التخطي إلى المحتوى الرئيسي

مطلوب في العراق عدالة و مصالحات لا مسلخ بشري


مؤسف غاية الاسف حادث التفجير الارهابي الذي حدث في منطقة الكرادة بعاصمة العراق بغداد والذي بلغ عدد شهدائه حتي الان 292 شهيدا
الحادث له دلائل خطيرة للغاية ايضا فالارهاب بلغ مدي من الفظاعة يفوق التصور والوصف وما عاد وسيلة لتحقيق هدف ما سياسي او ديني بل اصبح غاية في ذاته!
والدولة يتجلي عجزها عن كبح جماح عنف الارهابيين وهي تلهو باجهزة كشف المتفجرات التي تم شراءها بمبالغ طائلة من مال الضحايا ومع ذلك لا تعمل او لا يراد لها ان تعمل !
و الساسة ينكشف تقاصر قامتهم عن مستوي الخطر الذي يهدد المجتمع فعلي ما يبدو انهم غير معنيون بما يدور طالما انهم بعيدين عن دائرة الموت .. ثمة ملاحظة اجدني مضطر للاشارة اليها اضطرارا وهي ان طبقة السياسيين في العراق لم تتأثر بموجة التفجيرات والموت الاجمالي الذي افلت من عقاله منذ اسقاط حكم البعث فقد مات عدد كبير من عامة العراقيين ومات عدد من الاكاديميين و الموظفين و القضاة و جنود الشرطة و الجيش لكن طبقة النخب السياسية 'رؤساء و قادة الاحزاب و الفصائل السياسية والطائفية' لم تطالهم يد و حش الموت المجنون ولهذا ربما لا يزالون يتصرفون كمن يده في الماء لا من يكتوي بالنار!
العدد المهول من الضحايا الذي نتج عن حادثة الكرادة هو وحده ما دفع وزير الداخلية للاستقالة و ليس مبدأ الفشل في حماية حياة المدنيين .. المدنيين الذين كانوا يتهيأون للحظة فرح منتزعة من فك الحال البئيس بمناسبة موسم العيد لكن الارهاب كان يعد لموسمه المرعب! استقال وزير الداخلية و حده و ليس رئيس الوزراء وبقية وزراء القطاع الامني ومسؤولوه..
حتي ردود افعال الساسه لم تكن في المستوي اللائق.. فرئيس الوزراء رد بالمطالبه بتنفيذ احكام اعدام سابقة صدرت بحق متهمين في قضايا ارهاب، وهذا دليل
 لا يقبل الجدل في انه يبحث عن كباش فداء.. يبحث عن دماء يرد بها امواج دماء ضحايا الكرادة العاتية التي قد تدفعه بعيدا عن كرسيه!
وهو هنا يركل الكرة بعيدا عن ملعبه ويلقيها في ملعب وزارة العدل وكأن العدل ليس من مهامهه !! بينما القي العدل بالكرة الي ملعب رئيس الجمهورية الذي تشير الي انه يؤخر تنفيذ تلك الاعدامات !
وتقول الاخبار ان عدد المحكوم عليهم بالاعدام و ينتظرون التنفيذ في سجون العراق يبلغ ثلاثة الف منتظر !! ما يعني ان المشانق ينبغي ان تنصب في كل شبر حتي تكفي قرابين النخب السياسية هذه علي مذبح طموحها السياسي و مشاريعها الذاتية القاصرة!
هل يعقل هذا؟! ثلاثة الف محكوم بالاعدام؟!
و هل يظن حيدر العبادي الذي استجار به العراقيون من رمضاء خلفه نوري المالكي فاستعان بنوري وعينه مستشارا له فكانوا كمن سيتجير من الرمضاء بالنار!! هل يظن ان تقريب ارواح و دماء واجساد الاف المحكومين كقرابين بشرية علي مذبح السلطة سيدفع غائلة اشباح الارهاب التفجيري.. ان في كل بضع عمليات تنفيذ حكم اعدام هناك هامش خطأ يدفع ثمنها ابرياء فكم برئ ياتري في قائمة الثلاثة الاف التي يريد العبادي تعليقها في المشانق؟!
لا يعلم العبادي و ملوك الطوائف من خلفه ان الارهاب يكافح بالعدل و بالقانون و ليس بالبطش و الارهاب المضاد.. و ان الهروب لتقديم كباش فداء و شماعات يتم تعليق اسباب الفشل الامني و السياسي عليها لن تجدي في ايقاف دم العراقيين الذي سال نهر ثالث!!
وهل يعلم ان ثمة بون شاسع يفصل بين العدالة و بين الانتقام و التشفي.. و تشفي ممن؟ من ابرياء يؤخذوا بجريرة غيرهم او بسبب انتماء مذهبي وطائفي وسياسي و بسبب و شايات تنطلق لتصفية حسابات شخصية .. فتقارير عراقية و اجنبية حقوقية تتحدث عن عشرات الالاف تم الزج بهم في سجون العراق بتهم
 الارهاب و كانت القرائن فيها مجرد و شايات او ظنون في زمان الرعب العراقي هذا؟!!
هل يعلم العبادي ومستشاره المالكي 'مستشار للفشل السياسي والامني!' ان خطأ الحاكم في العفو علي مسئ خير من خطأه في معاقبة برئ ظلما؟!
و ان العدالة لا تتأتي بفتح مزيد من السجون والمعتقلات و تحويلها الي مسلخ بشري !!
هل يعرف العبادي ان مكافحة الارهاب تبدأ بضمان حقوق الانسان والحقوق الديمقراطية ةلا تنتهي بمكافحة الفساد المالي و الاداري و المحسوبيات العشائرية و الطائفية و الاسرية!!
وانها تتطلب كذلك روح المصالحة و ان تتيح فرصة للمراجعة و التراجع بكرامة امام كل من يرغب في العودوة والمشاركة السياسية والمدنية بدلا عن اكراههم علي مواصلة الشوط حتي نهايته المؤسفة للجميع .. وان سيادة الروح الوطنية التصالحية هي ما يحتاجها و يفتقر اليها ساسة العراق كلهم 'سنة وشيعة عرب و كرد ..الخ' باختصار جميعا بلا استثناء.!!
ثم هل عرف الساسة العراقيون 'ولحسن الحظ تزامن فشلهم مع اعلان نتيجة التحقيق البريطاني عن الحرب ضد بلادهم' انهم فشلوا في معارضة نظام صدام ناهيك عن اسقاطه حتي رأوا الا مناص من الاستعانة بالغزو الخارجي، فشلوا لسبب بسيط هو انهم اسوء منه اذ كلهم دكتاتوريون صغار و صدام كان دكتاتورا كبير

