* ديسمبر٢٠٢٠م
هناك ملاحظة ابرزتها و اجمعت عليها الدراسات السياسية و الاقتصادية و الادارية التي اجريت مؤخراً في دول موزعة علي مناطق عديدة من العالم تفيد بأن الحكومات و المؤسسات الاقليمية (تكتلات سياسية أو اقتصادية؛ المفوضية الاوروبية؛ المصرف المركزي الاوروبي.. الخ) التي تقودها النساء تحقق نجاحاً لافتاً و تقدم اكبر من نظيراتها من الدول و المؤسسات التي يقودها رجال.
تقترح تلك الدراسات ان السبب وراء ذلك النجاح هو التحدي الذي ترفعه أولئك النساء المواجهات بصورة نمضية عن ضعف و عاطفية النساء و الاحكام المسبقة التي ترجح فشلهن؛ قبولهن للتحدي عن بنات جنسهن يدفعن لمضاعفة الجهد لتغيير الصورة النمطية، و يقودهن لتحقيق نجاح حاسم في مجابهة المعضلات.. هذا علاوة علي ان المرأة بحكم دورها الاجتماعي (كأم اساسا ثم زوجة و اخت) اقل ميلاً للممارسات و السلوكيات الفاسدة و اكثر حزماً حيالها..
بل و آخر الملاحظات تقول ان الحكومات التي قادتها و ترأستها نساء نجحت في التصدي بشكل لافت لجائحة الكورونا (المانيا، تايلاند، بلجيكا، و نيوزلاند) اكثر من الحكومات التي ترأسها الرجال..
و معروف تاريخياً ان من اخرجت دولة الارجنتين من ازماتها الاقتصادية المستحكمة كانت حكومة تقودها سيدة، و من اخرجت ليبيريا من محنة حروبها كانت حكومة تقودها سيدة، و كرواتيا كذلك .. و نجاح السيدة انجيلا ميركل في قيادة احد اكبر اقتصادات العالم (المانيا) لا يحتاج دليل أو تذكير .
فالنساء معروف عنهن اهتمامهن حتي بالتفاصيل الصغيرة جداً التي لا يعيرها الرجال اهتمامهم عادة، و التفاصيل الصغيرة غالباً ما تقف خلف الفشل الكبير (وشيطان التفاصيل اضحت من قواعد السياسة السودانية)..
اليوم قبلت حكومة الثورة التحدي و وضعت سيدات في قمة اجهزة حكومات ولايات شمال السودان لأول مرة في تاريخ السودان، بعد ان وضعت قبل عام سيدة في رئاسة احدي سلطاتها الثلاث "السلطة القضائية" لأول مرة في تاريخ السودان ايضا.
فالمرة الوحيدة التي يتم تنصيب امرأة في رأس حكومة ولائية في عهد النظام البائد كانت في الجنوب "والي حكومة بحر الجبل السيدة اقنس لوكودو"!
نتمني للسيدتين آمنة احمد المكي و امال عز الدين اللتان تقودان و لايتي نهر النيل و الشمالية النجاح في وضع نهاية للصورة النمطية عن نساء بلادنا و نساء ولايتهن و إن يقدمن تجربة رائدة تشجع علي قبول الناس بهكذا ترشيحات مستقبلاً..
و ليعلمن ان التحدي الذي يحمله ولاة الثورة "المدنيون" يحملنه مضاعفاً، و ان الفشل في المهام "لا قدر الله" لن يحملنه وحدهن بل سيرتد علي كل النساء و علي الوطن اذ سيبقيه في خانة المجتمع المعُطِل لنصفه.
تقدم الدول اليوم من اهم مؤشراته؛ وضع المرأة فيه، و بيد "الواليتين" ان يقدمن خدمة جليلة للسودان بالاسهام في وضع المرأة في مكانها علي قدم المساواة مع شريكها الرجل، و انهاء البديهيات البالية، و هذا لن يتأتي إلا بتقديم نموذج مشرف و تحقيق انجازات جبارة.
يجدر بنا ان نذكر الجميع ان هذا التحدي ليس قاصراً علي السيدتين "آمنة و امال" بل هو شامل لكل النساء و الرجال الحادبين علي نهضة هذه البلاد لذا يلزم ان تتكامل جهودهم في نسيج متين حتي تتكلل التجربة بنجاح كبير، بحيث تمثل قطيعة مع زمن المسلمات الشعبية التي تستند علي ركام من الامثال و المأثورات الشعبية البالية و التي تمثل تراث مُعطل و هدام.
و ليتأكد الجميع ان الدول و المجتمعات التي تتمكن فيها المرأة من تولي زمام القيادة بشكل صريح و تجد من الجميع تعاوناً و سمعاً و طاعة .. هي مجتمعات معافاة من النفاق، يتسق ظاهرها مع باطنها و قولها مع فعلها، مجتمعات قبضت بوصلة و جادة النهضة و التقدم، لا كالمجتمعات المريضة التي تقمع المرأة في الظاهر و تتيح لها ان تتحكم و تحكم من الباطن.
تعليقات
إرسال تعليق