اخيرا اتضحت ملامح المشاركين في السباق نحو المكتب البيضاوي "الوظيفة رقم واحد في هرم الادارة الامريكية" بعد انسحاب عضو مجلس الشيوخ 'بيرني ساندرز' لصالح وزيرة الخارجية السابقة والسيدة الاولي الاسبق هيللاري كلنتون لتمثل الأخيرة الديمقراطيين في السباق بينما يمثل حزب 'الفيلة' الجمهوري الملياردير دونالد ترامب والذي اقصي كل منافسيه في السباق الحزبي التمهيدي في وقت مبكر.
لا يستطيع اي محلل في الوقت الراهن ان يقطع
بترجيح حظ أي من المرشحين علي الآخر ' و ان كنت شخصيا ارجح فوز المرشح الجمهوري من
واقع تجربة سابقة صوت الناخبين الميركيين لمرشح شعبوي 'بوش الابن' علي حساب مرشح
النخب الصفوية 'آل غور'، فالمرشح الجمهوري هبط بالسقوفات
'الشعبوية' لمستوي دفعت بالرئيس السابق بوش الابن نفسه للنأي بنفسه عنه بل
ومعارضته علنا وهذا يصلح كمؤشر علي ان الملياردير عديم الخبرة السياسية في الطريق
الصحيح لاحتلال البيت الابيض!
لذا؛ و هذا هو المهم؛ علينا محاولة تحسس مواقع
اقدامنا و البحث عن مصالحنا في اجندة كلا المرشحين و معرفة رؤيتهما لمنطقتنا
"الشرق الاوسط".
ليس من السهل التنبؤ بسياسات شاغل البيت
الابيض القادم بسبب الضباب الناتج عن سيل الدعاية الانتخابية و الوعود و الملاسنات
في خضم التنافس حامي الوطيس .. كما ان اجندة المرشحين ليست علي قدر من الوضوح بحيث
يتمكن مراقبون من خارج الساحة من التعرف علي اتجاهات ريح السياسة الاميركية في
المستقبل!
للأسف فان ما يبين تحت ذلك الضباب ليس بمبشر
بالنسبة لنا فالمرشح الجمهوري بني صورته الشعبوية علي اجندة معادية للمسلمين و
الاسلام 'الدين الغالب لشعوب الشرق الاوسط' و رغم انه من المتوقع ان يخفف ترامب من
حدة خطابه حال وصوله و حصوله علي المنصب الا انه من غير المتوقع ان يتخذ سياسة او
مواقف داعمة لمصالح و تطلعات شعوب و حكومات المنطقة بل غالبا ما تزيد الادارة
الاميركية في عهده من درجة انحيازها للدولة اليهودية عليه فان الصراع العربي
الفلسطيني مع دولة الكيان اليهودي سيستعر أواره اكثر و ستضاعف الاخيرة من حجم ونوع
تعدياتها وتطلق العنان لآلة قتلها وتشريدها وقمعها وسياسات استيطانها وتجريفها وعقابها
الجماعي .. فليس ثمة من سيعرب عن قلقه او يدين افعالها ولو لفظا في البيت الابيض
او الخارجية الاميركية!
ايضا ليس للملياردير أية افق لطرح اية مشروع
تسوية لهذا الملف الذي اعيا من شغلوا المنصب قبله ..
عليه في حال ما اذا تفاقمت الازمة في عهد ترامب
فان ادارته لن تكون وسيطا ذا صدقية 'ان ارادت التوسط' وعلي دول المنطقة البحث جديا
من الان عن جهة تملأ الفراغ الاميركي كفرنسا و اوروبا من خلفها وهي خيار مناسب
'خصوصا بعد خروج بريطانيا من منظومتها' و محاولة تنشيط الورقة الروسية و تشغيل
وتفعيل القطب الصيني.
بالنسبة لأزمات المنطقة الاخري وهي للأسف
متزايدة و متوالدة بمتوالية هندسية 'سوريا و العراق و اليمن و ليبيا والصومال
والسودان..' لاحظ ان السودان تحول من رأس القائمة لذيلها من دون حول منه ولا قوة!!
فلن يكون لـ' الرئيس ترامب' أي شأن بها خصوصا في ظل الانفراج
النفطي الذي تعيشه اميركا بسبب انخفاض اسعاره و توافر خيار النفط الصخري..
فبالنسبة لـ"أميركا ترامب" ستكون تلك الازمات بمثابة صراعات بين غرباء
في منطقة بعيدة و لا شأن للشعب الامريكي بها..
قد يري البعض في مناهضة ترامب للاتفاق النووي
بين اميركا وكبار الاسرة الدولية من خلفها و ايران في الجهة المقابلة حسنة تصب في
صالح دول المنطقة لكن تلك المناهضة و في حال حدوثها لن تغيير شيئا في مصائر شعوب
المنطقة فهي بالأساس ستكون مراعاة لمصالح الكيان اليهودي الامنية والاقتصادية؛
اللهم الا ان يثبت للأبواق الاعلامية التي تروج وتخوف من البعبع
الفارسي يثبت لهم زيف ادعاءهم وان ايران ينبغي ان تكون آخر ما ينشغلوا به.
في
هكذا ظرف فان مستوي العداء لاميركا و الرفض لسياساتها وسط الحواضن الاجتماعية
سيبلغ ذروة غير مسبوقة وهذا ينذر بموجه من اعمال العنف 'و العمليات الارهابية
كذلك' التي ستستهدف المصالح الاميركية مباشرة في المنطقة.
كذلك في حالة فوز مرشحة الديمقراطيين فان
الحال في الشرق الاوسط لن يختلف كثيرا اللهم الا من حيث درجة الدبلوماسية و
الكياسة التي تتعامل بها واشنطون و التفهم الذي تبديه حيال ما يزعج 'حلفائها في
المنطقة' .. سيما و ان من المتوقع ان تسند وظيفة مهمة للمنافس السابق 'بيرني
ساندرز' في ادارة هيللاري 'وزير الخارجية أو مستشار الامن ( و ان بات من المستبعد
قبوله بهكذا ترضية في ظل ما تكشف من تواطؤ ضده داخل لجان الحزب) و الرجل معروف
بتعقله وحنكته اضافة لانحيازه المستمر للمستضعفين لذا يتوقع ان يكون له دور مهم في
تعديل موقف اميركا من اطراف الصراع في المنطقة العربية و الشرق أوسطية سواء كان
ذلك بالنسبة للصراع الفلسطيني ضد دولة اليهود او حتي بالنسبة لصراع شعوب المنطقة
ضد الاستبداد الحكومي الذي طال ليله.
تعليقات
إرسال تعليق