! و لذا تجدها تحرص علي اثبات صفة (اسلامي) لتكون ملازمة لمسماها وهو ما يخالف قانون الشركات في السودان ( قبل الفتح الاخواني ) وفي اي دولة تحترم حكم القانون.
في هذه الايام نسمع ان هناك توجه جديد في السعودية يناصب حركات الاسلام السياسي ( بما فيها الاخوان المسلمين ) العداء، و ينتوي انهاء تبنيها وحضانتها وتغذيتها و ينهي تمويل انشطتها، وهذا امر جيد وان كان غير كافي اذ ان ما روج له علي انه ( نظام مصرفي اسلامي و تمويل اسلامي ) يجد حواضن له عند دول اخري بعضها حليف للسعودية كالبحرين والامارات ( صاحبة اول تجربة في هذا المضمار؛ بنك دبي الاسلامي 1974م ) و الكويت، و بعضها مناوئ كدولة قطر، ما يعني ان لدي المنتفعين من هذا النهج بدائل وفيرة..
كما نسمع ايضا عن ان ادارة بنك فيصل الجديدة التي يقودها الامير عمرو بن محمد الفيصل ( نجل مؤسس البنك ) لديها رؤية جديدة، هل يعني هذا ان اموال البنك لن تستمر بالنسبة لاسلاميي السودان في كونها ( جنينة وسيدها ميت ) و ان زمن المال السائب قد ولي، نأمل ذلك لكن دعونا ننتظر لنري ما تحمله الايام المقبلة.
تعليقات
إرسال تعليق