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تفكيك خطاب الحرب و (فلسفة البلابسة)

   الخطاب و الموقف السياسي المساند للحرب و الحسم العسكري و رفض التفاوض و رفض أي حديث عن تسوية سياسية سلمية يعتمد علي استقطاب و تحشيد العوام ممن لا خبرة و لا معرفة لهم بطبيعة الحرب ولا السياسة!    تحشيد العوام هذا خلق تيار جارف اخذ في طريقه حتي بعض "الانتلجنسيا" ممن لا قدرة لهم علي مواجهة العوام او ممن يظنون ان كل هذا الحشد لا يمكن الا ان يكون علي حق، فيحتفظ برأيه لنفسه او حتي يتخلي عنه و ينخرط مع التيار ..!!   في المقام الاول ان لخطاب العنف و التحريض و "الانتقام" جاذبيته؛ و ان للقوة و استعراضها سطوة، مثلما ان لصورة الضحية فعلها؛ اما اذا دمج خطاب الضحايا مع خطاب القدرة علي الانتقام فاننا نحصل علي سيناريو تقليدي للافلام "البوليودية" و كثيرون هنا تفتق وعيهم و انفتح ادراكهم علي افلام الهند! فما يحدث و ما يدعو اليه خطاب الحرب بالنسبة لهؤلاء مفهوم و مستوعب و في مدي تصورهم لذا يرونه ليس واقعياً فحسب بل و بطولي و مغري يستحق ان ينخرطوا فيه بكلياتهم. سؤال الطلقة الأولي: قبل ان يعرف الناس الحقيقة بشأن ما قاد الي هذه الحرب التي انتشرت في مدن السودان و ولاياته ان...

لماذا يفضل الملكيون العرب التعامل مع جمهوريي اميركا؟؟

  لا يخفي الملوك و الامراء العرب "و اعوانهم" ميلهم و تفضيلهم التعامل مع ادارات جمهورية في اميركا و لا يخفون تبرمهم من تنصيب رئيس من الحزب الديمقراطي.. و يبررون ذلك الميل و التفضيل بمبررات مختلفة مثل تعامل الجمهوريين الحاسم مع ايران !! في الواقع فإن اكثر رؤساء اميركان الذين شكلوا اكبر تهديد للعرب و المسلمين هم من الجمهوريين (بوش الأب و الإبن و ترامب - غزو العراق و افغانستان و دعم اسرائيل)! لكن الجمهوريين كما عرب النفط يفهمون لغة المال جيداً و الادارة الجمهورية تضم علي الدوام اشخاص من قطاع الطاقة و النفط او صناعة السلاح او الادوية او حتي صناعة الترفيه "هوليود" يفضلون لغة النقود و المصالح. اذاً اكبر تهديد واجهه العرب و المسلمون من ادارات اميركية كان في فترات حكم جمهوري.. و بعد الحادي عشر من سبتمبر ٢٠٠١م اعلن بوش الابن سياسة صارمة في مواجهة انظمة اسلامية و عربية (افغانستان و العراق و السودان) كما مارس ضغوط غير مسبوقة علي السعودية اسفر عنها اجراءات حازمة ضد الجماعات المتشددة من الأخيرة، و تغيير في مناهج التعليم المدرسي و الجامعي فيها! الجمهوري ترامب اقدم علي خطوات غير مس...

شرح قانون الوجوه الغريبة !!

  المقصود بقانون الوجوه الغريبة هو اوامر الطوارئ التي صدرت في بعض الولايات بعد اندلاع حرب ١٥ ابريل/الكرامة و خصوصاً بولايتي الجزيرة و نهر النيل.. و هي اما اوامر صدرت من الوالي شفاهة و علي رؤوس الاشهاد او مكتوبة و مفادها ملاحقة ما يعرف ب "المندسين" و الطابور الخامس و من يشتبه في انتماءهم او تخابرهم مع مليشيا الدعم السريع، حيث راج ان المليشيا تدفع بعناصر من استخباراتها و قناصيها الي المناطق التي تنوي احتلالها لتقوم تلك العناصر بالعمل من الداخل بما يسهل مهمة الاحتلال .. و تستهدف الملاحقات الباعة الجائلين و اصحاب المهن الهامشية، و أي شخص تشك فيه السلطات او المواطنين؛ و في اجواء من الارتياب بالغرباء غذتها دعاية الحرب تم الطلب من المواطنين التعاون بالتبليغ و حتي بالقبض و المطاردة علي من يرتابون فيه. قانون او تعاليمات (الوجوه الغريبة) اسفرت عن ممارسات متحيزة "ضد غرباء" تحديداً ينحدرون من اقاليم كردفان و دارفور في ولايات عدة (الجزيرة، و نهر النيل، و كسلا، و الشمالية)؛ فالوجوه الغريبة هي اوامر تأخذ الناس بالسحنة و الملامح؛ و هي ممارسات بالتالي اسوأ مما كانت تمارسه "مح...